اللوحة والفنان
العينان الملونتان والشفتان الورديتان الصغيرتان والأنف الاسطواني والحاجبان المحلقان كجناحي عصفور صغير والوجنتان الحمراوتان على الخدين الناصعين والغرزتان الساحرتان على امتداد الشفتين عند الابتسام...!!
والقوام اللدن المياس على البشرة البرتقالية المائلة إلى البياض, الساقان المسبوكتان تحت الرداء الحريري الطويل, والعنق بخطيه المتوازيين الطبيعيين على الأكتاف بلون عسلي, إبداع خلقي فنان, يتناغم مع إبداع في الهندام, فينسجم الحرير في الثياب مع النعومة في القوام, وتتوافق كل الألوان مع بياض البشرة عند الهدوء والارتياح أو العسلي الفتاك في لحظات الانفعال أي كانت الانفعالات أفراح أو أحزان .
بهذه المواصفات تعيش كل حالاتها كلوحة تزداد قيمتها النفيسة مع مرور الأيام وتلك حقيقتها المجردة من أي زيف أو خيال ..!!
في كل صباح تقف أمام مرآتها الحقيقة عند الفنان الإنسان تسأله بخوف وقلق هل كبرت وأنا اقترب من الثلاثين عام ..؟؟
وينظر الفنان إلى وجهها وقد كساه الحزن والاكتئاب مسبحا للإبداع للإله العظيم قائلا برقة وحنان: أنت لا تكبرين أبدا هكذا اختيار الخالق في ما خلق أن تكوني دائما رمزا للشاعرية وعنوان للجمال ومنظرا للسحر والدلال أنت الآن في امتحان الخالق للمخلوق عندما يعطي الخالق بدون حدود... فماذا يكون رد المخلوق...؟؟ لوتتصورين هذا التضاد بشعرك الغجري وانفك الاسطواني مع دقة التقاطيع في شفتيك, وهيا قادرة على الخجل والحياء..؟؟ ولو تذكرين معنى السحر الأخضر في عينيك وتفهمين دلالات البياض في بشرتك لتعرفين كم أنت ملاك بشكل إنسان وكم أنت قادرة على العطاء مثل أرضنا الجميلة الخضراء...؟؟؟ ولو كان الحزن والاكتئاب يجعلان من الأبيض فيك العسلي, فانك حكما ستفهمين بأنك شفاء للناس.. لان العسل دواء لكل داء .. وأنت في كل الأحوال لوحة هي جنة تنموا فيها أطيب الثمار التفاح والبرتقال.. والمانجو والعنب.. والورد والريحان تنتشر في توزيع لا يقدر عليه سوى رب الأرض والسماء ,حين تنشرين النشوة والانتعاش في كل خطوة, ومع أي كلام .
ابتسمت اللوحة فظهرت الغمازتان على امتداد الحاجبان والشفتان بسحر فتاك ولمعت عيناها الملونتان فكشفت عن صفي من الكالئ المصفوفة بانتظام هي الأسنان داخل الثغر الفتاك .
تقدم منها الفنان ورسم بإصبعيه لمستان حول العنق بكل دفئ وحنان اقبله بعبادة وامتنان وبدت اللوحة في حالة استسلام مع الفنان.فالعينان ذابلتان , والشفتان ترتجفان , واللون والعسلي يغطي البشرة الناعمة البيضاء و والأطراف تجمدت ملتهبة بالخطوط التي يرسمها الفنان بعشق وهيام وقد تناول يديها في خشوع واقتناع يقبلها طرفا تلو الطرف كأنه يعمق الألوان.
فقالت : لماذا تبدو ماديا ألان, وأنت الفنان...!!
فقال بحب : أنا معك في كل الأحوال فنان...!!