منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 14 من 14
  1. #11
    [justify]3- من تطبيقات التراث في الضرورات الإبداعية:
    في الجانب الآخر يتأكد أن التراث الشعري الذي ورثناه عن آبائنا الأوائل يعامل الوزن الشعري والتقفية أو مساحة البيت على أنها ما كانت إلا بدافع أعمق من مجرد الإطار؛ فإن هذا الإطار كان يتشكّل تبعًا للمضمون مثلما يساهم في تشكيل المضمونِ تبعًا له: بمعناةِ أنّ الشكلَ والمضمون كانا في شد وجذب بينهما. يؤكد لنا هذا ما رُوِيَ في الكامل للمبرد حيث تزيد تفعيلة في البيت أو تنقص تفعيلة عن المعتاد. ولعلنا بهذا نكون على يقين من أن الوزن في بدايته اعتبرت فيه فائدةُ فنّيّةِ تتابعِ التطورِ الانفعاليِّ والنفسيِّ والتصويريِّ واللغويِّ لدى الشاعر، وليس فقط للناحية الشكلية التي نقلها لنا الزمن عبر أجيال طويلة من الشعراء. "يُرْوَى أن عليًا (رضي الله عنه) أتي بابن ملجم وقيل له: إنا قد سمعنا من هذا كلامًا ولا نأمن قتله لك? ثم قال علي رضوان الله عليه:
    اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيكـا
    ولا تجزع من الموت إذا حـل بـواديكـا
    والشعر إنما يصح بأن تحذف اشدد فتقول:
    حيازيمك للموت فإن الموت لاقيكا
    ولكن الفصحاء من العرب يزيدون ما عليه المعنى، ولا يعتدون به في الوزن، ويحذفون من الوزن، علمًا بأن المخاطب يعلم ما يريدونه. فهو إذا قال: حيازيمك للموت، فقد أضمر "اشدد" فأظهره، ولم يعتد.
    قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: فصحاء العرب ينشدون كثيرًا:
    لسعد بن الضبـاب إذا غـدا * أحب إلينا منك فا فرس حمر
    وإنما الشعر:
    لعمري لسعد بن الضباب إذا غدا..."
    وهذا صراع المساحة المقررة مع المعنى والموقف وَنَفَسِ الشاعر.
    وقريب مما سبق ما قام به قدامة بن جعفر من نزع كلمة من حشو بيت لأبي
    عدي العيشمي:
    نحن الرؤوس وما الرؤوس إذا سمت * في المجد للأقوام كالأذناب
    فقد أسقط كلمة (للأقوام) على أنها "حشو لا منفعة فيه"، ولو أسقطها الشاعر لجاء البيت كالتالي: "في المجد كالأذناب": ثلاث تفعيلات في الشطر الأول واثنتان في الشطر الثاني" وهذا على مبدأ ما أورده المبرد من توافق المساحة النفسية مع المساحة العروضية المطروحة..
    وقصيدة عبيدة بن الأبرص :
    أقفر من أهله ملحوب * فالقطبيات فالذنوب
    حيث زحّف، واستخدم أكثر من وزن شعري تبعًا للتطور النفسي الحادث واللغوي المتفاعل مع الحالة النفسية...
    وقصيدة للأسود بن يعفر الشاعر الجاهلي الذي كتب قصيدة من خمسة أبيات على أربعة أوزان :
    إنا ذممنا على ما خيلت سعد بن زيد وعمرو من تميم
    ولعله يزيد من إيماننا أن الشكل الخليلي له توافقات وتداخلات مع
    المشاعر الإنسانية، ووجه الشبه بينهما هو التنوّع والتعدد والبساطَةُ أحيانًا والتعقّد أو الازدواج أحيانًا أخرى، والمتداول كالذي وصلنا من بحور الخليل، والمتخفِّي كالذي ألمح إليه الزمخشري بقوله: "والنظم على وزن مخترع خارج على أوزان الخليل لا يقدح في كونه شعرًا، ولا يخرجه عن كونه شعرًا". ويكمل قوله ونظرته وجهةُ نظرِ الجاحظ الذي يرفض المحفوظات من الأوزان ويترك الأمر للنفس الشاعرة أن تبتكر حوارها الموسيقي حيث العروض "أدب مستبرد ومذهب مرذول"
    والأمثلة كثيرة في الحماسة وفي غيرها. ولعل القارئ يجد سعة من التفصيل والشرح في "الخطيئة والتكفير" و"الصوت القديم الجديد" للدكتور عبد الله الغذامي..
    4- أشكال الشعر الجاهلي (تفعيلي، وعمودي، ومرسل):
    وهناك القصائد القائمة على تفعيلة واحدة. وهناك من شعراء العرب من أرسلوا القافية .
    ولعل أكبر ضربة لفكرة مجرد الشكلانية التي كالإناء لأوزان جدودنا من قدامى الشعراء في ذكر أبيات لعروة بن الورد (وهو جاهلي أيضًا) ؛ فإن مثل هذه الأبيات فرضت على قارئها الذي يريد أن يقف على تفعيلاتها أن يكتبها بطريقة كتابة الشعر الحر:
    يا هند بنت أبي ذراع أخلفتِني ظنّي ووترتني عشقي
    ونكحت راعي ثلة يثمرها والدهر فائته بما يبقي
    ويقول الدكتور عبد الله الغذامي: "ولن نجد وزنا ثابتًا إلا إذا نحن كتبناها بطريقة الشعر الحر كالتالي:
    يا هند بنت أبي ذراع مستفعلن متفاعلاتن
    أخلفتني ظني مستفعلن فعلن
    ووترتني عشقي متفاعلن فعلن
    ونكحت راعي ثلة متفاعلن مستفعلن
    يثمرها مفتعلن
    والدهر فائته بما مستفعلن متفاعلن
    يبقي فعلن.
    فيصبح على وزن الكامل بطريقة الشعر الحر .
    وينبغي ألا ننسى ظاهرة التدوير في تلك المقطوعة التفعيلية، وما سيرد حولها لاحقًا عند شعراء العصر الحديث.[/justify]

  2. #12
    مراجع الجزء السابق من الدراسة

  3. #13
    الطب النفسي والتحليل النفسي صــ106 إريك برن ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم مراجعة د. فهيم كلير.. الهيئة المصرية العامة للكتاب.
    رؤية في الشعر الجاهلي / دراسة تحليلية في حركية الشعر العربي د/ هلال الجهاد (مراجعة)
    وفي هذا من الحرية والاستمتاع واللذة والتنفيس لطاقة الحياة ما فيه، مما يجعل المرء يبذل كثيرا من حرياته الأخرى مقابل هذه الحرية الكامنة في لذة التفاعل الروحي مع الذكرى.. ولا شك أن هذه ممارسات مشروعة للمخزونات النفسية.
    الكامل في الأدب للمبرد (كتاب إلكتروني)، مكتبة مشكاة الإسلامية (إنترنت)..
    الصوت القديم الجديد 103
    الصوت القديم الجديد صــ79، 80، 81، 82، 83، 84، 85، 86.
    الصوت القديم الجديد 86، 87.
    يقول البعض: إن كلمة "البساطة" بمعنى السهولة خطأ، وإنما هي تأتي صفة للسان واليد وما شابه، ولكن البساطة صارت بمعنى السهولة وعدم التركيب ضد التعقيد منذ بدأت المواد الكيميائية والدراسات حولها في الظهور، وقد مرّت فترة زمنية كافية جدًا لتشريع المعنى الجديد.
    د. عبد الله الغذامي صـ89 نقلا عن الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه موسيقى الشعر ص51
    العيون الغامرة للدماميني صـ 89. وكذلك في "تحسين القبيح وتقبيح الحسن" لأبي منصور الثعالبي (الموسوعة الشعرية – برنامج إلكتروني).
    الصوت القديم الجديد ..
    الصوت القديم الجديد صــ92، 93
    الصوت القديم الجديد 92.

  4. #14
    5- العلاقة بين الشكل والمضمون في الكتابة، وكيفية جمود الشكل:
    العلاقة بَيْنَ الشكل والمضمون عند الشعراء الذين التزموا بالمساحات والقواعد المقررة بواسطة استقراء الخليلي للواقع المتوفر أمامه من منقولات ومَرْوِيّاتٍ من الشعر العربي..
    وفي ذلك سيستخدم الباحث بعض قواعد علم النفس البدهية في نشأة ونمو بعض العادات الحركية أو النفسية أو اللغوية..
    فمن المعتاد أننا نقوم بحركات -كثيرة جدًا- بشكل تلقائي، ونستجيب بكلمات في المواقف والمعاملات -التي تصوغ علاقاتنا الاجتماعية- بشكلٍ تلقائي، وفي كثيرٍ من المواقف نتصرّفُ بطريقة تُحدِّدها مساحات معينة اعتدناها أو نشأنا في جو أسري يؤيدها ويلتزمها؛ فكانت الكلمات والسلوكيات بالقدر نفسه مهما اختلفت المواقف والأجواء!
