هل ترى أن الكثير من المنتديات تخرج عن إطارها المعلن وتتحول لديكتاتوريات لأصحابها يستغلون تعلق الأعضاء بموقعهم وبألقابهم الرقمية الفارغة المضمون لتحقيق غير ما يعلن عنه من أهداف ؟؟؟
هل ترى أن الكثير من المنتديات تخرج عن إطارها المعلن وتتحول لديكتاتوريات لأصحابها يستغلون تعلق الأعضاء بموقعهم وبألقابهم الرقمية الفارغة المضمون لتحقيق غير ما يعلن عنه من أهداف ؟؟؟
حياكم الله جميعاً
أعود لأكمل الإجابات على أسئلة الامتحان التي وضعتها الأخت رغد قصاب آخر سؤال عندما قرأته شعرت كأني طالب في امتحان صعب والأستاذ كاتبه وفي لهجته نوع من التحدي لذلك أتمنى أن يكون لي حق الاختيار في الإجابة على الأسلة لأتهرب منه .. على كل حال نحاول وربنا يكرمنا إن شاء الله ونحسن الإجابة
ولكن في البداية أتمنى من الأخت التي وضعت تحت اسمي صفة أو لقب باحث ومحلل سياسي أن تعفيني من هذا اللقب ليس لأني أشعر أني أقل منه ولكن لأني من النوع البسيط لست باحث عن شهرة ولا ألقاب وأحب أن أرى اسمي مجرداً من أي عبارة تلح به .. وقد سبق لإدارة أحد المنتديات التي كنت مشارك ومواظب على الكتابة فيها بعد فترة وجدتهم وضعوا تحت اسمي عبارة "قلم يفكر بعمق"، حاولت رفعه ولكنهم رفضوا لأنهم مقتنعين به، وعن نفسي وجدته معبر وأكثر دقة في وصف كتاباتي، فإن كان ولا بد من وضع أي لقب أو صفة أن تجدوا شيء فيه بساطة وتواضع عن باحث ومحلل سياسي وإن كنت أرى تأجيله إلى أن تطلعوا أكثر على أفكاري وآرائي جزاكم الله خير ..
ونعود إلى أسئلة الامتحان
وهل فعلاً امرأة اليوم لم تعد قادرة أمام كل هذه المغريات أن تربي كما السابق بقوة وبحداثة دون تهور؟
ذلك صحيح أختي الكريمة والتربية أصبحت قاسية وشاقة على الآباء والأمهات معاً وذلك ظاهر وبين في الفارق بين الأجيال في المستوى الأخلاقي والترابط الاجتماعي والأصالة وعمق الثقافة والانتماء والتمسك بالتراث والتقاليد الأصيلة التي تُعطي للمجتمع والحياة الروح والمتعة والشعور بقيمة الحياة والعلاقات الاجتماعية وقوة الترابط بين أفراد المجتمع، وذلك الفارق نلمسه في كل شأن من شئون حياتنا، سواء على صعيد العلاقات والترابط الأسري، والطاعة والاحترام للوالدين وسماع نصائحهم والالتزام بها وأخذها في الاعتبار، أو على صعيد العلاقات بين الجيران والأقارب والأصدقاء في كل المراحل، كلنا يلمس اختلاف وفوارق كبيرة عما تربينا عليه وعشناه قد نتحسر على تلك الأيام التي ذهبت ولم تعود، ويتجلى الشوق والحنين لها ويتعمق الشعور بفقدانها عندما تحصل مناسبة ويجتمع فيها المعنيين فجأة وكأنهم لم يفترقوا، أو يحدث حدث يدفع الجميع في الأسرة أو العائلة أو الحارة أو المجتمع للتكاثف لمواجهته أو للقيام به، الجميع يتمنى لو تعود تلك الأيام، أو لو يكون ترابط وحرص الشباب وأبناء المجتمع كما هم في حال مواجهة ذلك الحدث ..
أختي الكريمة نحن في زمن الانترنت والموسيقى الأجنبية الصاخبة تقليداً وليس أصالة، والاختلاط السافر وليس الرزين والمحتفظ كل بوقاره، نحن في عصر الساندوتش سواء في الثقافة والتعلم والمقالة والبحث أو في الوجبات الغذائية السريعة، لا يشعر معها هذا الجيل بقيمة أي شيء، لذلك أعان الله الآباء والأمهات على أداء مسئولياتهم نحو الأبناء ..
في السابق كانت طموحات وأحلام الأجيال جزء من بيئتهم المحافظة الأصيلة أما هذا العصر فقد سقطت القيم وانحرفت الأخلاق وضعفت الرقابة الضميرية الشخصية ونحن نعيش في عصر وقيم المادة التي غزت عقولنا وعقول أبنائنا، وأصبحنا حتى نحن يطغى على تفكيرنا السيارة والرصيد في البنك وأوقات ليس مهماً كيف نحصل عليه، وذلك على حساب قيم التكافل الاجتماعي سواء على صعيد الأسرة أو العائلة أو الحارة والمجتمع، وبدأنا نتخلى عن كثير من العادات والواجبات التي كنا نقوم بها ونؤديها في المناسبات الاجتماعية .. فما بالك بالأبناء الذين يعيشون في فتنة وحالة ضياع وتمزق بين ما نحاول كآباء وأمهات أن نكسبهم إياه من قيم وأخلاق وأدب تربينا عليه أو ليحميهم في صراعهم مع مغريات الحياة والواقع وضيق اليد والحال وكثرة متطلبات الحياة وقصورهم عنها، وهم أينا ولوا وجوههم لا يروا أو يسمعوا إلا عن المادة وأخلاق المادة وغيرها مما نعيشه ونراه في الشاشة المرئية (التلفاز) أو الصحف والمجلات وكل وسائل الإعلام، أعانهم الله على أيامهم وصبرنا على ما نراه من ضياع الكثير من الشباب ..
فكلنا لم نعد قادرين على أن نربي كما تربينا وكما نريد لأبنائنا وليس معنى ذلك أننا فشلنا كلياً في التربية ولكن لم نعد مسيطرين على جيل أبناء كما كنا بالنسبة لآبائنا والأجيال من قبلنا .. ولذلك نبقى نخشى عليهم وعلى مستقبلهم، وأيضاً مازال الخير موجوداً ولم ينقطع منهم ولا فيهم غن شاء الله ..
