منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 14 من 17 الأولىالأولى ... 41213141516 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 131 إلى 140 من 162
  1. #131

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    المفعولُ لهُ


    المفعولُ لهُ (ويُسمّى المفعولَ لأجلهِ، والمفعولَ من أجلهِ): هو مصدرٌ قَلبيٌّ يُذكرُ عِلّةً لحدَثٍ شاركهُ في الزمانِ والفاعلِ، نحو: (رغبةً) من قولكَ (اغتربتُ رَغبةً في العلم).


    (فالرغبة: مصدر قلبي، بين العلة التي من أجلها اغتربت، فان سبب الاغتراب هو الرغبة في العلم, وقد شارك الحدثُ (وهو: اغتربت) المصدرَ (وهو: رغبة) في الزمان والفاعل. فإن زمانهما واحد وهو الماضي. وفاعلهما واحد وهو المتكلم.


    والمراد بالصدر القلبي: ما كان مصدراً لفعل من الأفعال التي منشؤُها الحواسّ الباطنة: كالتعظيم والإجلال والتحقير والخشية والخوف والجرأة والرغبة والرهبة والحياء والوقاحة والشفقة والعلم والجهل. ونحوهما. ويقابل أفعال الجوارح (أي الحواسّ الظاهرة وما يتصل بها) كالقراءة والكتابة والقعود والقيام والوقوف والجلوس والمشي والنوم واليقظة، ونحوها).


    وفي هذا المبحث مبحثانِ:


    1- شُروطُ نَصْبِ المفعولِ لأَجلهِ


    عَرفتَ، ممّا عَرَّفنا به المفعولَ لأجلهِ، أنه يُشترَطُ فيه خمسةُ شروطٍ. فإنْ فُقِدَ شرطٌ منها لم يَجُز نصبُهُ. فليسَ كلُّ ما يُذكر بياناً لسبب حُدوثِ الفعلِ يُنصَب على أنه مفعولٌ له. وهكاَ تفصيلَ شروط نصبه:

    أ ـ أن يكونَ مصدراً.

    (فإن كان غير مصدر لم يجز نصبه كقوله تعالى: {والأرض وضعها للأنام}).


    ب- أن يكون المصدر قلبياً.


    (أي: من أفعال النفس الباطنة، فإن كان المصدر غير قلبي لم يجز نصبه، نحو: (جئت للقراءة)).


    ج ود- أن يكونَ المصدرُ القلبيُّ مُتَّحداً معَ الفعل في الزمان، وفي الفاعل.


    (أي: يجب أن يكون زمان الفعل وزمان المصدر واحداً، وفاعلهما واحداً. فإن اختلفا زماناً أو فعلاً لم يجز نصب المصدر. فالأول نحو: (سافرت للعمل). فإن زمان السفر ماضٍ وزمان العلم مستقبل والثاني نحو: (أحببتك لتعظيمك العلم). إذ أن فاعل المحبة هو المتكلم وفاعل التعظيم هو المخاطب.


    ومعنى اتحادهما في الزمان أن يقع الفعل في بعض زمان المصدر: كجئت حباً للعلم، أو يكون أول زمان الحدث آخر زمان المصدر: كأمسكته خوفاً من فراره. أو بالعكس، كأدبته إصلاحاً له).


    5- أن يكون هذا المصدرُ القلبي المُتَّحدُ معَ الفعل في الزمان والفاعل، عِلَّةً لحُصولِ الفعلِ، بحيثُ يَصِحُّ أن يقعَ جواباً لقولكَ: (لِمَ فعلتَ؟).
    (فإن قلت: (جئت رغبة في العلم)، فقولك: (رغبة في العلم) بمنزلة جواب لقول قائل: (لم جئت؟).


    فان لم يذكر بياناً لسبب حدوث الفعل، لم يكن مفعولاً لأجله، بل يكون كما يطلبه العامل الذي يتعلق به. فيكون مفعولاً مطلقاً في نحو: (عظمت العلماء تعظيماً)، ومفعولاً به في نحو (علمتُ الجبن معرةً)، ومبتدأ في نحو: (البخل داء)، وخبراً في نحو: (أدوى الأدواء الجهل)، ومجروراً في نحو: (أي داء أدوى من البخل)، وهلم جراً).


    ومثال ما اجتمعت فيهِ الشروطُ قولهُ تعالى: {ولا تقتلوا أولادَكم خشيةَ إملاقٍ، نحن نرزُقُهم وإيَّاكم}.

    فإن فُقدَ شرطٌ من هذه الشروطِ، وجب جرُّ المصدرِ بحرف جر يفيدُ التعليلَ، كاللامِ ومن وفي، فاللامُ نحو: (جئت للكتابةِ)، ومن، كقولهِ تعالى: {ولا تَقتُلوا أولادَكم من إملاقٍ* نحن نَرزُقكم وإيّاهم}،وفي، كحديثِ: (دخلتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ حَبَستها، لا هي أطعمتها، ولا هيَ تركتها تأكلُ من خَشاشِ الأرض).

    [هذه الآية في سورة الأنعام 151؛ والآية التي قبلها في سورة الإسراء31. والفرق بين الآيتين: أن الأولى تنهاهم عن قتل أولادهم خوف فقر ربما يكون. والأخرى تنهاهم عن قتلهم لفقرٍ واقعٍ بالفعل. ولذلك قدم رزق أولادهم على رزقهم في الآية الأولى، ليبين لهم أنه قد ضمن رزقهم فلا يقتلوهم خشية الفقر. وقدم في الآية الثانية رزقهم على رزق أولادهم، لأن الفقر واقع بالآباء فعلاً. فهون الأمر عليهم بأن يرزقهم ويدافع عنهم الفقر. فلا يتخذوا الفقر الحاضر ذريعة للفتك بأولادهم.]

