الديانة الكونفوشية ..."""
تعريفها ..
هي مذهب فلسفي اجتماعي سياسي ديني، يدين بها أهل الصين، وهي ترجع إلى الفيلسوف الحكيم كونفوشيوس الذي ظهر في القرن السادس قبل الميلاد داعياً إلى إحياء الطقوس والعادات والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم مضيفاً إليها من فلسفته وآرائه في الأخلاق والمعاملات والسلوك القويم. إنها تقوم على عبادة إله السماء أو الإِله الأعظم، وتقديس الملائكة، وعبادة أرواح الآباء والأجداد.
يمكن تحديد العقيدة الكونفوشية على الوجه التالي: "إن الديانة التي اعتنقها كونفوشيوس والتي كانت سائدة في أيامه، على الرغم من الاضطراب الفكري والديني والفلسفي الديني الذي كان سائداً آنذاك، كانت قائمة أولاً على عبادة السماء باعتبارها الإله الأعظم وحاكم الحكام أو رب الأرباب، ثم عبادة الأرض، لأن للأرض هي الأخرى إلهاً، ثم عبادة الأرواح الأجداد ثم عبادة الجبال والأنهار".
وعند الكونفوشية تفسير يحاولون من خلاله تبرير اعتقادهم بقوى الطبيعة وكائناتها، هذا التفسير يبدأ من الماء والنار وما يتعلق بهما وينتهي مع الإنسان، وهو عندهم أرقى الكائنات.يبني الكونفوشيون تفكيرهم على فكرة "العناصر الخمسة":
فتركيب الأشياء: معدن - خشب - ماء - نار - تراب.
الأضاحي والقرابين خمسة.
الموسيقى لها خمسة مفاتيح، والألوان الأساسية خمسة.
الجهات خمس: شرق وغرب وشمال وجنوب ووسط.
درجات القرابة خمس: أبوّة - أمومة - زوجية - بنوّة - أخوّة.
تلعب الموسيقى دوراً هاماً في حياة الناس الاجتماعية، وتسهم في تنظيم سلوك الأفراد وتعمل على تعويدهم الطاعة والنظام، وتؤدي إلى الانسجام والألفة والإِيثار، والرجل الفاضل عندهم هو الذي يقف موقفاً وسطاً بين ذاته المركزية وبين انفعالاته ليصل إلى درجة الاستقرار الكامل.
إن هذه العناصر الخمسة تشكل محور المعتقد الكونفوشي، لذلك كانت عندهم ضمن عباداتهم المرتبطة بالعقيدة خمسة قرابين: "وهذه العبادات الخمس كانت لها طقوس خاصة تختلف من عبادة لأخرى، كما كانت القرابين التي تقدم في حالة عبادة السماء غير تلك التي تقدم في حالة عبادة الأرض مثلاً. وعبادة هذه الأشياء الخمسة إنما كانت لأغراض نفعية خاصة بالإنسانية؛ فعبادة السماء أو ربِّ الأرباب تؤدي إلى أن يقوم كل رب من الأرباب الأخرى المنتشرة في السماء والأرض والبحر بمهمته المكلف بها، وعبادة الأرض من شأنها أن تحفز إله الأرض إلى إنماء النبات وإخراجه إلى حيز الوجود، وعبادة أرواح الموتى الأجداد في المعبد الخاص بذلك من شأنها أن تؤكد الصلة بين الأجداد والأحفاد والآباء والأبناء وتولد الشفقة والعطف بين أفراد الأسرة الواحدة. أما عبادة الجبال والأنهار فهي لتقديس الأرواح الإنسانية الأخرى غير أرواح الأقارب والأجداد، أما تقديم القرابين الخمسة فالغرض منه تخليد أصل الحرف الإنسانية".
وعلى ضوء ذلك فإن الفلسفة الكونفوشية كما يقول ول ديورانت:
هي " أهم ما يواجه المؤرخ لبلاد الصين، ذلك أن كتابات معلمها الأكبر ظلّ جيلاً بعد جيل النصوص المقررة في مدارس الدولة الصينية، يكاد كل صبي يتخرج في تلك المدارس أن يحفظها عن ظهر قلب، وتغلغلت النزعة المتحفظة القوية التي يمتاز بها الحكيم القديم في قلوب الصينيين، وسرت في دمائهم، وأكسبت أفراد الأمة الصينية كرامة وعمقاً في التفكير لا نظير لهما في غير تاريخهم أو في غير بلادهم، واستطاعت الصين بفضل هذه الفلسفة أن تحيا حياة اجتماعية متناسقة متآلفة، وأن تبعث في نفوس أبنائها إعجاباً شديداً بالعلم والحكمة، وان تنشر في بلادها ثقافة مستقرة هادئة أكسبت الحضارة الصينية قوة أمكنتها من أن تنهض من كبوتها، وتسترد قواها بعد الغزوات المتكررة التي اجتاحت بلادها".