أما الشطر الأخير من السؤال سأفترض أنه اختياري: وكيف ستفند لنا النقاط المهمة والعملية لمنع المرأة و الجيل من الانحدار نحو هوة المغريات الحديثة المضيعة؟ ومع ذلك سأجتهد في الإجابة عليه، باختصار:
الأجيال دائماً بحاجة إلى القدوة التي تُقرن القول بالعمل والنظرية بالممارسة وتقدم النموذج والمثل الحقيقي للآخرين وأولها في الأسرة، وللأسف كثير من الأبناء يعيشون في صراع ما بين القيم التي يربيهم عليها آبائهم أو أمهاتهم وبين الممارسة المناقضة لها من الآباء والأمهات .. ما يولد نوع من الانفصام لدى الأبناء بين القيم والواقع، كما كل المجتمع يعيش انفصام بين قيمه الإسلامية والعربية الأصيلة وبين واقعه الذي يقلد غالباً فيه الحياة الغربية .. كما أنه ليس الأسرة التي لم تقدم النموذج والمثل ولكن أيضاً الدولة والأحزاب وكل مَنْ هو راعٍ في المجتمع للأسف مقصر في دوره بل منهم مَنْ هو المجرم في حق المجتمع وليس أولئك الضحايا الذين يرتكبون بعض الجرائم ويدفعون ثمنها، لأنهم لم يقوموا بمسئوليتهم نحو أجيال وطنهم ويحسنوا توفير ظروف حياة كريمة لهم، ويضبطوا دور وسائل الإعلام ويمنعوها من تقديم ما يشكل خطراً على تماسك المجتمع والحفاظ على قيمه، وتجدي الفساد والتناقض بين الشعارات التي يرفعونها والممارسة التي يمارسونها تعم الجميع من الرئيس وزمرته الفاسدة إلى الأحزاب المعارضة وشعاراتها الكاذبة، ومن الوطني والقومي والإسلامي إلا ما رحم ربي ..
إضافة إلى ما سبق أن لمحنا له عن عمل المرأة الذي قد لا يكون ضرورياً ولكن بزعم الحرية وحقها في العمل مثل الرجل -هكذا كانت البداية - والاعتماد على نفسها، أو بعد التخرج تزعم أنها تعلمت كي تبروز الشهادة وتجلس في البيت وكأن العمل أهم من أداء دورها التربوي، أو أن العمل وقرشها التي تجمعه يؤمنها من نوائب المستقبل وغدر الزوج بحسب زعم البعض من النساء، وأخيراً ضعف الرواتب الذي يضطر المرأة لبعض النساء اللاتي قد يكن راغبات في الجلوس في البيت والاهتمام بتربية أبنائهم وتوفير حياة مريحة لأزواجهن ولكن ضعف وقلة والمرتبات وكثرة متطلبات الحياة تضرها إلى العمل .. ولو التزمت المرأة بيتها واقتصر عمل النساء على حاجة المجتمع لهن، بدل أن تكتظ المكاتب والمؤسسات الحكومية وغيرها بالموظفات اللاتي يشاركن الرجال نفس العمل ويكون هناك في الغالب فائض في عدد الموظفين والموظفات كبير جداً عن الحاجة ولكن ماذا ستفعل الدولة في طوابير الخريجين والخريجات، وحق الخريجة في العمل مثلها مثل الخريج فتضطر لتوظيف الجميع وتقسم الراتب على المرأة والرجل، بمعنى لو كان الرجل فقط هو الذي يعمل والمرتب الذي تشاركه فيه المرأة أو أكثر من امرأة أعطي له فإن الحياة ستكون أفضل وستحافظ المرأة على كرامتها وتحفظ نفسها من مضايقات واستفزازات ضعاف النفوس وجرح مشاعرها أو تعرضها للأذى وتصون بيتها وتحسن تربية أبنائها ...إلخ
أرجو أن أكون وفقت في الإجابة على الأسئلة إلى حد ما طبعاً .. ويبدو علي هذا الشهر أني لن يكون ورائي سوى الإجابة ولن أكتب شيء .. على كل أنا سعيد بالحوار مع الجميع وأرجو أن أسمع نقد وتعليق من الجميع على إجاباتي حتى نتشارك جميعا في إثراء الموضوعات المطروحة تصويباً أو تأكيداً وإضافة ..
تحياتي
حياك الله أخت أديبة نشاوي
أشكرك على كلماتك وترحيبك الطيب وإن شاء الله أكون عند حسن ظنك
عن نفسي إن سألتني ما هي نقطة الضعف في ثقافتي أقول لك الجانب الأدبي واللغوي، وليس معنى ذلك أني ليس لدي أي رأي في المسائل الأدبية بالعكس لدي ذوق في الأدب والشعر إن سمعته ممكن أن أتذوقه وأقيمه من خلال رؤيتي في الحياة وفكري مقصدي أني لست متابع للمواقع الالكترونية الأدبية تحديداً، كما أني لست ممن يُكثرون الدخول للمواقع بصفة عامة والتجول فيها لأنه غالباً أهتم بالأخبار السياسية ومن خلال الاشتراك في بعض المجموعات يصلني كم هائل من الأخبار والمقالات والأبحاث أوقات ومن خلال ذلك والبحث أوقات عن موضوعات، لذلك أرجو أن تعفيني من الإجابة على الجزء المتعلق من الأسئلة بتصنيف وترتيب المواقع بحسب الاختصاص ..