    (طبعًا ليس الاختلاف الجذري بين المواقف ولكن باختلاف بسيط؛ يكون مبررًا لممارسة الإنسان لعاداته وطبيعته).
    فالعامل الذي يتدرب في المصنع يجد صعوبة أول الأمر وكذلك لذة في الإنجاز والإبداع في تعلم حرفة العمل على مَكِنَة أو في نسيج أو أو...،ولكنه بعد فترة زمنية تجده يمارس هذا العمل باحترافٍ، غيرَ محتاج إلى التركيز القديم أو المجهود الأوّل، بل وقد يتعود جسمه على عدد معين من الساعات في العمل أو حركات معينة يؤديها بالقدر نفسه، وفي الفترة الزمنية نفسها بغير تفكير عميق في الأمر. بل قد لا تتطلّب عادة العمل هذه أن يكون هناك تفكيرٌ أصلاً.
    وهذه الاعتيادية في الأعمال والمواقف لا تنفي إمكانيات أخرى في متابعة تلك الأعمال، ولكن تثبِتُ التلقائيةَ في ممارسة العمل كذلك؛ تلك التلقائية التي ورثها العقل من طول الممارسة. والعادات اللغوية تتوارثها البيئات والمجتمعات كاملة من خلال العقل الجمعي للأمة أو المجتمع.
    ولا يبتعد الباحث كثيرًا حين يقول: إن التزام المتعارَفِ عليه الآن من مساحة عروضية في البيت أو القافية:
    1- لا يلغي تلك الطاقات التي استخدمها الشعراء الأوائل، وإنها في متناول اللاحقين متى ألغوا آلية التصرف التلقائي المعتاد من أذهانهم.
    2- إن ممارسة تلك المساحة العروضية ليس معناها أن نتقيّد بقيود بقدر ما تكون بمعنى الاعتياد الناشئ عن التقليد المستمر والممارسة الطويلة (على مستوى الشعور/ اللاشعور الجمعي الأسري للفرد).
    3- سهولة أن يتحول الأمر إلى "روتين" وحسبُ. ولكن المشكلة تكمن في أننا نحاسب الشعر نفسه بذنب هذه الروتينية، وكذلك نحاسب كل شاعر تسوّل له نفسه محاولة إصلاح خطأ الروتينية. ولم نحاسب تلك الفطرة التي حوَّلتْ (كما قلنا) تلك الحركية الإيقاعية (الجدود) إلى روتينية شكلية نستعملها كالإناء في طبخ الكلمات..
    ومن ثم فإننا يمكن أن نخرج إلى أن:
    - تقْيِيمَ الشكل العروضيِّ في الشعر القديم تقييم قاصر.
    - وتقييم الشكل في الشعر الحديث تقييم غير كامل؛ لأنه اعتمد على مقدمة تقييمه للشكل القديم بانفصاله عن المضمون.
    ولكن هل تبقى العادة المتوارثة في اللاشعور أو المكتسبة من بيئة ما أو جو ما غيرَ ذاتِ معنى، ولا تشير إلى شيء!! هذا ما لا يفكر فيه صاحب العادة أنفسهم! وإن فكروا فيه فإنهم –في الغالب- ينكرون التفاسير الصحيحة التي يغلفها قلق التفكير والاستقرار.
    العادة المتوارثة في اللاشعور. فروسية الشاعر في الخروج عن المتعارف عليه في لغة الحياة اليومية. المعادلة الموضوعية بين مواقف كتابية معينة وبين حركات نفسية أو انفعالية. المجازفة بسكون آخر العروض من أجل فائدة يحسن السكوت عليها بالحرف المتحرك. تأنيث كلمات تستحق التذكير في الفصحى دلالةً على إيحاءات بيئية واجتماعية معينة.
    ذلك ما أورده الباحث في إطار نظريٍّ، مستحضرًا بعض الشواهد الممكنة من الشعر الأول.
    وفي المرحلة القادمة من الدراسة محاولة للتطبيق باستحضار شواهد حديثة من الشعر الحديث.

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. في الكتابة الإبداعية
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى شؤون القصة
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 02-18-2018, 04:35 AM
  2. جماليات التلقي وإعادة إنتاج الدلالة
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-10-2015, 03:12 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-10-2015, 02:56 AM
  4. رؤية نقدية تشفير النص وحرية التلقى
    بواسطة عبدالوهاب موسى في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-10-2014, 04:56 PM
  5. إستراتيجيات الكتابة
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-29-2007, 08:46 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •