منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 28
  1. #11
    مثقفة فلسطينية خريجة لغة انكليزية
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,213
    كتاب صيد الخاطر لابن الجوزى رحمه الله تعالى :.
    124 - ـ فصل : ابتلاء العارف مزيد من الكمال
    أعظم البلايا أن يعطيك همه عالية و يمنعك من العمل بمقتضاها فيكون من تاثير همتك الأنفة من قبول إرفاق الخلق استثقالا لحمل مننهم ثم يبتليك بالفقر فتأخذ منهم و يلطف مزاجك فلا تقبل من المأكولات ما سهل إحضاره فتحتاج إلى فضل نفقة ثم يقلل رزقك و يعلق همتك بالمستحسنات و يقطع بالفقر السبيل إليهن

  2. #12
    ‫من كتاب صيد الخاطر لابن الجوزى رحمه الله تعالى :.
    125 - ـ فصل : الحزم أولى
    تراعنت علي نفسي في طلبها شيئا من أغراضها بتأويل فاسد فقلت لها : بالله عليك تصبري فإن في المعبر شغلا يحذر الغرق من كثرة الموج عن التنزه في عجائب البحر إذا هممت بفعل فقدري حصوله ثم تلمحي عواقبه و ما تجتنين من ثمراته فأقل ذلك الندم على ما فعلت و لا يؤمن أن يثمر غضب الحق عز و جل و إعراضه عنك فأف للقاطع عنه و لو كان الجنة

  3. #13
    تفضل على من شئت واعنَ بأمره *** فـأنت -ولـو كـان الأمير- أميرُه
    وكن ذا غنىً عمن تشاء من الورى *** ولـو كـان سـلطانا فأنت نظيرُه
    ومـن كـنت محتاجــاً إليه وواقــفا *** عـلى طـمع مـنه فـأنت أسيره

    (من كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي)
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #14

    كيف إذا نجا الموعوظ و هلك الواعظ!!!

    قال ابن الجوزي:
    ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف،
    وأسلم علي يدي أكثر من مائتي نفس،
    وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل،

    ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام.
    وربما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصيري وزللي.

    ولقد جلست يومًا، فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف، ما فيهم إلا من قد رق قلبه، أو دمعت عينه،
    فقلت لنفسي: كيف بك إن نجوا وهلكت؟!

    فصحت بلسان وجدي:
    إلهي وسيدي! إن قضيت علي بالعذاب غدًا، فلا تعلمهم بعذابي، صيانة لكرمك، لا لأجلي،
    لئلا يقولوا: عذب من دل عليه.

    إلهي! قد قيل لنبيك صلى الله عليه وسلم: اقتل ابن أُبَيٍّ المنافق! فقال: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه".
    إلهي! فاحفظ حسن عقائدهم فِيَ بكرمك أن تعلمهم بعذاب الدليل عليك.

    حاشاك والله يا رب من تكدير الصافي.
    لا تبر عودًا أنت ريشته ... حاشا لباني الجود أن ينقضا
    صيد الخاطر
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #15
    مثقفة فلسطينية خريجة لغة انكليزية
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,213
    صيد الخاطر لابن الجوزي - فضول الدنيا





    تأملت أحوال الفضلاء ، فوجدتهم ـ في الأغلب ـ قد بخسوا من حظوظ الدنيا ، و رأيت الدنيا غالباً ـ في أيدي أهل النقائص .
    فنظرت في الفضلاء ، فإذا هم يتأسفون على ما فاتهم مما ناله أولو النقص ، و ربما تقطع بعضهم أسفاً على ذلك . فخاطبت بعض المتأسفين فقلت له ، و يحك تدبر أمرك ، فإنك غالط من وجوه :
    أحدها : أنه إن كانت لك همة في طلب الدنيا ، فاجتهد في طلبها تربح التأسف على فوتها ، فإن قعودك ـ متأسفاً على ما ناله غيرك ، مع قصور اجتهادك ـ غاية العجز .
    الثاني : أن الدنيا إنما تراد لتعبر لا لتعمر ، وهذا هو الذي يدلك عليه علمك ويبلغه فهمك .
    و ما يناله أهل النقص من فضولها يؤذي أبدانهم و أديانهم . فإذا عرفت ذلك ثم تأسفت على فقد ما فقده أصلح لك ، كان تأسفك عقوبة لتأسفك على ما تعلم المصلحة في بعده ، فاقنع بذلك عذاباً عاجلاً إن سلمت من العذاب الآجل .
    و الثالث : أنك قد علمت بخس حظ الآدمي في الجملة ، من مطاعم الدنيا و لذاتها بالإضافة إلى الحيوان البهيم ، لأنه ينال ذلك أكثر مقداراً ، مع أمن و أنت تناله مع خوف ، و قلة مقدار .
    فإذا ضوعف حظك من ذلك كان ذلك لاحقاً بالحيوان البهيم ، من جهة أنه يشغله ذلك عن تحصيل الفضائل . و تخفيف المؤن يحث صاحبه على نيل المراتب . فإذا آثرت الفضول مع قلة الفضول ـ عدت على ما علمت بالإزراء ، فشنت علمك ، و دللت على اختلاط رأيك . . .

  6. #16

    صيد الخاطر لابن الجوزي - من أعمالكم سلط عليكم






    خطرت لي فكرة فيما يجري على كثير من العالم من المصائب الشديدة ، و البلايا العظيمة ، التي تتناهى إلى نهاية الصعوبة فقلت : سبحان الله ! إن الله أكرم الأكرمين ، و الكرم يوجب المسامحة .
    فما وجه هذه المعاقبة؟
    فتكفرت ، فرأيت كثيراً من الناس في وجودهم كالعدم ، لا يتصفحون أدلة الوحدانية ، و لا ينظرون في أوامر الله تعالى و نواهيه ، بل يجرون ـ على عاداتهم ـ كالبهائم .
    فإن وافق الشرع مرادهم و إلا فمعولهم على أغراضهم . و بعد حصول الدينار ، لا يبالون ، أمن حلال كان أم من حرام . و إن سهلت عليهم الصلاة فعلوها ، و إن لم تسهل تركوها . و فيهم من يبارز بالذنوب العظيمة ، مع نوع معرفة الناهي . و ربما قويت معرفة عالم منهم ، و تفاقمت ذنوبه ، فعلمت أن العقوبات ، و إن عظمت دون إجرامهم . فإذا وقعت عقوبة لتمحص ذنباً صاح مستغيثهم : ترى هذا بأي ذنب ؟ و ينسى ما قد كان ، مما تتزلزل الأرض لبعضه .
    و قد يهان الشيخ في كبره حتى ترحمه القلوب ، و لا يدري أن ذلك لإهماله حق الله تعالى في شبابه . فمتى رأيت معاقباً ، فاعلم أنه لذنوب .
    --