ولكن من خلال مشاركتي في سابقاً في عدة منتديات وتواصلي مع عدة مواقع أنشر فيها أومن التي كنت أنشر فيها، يمكنني أن أجيب إلى حد ما عن بقية الأسئلة:
قليلة هي المواقع والمنتديات التي تهتم بتقديم مادة تكون ذات قيمة ومميزة أو تهتم بالبُحاث المتميزين أو الجادين وإن كانوا مبتدئين، بمعظم المواقع والمنتديات تنشر لكل ما هب ودب وأي وكل ما يصلها دون مراجعة دقيقة أو وضع شروط وضوابط للنشر تحدد من خلالها المعايير التي على أساسها يتم النشر .. وإن توفر بعض المواقع التي تلتزم المهنية في النشر فهي قليلة ومن مساؤها أنها حزبية أو أيديولوجية ولا تنشر إلا ما يتفق وفكرها أو وجهة نظرها وما يخالف ذلك لا يتم نشره مهما كانت قيمته، وذلك من خلال تجربة آخرها الحلقات التي أنشرها عن العلمانية للأسف بعض المواقع التي عادة تنشر لي مقالاتي السياسية أو أبحاثي السياسية أحجمت عن النشر، وعندما تواصلت معها لأنه يهني النشر فيها لاحترامها لعقل القارئ والمراجعة والتدقيق – ومازالت أحترمها أيضاً حتى لا يفهم البعض العبارة خطأ – اعتذروا لأنه تخالف فكرهم وتوجههم الأيديولوجي، ويرحبون بأي كتابات أخرى لي، فشكرتهم على وعد الاستمرار في التواصل ومازلت أرسل لهم الحلقات أيضاً .. وهناك القليل من المواقع الحيادية التي لا تلتزم بتوجه سياسي ولا فكر أيديولوجي ما ولا يتحكم فيها ممول أو جهة تمويل لا تتوانى في نشر ما قد يشكل لها مشكلة مع جهة أو جهات وذلك أيضاً من خلال التجربة فأنا صريح وحاد في نقدي وطرح رأي ولا أجامل، وعادة أقول أنا أكتب ما أشعر به وأعاني منه لست مرتزق ولا سمسار ولا منتمي لحزب ولا باحث عن شهرة أو رضا أحد، لذلك تجدي علاقاتي مع معظم الاتجاهات السياسية ليست جيدة ..
بمعنى أن المواقع التي ليس لها رسالة تريد توصيلها أو لا تحترم أمانة الكلمة وصدقيتها وكل ما يهمها أن تملئ صفحات الموقع وفقط تنشر للبُحاثة الكفء وغير الكفء، والمواقع الأخرى ذات التوجهات الأيديولوجية لا تهتم بالنشر إلا لنفس التوجه أو باحث أو اسم له شهرته ويخشوا من عدم النشر له إن أرسل لهم شيء، وتنشر ومن خلال الشروط التي تضعها وإن كانت حزبية سياسية أو أيديولوجية إلا أنها عندما تأتيها أبحاث قيمة وإن كانت لأسماء غير معروفة ولا يختلف مع توجهاتهم يعطوه الفرصة للنشر .. ولكن بالإجمال البُحاث الأكفاء المستقلين القليل منهم الذي أخذ حقه في النشر في المواقع الالكترونية وغيرها من وسائل الإعلام الأخرى ..
هناك مواقع الكترونية موضوعية ومهتمة ورزينة وهمها نشر الثقافة وتوفير كل ما يفيد الباحث والكاتب والقارئ العادي، وهي ليست تجارية ولا استثمارية وتملأ الفراغ وتغني عن ذلك الكم الهائل من المواقع، وموقع فرسان الثقافة بدون مجاملة من خلال التعامل معه من ضمنها ..
وأخيراً إلا ما رحم ربي من الإداريين في المواقع غير النوع الأخير الذي ذكرته حتى الحزبية والأيديولوجية قليل منهم الذي يملك ثقافة وعمق معرفي ومهتم والأمر بالنسبة له لا يزيد عن فرصة عمل، أو في المواقع التي يكونوا العمل فيها طوعي ..
تحياتي
حياك الله أخي عبد الرحيم محمود
ما شاء الله شاعر وقد كنت أهم بالكتابة لك ذكرني اسمك الكريم بشاعر الثورة الكبرى في فلسطين القائد القسامي المجاهد الشهيد/ عبد الرحيم محمود، وعدت لأرى ما هو مكتوب أسفل الاسم وجدتك شاعراً، حياك الله
نعم من خلال تجربتي كثير من المنتديات تخرج عن إطارها المعلن وتتحول لديكتاتوريات لأصحابها يستغلون تعلق الأعضاء بموقعهم وبألقابهم الرقمية الفارغة المضمون لتحقيق غير ما يعلن عنه من أهداف .. وأضيف أنه للأسف كثير من المنتديات يشكل فيها البعض لوبيات ليحافظوا على وضعهم وصدارتهم من خل المجاملات والنفاق وغيرها مما يرفضه إي إنسان يحترم نفسه ..
ما قلته أخي صحيح إلى حد كبير وذلك ما يفقد المواقع والمنتديات قيمتها ويثنيها عن أداء رسالتها وتحقيق تلك الأهداف يزعمون أنهم يريدون تحقيقها، والشعارات التي يرفعونها تفقد مضمونها وتصبح شعارات جوفاء مثل شعارات الأنظمة والأحزاب ..
مودتي
السلام عليكم
ومن جديد اتمنى عليك أستاذنا الكريم الفصل بين مفهومي العلمانية والعولمة تعريفا وتوضيحا لماتتهم الاثنتين بمعاداة الدين و لماذا؟ وكيف ؟ وكيف نواجههما بالتحصين خاصة للجيل الجديد المنفتح على كل تحديث.( لأن القراء يقعون غالبا في غشكالية مصطلحية بينهما خاصة ان العلمانية ذات أصل علمي والعلومة ذات أصل عالمي)
مع التحية والتقدير.
روابط ذات صلة:
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?34624-العلما-نبة-ليست-كافرة-ولا-تصطدم-بالدين-الاسلامي
[align=center]
( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
[/align]
يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقليوإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتيوإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي*******لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .
أختى الكريمة أم فراس حياكِ الله
عندما خرجت من فلسطين عام 1976 للدراسة الجامعية لم يكن لدينا ثقافة أو سعة إطلاع وعندما بدأت أكون معارفي وأشكل توجهاتي الفكرية مر علي كتاب لكاتب سور قد يتفق معه البعض وقد يختلف مثل كل الكتاب عبارة يجب ألا نختلف عليها ونعيها جيداً ونحن نقرأ ونتعلم وننقد، إنه واسمه (توفيق الطيب) قد لا يعرفه الكثيرين ولكن يجب أن يعرفوا عبارته تلك، وهي:: "علينا أن نقرأ قراءة تلتهم نور أبصارنا"! إنها عبارة بسيطة ولكنها عظيمة في معانيها وغنية في ابعادها .. لذلك عندما أقرأ أقرأ قراءة المتعلم المتأمل الناقد..