    2- أَحكامُ الْمَفْعولِ لَهُ


    للمفعولِ من أجلهِ ثلاثةُ أحكام:


    أ- يُنصَبُ، إذا استوفى شروطَ نصبهِ، على أنهُ مفعولٌ لأجله صريحٌ. وإن ذُكرَ للتعليل، ولم يَستوف الشروطَ، جُرَّ بحرف الجرِّ المُفيدِ للتَّعليل، كما تقدَّمَ، واعتُبِرَ أنهُ في محلّ نصبٍ على أنه مفعولٌ لأجلهِ غيرُ صريحٍ، وقد اجتمع المنصوبان، الصريحُ وغيرُ الصريح، في قوله تعالى: {يجعلون أصابعَهم في آذانهم من الصّواعق حَذَرَ الموت}، وفي قول الشاعر:


    يُغضِي حَياءً، ويُغضَى من مَهابتِهِ

    فَلا يُكَلَّمُ إِلاَّ حِينَ يَبْتسِمُ

    (فقوله تعالى: {من الصواعق} في موضع نصب على أنه مفعول لأجله غير صريح. وقوله: {حذر} مفعول لأجله صريح. وقول الشاعر: (حياء) مفعول لأجله صريح. وقوله: (من مهابته) في محل نصب على أنه مفعول له غير صريح. ونائب فاعل (يغضى) ضمير مستتر يعود على مصدره المقدّر. والتقدير: (يغضى الإغضاءُ). ولا يجوز أن يكون (من مهابته) في موضع نائب الفاعل، لأن المفعول له لا يُقام مُقامَ الفاعل، لئلا تزول دلالته على العلة. وقد عرفت في مبحث نائب الفاعل (في الجزء الثاني) أن المجرور بحرف الجر لا ينوب عن الفاعل؛ أن جُرّ بحرف جر يفيد التعليل).


    2- يجوزُ تقديمُ المفعولِ لأجلهِ على عامله، سواءٌ أَنُصبَ أم جُرَّ بحرف الجرَّ، نحو: (رغبةً في العلم أتيتُ) و (للتِّجارةِ سافرتُ).


    3- لا يجبُ نصبُ المصدر المُستوفي شروطَ نصبهِ، بل يجوزُ نصبُهُ وجرُّهُ. وهو في ذلك على ثلاثِ صوَر:

    أ ـ أن يَتجرَّدَ من (أَل) والإضافة، فالأكثر نصبُهُ، نحو: (وقفَ الناسُ احتراماً للعالِم). وقد يُجَرُّ على قلَّةٍ، كقوله:

    مَنْ أَمَّكُمْ، لِرَغْبَةٍ فِيكْم، جُبِرْ

    ومَنْ تَكونُوا ناصِريهِ يَنْتَصِرْ

    ب- أن يقترنَ بأل، فالأكثرُ جرهُ بحرفِ الجر، نحو: (سافرتُ للرغبة في العلم). وقد يُنصَبُ على قلةِ كقولهِ:


    لا أَقْعُدُ، الجُبْنَ، عنِ الْهَيْجاء

    وَلَوْ: تَوَالتْ زُمَرُ الأَعداءِ

    ج- أن يُضافَ، فالأمرانِ سواءٌ، نصبُهُ وجرُّه بحرف الجرّ، تقول: (تركتُ المنكَرَ خَشيةَ اللهِ، أو لخشيةِ الله، أو من خشيةِ اللهِ). ومن النصب قولهُ تعالى: {يُنفقونَ أموالَهُمُ ابتغاءَ مَرضاةِ اللهِ}، وقولُ الشاعر:


    وَأَغْفِرُ عَوْراءَ الْكريمِ ادِّخارَهُ

    وأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئيمِ تَكرُّما

    ومن الجرِّ قوله سبحانَهُ: {وإنَّ منها لمَا يَهبِط من خشيةِ اللهِ}.

  2. #132

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    المفعولُ فيه


    وهو المُسَمَّى ظَرْفاً


    المفعولُ فيه (ويُسمّى ظرفاً): هو اسمٌ يَنتصبُ على تقدير (في)، يُذكرُ لبيانِ زمان الفعل أو مكانهِ.


    (أما إذا لم يكن على تقدير (في) فلا يكون ظرفاً، بل يكون كسائر الأسماء، على حسب ما يطلبه العامل. فيكون مبتدأ وخبراً، نحو: (يومنا يومٌ سعيد)، وفاعلاً، نحو: (جاء يومُ الجمعة)، ومفعولاً به، نحو: (لا تضيع أيامَ شبابك). ويكون غير ذلك، وسيأتي بيانه.


    والظرف، في الأصل، ما كان وعاء لشيء. وتسمى الأواني ظروفاً، لأنها أوعية لما يجعل فيها. وسميت الأزمنة والأمكنة (ظروفاً). لأنّ الأفعال تحصل فيها، فصارت كالأوعية لها).


    وهو قسمانِ: ظرفُ زمانٍ، وظرفُ مكان.


    فظرفُ الزمان: ما يَدْلُّ على وقتٍ وقعَ فيه الحدثُ نحو: (سافرتُ ليلاً).


    وظرفُ المكان: ما يدلُّ على مكانٍ وقعَ فيه الحدثُ، نحو: (وقفتُ تحتَ عَلَمِ العلم).

    والظرفُ، سواءٌ أكانَ زمانياً أم مكانياً، إما مُبهَمٌ أو محدودٌ (ويقال للمحدود: المُؤقَتُ والمختصُّ أيضاً)، وإما مُتصرّفٌ أو غيرُ مُتصرفٍ.

    وفي هذا الباب ثمانيةُ مباحثَ:


    1- الظَّرفُ المُبْهَمُ والظَّرفُ الْمَحْدُود


    المُبهَمُ من ظروفِ الزمانِ: ما دلَّ على قَدْرٍ من الزمان غير مُعيَّنٍ، نحو: (أبدٍ وأمدٍ وحينٍ ووقتٍ وزمانٍ).


    والمحدودُ منها (أو المُؤقَّتُ أو المختصُّ): ما دلَّ على وقتٍ مُقدَّرٍ مُعَيَّنٍ محدودٍ، نحو: (ساعةٍ ويومٍ وليلةٍ وأُسبوعٍ وشهرٍ وسنةٍ وعامٍ).


    ومنه أسماءُ الشهور والفُصولِ وأيام الأسبوع وما أُضيفَ من الظروف المُبهَمةِ إلى ما يزيلُ إبهامَهُ وشُيوعَهُ: كزمانِ الرَّبيعِ ووقتِ الصيف.


    والمُبهمُ من ظروف المكان: ما دلَّ على مكانٍ غيرِ مُعيَّنٍ (أي: ليس له صورةٌ تدرَكُ بالحسِّ الظاهر، ولا حُدودٌ لصورةٍ) كالجهاتِ الستَّ، وهيَ: ((أمامٌ (ومثلُها قُدَّامٌ) ووراءٌ (ومثلها خَلفٌ) ويَمينٌ، ويَسار (ومثلُها شمال) وفَوق وتحت))، وكأسماءِ المقادير المكانيّة: كمِيلٍ وفَرسخٍ وبَريدٍ وقَصبةٍ وكيلومترٍ، ونحوها، وكجانبٍ ومكانٍ وناحيةٍ، ونحوِها.


