الطائرات بدون طيار: حروب بلا أبطال والقتل بالريموت كنترول
Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:
بشكل شبه يومي تقريبا، تشن طائرات بدون طيار هجمات قاتلة في عدة دول. وأصبح امتلاك هذه الطائرات أمرا بديهيا لكل جيش حديث. حتى الآن يوجه الجنود هذه الطائرات، لكن قد يأتي يوم يتولى فيه الإنسان الآلي -الروبوت- هذه المهمة.
طائرات بدون طيار وحروب بلا جنود، أمور لم تعد ضرباً من ضروب الخيال العلمي، فالحرب الإليكترونية أصبحت جزءاً مهماً من الحرب الحقيقية وبطلها ليس الجندي المدجج بالأسلحة الفتاكة بل الطائرات الموجهة والروبوت الذكي.
ازداد في السنوات العشر الأخيرة عدد العمليات الهجومية بطائرات بدون طيار من محطات قيادة أرضية على أهداف في باكستان والعراق وفي اليمن والصومال وفلسطين. كما تم استخدام هذه النوع من الطائرات في مهام استطلاعية واستخبارية تعتمد على تقليص البعد الزمني والمخاطر وإلغاء العنصر البشري من حسابات المكسب والخسارة .
الحرب الذكية
وقد كانت بعثات الاستطلاع الاستخباراتية بواسطة الطائرات الموجهة في مهمة البحث عن أسامة بن لادن من أشهر الوقائع التي تم فيها استخدام هذه التقنية بنجاح. ويقول روبرت التمان، العضو المؤسس في اللجنة العالمية لمراقبة أسلحة الروبوت، أي الأسلحة التي تعمل بدون الحاجة إلى إنسان:" لم تكن الولايات المتحدة لترسل كل هذا العدد من الطائرات المقاتلة لو كان على متنها طيارون". ويرى التمان أن طبيعة هذه الطائرات الموجهة، المتمثلة في صغر حجمها وعدم وجود طيارين على متنها، تسهل على الولايات المتحدة الحصول على موافقة الحكومة الباكستانية للقيام بعمليات هجومية على أراضيها.
حروب بلا أبطال
وقد أتاحت ثورة التقنية الرقمية لرقائق الكمبيوتر والكاميرات الرقمية وأنظمة الاستشعار تنفيذ مهمات عسكرية ذات مجازفة عالية وشن حروب بدون حدوث خسائر في صفوف المهاجمين، فما كان مستحيلاً في الماضي، أصبح اليوم جزءاً من الواقع. ويقول نويل شاركي، أستاذ علوم الروبوتات والذكاء الاصطناعي: "هذه النوعية من الحروب تشكل تهديداً للمدنيين، فالحرب الغير متكافئة تخلق أنواعاً جديدة من الإرهاب. العدو لن يستسلم لنا لمجرد أننا نمتلك تكنولوجيا متطورة".
سباق التسلح التكنولوجي
Bildunterschrift: عربة عسكرية مقاتلة صنعت في ألمانيا تعمل بالروبوت أي بدون جنود في داخلها. الخطر الثاني الذي يتعلق بتطوير التكنولوجيا العسكرية يتمثل في سباق التسلح الذي يشهده العالم الآن. حيث قامت حوالي 50 دولة في السنوات الأخيرة بشراء أو تطوير طائرات استطلاعية موجهة. ومن هذه الدول إسرائيل وألمانيا والصين وروسيا وإيران. وتتصف هذه الطائرات بمزايا اقتصادية عدة، مما يحفز العديد من الدول على امتلاكها. فمقارنة بسعر الطائرة المقاتلة اف 22 ، الذي يبلغ 150 مليون دولار، تصل تكلفة الطائرة الموجهة 10 ملايين دولار فقط، كما أن تكلفة تدريب طاقم التحكم عن بعد تعد قليلة للغاية مقارنة بتدريب طياري الطائرات المقاتلة.
ثمن الحروب الآمنة
ورغم المزايا العديدة للطائرات الموجهة وتفوقها على البشر في عدة نواحي، فإن لديها نقاط ضعف خطيرة: فإدارة المعارك الالكترونية لا تتوافق في كل الأحيان مع مبادئ اتفاقية جنيف لحماية المدنيين خلال الحروب، مما يؤدي إلى وقوع كوارث إنسانية. ففي 3 يوليو 1988 أخطأت طائرة أمريكية موجهة في التعرف الآلي على طائرة ركاب إيرانية تحمل على متنها مدنيين وقامت بقصفها على أساس أنها طائرة حربية. ويقول بيتر فارين سنجر من مؤسسة بروكيبج للأبحاث: " الروبوتات لا تشعر بالغضب إذا سقط زميلها قتيلاً في ساحة الحرب، ولذا فهي لا تقتل بدافع الثأر أو الانتقام، على عكس البشر الذين قد يرتكبون جرائم حرب بسبب هذه العواطف. لكن الروبوتات لا تستطيع أن تميز بين عجوز مقعدة في كرسي متحرك وبين دبابة، فالاثنان بالنسبة لها سلسلة من الأصفار والآحاد".
روبوت بنبل الفارس
Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: طائرة بدون طيار لا يمكن لأجهزة الرادار المعادية اكتشافهالكن الباحث في علم الروبوتات رونالد اركن، من معهد جورجيا لعلوم التكنولوجيا، يرى أن انعدام العواطف عند الروبوتات لا يعد نقطة ضعف بل مركز قوة. فهو مؤمن بإمكانية صنع روبوتات تتفوق على العناصر البشرية في ساحة المعركة وذلك عن طريق برمجتها كي تتوافق أفعالها مع اتفاقية جنيف. رونالد اركن يحلم بروبوت يتمتع بقوى عسكرية خارقة تفوق قدرات البشر ويتحلى في الوقت نفسه بأخلاق الفارس النبيل، روبوت يرفض الأوامر العسكرية التي تتعارض مع قوانين الحرب والاشتباكات في اتفاقية جنيف. لكن عالم الكمبيوتر هانس يورغ كيروفسكي يعارضه في رأيه هذا ويقول: "لا أحد يعرف بالضبط، كيف يمكن برمجة الروبوتات على المبادئ الأخلاقية، فالأخلاق ليست مسألة حسابية"
سيناريوهات الحرب المستقبلية ودراسات تطوير الجندي الإلكتروني قد تشبه روايات الخيال العلمي التي لا تعرف المستحيل، لكن الحقيقة قد تكون في بعض الأحيان أغرب من الخيال.
ماتياس فون هاين/ مي المهدي
مراجعة: عبد الرحمن عثمان
عن إذاعة ألمانيا
ملف الروبوتات
العدد الأول
مجلة العلوم والتكنولوجيا