وفي هذا المقام أقول: يبدو أن معظم مَنْ قرأ الحلقات لم يقرأ يقرأ لا بحيادية وبدون موقف مسبق، ولا بتأمل ونقد، ولا بتدقيق ومراجعة قبل الرد .. ولعلمك وعلم القراء منذ نشرت الحلقة الأولى إلى الآن وأنا أتلقى ردود ونقد وتأييد وتدعم لما أكتب وأدير حوار مع أكثر من طرف حول الموضوع، ومنهم النصارى وكلهم أقول لهم نفس الكلام السابق: هم لم يقرءوا ما كتبت، والرابط الذي وضعته عن أن العلمانية ليست ضد الدين بعد حوالي ربع ساعة من نشر الحلقة الأولى للمواقع والأصدقاء عبر البريد وصلتني من صديق أحترمه على الرغم من التناقض الفكري بيننا ولكننا نتفق في احترام كل منا لعقل الآخر .. إنه الدكتور الأديب أفنان قاسم، ابن القدس، نصراني الديانة، ماركس الفكر .. واليوم صباحاً أرسل لي الرد التالي من ضمن حوار أو رد على عدة موضوعات على الرغم أن موضوع الحلقات ليس منها:
"... كلمة أخيرة فيما يخص دراستك حول الكنيسة في أوروبا، كل ما قلته علمي ويدل على جهد واضح ونفس موسوعي نفتقده في زمن الانترنت..."
لذلك أرجو من الجميع قبل الرد أن يقرأ بعقله وقلبه لا بعينيه فقط إن قرأ أكثر من العنوان، لأن الرد على كل ما يصلني موجود في مقدمة الحلقة الأولى لذلك لا داعي لتضييع وقتي ونحن الكهرباء ثمينة لدينا أي أوقات لا نجد الديزل لتشغيل الماتور وليس كهرباء الدولة ..
اما العولمة فتعريفها ومخاطرها وخطر الإسلام عليها منشورة في مجلة محكمة عام 1006 وكنت أفكر في نشر ذلك البحث بعد الانتهاء من موضوع العلمانية لأنه بحث يزيد على المائة ورقة، بعنوان "الحضارة .. الثقافة .. العولمة .. الدين"، وخلاصته أنها مترادفات لمعنى زمفهوم واحد أوجد اللبس والاختلاف حولها خطأ الترجمة سواء بقصد التضليل أو بجهل المترجمين أو بانبهار المهزومين بالحضارة والمفتونين بالغرب وحضارته، نفس الدافع الذي دفعني لإعداد محاضرتي هذه قبل سنوات عن العلمانية وإعادة نشرها الآن كما ذكرت في مقدمة الحلقة الأولى، وأوضحت أنها كلمة غربية وليست عربية، وترجمتها غلط غلط غلط. ولم أقل قال المفكر أو الشيخ أو العالم الإسلامي، ولكن قالت الموسوعة الغربية والقاموس الغربي ودائرة المعارف الغربية ...
وكان على القراء الذين فاتهم ذلك ولم يفوتني ذكر أنها لم تأتي لا من العلم ولا العالم أن يدركوا أن ما يضيعوا وقتنا في الرد عليه وإعادة ذكره لم يفتني وذكرته في الحلقة الأولى .. أي أني مدرك جيداً لما أكتب ومعلوماتي ليست نلقصة .. وإن كانت العلمانية تسمح ببناء الكنائس أو المساجد ليعبد فيها الفرد ربه فقط وتمنع تدخل الدين في الشئةن الحياة فليس معنى ذلك أنها ليست نقيض للدين أو ليست ضد الدين .. فهي تقول أن الدين علاقة وجدانية ضميرية بين الفرد ربه يعتقد أو لا يعتقد هو حر، ولكن ممنوع أن تقول الدين حكمه كذا في المسألة كذا او كذا ...إلخ وهنا عدائها للدين وتناقضها معه ...
وأخيراً: أختى الكريمة أم فراس تأخرتِ في نشر الحلقة الرابعة التي أيضاً توضح للأخ الذي كتب لي أو لكِ أن العلماني جاءت رداً على ممارسة الكنيسة وهي بعنوان: "طغيان الكنيسة في العصور الوسطى الأوروربية" ليعلم اننا نعي ما نكتب ونعرف م نريد قوله وتوصيله للقراء والأجيال التي تسمع بالعلمانية ولا تعرف معناها ولا تاريخها وأين نشأت ...
تحياتي وللحديث بقية
اما العولمة فتعريفها ومخاطرها وخطر الإسلام عليها منشورة في مجلة محكمة عام 1006 وكنت أفكر في نشر ذلك البحث بعد الانتهاء من موضوع العلمانية لأنه بحث يزيد على المائة ورقة، بعنوان "الحضارة .. الثقافة .. العولمة .. الدين"، وخلاصته أنها مترادفات لمعنى زمفهوم واحد أوجد اللبس والاختلاف حولها خطأ الترجمة سواء بقصد التضليل أو بجهل المترجمين أو بانبهار المهزومين بالحضارة والمفتونين بالغرب وحضارته، نفس الدافع الذي دفعني لإعداد محاضرتي هذه قبل سنوات عن العلمانية وإعادة نشرها الآن كما ذكرت في مقدمة الحلقة الأولى، وأوضحت أنها كلمة غربية وليست عربية، وترجمتها غلط غلط غلط. ولم أقل قال المفكر أو الشيخ أو العالم الإسلامي، ولكن قالت الموسوعة الغربية والقاموس الغربي ودائرة المعارف الغربية ...
ياأستاذنا الكريم:
سوف أحجز لي مقعدا هنا واتابع لأصل للتوضيح الذي أبحث.
لك التحية والشكر.