  7. #17
    صيد الخاطر لابن الجوزي - الشر و الخير

    تأملت الأرض و من عليها بعين فكري ، فرأيت خرابها أكثر من عمرانها .ثم نظرت في المعمور منها فوجدت الكفار مستولين على أكثره ، و وجدت أهل الإسلام في الأرض قليلاً بالإضافة إلى الكفار .ثم تأملت المسلمين فرأيت المكاسب قد شغلت جمهورهم عن الرازق ، و أعرضت بهم عن العلم الدال عليه .فالسلطان مشغول بالأمر و النهي و اللذات العارضة له ، و مياه أغراضه جارية لا شكر لها .و لا يتلقاه أحد بموعظة بل بالمدحة التي تقوي عنده هوى النفس .و إنما ينبغي أن تقاوم الأمراض بأضدادها .كما قال عمر بن المهاجر : قال لي عمر بن عبد العزيز : [ إذا رأيتني قد حدت عن الحق فخذ بثيابي و هزني ، و قل : مالك يا عمر ] ؟ .و قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : [ رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا ] .فأحوج الخلق إلى النصائح و المواعظ ، السلطان .و أما جنوده فجمهورهم في سكر الهوى ، و زينة الدنيا ، و قد انضاف إلى ذلك الجهل ، و عدم العلم ، فلا يؤلمهم ذنب ، و لا ينزعجون من لبس حرير ، أو شرب خمر ، حتى ربما قال بعضهم : [ إيش يعمل الجندي ، أيلبس القطن ] ؟ .ثم أخذهم للأشياء من غير وجهها ، فالظلم معهم كالطبع .و أرباب البوادي قد غمرهم الجهل ، و كذلك أهل القرى . ما أكثر تقلبهم في الأنجاس و تهوينهم لأمر الصلوات ، و ربما صلت المرأة منهن قاعدة .ثم نظرت في التجار ، فرأيتهم قد غلب عليهم الحرص ، حتى لا يرون سوى وجوه الكسب كيف كانت ، و صار الربا في معاملتهم فاشياً ، فلا يبالي أحدهم من أي تحصل له الدنيا ؟و هم في باب الزكاة مفرطون ، و لا يستوحشون من تركها ، إلا من عصم الله .ثم نظرت في أرباب المعاش ، فوجدت الغش في معاملاتهم عاماً ، و التطفيف و البخس ، و هم مع هذا مغمورون بالجهل .و رأيت عامة من له ولد يشغله ببعض هذه الأشغال طلباً للكسب قبل أن يعرف ما يجب عليه و ما يتأدب به .ثم نظرت في أحوال النساء ، فرأيتهن قليلات الدين ، عظيمات الجهل ، ما عندهم من الآخرة خبر إلا من عصم الله .فقلت : واعجباً فمن بقي لخدمة الله عز وجل و معرفته ؟فنظرت فإذا العلماء ، و المتعلمون ، و العباد ، و المتزهدون . فتأملت العباد ، و المتزهدين فرأيت جمهورهم يتعبد بغير علم ، و يأنس إلى تعظيمه ، و تقبيل يده و كثرة أتباعه ، حتى إن أحدهم لو اضطر إلى أن يشتري حاجة من السوق لم يفعل لئلا ينكسر جاهه .ثم تترقى بهم رتبة الناموس إلى ألا يعودوا مريضاً ، و لا يشهدوا جنازة ، إلا أن يكون عظيم القدر عندهم . و لا يتزاورون ، بل ربما ضن بعضهم على بعض بلقاء ، فقد صارت النواميس كلأوثان يعبدونها و لا يعلمون .و فيهم من يقدم على الفتوى و هو جاهل لئلا يخل بناموس التصدر ثم يعيبون العلماء لحرصهم على الدنيا و لا يعلمون أن المذموم من الدنيا ما هم فيه ، إلا تناول المباحات .ثم تأملت العلماء المتعلمين ، فرأيت القليل من المتعلمين عليه أمارة النجابة ، لأن أمارة النجابة طلب العلم للعمل به . و جمهورهم يطلب منه ما يصيره شبكة للكسب ، إما ليأخذ به قضاء مكان أو ليصير به قاضي بلد ، أو قدر ما يتميز به عن عن أبناء جنسه لم يكتفي .ثم تأملت العلماء فرأيت أكثرهم يتلاعب به الهوى و يستخدمه ، فهو يؤثر ما يصده العلم عنه ، و يقبل على ما ينهاه ، و لا يكاد يجد ذوق معاملة الله سبحانه ، و إنما همته أن يحدث و حسب .إلا أن الله لا يخلي الأرض من قائم له بالحجة ، جامع بين العلم و العمل . غارف بحقوق الله تعالى ، خائف منه . فذلك قطب الدنيا ، و متى مات أخلف الله عوضه .و ربما لم يمت حتى يرى من يصلح للنيابة عنه في كل نائبة .و مثل هذا لا تخلو الأرض منه ، فهو بمقام النبي في الأمة .و هذا الذي أصفه يكون قائماً بالأصول ، حافظاً للحدود ، و ربما قل علمه أو قلت معاملته .فأما الكاملون في جميع الأدوات فيندر وجودهم ، فيكون في الزمان البعيد منهم واحد .و لقد سبرت السلف كلهم فأردت أن أستخرج منهم من جمع بين العلم حتى صار من المجتهدين ، و بين العمل حتى صار قدوة للعابدين ، فلم أر أكثر من ثلاثة : أولهم الحسن البصري ، و ثانيهم سفيان الثوري ، و ثالثهم أحمد بن حنبل .و قد أفردت لأخبار كل واحد منهم كتاباً ، و ما أنكر على من ربعهم بسعيد بن المسيب .و إن كان في السلف سادات إلا أن أكثرهم غلب عليه فن ، فنقص من الآخر ، فمنهم من غلب عليه العلم ، و منهم من غلب عليه العمل ، و كل هؤلاء كان هؤلاء كان له الحظ الوافر من العلم ، و النصيب الأوفى من المعاملة و المعرفة .و لا يأس من و جود من يحذو حذوهم ، و إن كان الفضل بالسبق لهم . فقد أطلع الله عز وجل الخضر على ما خفى من موسى عليهما السلام .فخزائن الله مملوءة ، و عطاؤه لا يقتصر على شخص .و قد حكي لي عن ابن عقيل أنه كان يقول عن نفسه : [ أنا عملت في قارب ثم كسر ] .و هذا غلط فمن أين له ؟ فكم معجب بنفسه كشف له من غيره ما عاد يحقر نفسه على ذلك و كم من متأخر سبق متقدماً ، و قد قيل :إن الليالي و الأيام حاملة و ليس يعلم غير الله ما تلد

  8. #18

    صيد الخاطر لابن الجوزي - شغل الحياة
    خطر لي خاطر و المجلس قد طيب ، و القلوب قد حضرت ، والعيون جارية ، و الرؤوس مطرقة ، و النفوس قد ندمت على تفريطها ، و العزائم قد نهضت لإصلاح شؤونها ، و ألسنة اللوم تعمل في الباطن على تضييع الحزم و ترك الحذر ، فقلت لنفسي : ما بال هذه اليقظة لا تدوم فإني أرى النفس و اليقظة في المجلس متصادقين متصافيين ، فإذا قمنا عن هذه التربة ، و قعت الغربة .
    فتأمت ذلك فرأيت أن النفس ما تزال متيقظة ، و القلب ما يزال عارفاً ، غير أن القواطع كثيرة ، و الفكر الذي ينبغي استعماله في معرفة الله سبحانه تعالى قد كل مما يستعمل في اجتلاب الدنيا ، و تحصيل حوائج النفوس ، و القلب منغمس في ذلك ، و البدن أسير مستخدم .
    و بينا الفكر يجول في اجتلاب الطعام و الشراب و الكسوة ، و ينظر في صدد ذلك ، و ما يدخر لعده و سنته ، إذا هو مهتم بخروج الفضلات المؤذية ـ و منها المني فاحتاج إلى النكاح ، فعلم أنه لا يصح إلا باكتساب كسب الدنيا فتفكر في ذلك وعمل بمقتضاه .
    ثم جاء الولد فاهتم به وله ، و إذا الفكر عامل في أصول الدنيا و فروعها . فإذا حضر الإنسان المجلس فإنه لا يحضر جائعاً و لا حاقناً . بل يحضره جائعاً لهمه ، ناسياً ما كان من الدنيا على ذكره فيخلو الوعظ بالقلب فيذكره بما ألف ، و بجذبه بما عرف ، فينهض عمال القلب في زوارق عرفانه . فيحضرون النفس إلى باب المطالبة بالتفريط ، و يؤاخذون الحس بما مضى من العيوب ، فتجري عيون الندم ، و تنعقد عزائم الاستدراك .
    و لو أن هذه النفس خلت عن المعهودات التي وصفتها ، لتشاغلت بخدمة باريها .
    و لو وقعت في سورة حبه ، لاستوحشت عن الكل شغلاً بقربه .
    و لهذا سكن الزهاد الخلوات ، و تشاغلوا بقطع المعوقات ، و على قدر مجاهدتهم في ذلك نالوا من الخدمة مرادهم ، كما أن الحصاد على مقدار البذر .
    غير أن تلمحت في هذه الحالة ـ دقيقة ـ و هو أن النفس لو دامت لها اليقظة لوقعت فيما هو شر من فوت ما فاتها ، و هو العجب بحالها ، و الاحتقار لجنسها .
    و ربما ترقت بقوة علمها و عرفانها ، إلى دعوى قولها : لي ، و عندي ، و أستحق . فتركها في حومة ذنوبها تتخبط .
    فإذا وقفت على الشاطئ قامت بحق ذلة العبودية ، و ذلك أولى لها .
    هذا حكم الغالب من الخلق ، و لذلك شغلوا عن هذا المقام ، فمن بذر فصلح له فلا بد له من هفوة تراقبها عين الخوف بها تصح عبوديته ، و تسلم له عبادته .
    و إلى هذا المعنى أشار الحديث الصحيح : لو لم تذنبوا لذهب الله بكم و جاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم .
    --

