جاء "النِّت" بما لم يكن يحلم به أمثالي ! توقفت عن الكتابة في الصحف أو التعامل معها كمراسل أو حتى قارئ عام 2008، و في العام نفسه بدأت النشر في المنتديات العربية باستحياء ثم بغزارة و قوة بعد ذلك بقليل. نشرت بعض القصص التي لاقت استحسانا عند القراء و نشرت مقالات صنعتْ الحدث بعناوينها وأسلوبها، كمقالة "جمعان جديدان: جمع المخنث السّالم و جمع المسترجل السّالم" http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=14004 و هي جزء من المقالة المطولة التي أشرت إليها أعلاه و غيرها مما كنت نشرته قبلا في الصحافة الجزائرية، و بدأتُ المشاركة بالردود ودخلت في "معارك" (!) كلامية مع بعض الناس و كنت أتحسَّس خيطي، و ليس طريقي، في الشبكة العنكبية.
منحتني الشبكة العنكبية مجالا للنشر واسعا لم أكن أحلم به و لم يكن ليتاح لي في الصحافة الورقية المحدودة زمانا و مكانا، فالصحافة الورقية قبل أن تدخل هي الأخرى مجال النشر في الشبكة محدودة و لا يمكن أن تصل إلى الأعداد من القراء الذين تصل إليهم خيوط العنكبوت في أرجاء العالم الواسع ! إن المواقع العربية منحتني حرية لا حد لها إلا ما أحدها به أنا شخصيا و يمكن للصحافي النشط أن يلبي رغباته كلها إعلاميا و مهنيا بخلاف الكتابة في الصحافة الورقية التي تخضع لمقاييس يضعها أصحاب الصحف أو من يحكمون فيهم.
كما منحتني فرصَ التعرف على كثير من الأدباء المُمتازين و المتميزين و ارتبطت بصداقات كثيرة فتعرَّفت و عُرفت وهكذا... حتى إن بعض الأصدقاء من الصحافيين كتبوا عني و عرَّفوا بي في مواقعهم التي لم أكن أسمع بها، و من هنا خرجت من المحلية التي ربما لا يعرفني فيها إلا القليل إلى العالمية حيث صرت مشهورا نسبيا !
المعارف و العلاقات عبر "النِّت" فيها و فيها، و القضية كلها تعود إلى الشخص نفسه، فمن كان ممن يهوون "التسكّع" في حياته الشخصية اليومية فإنه سيستمر في ذلك في الشبكة و سيتسكع في خيوطها و زواياها و سيجد من أمثاله الملايين، و قديما قيل "يا داخل مصر منك ألوف" و كذلك اليوم نقول: "يا داخل الشبكة العنكبية منك ملايين ! " فالشريف شريف أينما كان سواء في العالم الحقيقي أو الافتراضي، أما بالنسبة لي فإنني أحمد الله تعالى أن عرَّفني على كثير من الإخوة و الأخوات الذين أعدهم رأس مال نفيس لا يقدر بثمن مهما كان غال أو عال البتة و يكفيني فخرا بإخوتي و أخواتي في المنتديات العربية المختلفة أن صرت ذا كلمة مسموعة بينهم بسبب الاحترام الذي يكنونه لي جميعا و لله الحمد و المنة، وهذا لا يعني أنني لم أتعرف على نماذج سيئة "تشابكت" معها و تعاركنا و تخاصمنا ثم ...تصالحنا ! و تبقى الخصومات افتراضية يمكن حسمها بالكبس على زر الخروج من المنتدى أو إيقاف الحاسوب إذا اقتضى الأمر تجنبا لوجع الرأس.
أما عن الفرق بين الصحافي في "النِّت" و الواقع كما قال أخي فراس الحكيم فقد حاولت أعلاه الإجابة من خلال تجربتي الشخصية المتواضعة، و لكلٍّ إيجابياته و سلبياته و لكلٍّ طعمه و ذوقه، و لا نستطيع الحديث عن المكاسب و الخسائر المادية لكن يمكننا الحديث عن المكاسب و الخسائر المعنوية فهي أهم في نظري من الأخرى المادية المحدودة، و أغلى مكسب معنوي يمكن تحقيقه هو راحة البال و الشعور بالرضا لما ينشر الواحد مقالة أو قصة أو عملا له قيمته عنده لكنه لم يستطع نشره في الصحافة الورقية بسبب تسلط أهواء أصحاب الجريدة و تقديم مصالحهم و سياساتهم على أي شيء آخر مهما كان نبيلا أو كان يخدم غيرهم.
حاولت في مشاركتي هذه الإجابة عن الأسئلة التي اقترحتها أختنا الفاضلة أم فراس و أخونا فراس الحكيم حسبما أراه و وفق ما عشته و أعيشه في الشبكة العنكبية ... الخطيرة !
تحيتي و تقديري.