اقعة شهدها جدي "علي الطنطاوي" بعينه وكتبها بقلمه
واقعة رائعة ومعبرة، وكم نحتاج لسماع مثلها في هذه الأيام:
"ﻛﻨﺖ ﺃﻣﺸﻲ ﻣﺮﺓ (ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻳﺎﻡ) ﻓﻲ ﺣﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻗﺮﺏ ﺍﻷﻣﻮﻱ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻢ ﻳﻔﻴﻘﻮﺍ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺻﺪﻣﺔ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺴﻠﻮﻥ، ﻭﻟﻢ ﻳﺄﻟﻔﻮﺍ ﻣﻨﻈﺮ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻳﻄؤوﻥ ﺑﻨﻌﺎﻟﻬﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ ﺭﻋﺐ ﻣﻨﻬﻢ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻻ ﻳﻤﺸﻮﻥ ﺇﻻ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ، ﻓﻤﺮﺕ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻣﺤﺠﺒﺔ ﺑﺎﻟﻤﻼﺀﺓ ﻓﺘﻌﺮﺿﻮﺍ ﻟﻬﺎ ﻭﻭﻗﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ، ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺗﺘﻠﻔﺖ ﻣﺬﻋﻮﺭﺓ ﺗﺴﺘﻐﻴﺚ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺇﻟﻰﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﻴﻦ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺒﻴﺎﻉ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﺴﻦ، ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺮﺗﻪ ﺣﺎﻝ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ, ﻓﻮﻗﻒ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﺼﻮﺕ ﺗﺤﺲ ﻣﻨﻪ ﻟﺬﻉ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻓﻮﺭﺓ ﺍﻟﺪﻡ : ﻭﻳﻠﻜﻢ ﺃﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﻓﻴﻨﺎ ﺩﻳﻦ ﻭﻻ ﺷﺮﻑ؟ ﺛﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻌﺼﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺘﺢ ﺑﻬﺎ ﻏﻠﻖ ﺍﻟﺪﻛﺎﻥ, ﻭﻳﻘﻔﺰ (ﻭﻛﺄﻧﻲ ﺃﺭﻯ ﻣﺸﻬﺪﻩ ﺍﻵﻥ) ﻭﻳﻬﺠﻢ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﻴﻦ، ﻭﺗﺴﺘﻴﻘﻆ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻤﺪﺧﺮﺓ ﻓﻲ ﺃﻋﺼﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻴﻬﺠﻤﻮﻥ ﻣﻌﻪ, ﻳﻬﺠﻤﻮﻥ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ ﻓﻴﻨﺰﻋﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺪ ﺳﻼﺣﻬﻢ، ﻭﻳﻨﻘﺬﻭﻥ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ!! ﻭﻳﺮﻃﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻣﺴﺘﺨﺬﻳﻦ ﻣﺘﻮﺳﻠﻴﻦ، ﻳﺸﻴﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ, ﻓﻴﺪﻋﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﺼﺮﻓﻮﻥ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﺭﻫﺎﺻﺎﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ, ﻗﺪ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﺣﻴﻨﺎً, ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗُﺬﻝّ ﺃﺑﺪﺍً"
(اختارتها لكم حفيدة الشيخ: عابدة المؤيد العظم)