    ومن المُبهَمِ ما يكونُ مُبهمَ المكانِ والمسافةِ معاً: كالجهاتِ الستْ، وجانبٍ وجهةٍ وناحيةٍ. ومنه ما يكونُ مُبهمَ المكانِ مُعينَ المسافةِ: كأسماءِ المقادير، فهي شبيهةٌ بالمُبهم من جهةِ أنها ليست أشياءَ مُعيَّنةً في الواقع، ومحدودةٌ من حيثُ أنها مُعيّنةُ المقدار.


    (فمكان الجهات الست غير معين لعدم لزومها بقعة بخصوصها، لأنها أمور اعتبارية أي: باعتبار الكائن في المكان، فقد يكون خلفك أماماً لغيرك؛ وقد تتحول فينعكس الأمر. وهكذا مقدارها، أي مسافتها ليس له أمد معلوم. فخلفك مثلاً اسم لما وراء ظهرك الى ما لا نهاية. أما أسماءُ المقادير فهي، وان كانت معلومة المسافة والمقدار. لا تلزم بقعة بعينها، فإبهامها من جهة أنها لا تختص بمكان معين).

    والمختص منها (أو المحدودُ): ما دلَّ على مكانٍ معيَّنٍ، أي: له صورة محدودةٌ، محصورةٌ: كدارٍ ومدرسةٍ ومكتبٍ ومسجدٍ وبلدٍ. ومنهُ أسماءُ البلادِ والقُرَى والجبال والأنهارِ والبحار.

    2- الظَّرْفُ المُتَصرِّفُ والظَّرفُ غَيْرُ المُتَصَرِّفِ


    الظّرفُ المتصرفُ: ما يُستعملُ ظرفاً وغيرَ ظرفٍ. فهو يُفارق الظرفيّة إلى حالةٍ لا تُشبهُها: كأن يُستعملَ مبتدأ أو خبراً أو فاعلاً أو مفعولاً به، أو نحوَ ذلك، نحو: (شهرٍ ويومٍ وسنةٍ وليل)، ونحوها. فمِثالُها ظرفاً: (سرتُ يوماً أو شهراً أو سنةً أو ليلاً). ومثالُها غيرَ ظرف: (السنةُ اثنا عَشرَ شهراً. والشهرُ ثلاثون يوماً والليلُ طويل. وسرَّني يومُ قدومِكَ. وانتظرتُ ساعةَ لقائك. ويومُ الجمعة يومٌ مُباركٌ).


    والظرفُ غيرُ المُتصرفِ نوعانِ:


    النّوعُ الأولُ: ما يُلازمُ النصبَ على الظرفيّةِ أبدا، فلا يُستعمَلُ إلا ظرفاً منصوباً، نحو: (قَط وعوْضُ وبَينا وبينما وإذا وأَيَّانَ وأنّى وذا صَباحٍ وذاتَ ليلةِ). ومنه ما رُكِّبَ من الظروف: كصباحَ مساءَ وليلَ ليلَ.


    النوع الثاني: ما يَلزَمُ النصبَ على الظرفيّة أو الجرِّ بمن أو إلى أو حتى أو مُذ أو مُنذُ، نحو: (قَبل وبَعدَ وفوق وتحت ولدَى وَلدُنْ وعندَ ومتى وأينَ وهُنا وثَمَّ وحيث والآن).


    ((وتُجرّ (قبل وبعد) بمن، من حروف الجر. وتُجر (فوق وتحت) بمن والى. وتجر (لدى ولدن وعند) بمن. وتجر (متى) بالى وحتى. وتجر (أين وهنا وثم وحيث) بمن والى. وقد تجر (حيث) بفي أيضاً. وتجر (الآن) بمن والى ومذ ومنذ. وسيأتي شرح ذلك).


    3- نَصْبُ الظَّرْفِ


    يُنصَبُ الظّرفُ الزَّماني مُطلقاً، سواءٌ أكانَ مُبهَماً أم محدوداً، أي: (مُختصاً)، نحو: (سرتُ حيناً، وسافرتُ ليلةً)، على شرط أن يَتضمنَ معنى (في).

    (فان لم يتضمن معناها، نحو: (جاءَ يومُ الخميس. ويومُ الجمعة يومٌ مبارك. واحترم ليلةَ القدر)، وجب أن تكون على حسب العوامل).

    ولا يُنصَبُ من ظروف المكان إلا شيئانِ:

    أ- ما كان منها مُبهَماً، أو شِبهَهُ، مُتَضمّناً معنى (في)، فالأول نحو: (وقفتُ أمامَ المِنبر)، والثاني نحو: (سرتُ فرسخاً).


    (فإن لم يتضمن معناها نحو: (الميل ثلث الفرسخ، والكيلومترُ ألفُ متر). وجب أن يكون على حسب العوامل).


    ب- ما كان منها مُشتقّاً، سواءٌ أكان مُبهماً أَم محدوداً، على شرطِ أن يُنصَب بفعلهِ المُشتقّ منهُ، نحو: (جلستُ مجلسَ أَهل الفضل. وذهبتُ مذهبَ ذَوِي العقلِ).


    فإن كان من غيرِ ما اشتُقَّ منهُ عاملُهُ وجبَ جَرُّهُ نحو: (أَقمتُ في مجلسك. وسرتُ في مذهبكَ).


    وأَمّا قولُهم: (هو مني مَقعَدَ القابلةِ. وفلانٌ مَزجَرَ الكلبِ. وهذا الأمرُ مُناطَ الثُّرَيّا)، فسماعِيٌّ لا يقاس عليه.


    (والتقدير: (مستقرَّ مقعد القابلة ومزجرَ الكلب ومناطَ الثريا). فمقعد ومزجر ومناط: منصوبات بمستقر، وهن غير مشتقات منه، فكان نصبهنّ بعامل من غير مادّة اشتقاقهنَّ شاذّاً).


    وما كان من ظروف المكان محدوداً، غيرَ مُشتقٍ، لم يجُز نصبُه، بل يجب جَرُّهُ بِفِي، نحو: (جلستُ في الدارِ. وأَقمتُ في البلد. وصلَّيتُ في المسجد). إلاَّ إذا وقعَ بعدَ (دخلَ ونَزَلَ وسكنَ) أَو ما يُشتقُّ منها، فيجوزُ نصبُهُ، نحو: (دخلتُ المدينةَ. ونزَلتُ البلَدَ. وسكنتُ الشامَ).


    (وبعض النحاة ينصب مثل هذا على الظرفية والمحققون ينصبونه على التوسع، في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب انتصاب المفعول به على السعة، بإجراء الفعل اللازم مُجرى المتعدي. وذلك لانّ ما يجوز نصبه من الظروف غيرُ المشتقة يُنصب بكل فعل، ومثل هذا

    لا ينصب إلا بعوامل خاصة، فلا يقال: (نمت الدارَ، ولا صليتُ المسجدَ، ولا أقمتُ البلدَ) كما يقال: (نمت عندك. وصليت أمام المنبر. وأقمتُ يمينَ الصف)).

  3. #133
    تابع موضوع الظرف

    4- ناصب الظَّرْف (أي العاملُ فيه)

    ناصبُ الظَّرفِ (أي العاملُ فيه النصبَ): هوَ الحدَثُ الواقع فيه من فعلٍ أو شِبههِ. وهو إمّا ظاهرٌ، نحو: (جلستُ أمام المِنبَرِ. وصُمتُ يومَ الخميسِ. وأنا واقفٌ لديك. وخالدٌ مسافرٌ يومَ السبتِ). وإمّا مُقدَّرٌ جوازاً، نحو: (فرسخينِ)، جواباً لمن قال لكَ: (كم سرتَ؟)، ونحو: (ساعتينِ)، لمن قال لك: (كم مشيتَ؟). وإمّا مُقدَّرٌ وجوباً، نحو: (أنا عندَك). والتَّقديرُ: (أنا كائنٌ عندَك).

    5- مُتَعَلَّق الظَّرف


    كلُّ ما نُصبَ من الظروف يحتاجُ إلى ما يتعلّقُ بهِ، من فعلٍ أو شِبهه، كما يحتاجُ حرفْ الجر إلى ذلك. ومُتعلَّقُهُ إمّا مذكورٌ، نحو: (غبتُ شهراً. وجلستُ تحت الشجرة). وإمّا محذوف جوازاً أو وجوباً.


    فيُحذَفُ جوازاً، إنْ كان كوناً خاصاً، ودلَّ عليه دليلٌ، نحو: (عندَ العلماءِ)، في جواب من قال: أينَ أجلسُ؟).


    ويُحذَفُ وجوباً في ثلاثِ مسائلٌ:


    1- أن يكون كوناً عامّاً يَصلُحُ لأن يُرادَ به كلُّ حَدَثٍ: كموجودٍ وكائن وحاصل. ويكونُ المتعلَّق المقدَّرُ إمّا خبراً، نحو: (العصفورُ فوقَ الغصنِ. والجنةُ تحت أقدامِ الأمهاتِ) وإمّا صفةً، نحو: (مررتُ برجل عندَ المدرسةِ). وإمّا حالاً، نحو: (رأيتُ الهلالَ بين السحابِ". وإمّا صِلةً للموصولِ، نحو: (حَضَرَ مَنْ عندَهُ الخبرُ اليقينُ). غيرَ أنَّ مُتعلّق الصلةِ يجبُ أن يُقدَّرَ فعلاً، كحصَل ويَحصلُ، وكان ويكون، ووُجِد ويُوجَدُ، لوجوبِ كونِها جملةً.


    2- أن يكونَ الظرفُ منصوباً على الاشتغال، بأن يشتغلَ عنهُ العاملُ المتأخرُ بالعمل في ضميره، نحو: (يوم الخميس صُمتُ فيه. ووقت الفجر سافرتُ فيه).
    (فيوم ووقت: منصوبان على الظرفية بفعل محذوف، لاشتغال الفعل المذكور عن العمل فيهما بالعمل في ضميرهما. والفعل المحذوف مقدَّر من لفظ الفعل المذكور غير أنه يجوز التصريح به؛ كما علمت في باب الاشتغال).

    3- أن يكون المتعلَّقُ مسموعاً بالحذف، فلا يجوزُ ذكرُهُ، كقولهم: (حينئذٍ الآنَ)، أي: (كان ذلك حينئذٍ، فاسمعِ الآنَ).

    (فحينئذ والآن: منصوب كل منهما بفعل محذوف وجوباً؛ لأنه سُمع هكذا محذوفاً. وهذا كلام يقال لمن ذكر أمراً قد تقادمَ زمانه لينصرف عنه الى ما يعنيه الآن).


    6- نائبُ الظَّرْفِ


    ينوبُ عن الظّرفِ - فيُنصَبُ على أنهُ مَفعولٌ فيهِ - أحد ستةِ أشياءَ:


    1- المُضافُ إلى الظرفِ، ممّا دَلَّ على كُليّةٍ أو بعضيّة، نحو: (مشيتُ كلَّ النهارِ، أو كلَّ الفَرْسخِ، أو جميعَهُما أو عامّتهُما، أو بَعضَهما، أو نصفَهُما، أو رُبعَهُما).


    2- صِفتُهُ، نحو: (وقفتُ طويلاً من الوقت وجلستُ شرقيَّ الدار).


    3- اسم الإشارة، نحو: (مشيتُ هذا اليومَ مشياً مُتعِباً. وانتبذت تلكَ الناحية).
    4- العدَدُ الممَيّزُ بالظرفِ، أو المضافُ إليه، نحو: (سافرتُ ثلاثين يوماً. وسرتُ أربعين فرسخاً. ولزمتُ الدارَ ستةَ أيام، وسرت ثلاثة فراسخَ).


    5- المصدرُ المتضمنُ الظّرفِ، وذلك بأن يكون الظرف مضافاً إلى مصدر، فيُحذَفُ الظّرفُ المضاف، ويقوم المصدرُ (وهو المضاف إِليه) مَقامَهُ، نحو: (سافرتُ وقتَ طلوعِ الشمس).وأكثرُ ما يُفعلُ ذلك بظروف الزمان، بشرط أن تُعيَّن وقتاً أو مقداراً. فما يُعيّن وقتاً مثل: (قَدِمتُ قدومَ الرَّكبِ. وكان ذلك خُفُوقَ النّجمِ. وجئتكَ صلاةَ العصرِ)، وما يُعيّنُ مقداراً مثل: (انتظرتُكَ كتابةَ صفحتينِ، أو قراءَةَ ثلاثِ صفحاتٍ. ونمتُ ذهابَكَ إلى دارِكَ ورُجوعَكَ منها. ونَزَلَ المطرُ ركعتينِ من الصلاة. وأقمت في البلد راحةَ المسافرِ).


    وقد يكون ذلك في ظروف المكان، نحو: (جلستُ قربَكَ. وذهبتُ نحوَ المسجدِ).


    6- ألفاظٌ مسموعةٌ توسعُوا فيها، فنصبوها نصبَ ظروفِ الزمانِ، على تضمينها معنى (في)، نحو: (أحقّاً أنك ذاهبٌ؟). والأصل (أفي حَقّ؟). وقد نُطِقَ بفي في قوله:

    أَفي الْحَقِّ أَني مُغْرَمٌ بِكِ هائِمٌ
    وأَنَّكِ لا خَلٌّ هَواكِ وَلا خَمْرُ
    [حقاً: منصوب على الظرفية. والظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم. والمصدر المؤول بأن: مبتدأ مؤخر. وهكذا ما سيأتي من الأمثلة.]

    ونحو: (غيرَ شَك أني على حقٍّ. وجهَدَ رأيي أنكَ مُصيبٌ. وظَنّ مني أنكَ قادمٌ).


    فائدة


    اعلمُ أنَّ ضميرَ الظّرفِ لا يُنصَبُ على الظرفيّة، بل يجبُ جرهُ بفي نحو (يومَ الخميسِ صُمتُ فيه)، ولا يُقالُ: (صُمتُهُ)، إلا إذا لم تضمّنهُ معنى (في)، فلكَ أن تنصبه بإسقاط الجارِّ على أنهُ مفعولٌ به تَوَسُّعاً، نحو: (إذ جاءَ يومُ الخميسِ صُمتُهُ"، ومنه قول الشاعر: (ويومٍ شَهِدناهُ سُليماً وعامراً).


    (فقد جعل الضمير في (شهدناه) مفعولاً به على التوسع بإسقاط حرف الجر. والأصل "ويوم شهدنا فيه عامراً وسليماً)).


    7- الظَّرفُ المُعْرَب والظَّرفُ الْمَبْنِي


    الظروفُ كلها مُعرَبةٌ مُتغيرةُ الآخر، إلا ألفاظاً محصورةً، منها ما هو للزمان، ومنها ما هو للمكان، ومنها ما يُستعمَلُ لهما.


    فالظُروفُ المبنيّةُ المختصَّةُ بالزمانِ: إذا ومتى وأيانَ وإذْ وأمسِ والآن ومُذ ومُنذُ وقَطُّ وعَوْضُ وبَينا وبَينما ورَيْثُ ورَيْثما وكيفَ وكيفما ولمَّا.


    ومنها ما رُكِّبَ من ظروف الزمان، نحو: (زُرنا صبَاحَ مساءَ، وَليل لَيلَ، ونهارَ نهارَ، ويومَ يومَ). والمعنى: كلَّ صباحٍ، وكلَّ مساءٍ، وكلَّ نهارٍ، وكلّ يومٍ.


    والظروفُ المبنيّةُ المختصة بالمكانِ هي: (حيثُ وهُنا وثَمَّ وأينَ).


    ومنها ما قُطعَ عن الإضافةِ لفظاً من أسماءِ الجهاتِ الستّ.


    والظروف المبنيّةُ المشتركةُ بينَ الزمانِ والمكانِ هي: (أنّى وَلدَى ولَدُنْ). ومنها (قبلُ وبعدُ)، في بعض الأحوال.


    وسيأتي شرحُ ذلكَ كلّه.

  4. #134
    8- شَرْح الظُّرُوفِ الْمَبْنِيَّةِ وبَيانٌ أَحكامِها

    1- قَط: ظرفٌ للماضي على سبيل الاستغراق، يَستغرقُ ما مضى من الزَّمان، واشتقاقُهُ من (قَطَطتُهُ) - أي قطعته - فمعنى (ما فعلتُهُ قطُّ): ما فعلتُهُ فيما انقطعَ من عُمري. ويُؤتى به بعدَ النفي أو الاستفهام للدلالة على نفي جميع أجزاءِ الماضي، أو الاستفهامِ عنها. ومن الخطأ أن يقال: (لا أفعلُهُ قَطُّ)، لأنَّ الفعلَ هنا مُستقبَلٌ، و (قطّ) ظرفٌ للماضي.

    2- عَوْضٌ: ظرفٌ للمستقبَلِ، على سبيل الاستغراق أيضاً، يستغرقُ جميعَ ما يُستقبلُ من الزمان.


    والمشهورُ بناؤهُ على الضمِّ. ويجوزُ فيه البناءُ على الفتح والكسر أيضاً. فإن أُضيفَ فهو مُعرَبٌ، نحو: (لا أفعلهُ عَوضَ العائضين).


    وهو منقولٌ عن العَوْضِ بمعنى الدَّهر. والعَوْضُ في الأصل: مصدرُ عاضهُ من الشيءِ يَعوضُهُ عَوْضاً وعِوَضاً وعِياضاً، إذا أعطاهُ عِوَضاً، أي خلفاً. سُميَ الدهرُ بذلك، لأنه كلما مضى منهُ جُزءٌ عُوَّضَ منه آخر، فلا ينقطعُ.


    ويُؤتى بعَوْضُ بعد النّفي أو الاستفهام للدلالة على نفي جميع أجزاءِ المستقبَلِ، أو الاستفهام عن جميع أجزائهِ. فإذا قلت: (لا أفعلُهُ عَوْضُ)، كان المعنى: لا أفعلهُ في زمنِ من الأزمنةِ المُستقبلة. وقد يُستَعملُ للزمانِ الماضي.


    3- بَيْنا وبَينما: ظرفان للزمانِ الماضي. وأصلهما: (بينَ)، أشبِعت فتحةُ النون، فكان منها (بيْنا). فالألفُ زائدةٌ، كزيادة (ما) في (بَيْنما).
    وهما تلزَمانِ الجُملَ الاسمية كثيراً، والفعليّةَ قليلاً. ومن العلماءِ من يَضيفُهما إلى الجملة بعدَهما. ومنهم من يكفُّهُما عن الإضافة بسببِ ما لحقهما من الزيادة. وهو الأقربُ، لبُعدهِ من التكلُّف.


    وأصلُ (بَينَ) للمكانِ: وقد تكونُ للزَّمان، نحو: (جئتُ بينَ الظهر والعصر). ومنه حديثُ: (ساعةُ الجُمعةِ بينَ خروجِ الإمامِ وانقضاءِ الصلاة). وإذا لحقتها الألف أو "ما" الزَّائدتانِ، اختصّتْ بالزمان، كما تقدَّم.

    4- إذا: ظرفٌ للمستقبَل غالباً، مَتَضمنٌ معنى الشرطِ غالباً. ويختصّ بالدخول على الجملِ الفعليّة. ويكونُ الفعلُ معه ماضيَ اللَّفظِ مُستقبَلَ المعنى كثيراً؛ ومضارعاً دونَ ذلك. وقد اجتمعا في قول الشاعر:

    والنَّفْسُ راغبةٌ إِذا رَغَّبْتَها

    وَإِذَا تُرَدُّ إِلى قليلٍ تَقْنَعُ

    وقد يكونُ للزمان الماضي، كقوله تعالى: {وإذا رأَوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها}.


    وقد يتجرَّدُ للظرفية المحض، غيرَ مُتَضمنٍ معنى الشرط، كقوله تعالى: {والليل إذا يَغشَى، والنهارِ إذا تَجلّى}، وقولهِ: {واللَّيلِ إذا سَجى.