يا أستاذي بإذن الله لن نضيع وقتك ووقتنا..ولكن حقيقة يبدو ان مفتاح التوضيح معك انت دون غيرك.. ..ولابأس لو اننا جهلنا بعض دهاليزغابت عنا ...
لذاسوف ننتظر التوضيح وسوف اقرأ من جديد ماورد في قسم الابحاث من قبلك فانتظرني وانتظرك.
الف تحية وسامحنا.
http://www.omferas.com/vb/showthread...172#post143172
[align=center]
( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
[/align]
يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقليوإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتيوإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي*******لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .
أرجو التكرم بالسماح لي كي أدلي برأيي المتواضع في ما يتعلق بالعلمانية وموقف الدين عامة والإسلام خاصة منها.
فقد دفعني موضوع حساس ودقيق وهام كهذا، في زماننا هذا على الإحساس برغبة في قول ما لدي.
والله الموفق.
يُعتبر الإسلام أكثر الأديان والمناهج والنظم التي تراهن على قوة حجتها وعلى قوة الحق في أطروحاتها على جميع الصُّعُد. من هنا فإنه يحرص على أن تكون مواجهته الفكرية والسياسية للآخرين قائمة على أساس سَماَحِهِ لهم بعرض ما لديهم على المجتمع بكل حرية ونزاهة. إن العقيدة أو الفكرة التي تضرب على وتر صلاحيتها الحقيقية للإنسان في كل زمان ومكان، لا يمكنها أن تكون منسجمة مع نفسها إذا ما قامت بِمنع الآخرين من مُمارسة حقهم في محاولة كسب هذه الصلاحية.
ولكن أليس في جعل الإسلام شريكا متساويا في الحقوق والواجبات مع باقي الأفكار والمعتقدات في المجتمع، ضمن ولاء الجميع للوطن الواحد بصورة أساسية. نقول.. أليس في ذلك ما يشير بشكل أو بآخر إلى قبول مبدأ العلمانية المنادي بفصل الدين عن السياسة؟! إن الإجابة على هذا التساؤل الذي يبدو مشروعا، تتطلب إجراء عملية تشريحٍ لفكرة العلمانية كي نَتَفَهَّمَ معانيها الحقيقية. فهي فكرة قد عانت الكثير بسبب الخلط الذي اكتنف دلالاتها جراء بروزها وعرضها على الدوام في سياق تناحري بين الأطراف التي كانت العلمانية تطرح كصيغة لحل خلافاتهم وتناقضاتهم، ما جعلها لا تُفهم في الغالب إلا باعتبارها خادمة لطرف دون آخر، ومبقية على جانب على حساب نحر الجانب المقابل له.
في هذا السياق يجب أن نفرق بخصوص فصل الدين عن السياسة أو عن الدولة بين حالتين. الأولى، وهي التي تؤدي إلى حرمان الدين من أن يُسهم ببرامجه في العملية السياسة، من خلال حرمانه من التنافس الحر مع البرامج الأخرى المطروحة من حيث المبدأ، ليخرج من اللعبة السياسية نهائيا، بحيث لا مكان في صيغة كهذه لأي رؤية دينية في العمل السياسي. والثانية، وهي التي تؤدي إلى قبوله بهذه الصورة – أي صورة المنافِس المشارك مع الآخرين في اللُّعبة السياسية – لكن مع رفضٍ قاطع لأن تكون المنافسة في ظل هيمنته وهيمنة رؤاه ومبادئه الشُّموليَّة على قواعد اللعبة.
وبكلمة أخرى فإن هناك فرقا بين أن تكون الحرية سببا لخوض الدين غمارَ العملية السياسية في ظل واقعٍ يشترك فيه الجميع في المنافسة على قدم المساواة التامة، دون أن يكون هذا الدين صاحبَ الهيمنة على قواعد اللعبة الأساسية التي يتحرك داخلها الجميع، وبين أن تكون الحرية التي تنبثق عنها قواعد الشراكة في اللعبة السياسية مؤطرة بدين معين لا يجوز لها أن تتعدى حدوده، بوصف ذلك المفهوم هو السقف الذي على الجميع أن يتحركوا داخله قسرا وقهرا.
والنتيجة، أن فصلَ الدين عن السياسة إذا كان يعني رفضَ أن يُصارَ إلى تأطيرِ الديمقراطية والحرية والعمل السياسي التعددي وفق معطياتِ وحيثياتِ دينية محددة، ولا مانع بعد ذلك من طرحه لبرامجه وممارسته لدوره السياسي إن وُجِد، في ظل خضوعه لتأطيرٍ أوسع منه هو التأطير الديمقراطي التعددي القائم على مبدأ الشراكة التامة للجميع في الوطن الواحد بالاستناد إلى فكرة القومية والمواطنة، بصرف النظر عن لون أو جنس أو دين أو عرق أو مهنة، فإننا نكون في هذه الحالة أمام وضعٍ هو الأصل والأساس حتى من وجهة النظر الإسلامية التي نتبناها.
فالرسول عليه الصلاة والسلام، نَظَّمَ العلاقات السياسية في المدينة المنورة بين المسلمين وغير المسلمين في وثيقةٍ دستورية تكشف كلُّ بنودِها وفقراتِها عن حالةٍ شبيهة بِهذا الذي نقوله هنا. ولأن المسلمين كانوا هم الأغلبية وأصحاب القرار في يثرب وكانوا بطبيعتهم مؤمنين بالتعددية بالشكل الذي نتحدث عنه هنا، فقد كان من الطبيعي أن لا تُتاَحَ لنا فرصة رؤية الحالة المقابلة التي شهدناها في مكة قبل الهجرة. حيث أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وبناء على تعليمات ربه، كان يتعامل مع أهل مكة من منطلق المطالبة بالشراكة القائمة على مبدأ حرية المعتقد وحرية الدعوة إليه، وهو ما كانت ترفضه مكة بشدة لعلمها بمخاطرِهِ الاستراتيجية على منظومة المصالح القبلية والطبقية والاقتصادية السائدة. فمكة بتعدديتها المعروفة قبل ظهور الإسلام والتي كانت تشرك حتى النساء في الرأي والمشورة في بيت الندوة، انقلبت على عقبيها ورفضت أن تكون تعددية أمام ظهور دين يهدد مصالح الصفوة والنخبة فيها، فعادت هذا الدين ودعاته ومعتنقيه عبر معاداة حقهم في الاستفادة من تلك الأجواء المنفتحة التي كانت تعرف بها بين سائر العرب.
