الفصل الثاني
المشهد الاول:
حيرام -تاد - امناء السر-أعضاء مجلس الإدارة -جوردون
" بناء من أحدث ما شيد من الأبنية , جدرانه الخارجية أي الطابق الأرضي من صفائح المعدن اللماعة, أقيم امامه نصب معقد التركيب يوحي
بالقوة والسيطرة نوافذه كلها امتدت من السقف إلى الأرض , اما الجدران الباقية : الطوابق العليا فهي من الحجر النافر له منظر وحشي قاس بنوافذ مربعة ضخمة الأبعاد .
من وراء البناء وعلى مسافة كبيرة جدا منظر طرف معمل واسع جدا . غرست إلى جانب البناء الضخم الموصوف سابقا لافتة من الصفائح الحديدية بحجم كبير كتب عليها عبارة مصانع سكب الحديد.
المسرح الآن في الطابق الخامس والعشرين الذي يبجو بهوه وهو ممر إلى غرف أبوابها من المعدن اللماع والجدران من الرخام المموج الأخضر . كل ذلك يعطي منظرا يوحي بالرسوخ والقوة .
المسرح هو بهو واسع جدا بالديكور ذاته , يشعر الداخل إليه انه أحد إبهاء قلاع القرون الوسطى الضخمة بما فيها من الحجارة الضخمة المنقورة نقرا خشنا .
منضدة كبيرة جدا في وسط البهو حولها مقاعد ذات مساند طويلة جدا استراح فيها رجال من مختلف الاعمار والأشكال انحسرت شعور بعضهم عن صلعة بيضاء وكلهم غاطسون في مقاعدهم بحيث أن مستوى أعلى المسند وعنق الجالس في مستوى واحد . رأس الطاولة شغله رجل طويل وضخم تبدو عليه إمارات القسوة
والامتلاء والعنجهية وهو رئيس مجلس إدارة هذا لاتحاد الصناعات المعدنية والحربية.
الرئيس حيرام , وهذا اسمه , يقرع الجرس بجانبه إيذانا بافتتاح الجلسة , وقد جلس إلى يمينه زعيم حزب المعارضة تاد وهو مساهم في إحدى شركات الاتحاد وعضو في مجلس الإدارة هذا".
*************
"عندما يظهر رئيس مجلس الإدارة واركان إدارته تسمع هذه الأصوات ".
أصوات مجتمعة قوية: هيبيبيب هورا...هيبيبيب هورا...
أصوات مجتمعة قوية: هيبيبيب هورا...هيبيبيب هورا...
صوت 1: المجد للمعدن الثمين...
صوت 2: المجد للمعدن الثمين...
صوت 3: المجد للمعدن الثمين...
"هتافات جملة واحدة .."
صوت 2: لتهلك الخفافيش وحشرات الأرض جميعا...
صوت 1: ليهلك الناعقون أعداء التقدم والتكنلوجيا . ولتظل النخلوقات التي حكم عليها بالخضوع دائما وأبدا.
صوت 3: لتهلك كل الكائنات التي تدب على بطونها وقد أغرقها عرقها . لتظل المخلوقات القميئة خاضعة.
صوت2: ليهلك كل ضعيف وكل مريض . ليبق من يرضى ...
صوت1: المجد للقوة المقنعة بالكلام المعسول .. والبسمات ذات الأسنان الحديدية.
صوت2: المجد لنا المجد لنا.. يحيى الرئيس.
صوت1: المجد لنا... يحيى الرئيس.
" مازال رئيس المجلس واقفا ينحني للجموع , ثم يشير بيده ليسكتوا.
الرئيس حيرام : أيها الأخوة المجمتعون , جلسنا اليوم جلسة خاضة تختلف عن جلسات الجمعة الماضية والجمعة التي قبلها . لقد كانت تلك الجلسات خاصة بمجلس إدارة معامل صب الحديد,
واليوم يشاركنا الإجتماع مجالس إدارة صناعات ملازمة لصناعاتنا او مشتقة منها أو رديفة لها . يضاف إلى كل ذلك صناعات السلاح الخاصة من دروع واسلحة خفيفة أو ثقيلة .
