أشكرك على تجاوبك أديبتنا ريمه الخاني , وبارك الله بك ,
لقد تطرقت في شرحي عن النظم ومفهومه , فليس ثمة فرق بين النظم والقصيد والشعر , فكله مسمى واحد . والفرف بينهم , وهو أن للشعر المنظوم والقصيدة المنظومة عواطف غزيرة وتفاسير عميقة , بينما الشعر الذي يعتمد على الوزن والنحو والإيقاع وله هدف التعليمي فقط , فهو شعر, فهو شعر , فهو شعر تعليمي , وما هو بالنثر , وليس هو قصيدة نثر , لأن له هدف سامي , وهو الشرح وإعطاء المعنى الكافي لما يقصده , بل هو قصيد لأنه يقصد هدفاً واضحاً , وجميع هذه المصطلحات تشترك بصفات وزنية وعروضية وكلها لها أهداف سامية , وإلا إذا كان الشعر شعوراً فقط , فماذا نقول عن قصيدة النثر وهي محشوة بالشعور الإنساني والغموض النفساني , فهل كل شيء يثير الشعور والعواطف نسميه شعراً , وهل عندما نستمع إلى مقطوعة موسيقية إيقاعية تحاكي الوزن العروضي , هل نسميها شعراً , ونحن نعرف بأن للموسيقى أكبر الأثر في إثارة المشاعر والشعور , بل يحسبها البعض بأنها أقوى من الشعر نفسه في إثارة المشاعر , فهي موزونة وموقعة بإيقاع موسيقي دقيق جداً , ونحن نعرف العلاقة الوثيقة بين الشعر والموسيقى والإيقاع.
قيل أن علي بن أبي طالب سمع دق الناقوس , فقال : أتدرون ماذا يقول هذا الصوت ( دق الناقوس ؟ ) قالو لا , قال إنه يقول :
إن الدنيا قد غرتنا && واستهوتنا واستلهتنا
ياْبن الدنيا مهلا" مهلا" && زن ماتاْتي وزنا"وزنا"
فهل هذا شعر أم نثر ؟
وهل هذا قصيدة نثر أم قصيد شعر , ؟
ام هو وزن فقط لأنه لا يحاكي الشعور . وما أكثر أشعارنا التي لا تحاكي الشعور , كشعر الحكم , وشعر الأمثال , وشعر الأطفال , بل وأشعار فطاحل الشعراء ,
ولكي أختم الموضوع بفكرته النهائية أقول :
انظروا إلى شعر المقنع الكندي وهو من أكبر الشعراء الفطاحل , تمعنوا بأبياته هذه , وإجيبوني عن العواطف الجياشة التي تكنها هذه الأبيات من قصيدته الآتية :
يعاتبنـي فــي الـديـن قـومـي وإنـمـا ــ ديونـي فـي أشيـاء تكسبهـم حمـدا
أســد بــه مــا قــد أخـلــوا وضـيـعـواـ ثغـور حقـوق مــا أطـاقـوا لـهـا ســدا
وإن الــذي بيـنـي وبـيـن بـنـي أبــي
وبـيـن بـنـي عـمـي لمختـلـف جـــدا
تحياتي وبارك الله بكم جميعاً