فكل ما كان يطلبه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، هو أن يُحالَ بينه وبين أن يُمارِسَ دعوته بحرية تامة، لتكون النتيجة أن "لكم دينكم ولي ديني"، و"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، قد تبين الرشد من الغي". فإذا علمنا أن هذه الآية الكريمة ساطعة الدلالة قد نزلت في المدينة وليس في مكة، أي في مرحلة التمكين وليس الاستضعاف، تبين لنا أن معادلة المطالبة بالحرية، غير مربوطة بحالة الضعف كما يحلو للبعض أن يتصور، بل هي عامة، وكانت أوضح ما تكون تأصيلا ربانيا في مرحلة التمكين. وكأن الله أكد عليها هنا في الدولة، كي لا يُصاب المسلمون بالغرور الناجم عن السلطة، فيحرموا الآخرين من الحق الذي كانوا يطالبون به كفار قريش عندما كانوا قلة مستضعفين يتخطفهم الناس.
أما في مكة فعندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يطالب بذلك النوع من الحرية المعتقدية، فقد كان يطالب به، تاركا المستقبل للمعادلات التي يمكن لهذا المستوى من الحرية المطلوب أن يُنْجِزَه. وهذا يعني واقعيا إن تم تنفيذه والقبول به، أن تبقى مكة محكومة للقواعد التي تعارف عليها أهلها، إلاَّ إذا تغير الحال وأسلمت الأكثرية، لتُطالب عندئذٍ بتغيير هذه المنظومة العرفية بمنظومةٍ جديدة قائمة بطبيعة الحال على حقها المشروع الذي تقضي به قواعد الأغلبية في الحكم واتخاذ القرارات، دون المساس بقواعد اللعبة التي أتاحت للرسول وصحبه أن يحققوا الأكثرية، وهي الحرية في المعتقد والحرية في الدعوة إليه. وهما الحريتان اللتان تفقد أي منهما معناها وقيمتها الموضوعية بعدم ارتباطها بالأخرى ارتباطا وجوديا دائما ومستمراً.
فلا قيمة فعلية لحرية الاعتقاد، إذا لم تُرْفَق بحريةٍ رديفةٍ، هي حرية الدعوة إلى ما تم الاعتقاد به بِحرية. إذ ما لا شك فيه أن من أُعْطِيَ الحرية في أن يعتقِدَ ما يشاء بغير ضغطٍ أو إكراه، كانت قد أُتيحت له فرصةُ الحياة في واقع أَعْطَى الحرية لآخرين في الدعوة إلى معتقداتهم، فتمكنوا بِممارستهم لهذه الحرية، من الوصول إليه من ثم، وإقناعه بما اعتنقه بعد ذلك بكامل حريته. الحريتان متكاملتان إذن ولا تصح إحداهما بدون الأخرى. ولا قيمة لإدعاءِ منحِ أفراد المجتمع حرية الاعتقاد دون منحهم حرية الدعوة إلى ما يعتقدونه.
إذ ليس من أصول الإسلام في شيء أن يدعو إلى حرية المعتقد وإلى حرية الدعوة إلى المعتقد عندما يكون في حاجة إلى ذلك، لينقلب على من منحوه هذا الحق عندما يتمكن ويسود. إن تصورَ هذا النهج في الإسلام، يعني أنه قائم على منطق رجال العصابات وقطاع الطرق، وعلى أسلوب الخديعة والاستدراج. والإسلام أبعد ما يكون عن ذلك. لأنه إذا كان يراهن على الحرية في انتشاره وحظوته بالقبول لدى الناس، فلأنه يراهن عليها أيضا في الاستمرار بينهم، موقنا أن عدم قدرته في الاستمرار إن حصلت انتكاسة في سيادته للواقع، إنِّما تعود إلى معتنقيه وإلى الداعين إليه، بسبب عجزهم عن الارتقاء به في كل مرحلة من مراحل الصيرورة التاريخية للمسلمين، إلى المستوى الذي يبقى بموجبه سيداً للواقع بلا منازع. ومن كان هذا أصلٌ لديه ومرتكز، لا يُمكنه أن يقبل بالقضاء على الحرية التي كانت الطريق إلى وصوله، وبالتفاصيل والحيثيات نفسها التي كانت تتضمنها عندما أوصلته إلى سِدَّة السلطة وموقع اتخاذ القرارات.
إن حرية المعتقد والدعوة إليه، وحرية الوصول إلى السلطة وقيادة المجتمع وفق ما يتيحه ذلك المعتقد من برامج ورؤى سياسية، هي أصول إسلامية لا شك فيها، قام عليها الدليل العقلي والمسلكي والتاريخي. إننا نتبنى اجتهاداً إسلاميا يرى في الحرية بمفاهيمها الموضحة سابقا قيمة إسلامية أصيلة وعميقة، وجزءاً لا يتجزأ من رؤية الإسلام للتعامل الموضوعي مع الواقع الإنساني. هذا يعني أن الحرية حتى بِمفاهيمها المعلنَة هنا تعتبر مؤطرة إسلاميا من حيث المبدأ، ولكن من خلال مفهوم إسلامي يتسم بالتقدمية المتميزة القادرة على احتضان كل البشر في بوتقة السلم المدني على المستوى العالمي، وكل المواطنين في البوتقة نفسها على المستوى الوطني.
يحضرنا في هذا السياق نص قرآني أثار جدلا وبلبلة في المفاهيم لدى المسلمين، فلم يعودوا - بموجب تصورٍ محددٍ سائدٍ وشديدِ الرواج لمعناه – يفرقون بين الحالات التي تبيح للمسلمين قتال الآخرين تحت عنوان الجهاد للقضاء على ما يسمى فتنة، وليكون الدين كله لله، وتلك التي لا تبيح لهم ذلك.. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194).
لا نعرف أحدا من المسلمين – ونتمنى أن نكون مخطئين في ذلك – شذ في فهمه لمعنى الفتنة ولمعنى أن يكون الدين كله لله الواردين في هذه الآيات، عن اعتبار أن المطلوب تحقيقه هو إخضاع الجميع لهيمنة الإسلام، وفرض العيش عليهم تحت عباءته، وعدم السماح لغيره من الأديان أو النظم أو المعتقدات أو الأفكار، بأن تكون لها إسهاماتها في تسيير شؤون الدولة والأمة على قاعدة الشراكة والمساواة في المواطنة وفي الحياة وفي المصير، انطلاقا من الدلالة المتصورة لقوله تعالى "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله".. وهنا مكمن الخطأ الفادح، القائم في الأساس على مبدأ الاجتزاء والقراءة المنتقاة، دون اتباع منهج موضوعي في ذلك.
الغريب في أمر أهل العلم من المسلمين وهم يؤصلون بهذه الآيات الخمس لمنهج خطير في القمع ومصادرة الحريات في المجتمع، ولسياسة لا ترحم في التعامل مع الآخر، أنهم نظروا إليها – أي الآيات – بعين واحدة، واغمضوا عنها العين الأخرى. فهم لم يقرأوا في هذا النص سوى كلمات "قاتلوهم"، لكنهم لم يقرأوا أبدا كلمات "ولا تقاتلوهم"، وانتبهوا لكلمة "وأخرجوهم"، وغضوا الطرف عن كلمة "ولا تعتدوا". علما بأن سياق النص القرآني سالف الذكر لمن يقرأه بحياد وبعيدا عن أي موقف مسبق يبحث له عن تأصيل في ثنايا المرجعية النصية، هو سياق يؤصل لأمر آخر مختلف تماما عن ذلك الذي لٌوِيَ عنق النص كي يؤديَ إليه.
الآيات واضحات جدا في أن القتال الذي أُمِرَ به المسلمون بمقتضاهن هو قتال مشروط، والتأكيد على الشرطية فيه، كان هاجسا جليا سيطر على صياغة هذا النص من بدايته إلى نهايته. فمنذ البداية هناك لفت نظر لا يحتمل التأويل إلى ألا قتال إلا لمن يقاتلنا، "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم". ثم وفي الآية نفسها تأكيد على ألا نكون البادئين بالقتال، في وصف لهكذا حالة بإنها اعتداء لا يحبه الله، "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". ثم وبعد شرحٍ وتفصيلٍ للأسباب الموجبة للقتال، وهي "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم"، واصفة هذا الفعل التهجيري القسري بأنه فتنة أشد من القتل، و"الفتنة أشد من القتل"، تعود الآيات للتذكير بما سبق وأن لفتت الانتباه إليه قائلة: "ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه"، لترسخ مبدأ عدم البدء بالقتال، وهو عدم البدء الذي يتخذ لنفسه مسارا مختلفا عندما يكون الحديث عن المسجد الحرام، حتى لو كان القتال خارجه دائرا وقائما، لتقرر في السطر التالي مباشرة حقيقة غاية في الأهمية غفل عنها كل قراء هذا النص القرآني العظيم، ألا وهي "فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم"..
ترى لمن وجه الله تعقيبه بالغفران والرحمة إذا انتهى المشركون عن الاعتداء، أإليهم أم إلى المسلمين؟ هل يوجَّه التعقيب بهذه الصفات المغعمة بمعاني التجاوز عن الأخطاء، لمن كان معتديا مخطئا متجاوزا وكف عن الاعتداء والخطأ والتجاوز، أم لمن كان معتدىً عليه من الأساس، وأبعد ما يكون عن الوقوع تحت طائلة خطأ التعدي على الآخرين؟ أيهما الذي يحتاج إلى تذكيره بأن فعله سيكون محل اعتبار بالتجاوز عن السوء فيه إذا تم الكفُّ عن الاعتداءِ في حالةٍ فيها معتدٍ ومعتدىً عليه، أهو المعتدي الظالم، أم المعتدىَ عليه المظلوم؟
المغفرة والرحمة لم يُعْرَضا في هذه الآية مكافأةً للصابرين على الاعتداء الذي تعرضوا له، أو على مقاومتهم لهذا الاعتداء، حتى يقال أنه موجه للمسلمين بوصفهم أولئك الصابرين وأولئك المقاومين. إن الله تحدث عن المغفرة والرحمة مباشرة عقب حديثه عن انتهاء المعتدين عن اعتدائهم، وهذا يعني أنه كان يتحدث عن المشركين وليس عن المسلمين. لأن المسلمين في هذا الظرف لم يكونوا محل وقوع في ذنب الاعتداء الذي يتطلب المغفرة والرحمة اللتين أشير إليهما في سياقٍ لا معنى له سوى المكافأة على كف العدوان والانتهاء عنه. لكن المسألة لا تقف عند هذا الحد. فالآية التالية: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ"، تأتي لتستكملَ الصياغةَ التأصيليةَ للموقف الإسلامي الذي أراد الله تأكيده وترسيخه في معرض تشخيصه لملابسات هذا الحدث.
فإذا كان المشركون في حالة اعتداء على المسلمين تصب في خانة العمل على منعهم من مزاولة حقهم في العيش بأمان، وفي الدعوة إلى دينهم بحرية، وفي الاحتكام إلى شرائعهم بسلام. وإذا كان هذا الاعتداء هو الذي منح المسلمين الحق في الرد، للحيلولة دونه ودون تحقيقه لغاياته المتعارضة مع حقهم في الحرية والأمان والسلام، وهو ما تؤكده الآيات الثلاث الأولى من النص القرآني السابق. وإذا كانت الغاية من القتال المأذون به لهم من الله ردا على الاعتداء، إنما هي في معنى من معانيه، كي لا تكونَ فتنة وكي يكونَ الدين لله. وإذا كانت الغاية من الرد الذي أُذِنَ لهم به، هو أن يُجْبِروا المشركين على كف الاعتداء الذي أَلْزَمَ الله المسلمين بعده بالكف عن الحرب، واصفا استمرارهم فيها بأنه هو الاعتداء الذي لا يحبه..