  9. #19
    صيد الخاطر لابن الجوزي - نقد الصوفية
    تفكرت فرأيت أن حفظ المال من المتعين ، و ما يسميه جهلة المتزهدين توكلا من إخراج ما في اليد ليس بالمشروع . فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال لكعب بن مالك : أمسك عليك بعض مالك أو كما قال له ، و قال لسعد : لأن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس .
    فإن اعترض جاهل فقال : فقد جاء أبو بكر رضي الله عنه بكل ماله .
    فالجواب أن أبا بكر صاحب جأش و تجارة ، فإذا أخرج الكل أمكنه أن يستدين عليه ، فيتعيش .
    فمن كان على هذه الصفة لا أذم إخراجه لماله ، و إنما الذم متطرق إلى من يخرج ماله و ليس من أرباب المعائش .
    أو يكون من أولئك ، إلا أنه ينقطع عن المعاش فيبقى كلا على الناس ، يستعطهم و يعتقد أنه على الفتوح ، و قلبه متعلق بالخلق ، و طعمه ناشب فيهم .
    و مت حرك بابه نهض قلبه . و قال : رزق قد جاء .
    و هذا أمر قبيح بمن يقدر به على المعاش ، و إن لم يقدر كان إخراج ما يملك أقبح ، لأنه يتعلق قلبه بما في أيدي الناس .
    و ربما ذل لبعضهم ، أو تزين له بالزهد ، و أقل أحواله أن يزاحم الفقراء و المكافيف و الزمني في الزكاة .
    فعليك بالشرب الأول ، فانظر هل فيهم من فعل ما يفعله جهلة المتزهدين ؟
    و قد أشرت في أول هذا إلى أنهم كسبوا و خلفوا الأموال .
    فرد إلى الشرب الأول ، الذي لم يطرق فإنه الصافي .
    و احذر من المشارع المطروقة بالآراء الفاسدة الخارجة في المعنى على الشريعة مذعنة بلسان حالها أن الشرع ناقص يحتاج إلى ما يتم به .
    واعلم ـ وفقك الله تعالى ـ أن البدن كالمطية ، و لا بد من علف المطية ، و الاهتمام به .
    فإذا أهملت ذلك كان سببا لوقوفك عن السير .
    وقد رئي سلمان رضي الله عنه يحمل طعاما على عاتقه ، فقيل له : أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقال : [ إن النفس إذا أحرزت قوتها اطمأنت ] .
    و قال سفيان الثوري : [ إذا حصلت قوت شهر فتعبد ] .
    و قد جاء أقوام ليس عندهم سوى الدعاوي فقالوا : هذا شك في الرازق والثقة به أولى . فإياك وإياهم .
    و ربما ورد مثل هذا عن بعض صدور الزهاد من السلف فلا يعول عليه ، ولا يهولنك خلافهم .
    فقد قال أبو بكر المروذي : سمعت أحمد بن حنبل يرغب في النكاح . فقلت له : قال ابن أدهم ، فما تركني أتمم حتى صاح علي ، و قال : أذكر لك حال رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه ، وتأتيني ببنيات الطريق ؟
    و اعلم وفقك الله : أنه لو رفض الأسباب شخص يدعي التزهد . و قال : لا آكل و لا أشرب ، و لا أقوم من الشمس في الحر ، و لا استدفئ من البرد ، كان عاصياً بالإجماع .
    و كذلك لو قال و له عائلة : لا أكتسب و رزقهم على الله تعالى ، فأصابهم أذى ، كان آثماً .
    كما قال عليه الصلاة و السلام : كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يوقت .
    و اعلم أن الاهتمام بالكسب يجمع الهم ، و يفرغ القلب ، ويقطع الطمع في الخلق ، فإن الطبع له حق يتقاضاه .
    وقد بين الشرع ذلك فقال : إن لنفسك عليك حقاً ، و إن لعينك عليك حقاً .
    و مثال الطبع من المريد السالك ، كمثل كلب لا يعرف الطارق ، فكل من رآه يمشي ، نبح عليه ، فإن ألقى إليه كسرة سكت عنه .
    فالمراد من الاهتمام بذلك جمع الهم لا غير ، فافهم هذه الأصول ، فإن فهمها مهم .

  10. #20
    صيد الخاطر لابن الجوزي - إصلاح البدن سبب لإصلاح الدين






    رأيت نفسي كلما صفا فكرها ، أو اتعظت بدارج ، او زادت قبور الصالحين ، تترك همتها في طلب العزلة ، و الإقبال على معاملة الله تعالى .
    فقلت لها يوماً ، و قد كلمتني في ذلك : حدثني ما مقصودك ؟ و ما نهاية مطلوبك ؟
    أتراك تريدين مني أن أسكن قفراً لا أنيس به ، فتفوتني صلاة الجماعة ، و يضيع مني ما قد علمته لفقد من أعلمه ؟
    و أن آكل الجشب الذي أتعوده فيقع نضوى طلحاً في يومين ؟
    و أن ألبس الخشن الذي لا أطيقه . فلا أدري من كرب محمولي من أنا ؟ و أن أتشاغل عن طلب ذرية تتعبد بعدي بقاء القدرة على الطلب .
    با الله ما نفعني العلم الذي بذلت فيه عمري إن وافقتك ، و أنا أعرفك غلط ما وقع لك بالعلم .
    اعلمي أن البدن مطية ، و المطية إذا لم يرفق بها لم تصل براكبها إلى المنزل . و ليس مرادي بالرفق الإكثار من الشهوات ، و إنما أغنى أخذ البلغة الصالحة للبدن ، فحينئذ يصفو الفكر ، و يصح العقل ، و يقوى الذهن .
    ألا ترى إلى تأثير المعوقات عن صفاء الذهن في قوله عليه الصلاة و السلام : لا يقضي القاضي بين اثنين و هو غضبان ، و قاس العلماء على ذلك الجوع و ما يجري مجراه من كونه حاقناً ، أو حاقباً .
    و هل الطبع إلا ككلب يشغله الآكل ؟ ، فإذا رمى له ما يتشاغل به طاب له الكل . فأما الإنفراد و العزلة فعن الشر لا عن الخير .
    و لو كان فيها لك وقع خير لنقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و عن أصحابه رضي الله عنهم .
    هيهات لقد عرفت أن أقواماً ما دام بهم التقلل و اليبس إلى تغير فكرهم ، و قوى الخلط السوداوي عليهم ، فاستوحشوا من الناس ، و منهم من اجتمعت له من المآكل الردية أخلاط مجة ، فبقي اليوم و اليومين و الثلاثة لا يأكل و هو يظن ذلك من أمداد اللطف ، و إذا به من سوء الهضم .
    و فيهم من ترقي به الخلط إلى رؤية الأشباح فيظنها الملائكة .
    فا الله الله في العلم ، وا الله الله في العقل ، فإن نور العقل لا ينبغي أن يتعرض لإطفائه ، و العلم لا يجوز الميل إلى تنقيصه .
    فإذا حفظا حفظا و ظائف الزمان ، و دفعا ما يؤذي ، و جلباً ما يصلح ، و صارت القوانين مستقيمة في المطعم و المشرب و المخالطة .
    فقالت لي النفس : فوظف لي و ظيفة و احسبني مريضاً قد كتبت له بشربه .
    فقلت لها : قد دللتك على العلم و هو طبيب ملازم ، يصف كل لحظة لكل داء يعرض دواء يلائم .
    و في الجملة ينبغي لك ملازمة تقوى الله عز وجل في المنطق و النظر ، و جميع الجوارح و تحقق الحلال في المطعم و إيداعي كل لحظة ما يصلح لها من الخير ، و مناهبة الزمان في الأفضل ، و مجانبة [ ما يؤدي إلى ] ما يؤدي من نقص ربح أو وقوع خسران .
    و لا تعملي عملاً إلا بعد تقديم النية .
    تأهبي لمزعج الموت فكان قدوما عندك من مجيئه في أي و قت يكون .
    و لا تتعرض لمصالح البدن ، بل وفريها عليه و ناوليه إياها على قانون الصواب ، لا على مقتضى الهوى ، فإن إصلاح البدن سبب لإصلاح الدين .
    و دعي الرعونة التي يدل عليها الجهل لا العلم ، من قول النفس فلان يأكل الخل و البلق ، وفلان لا ينام الليل ، فاحملي ما تطيقين ، و ما قد علمت قوة البدن عليه .
    [ فإن البهيمة إذا أقبلت إلى نهر أو ساقية فضربت لتقفز لم تفعل حتى تزن نفسها .
    فإن علمت فيها قوة الطفر طفرت و إن علمت أنها لا تطيق لم تفعل ] و لو قتلت .
    و ليس كل الأبدان تتساوى في افطاقة ، و لقد حمل اقوام من المجاهدات في بداياتهم أشياء أوجبت أمراضاً قطعتهم عن خير ، و تسخطت قلوبهم بوقوعها فعليك بالعلم فإنه شفاء من بالعلم فإنه شفاء من كل داء ، و الله الموفق .
    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عن ابن الجوزي رحمه الله
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-05-2017, 01:13 AM
  2. ما هو الشذوذ الجنسى ؟
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان الطب النفسي .
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-03-2009, 10:17 AM
  3. مواعظ لابن الجوزي
    بواسطة cedrah في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-11-2009, 03:10 PM
  4. الضعف الجنسي
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان الطبي العام .
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-02-2009, 10:13 AM
  5. التحرش الجنسي في السعودية
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 01-08-2007, 04:57 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •