بسم الله سبحانه وتعالى وبحمده،
وصلاة على رسوله وسلاما،
ورضوانا على صحابيته وتابعيهم،
حتى نلقاهم!
"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"،
صَدَقَ اللهُ الْعَظِيمُ!
ما ماتَ مَنْ جَعَلَ الزَّمانَ لِسانُه يَتْلو مَناقِبَ عُوَّدًا وَبَوادي
فَاذْهَبْ كَما ذَهَبَ الرَّبيعُ وَإِثرُه باقٍ بِكُلِّ خَمــايِلٍ وَنِجاد
صَدَقَ الشَّريفُ الرَّضيُّ
فجر الثلاثاء الماضي 16/12/2014، رحل إلى دار الحق أبو همام عبد اللطيف عبد الحليم الشاعر الناقد الأستاذ الجامعي، عن 69 عاما، عاش بعضها بقسم اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، كما يعيش الفنان العالم الراضي المَرْضِيّ؛ فلم يكن بغريب على وفاء قسمه هنا وكليته وجامعته، الاحتفالُ بتأبينه.
والتَّأْبينُ مصدر أَبَّنَه أي أثنى عليه -"اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ"، حديث رواه الترمذي وأبو داود!- وأصل التأبين اقتفاء الأثر، ثم جُعِل للثناء على الميت، ليكون للحي التَّقْريظُ مصدر قَرَّظه أي أثنى عليه، وأصله إصلاح الجلد.
وليس أحسن في مفتتح الحفل من الاستماع إلى آيات من كتاب الله المجيد، بصوت الشيخ محمود علي البنا الذي كان الراحل الجليل يحبه ويقلده:...
...(صور جنازته)...
صدق الله العظيم، ورحم أبا همام، وطيب ثراه!
ولمن لم يدرك الراحل الجليل أن يَطَّلِع معنا على بيان سيرته العلمية والعملية الذي يقدمه الدكتور محمد عبد الفتاح العمراوي الأستاذ بالقسم:...
...(صور كتبه)...
بارك الله فيك، وشكر لك، ورحم أبا همام، وطيب ثراه!
ثم عن الشعراء الذين أحبوا الشاعر الراحل الجليل، ينشدنا الدكتور هلال الحجري مدير دائرة الفنون والآداب بوزارة التراث والثقافة العمانية، رئيس القسم السابق، صاحب الدعوة الوفية إلى هذا الحفل- قصيدتَه في الراحل الجليل التي أرسلها إليه قُبَيْلَ رحيله:...
...(صور حياته)...
بارك الله فيك، وشكر لك، ورحم أبا همام، وطيب ثراه!
ثم عن قسم اللغة العربية وآدابها أساتذةً وطلابا وموظفين الذين أحبوا الأستاذ الراحل الجليل، يحدثنا الدكتور محمد المعشني رئيس القسم:...
...(صور كتبه مرة أخرى)...
بارك الله فيك، وشكر لك، ورحم أبا همام، وطيب ثراه!
ثم للغاوين العقلاء الذين يتَّبِعون الشعراء المُستثنَيْنَ ويتشوَّفون إلى شعر الراحل الجليل، أُلقي أنا محمد جمال صقر الأستاذ بالقسم، قصيدته "أُمُّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا"، التي نظمها وهو بالقسم أستاذا زائرا، ثم أرسلها لتحُجَّ عنه على عادة شعراء الأندلس إذا عجزوا عن الرحلة إلى بيت الله الحرام، وأعطانيها لِأُحَوْسِبَها له وأرسلها إلى مجلة العربي الكويتية:...
...(صور حياته مرة أخرى)...
أَشْعِلْ بِنَا يَا دَلِيلُ أَجْنِحَةَ الْبَرْقِ وَطِرْ بِالرُّعُودِ فِي السُّحُبِ
أَوْقِدْ صَهِيلَ الرِّيَاحِ جَائِشَةَ الْمَوْجِ وَأَسْرِجْ خُيُولَهَا وَثِبِ
أَنْشِبْ عَصِيرَ الْغُصُونِ فِي الطَّلَلِ الْيَابِسِ هُزَّ الْخَبِيءَ فِي الْعُشُبِ
أَوْرِقْ حُلُوقَ الرِّمَالِ عَانَدَهَا الصَّخْرُ فَقَدْ تَرْتَوِي مِنَ السَّغَبِ
سَالَتْ بِأَعْنَاقِهَا الْأَبَاطِحُ وَالْأُفْقُ لَهِيبٌ مِنْ غَيْرِ مَا لَهَبِ
فَطِرْ بِنَا يَا دَليلُ فَالشَّجَرُ الْمُورِقُ فِينَا كَالشَّمْسِ لَمْ تَغِبِ
فَهَذِهِ نَارُهُمْ وَقَدْ عَسْعَسَ اللَّيْلُ فَشِمْ يَا دَلِيلُ وَاقْتَرِبِ
اِقْبِسْ لَنَا مِنْ شُعَاعِهَا وَهَجَ الْأُفْقِ وَمُدَّ الْخِيَامَ لِلشُّهُبِ
أَسْرِجْ لَنَا زَيْتَهَا يُضِيءُ فَقَدْ تُسْفِرُ فِي حُجْبِهَا بِلَا حُجُبِ
تَبَرْقَعَتْ بِالضِّيَاءِ وَانْكَشَفَتْ بِالْغَيْبِ عَنْ سَائِلٍ وَمُرْتَقِبِ
ذَاكَ مَقَامُ الْجَلالِ يَخْتَرِقُ النُّورُ الثَّرَى هَامِيًا بِلَا سُحُبِ
مُنْسَكِبًا فَالسَّمَاءُ جَاذِبَةُ الْأَرْضِ فَمِنْ جَاذِبٍ وَمُنْجَذِبِ
كَأَنَّمَا الْأَرْضُ تَذْرَعُ الْمَلَأَ الْأَعْلَى بِغَيْرِ الضِّياءِ لَمْ تَطِبِ
فَهذِهِ نارُهُمْ تُغَازِلُهَا فَرَاشَةُ الرُّوحِ فِي هَوًى عَجَبِ
هَذِي الْمَطَايَا هَوَادِجُ النَّغَمِ الْهَامِرِ بَيْنَ الْبِطَاحِ وَالشُّعَبِ
اُحْدُ بِنَا يَا دَلِيلُ سَاجِعَةَ الْوُرْقِ تُنَاجِي بِالشَّوْقِ وَالطَّرَبِ
نَوَازِعُ الْقَلْبِ في حَوَاصِلِهَا وَفِي الْمَناقيرِ تَوْبَةٌ لِنَبِي
ذَاكَ الْحِمَى يَا حَمَامُ فَاسْتَبِقِ النُّورَ وَشُدَّ النُّجُومَ وَانْتَهِبِ
وَانْسُجْ خُيُوطَ الْأَضْوَاءِ أَرْدِيَةَ الْإِحْرَامِ وَاسْجُدْ بِالرُّوحِ وَاقْتَرِبِ
وَذَوِّبِ الطَّلَّ فِي الْهَوَاجِرِ رَقْرِقْهُ كُؤُوسًا نَديَّةَ الْحَبَبِ
لَبِّثْ بِنَا يَا دَلِيلُ هَا هِيَ ذِي أُمُّ الْقُرَى فِي مَعَارِجِ الشُّهُبِ
هَلَّلَ فِيهَا الرَّجَاءُ صَاعِدَةً أَسْبَابُهُ لِلسَّنَا بِلَا سَبَبِ
حَنَاجِرٌ مِنْ رِمَالِهَا هَتَفَتْ يَنْسَكِبُ الْوَجْدُ أَيَّ مُنْسَكَبِ
مَا أُحْصِرَتْ هَلْ يَذُودُهَا حَصَرٌ عَنْ لَثْمِ طِيبِ النَّسِيمِ وَالتُّرُبِ
أَجْنِحَةُ الْبَرْقِ زَادُ رِحْلَتِها لَا تَتَشَكَّى مَجَامِرَ النَّصَبِ
يَنْسَكِبُ الْأُفْقُ فِي قَوَادِمِها وَقَدْ طَوَاهُ الْأَصِيلُ بِالذَّهَبِ
تَنْعَتِقُ الْأَرْضُ وَالْجُسُومُ مِنَ الطِّينِ وَتَهْمِي السَّماءُ بِالسُّحُبِ
بُسْتَانُهَا ضَوْعَةُ الزُّهُورِ نَدَى الْفَجْرِ يَصُبُّ الرَّبِيعَ فِي الْعُشُبِ
فَابْلُغْ بِنَا يَا دَلِيلُ مَا بَلَغَ الْوَجْدُ بِنَا لَا شَكَاةَ مِنْ تَعَبِ
نَحْنُ ذَهَلْنَا عَنِ الذُّهُولِ وَمَا كَلَّتْ خُطَانَا وَالسَّعْيُ لَمْ يُشَبِ
نَحْنُ سَكِرْنَا بِصَحْوِنَا وَصَحَا السُّكْرُ بِنَا صُبَّ خَمْرَنَا وَطِبِ
وَشَعْشِعِ الْخَمْرَ فِي جَوَانِحِنَا مَمْزوجَةً بِالْأَمْوَاهِ وَاللَّهَبِ
وَاطْوِ لَنَا صَفْحَةَ الزَّمَانِ نَعِشْ قَبْلَ انْبِثَاقِ الْوُجُودِ وَالْحِقَبِ
ذَاكَ وَإِلَّا فَالرُّوحُ شَارِدَةٌ لَا تَهْتَدِي بِالدَّلِيلِ وَالْكُتُبِ
ذَوِّبْ لَنَا الْخَمْرَ في مَحَاجِرِنَا فَقَدْ شَهِدْنَا السَّمَاءَ عَنْ كَثَبِ
لله الحمد والشكر، ولأبي همام الرحمةُ وطِيبُ الثرى!
ثم مسك الختام كلمة عميدنا الدكتور عبد الله الكندي، الذي حَيَّرني بإشارته الصامتة إلى موضوعها؛ فلم يقرَّ لي منذئذ قرار:...
...(آخر صور جنازته فقط)...
بارك الله فيك، وشكر لك، ورحم أبا همام، وطيب ثراه!
وبارك فيكم جميعا، وشكر لكم،
وأحسن عزاءكم، ولا أراكم في حبيب مكروها!
وعلى سنة المحتفلين الحسنة الجارية بإهداء المحتفل به أغلى ما يجدون- نهدي أبا همام جميعا معا في صوت واحد خفيٍّ، قراءة سورة الفاتحة، تَقبَّلها الحقُّ -سبحانه وتعالى!- في ميزان حسناته، آمين!:...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!