انتم تعلمون ان الكيان يعتمد في سلاحه على الترسانات الخاصة .
هي التي تقدم المخططات المرسومة بيد مهندسيها او تعطي إرسادات تترجمها فئات المهندسينالأحرار بمهنتهم والعاملين لحساب المصانع الخاصة , والترسانات تنفذها بروح الوطنية والإخلاص " يشير إلى رجل يساره وبأمره "
اقرا التقرير السنوي " امين السر يقرا":
امين السر : "قرأ"
مازالت الحرب الدائرة في المنطقة الشرقية الجنوبية ولايزال الكيان يطلي المزيد من صفائح الحديد والالمنيوم ومن معدن الكروم , وقد بلغ ما اتسراه من الالمنيوم مليار متر مربع من الصفائح 25/38 .
اما معدن الكروم فقد اضطرت شركة الكروم لاستيراده من وراء البحار لتامين حاجة الكيانات من هذا المعدن الثمين واما صفائح الالمنيوم . فقد انخفض شراء الكيان لها ,
ذلك لأن معدنا آخر أخذ يحتل بالتدريج محله بعد ان كان يراحمه بنيجة ظهور خليطة من الالمنيوم مع معادن آخرى تعرفونها لايمكن إعطاء بيان عنها تعطي قسوة الفولاذ وخفة الوزن النوعي للالمنيوم.
اما المحر كات فقد أصيبت صناعاتها بتراجع ظاهر رافقه استهلاك قسم من احتياطي المصانع التي تصنعها بسبب اظطرارها الى تحويل ما هو قديم الطرازوقد تم هذا الانتقال من المرحلة الاولى إلى الثانية إلى الثالثة في برهة قصيرة من ا الزمن لايتجاوز بضع عشرة سنة ,
وقد ألجأ اضطرار المسابك أي المصانع لمسايرة التطور التقني إلى تغيير أسلوب انتاجها مما حملها مزيدا من نفقات المنتج استهلك كل احتياطيها . ولهذا فهي تطلب زيادة اسعارها ضعفين لتنشئ احتياطيا جديدا, وهي تامل من باقي المصانع , مصانع التعدين ,
التي لم تتغير ظروفها , وقف رفع أسعارها ليكون ذلك بمثابة مساعدة لها من هذه المصانع حتى تتجاوز ازمتها هذه .
وفيما عدا ذلك فإن اتسهلال الكيان إياه , وخصوصا الجيش , لمقادير هائلة للأوائل الدقيقة الضرورية لاسلحة الحرب الاخرى قد ولد شحا في اليد العاملة في هذا القطاع وارتفاعا فاحشا في أسعارها مما حدا بالمصانع الصانعة لهذه الاوائل الى التفاهم واقامة
مدارس كبيرة وكثيرة لتخريج طوائف كثيرة العدد من هؤلاء الفئتين ليكون بالوسع خفض أجور هذه الأيدي الكادحة , وهذا أيضا زاد أعباء هذه المصانع.
إن ازدياد طلب الكيان من كل هذه الأنواع ازدياد ا متدرجا , قد أجبر المصانع على زيادة فرق العمال وبالتالي رقم الأجور في ميزانيتها , فمن بعد أن كانت تستدجم ثلاث أو أربع فرق لتغطي الساعات الاربع والعشرين التي يتالف منها اليوم الواحد.
والنتيجة من كل هذا كانت غريبة , فإن الافتقار إلى هذه الأيدي الكادحة الفنية ألجأ إلى استخدام العامل الواحد في فرقتين او ثلاث , والحرص على الانطباق على التعليمات القانونية جعل الشركات تعطي الساعات الاضافية الاولى ضعف الاجر الاصلي والساعات الاصافية الثانية ثلاثة اضعاف الاجر..
ونتيجة اخرى نجمت عن كل هذا هي أن الادوات التي يقدر عمرها بالساعات أصبح اجلها دانيا أكثر فاكثر , بحيث تصبح خارج الصلاح للعمل بسرعة , ويصبح تجديدها لزاما فزادت بذلك نفقات الانتاج اضعافا مضاعفة.