.. نقول.. إذا كان كل ذلك واضحا وجليا بنص الآيات. ألا يعني أن الحالة التي سماها الله بـ " كي لا تكون فتنة ويكون الدين لله"، هي ذاتها الحالة التي يمتنع فيها المشركون عن الوقوف في وجه حرية المسلمين في الدعوة إلى دينهم ونشر رسالتهم؟ فمادام الاعتداء من قبل المشركين، والإذن برد الاعتداء من الله، والكف عن الحرب من قبل المسلمين إذا كف المشركون عن عدوانهم، يصب كله في خانة غاية واحدة لها صفة واقعية يقتضيها الحال، ألا وهي "الانتهاء عن العدوان والاقتتال"، ولها وصفا اصطلاحيا قرآنيا نصت عليه الآيات هو "كي لا تكون فتنة ويكون الدين لله"، فهذا يعني قطعا أن الحالة الواقعية المتمثلة بانتهاء حالة العدوان وبالكف عن الاقتتال المانع للحرية، هي ذاتها الحالة الموصوفة قرآنيا بحالة "انعدام الفتنة وكينونة الدين لله".
أي أن الفتنة تنعدم والدين يكون لله بمعناه الذي أراده الله، بمجرد أن تتفشى حالة الحرية، التي تقتضي بموجب طبيعة الحدث الذي غطته الآيات السابقات، أن يكون الإسلام وبالتالي المسلمون جزءا من واقع تظلله الحرية السياسية والاجتماعية والعقدية الأشمل، باعتبارها الوعاء الأوسع والإطار الذي يحوي جميع من يشتركون في الجغرافيا والتاريخ على قدم المساواة، ليكون ذلك المقدمة الحقيقية لبدايات فلسفة المواطنة في التاريخ.
مرة أخرى حياكِ الله أختي أم فراس والأخت شذى
وحاشاك من الجهل أنا لم أقصد ذلك في ردي ولكني فقط أردت أن ألفت الانتباه بأسلوب مستفز للأهمية القراءة الواعية والمتأملة حتى لا نضيع ونهدر وقتنا ونحن أمة للأسف لا تعي قيمة الوقت، ولا تعلم أن الغرب تفوق علينا باستثماره للوقت، فهو يدر ويبحث ويستقرئ ويخطط ويفعل كل شيء قبل حدوث الحدث أو مجرد أن يرى إرهاصاته ونحن مرتبكون ونسأل ما يحدث يكون هو حرك جافله الفكرية والسياسية وغيرها لدراسة الحدث دراسة شمولية ووضع الخطط وتزويد السياسي أو الاقتصادي وغيره بالمعلومات والاستنتاجات التي تساعده في استغلال الحدث لصالحه، ونحن ندور حول أنفسنا ونسأل: أيهما جاء أو خلق أولاً البيضة أم الدجاجة وتأملي معي ما يسمى بالثورات العربية، أو الربيع العربي ذلك المصطلح الذي نتداوله ولا نعرف أن مصدره أمريكي ..
أرجو أن تكون وضحت الفكرة والعفو منك ومن جميع القراء إن فهموني خطأ ..
أما بالنسبة لمداخلة الأخ أسامة عكنان وما فيها من معلومات قيمة وقراءة إلى حد كبير مصيبة للآيات التي ذكرها في سورة البقرة .. أولاً حياك الله أخي الكريم وأشكرك على ما ذكرته وحاولت بسط وجهة نظرك من خلاله، وأعذرني فقط لي وقفة مع بعضاً منه دون دخول في التفاصيل ..
أنا أتحدث عن ظروف النشأة العلمانية في الغرب وأرفضها ليس بالكلية لأن فيها جهد إنساني مشترك ومفيد والحكمة ضالة المؤمن وعلي كمسلم أن آخذ بها، ولكني أرفضها لأنها عملية استنساخ ممَنْ نقلوها لنا مع إلغاء عقولهم وعدم إدراك الفوارق التاريخية والدينية بين مجتمعنا ومجتمعات الغرب، ولست معني بالدفاع عن الإسلام لإزالة خوف أحد من أبناء الوطن من سوء استغلال أي حزب إسلامي لفوزه مثلاً في انتخابات حرة ورفض تداول السلطة واستفراد بها والاستبداد بالشعب.. لأن ذلك يعني أننا لم نفهم الإسلام وعواقب الصمت فيه على أي ظالم كان .. ولو أدينا ما علينا من حقوق إسلامية ما تجبر علينا ظالم ولا استبد بنا مستبد ولا ضحكت من أمتنا الأمم، ذلك أمر آخر ..
الإسلام معروف بسماحته واحترامه للإنسان كإنسان وتكريمه له بغض النظر عن دينه أو لونه وعرقه .. والتاريخ الإسلامي فيه مجلدات من الممارسة العلمية وليس الشعارات مثل الغرب ومَنْ استنسخوا لنا دعاواه الفارغة عن الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان و غيرها وكانوا أسوأ مثال لذلك في حكمهم أو ممارستهم الحزبية .. وإن اضطررت للرد في حال جرنا أحد لذلك ممكن أن أفتح لممارسة أصحاب تلك الأفكار الغربية في وطننا ضد أمتهم وما ارتكبوه من جرائم باسم العلمانية وتفرعاتها ضد الأمة، وما تسببوا فيه من نكبات لنا وسآتي في إحدى الحلقات على نكبة الأمة في فلسطين وأنها ثمرة العلمانية الحرام، ولكني أحاول أن أقدم رؤية للجميع لنخرج من فرقتنا وتمزقنا، أي لست معني أن أتحدث في تفاصيل .. وأنا أحاول أن أوضح فقط الأصول التاريخية لبعض المصطلحات التي تُرجمت خطأ لتصحيحها محاولة لتصحيح المسار الخطأ الذي أصبح واقعاً (العلمانية) كما برر دفاعه وترويجه للعلمانية وصوابها الأخ أعيان القيسي في مداخلة له على إحدى الحلقات، لأن التصحيح هو مهمة الأجيال الحاضرة والقادمة التي تسمع بالمصطلحات المتداولة ولا تعرف حقيقة معانيها ومدلولاتها الخطأ ولا يعرفون أصولها التاريخية وأبعادها الحضارية ..
أكتفي بهذا وللحديث بقية