حيرام:" يشير بيده إلى رجل آخر يقترب ويأخذ مكان المقرر الاول الذي انتهت مهتمته ونهض نخليا مكانه الجديد رجل دقيق الحجم يدلف بخطوات صغيرة وراس مرفوع بشكل طبيعي , التفتت اليه كل الاعناق وصل فاخذ مكانه " ليقرا تقريره عن الحالة المالية :
المقرر: " يقرا"تميزت السنوات الاخيرة بضغط مالي شديد على ميزانيات المصانع سبب ارتفاع اسعار المواد الاولية المستوردة . ولما كان هذا الضغط قد سبب بدوره ضغط على ميزانية الكيان , بسبب استمراره في شراء الادوات المصنوعة , فقد لااصبح الاحتياطي من المعدن الثمين اضعف من ان يحتمل ,
واصبح من الضروري ان يرفد بوسائل تزيد في مناعته .وقد فكر الكيان , كما هو معلوم , بوسائل كثيرة منها الضغط على المصانع لتقليص هامشها المضاف على سعر الكلفة , إلا انه من المشكوك فيه أن تستطيع هذه الصناعات تلبية هذا الامر .
ولهذا أيضا ةيطلب من مجلس الادارة السابق فكر الكيان ثانية بأن هناك وسيلة يظن انها مجدية وهي وقف تداول النقد ذلك ان هذه الوسيلة اذا كانت مما ينجح في داخل البلاد , فان نجاحها في الخارج امر مشكوك بصحتح.
وقد رافق ذلك تدني الثقة بهذا النقد مما زاد في تدني قيمته . واتصل هذا بالمواد الاولية المستوردة فزاد في اسعارها , واتصل هذا الارتفاع بالعمل في المصانع ,فزاد في سعر الكلفة وزادت بهذه الزيادة عجز ميزانياتها وحين خف الكيان الى التماس عونها اخفقت ايما اخفاق والان وقد ظهر من يعارض في استمرار
الحرب, نرى خطرا من نوع جديد يبدو في الظافق . فإن توسع الصناعات الرادعة للحرب في العالم قد صاحبته زيادة في الأيدي الكادحة وزيادة في طاقات المعامل , بحيث أن كل تقليص مفاجئ لهذه الطاقات يسبب مطالة جديدة أو بقاء هامش من نفقات تسيير هذه المعامل وصيانتها عقيما يهددها بعجز جديد وقد يؤدي إلى إفلاسها.
وربما كان هذا التقليص -وهو امر منتظر -سواء كان فجائيا او متدرجا ضارا بالاقتصاد القومي.
ان تقليص الصناهات الحربية يحبذه أصحاب الصناعات الاستهلاكية , فهو يؤدي إلى أنه يمكن حل هذه المعضلة الشائكة بإثارة حلول صغيرة متفرقة في انحاء مختلفة من العالم , بحيث تدوم الحاجة إلى هذه الصناعات المعدنية المتوسعة والمتطورة . وبهذه الطريقة يمكن تجنب تقليص الصناعات الرادعة وضمنات استمرارها بالوتيرة ذاتها او بوتيرة جديدة مخففة .
وبهذا يمكن لإقامة سلام بين الصناعات الحربية والصناعات الاستهلاكية في داخل الكيان.
ويعتقد ان ذلك يجر فائدة اخرى لاتقل عن تلك هي ازدهار الصناعات الصانعة للصناعات الاستهلاكية , وتصديرها إلى الكيانات الاخرى مثل الدولة الجليدية الشمالية التي ماعادت تفكر يصناعات رادعة واصبح همها إنشاء أكبر قدر من الصناعات الاستهلاكيةلرفع مستوى شعبها المعاشي.
الرئيس:والان وقد استمتعم إلى تقريرين عن الحالة الحاضرة . ارفع الجلسة للاستراحة او التفكير خمسة عشر دقيقة , على ان نعود إلى المناقشة فيما بعد.
" يسمع جر المقاعد على ارض البهو الرخامية , ويشاهد نهوض الاعضاء وتفرقهم في انحاء البهو اثنين اثنين او ثلاثة يتحاجثون ويتداولون على هامش الجلسة "
***********