    5- أَيَّانَ: ظرفٌ للمستقبل. يكونُ اسمَ استفهام، فَيُطلَبُ به تعيينُ الزَّمانِ المستقبل خاصةً. وأكثرُ ما يكونُ في مواضع التَّفخيم، كقوله تعالى: {يَسألُ أَيانَ يومُ الدِّين؟}. ومعناهُ: أَيُّ حينٍ؟ وأصلُهُ: (أيُّ آنٍ) فَخُفِّفَ، وصارَ اللفظانِ واحداً.
    وقد يتضمّنُ معنى الشّرط، فيجزمُ الفعلين، نحو: ( أيَّانَ تجتهدْ تَجدْ نجاح).


    6- أنّى: ظرفٌ للمكان. يكونُ اسمَ شرطٍ بمعنى (أَينَ)، نحو: (أنّى تَجلسْ أجلسْ)، واسمَ استفهامٍ عن المكان، بمعنى (من أينَ؟)، كقوله تعالى: {يا مريمُ أنّى لكِ هذا؟} أي: (من أينَ)، ويكون بمعنى "كيفَ؟، كقوله سبحانهُ: {أنّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتها؟} أي: (كيفَ يُحييها؟). ويكونُ ظرفَ زمانٍ بمعنى (متى؟)، للاستفهام، نحو: (أنّى جئتَ؟).


    7- قَبلُ وبعدُ: ظرفانِ للزمانِ، يُنصبَانِ على الظّرفيّة أو يُجرَّانِ بمن، نحو: (جئتُ قبلَ الظهر، أو بعدَهُ، أو من قبلهِ، أو بعدهِ).


    وقد يكونانِ للمكان نحو: (داري قبلَ دارِك، أو بعدَها).

    وهما مُعْرَبان بالنّصبِ أو مجروران بمن. ويُبنيانِ في بعض الأحوال وذلك إذا قطعا عن الإضافة لفظاً لا معنًى - بحيثُ يَبقى المضافُ إليه في النية والتّقدير - كقوله تعالى: {للهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ}، أي: من قَبلِ الغلَبةِ ومن بعدها. فإن قُطِعا عن الإضافة لفظاً ومعنًى لقصدِ التّنكير - بحيثُ لا يُنوَى المضافُ إليه ولا يُلاحَظُ في الذهن - كانا مُعرَبين، نحو: (فعلتُ ذلكَ قبلاً، أو بعداً)، تَعني زماناً سابقاً أو لاحقاً، ومنه قول الشاعر:

    فَساغَ لِيَ الشَّرابُ، وكُنْتُ قَبْلاً

    أكادُ أَغَصُّ بالماءِ الْفُرَاتِ

    (واليك توضيح هذا البحث:


    إذا أردت قبليّةً أو بعديةً معينتين، عينتَ ذلك بالإضافة، نحو: (جئت قبل الشمس أو بعدها)، أو بحذف المضاف إليه وبناء (قبل وبعد) على الضم، نحو: (جئتك قبلُ أو بعدُ، أو من قبلُ أو من بعدُ)، تعني بذلك: قبل شيء معين أو بعده. فالظرف هنا، وان قُطع عن الإضافة لفظاً، لم يُقطع عنها معنى، لأنه في نية الإضافة.


    وان أردت قبليَّة أو بعديه غير معينتين، قلت: (جئتك قبلاً، أو بعداً، أو من قبلٍ أو من بعدِ). بقطعهما عن الإضافة لفظاً ومعنى وتنوينهما، قصداً الى معنى التنكير والإبهام).



    8- لَدَى ولَدُنْ: ظرفانِ للمكان والزمان، بمعنى: (عن)، مَبنيّانِ على السكون.
    والغالبُ في (لَدُنْ) أن تُجرَّ بمن، نحو: {وعلَّمناهُ من لَدُنّا علماً}. وقد تُنصَبُ مَحلاًّ على الظرفيّة الزمانية، نحو: (سافرتُ لَدُنْ طُلوعِ الشمسِ)، أو المكانيّة، نحو: (جلستُ لَدُنْك).


    وإذا أُضيفت إلى ياء المتكلم لَزمتها نونُ الوقاية، نحو: (لَدُنِّي).


    وهي تَضافُ إلى المفرد، كما رأيتَ، وإلى الجملة، نحو: "انتظرتُك من لَدُنْ طلعت الشمسُ إلى أن غَربتْ".

    وإن وقعت بعدَها (غُدْوَةٌ) نحو: جئتُك لَدُن غُدْوَة) جاز جرها بالإضافة إلى (لَدُنْ). وجاز نصبُها على التَّمييز، أو على أنها خبرٌ لكان المُقدَّرة معَ اسمها. والتقديرُ: (لَدُنْ كان الوقتُ غُدوةً) وجاز رفعُها على أنها فاعلٌ لفعل محذوف. والتقديرُ: (لَدُنْ كانت غدوةٌ) أي: (وُجِدتْ). فكان هنا تامّة.

    والغالبُ على (لَدَى) النّصبُ محلاً على الظرفيّة الزمانيّة، نحو: (جئتُ لَدَى طُلوعِ الشمس)، أو المكانيّة، نحو: (جلست لَديكَ). وقد تُجرُّ بمن، نحو: (حَضَرتُ من لَدَى الأستاذ).


    ولا تقعُ (لَدُنْ) عمدةً في الكلام، فلا يُقالُ: (لدُنهُ عِلم)، بخلافِ (لَدَى) فتقعُ، نحو: (ولَدَينا مَزيدٌ). وكذلك (عند) تقعُ عُمدة، نحو: (عندَك حُسنُ تدبيرٍ).
    ولا تكون (لَدى وَلدُنْ) إلا للحاضر. فلا يُقال: (لديَّ كتابٌ نافعُ)، إلا إذا كان حاضراً. أمّا (عند) فتكون للحاضر والغائب.


    ولا تُجرُّ (لَدَى ولَدُنْ وعند) بحرف جرّ غيرِ (من)، فمن الخطأ أن يُقال: (ذهبتُ إلى عندهِ). وكثيرٌ من الناس يُخطئُون في ذلك. والصوابُ أن يقال: (ذهبتُ إليه، أو إلى حضرتهِ).


    وإذا اتصلَ الضميرُ بِلَدَى انقلبت ألفها ياءً، نحو: (لَدَيه ولديهم ولدينا).

    يتبع في هذا المجال

  5. #135

    تابع لما قبله

    9- مَتى: ظرفٌ للزمان، مبني على السكون.


    وهو يكون اسمَ استفهامٍ، منصوباً محلاً على الظرفيّة، نحو: (متى جئتَ؟)، ومجروراً بإلى أو حتى، نحو: (إلى متى يرتَعُ الغاوي في غيَّه؟ وحَتّى متى يبقى الضّال في ضلالهِ؟).


    ويكونُ اسمَ شرطٍ، نحو: (متى تُتقنْ عملَكَ تبلغْ أملَكَ).
    ومتى تضمّنت (متى) معنى الشرط لَزِمتِ النصبَ على الظرفية، فلا تُستعملُ مجرورةٌ.


    10- أينَ: ظرفٌ للمكانِ، مبنيٌّ على الفتح.


    وهو يكونُ اسمَ استفهامٍ، منصوباً على الظرفيّة، فَيُسأل به عن المكان الذي حلَّ فيه الشيءُ، نحو: (أينَ خالدٌ؟ وأينَ كنتَ؟). ومجروراً بمن، فيُسألُ به عن مكانِ بُروزِ الشيءِ، نحو: (من أَينَ جِئتَ؟)، ومجروراً بإلى، فيُسألُ به عن مكان انتهاءٍ الشيءِ. نحو: (إلى أينَ تذهبُ؟).

    ويكونُ اسمَ شرطٍ. وحينئذٍ يَلزَمُ النصبَ على الظرفيّة، نحو: (أينَ تَجلسْ أجلسْ) وكثيراً ما تلحقُهُ (ما) الزائدةُ للتّوكيد، نحو: {أينما تكونوا يُدرِكُكُمُ الموتُ}.


    11- هنا وثَمَّ:

    اسما إشارةٍ للمكان. فهُنا: يُشار به إلى المكان القريب وثَمَّ: يُشار به إلى البعيد. والأول مبني على السكون. والآخرُ مبنيّ على الفتح. وقد تلحقُهُ التاءُ لتأنيث الكلمة، نحو: (ثَمَّةَ). ومَوضعُها النصبُ على الظرفية. وقد يُجرَّان بمن وبإلى.

    12- حيثُ:

    ظرفٌ للمكان، مبنيٌّ على الضمِّ، نحو: (إجلِسْ حيثُ يجلسُ أهلُ الفضلِ)، ومنهم من يقول، (حَوْثُ).

    وهي ملازمةٌ الإضافةَ إلى الجملة. والأكثرُ إضافتُها إلى الجملة الفعليّة، كما مُثِّلَ. ومن إضافتها إلى الاسميةِ أن تقولَ: (إجلِسْ حيثُ خالدٌ جالسٌ). ولا تُضاف إلى المفردِ. فإن جاءَ بعدَها مفردٌ رُفعَ على أنهُ مبتدأ خبرُهُ محذوف، نحو: (إجلسْ حيثُ خالدٌ)، أي: (حيث خالدٌ جالس).


    وقد تُجرُّ بمن أو إلى، نحو: (إرجِعُ من حيثُ أتيتَ إلى حيثُ كنتَ). وأقلُّ من ذلك جرُّها بالباءِ أو بفي.


    وإذا لحقتها (ما) الزائدة كانت اسمَ شرطٍ، نحو: (حيثُما تذهبْ أذهبْ).


    13- الآن:

    ظرفُ زمانٍ للوقت الذي أنت فيهِ، مبني على الفتح. ويجوز أن يدخلهُ من حروفِ الجرَّ (من وإلى وحتى ومُذْ ومُنذُ)، مبنياً مَعَهنَّ على الفتح. ويكون في موضعِ الجرِّ.
    14- أمسِ:
    له حالتان: إحداهما أن تكون معرفةً، فتُبنى على الكسر، وقد تُبنى على الفتح نادراً. ويُرادُ بها اليومُ الذي قبلَ يومكَ الذي أنت فيه، نحو: (جئتُ أمسِ). وتكونُ في موضع نصب على الظرفيّة الزمانية.

    وقد تخرجُ عن النصب على الظرفية، فتجرُّ بمن أو مُذْ أو منذُ. وتكونُ فاعلاً أو مفعولاً به أو غيرَهما. ولا تخرجُ في ذلك كلهِ عن بنائها على الكسر قال الشاعر:


    أَلَيْومَ أَعلمُ ما يَجِيءُ بهِ

    وَمَضى بِفَصلِ قَضائهِ أَمْسِ

    ومن العرب من يُعربها إعرابَ ما لا ينصرفُ وعليه قولهُ:


    إني رَأَيتُ عَجَباً مُذْ أَمْسَا

    عَجائِزاً مِثْلَ السَّعالِي خَمْساً

    وقول الآخر:


    اعتَصِمْ بالرَّجاءِ إِنْ عَنَّ يَأسُ

    وَتَناسَ الَّذي تَضَمَّنَ أَمْسُ

    ومنعُها من الصّرف هو للتعريف والعَدْل، لأنها معدولةٌ عن الأمس. كما أنَّ (سحَرَ) معدولٌ عن السَّحَر. كما سبقَ في إعراب ما لا ينصرف.


    والحالةُ الثانيةُ أن تدخلَ عليها (أل)، فتُعرَبُ بالإجماع، ولا يُرادُ بها حينئذٍ أمس بعينهِ، وإنما يُرادُ بها يومٌ من الأيام التي قبل يومك. وهي تتصرّفُ من حيثُ موقعُها في الإعراب تَصرُّفَ (أمس).


    15- دُون:

    ظرفٌ للمكان. وهو نقيضُ (فوْق)، نحو (هو دونَه)، أي: أحُّط منه رتبةً، أو منزلةً، أو مكاناً. وتقولُ: (قعدَ خالدٌ دونَ سعيدٍ) أي: في مكانٍ مُنخفض عن مكانه. وتقولُ: (هذا دُونَ ذاك)، أي: هو مُتسفّلٌ عنه.

    ويأتي بمعنى (أمام) نحو: (الشيء دونَك)، أي: (أمامَكَ) وبمعنى (وراءه)، نحو: (قعدَ دُونَ الصَّفِّ)، أي: وراءَه. وهو منصوبٌ على الظرفيةِ المكانيّة، كما رأيتَ.
    وقد يأتي بمعنى (رديءِ وَخسيسٍ) فلا يكون ظرفاً، نحو: (هذا شيءٌ دُونٌ) أي: خسيسٌ حقيرٌ. وهو حينئذٍ يتصرَّفُ بوجوهِ الإعرابِ. وتقولُ: (هذا رجلٌ من دُونٍ. وهذا شيءٌ من دونِ). هذا أكثرُ كلامِ العرب، ويجوز حذفُ (من)، كما تقدَّمَ وتُجعَلُ (دون) هي النّعت.

    وهو مُعرَبٌ. لكنَّه يُبنى في بعض الأحوال، وذلكَ إذا قطع عن الإضافةِ لفظاً ومعنى، نحو: "جلستُ دونُ"، بالبناءِ على الضم. ويكونُ في موضع نصب.

    16- رَيْثَ :

    ظرفٌ للزمان منقول عن المصدر. وهو مصدر (راثَ يَريثُ رَيْثاً)، إذا أبطأ، ثُمَّ ضُمنَ معنى الزمان. ويُرادُ به المقدارُ منه، نحو: (انتظرتُه رَيثَ صَلَّى. وانتظرني رَيثَ أجيءُ)، أي: قدْرَ مُدَّةِ صلاتهِ، وقدرَ مدة مجيئي.
    ولا يَليهِ إلا الفعلُ، مُصدَّراً بما أو أنْ المصدريتين، أو مُجرَّداً عنهما فالأول نحو: (انتظرني رَيثما أحضُرُ. وانتظرتُهُ رَيثَ أن صَلّى)، فيكون حينئذ مضافاً إلى المصدر المُؤوّل بِهما والثاني تقدّم مثاله.


    وإذا لم يُصَدّر الفعلُ بهما، أُضيفَ ( رَيْث) إلى الجملة.


    17- معَ:


    ظرفٌ لمكانِ الاجتماع ولزمانهِ، فالأول نحو: (أنا معكَ)، والثاني نحو: (جئتُ معَ العصر). وهو مُعرَب منصوب وقد يُبنى على السكون. (وذلك في لغة غُنْمٍ ورَبيعة)، فيكون في محلِّ نصبٍ. وإذا وَلِيَهُ ساكنُ حُرِّكَ بالكسر، على هذه اللغة، تَخلصاً من التقاءِ الساكنينِ، نحو: (جئتُ معِ القومِ).
    وأكثرُ ما يُستعملُ مضافاً، كما رأيتَ. وقد يُفرَدُ عن الإضافة، فالأكثر حينئذٍ أن يقعَ حالاً، نحو: "جئنا معاً" أي: جميعاً، أو مجتمعينِ. وقد يقعُ في موضع الخبر، نحو: "سعيدٌ وخالدٌ معاً"، فيكونُ ظرفاً متعلقاً بالخبر.

    والفرقُ بين "مع"، إذا أُفردت، وبينَ "جميعاً" أنكَ إذا قلتَ: "جاءُوا معاً"، كان الوقتُ واحداً. وإذا قلتَ: "جاءوا جميعاً"، احتمل أن يكونَ الوقتُ واحداً، واحتملَ أنهم جاءُوا مُتفرِّقينَ في أوقات مختلفة.


    18- كيفَ:


    اسمُ استفهام. وهي ظرفٌ للزمان عندَ سيبويهِ، في موضع نصبٍ دائماً، وهي مُتعلقةٌ إما بخبرٍ، نحو: (كيفَ أنت؟ وكيفَ أصبحَ القومُ؟)، وإمّا بحالٍ، نحو: (كيفَ جاءَ خالدٌ؟). والتقديرُ عندهُ: (في أي حالٍ، أي على أي حالٍ؟).
    والمُعتمَدُ أنها للاستفهامِ المجرّدِ عن معنى الظرفيّة، فتكون هي الخبرَ أو الحال، لا المتعلّقَ المقدّر.


    وتكون أيضاً ثانيَ مفعولَيْ "ظنّ" وأخواتها، لأنه في الأصل خبرٌ، نحو: "كيفَ ظننتَ الأمرَ؟".


    وقد تكون اسمَ شرطٍ فيجزمُ فعلين، عندَ الكوفيين، نحو: (كيفَ تجلسْ أجلسْ، وكيفما تكنْ أكنْ). وهي، عند البصريين، اسمُ شرطٍ غيرُ جازم.


    19- إذْ:


    ظرفٌ للزمانِ الماضي، نحو: (جئتُ إذْ طلعت الشمسُ). وقد تكونُ ظرفاً للمستقبَل، كقوله تعالى: {فسوف يعلمونَ إذِ الأغلال في أعناقهم}.
    وهي مبنيةٌ على السكون في محل نصبٍ على الظرفية. وقد تقعُ موقعَ المضاف إليه، فتُضافُ إلى اسمِ زمانٍ، كقولهِ تعالى: {رَبَّنا لا تزغْ قُلوبَنا بعدَ إذْ هَدَيتنا}.
    وقد تقعُ موقعَ المفعولِ به (أو البدل منه). فالأولُ كقوله سبحانه: {واذكرُوا إذ كنتم قليلاً}. والثاني كقولهِ: {واذكرْ في الكتاب مريمَ، إذ انتبذتْ من أهلها مكاناً شرقيّاً}.


    وهي تلزمُ الإضافةَ إلى الجُمل، كما رأيتَ. فالجملةُ بعدها مضافة إليها. وقد يُحذف جزء الجملة التي تضافُ إليها، كقول الشاعر:

    هَلْ تَرجِعَنَّ لَيالٍ قَدْ مَضَيْنَ لَنا
    وَالْعَيْشُ مُنَقَلِبٌ إذْ ذَاكَ أَفْناناً

    وقد تُحذَفُ الجملةُ كلُّها، ويُعوَض عنها بتنوينِ (إذ) تنوين العِوَض، كقوله تعالى: {فلَولا إذْ بلغتِ الرُّوحُ الحُلْقُومَ، وأنتم حينئذٍ تَنظُرونَ} أي: وأنتم حينَ إذْ بلغت الروحُ الحُلقوم تَنظرون.


    20- لمَّا:


    ظرفٌ للزمانِ الماضي، بمعنى (حينٍ) أو (إذْ). وهي تقتضي جملتينِ فعلاهما ماضيانِ. ومحلها النصبُ على الظرفية لجوابها. وهي مضافة إلى جملةِ فعلِها الأول والمُحقّقون من العلماءِ يَرَوْنَ أنها حرفٌ لربطِ جُملتيها. وسمّوها حرفَ وُجودٍ لوجودِ. أي: هو للدَّلالة على وجودِ شيءٍ لوجودِ غيرِهِ. وسترى توضيحَ ذلك في كتاب الحروف. إن شاءَ الله.

    21- مُذ ومُنذُ:

    ظرفانِ للزّمان. و (مُذْ) مُخفَّفةٌ من (منذُ). و (منذُ) أصلُها (من) الجارَّةُ و (إذ) الظرفيّةُ، لذلك كُسرت مِيمُها في بعض اللُّغاتِ باعتبار الأصلِ.

    وإن وَلِيهما جملةٌ فعليّةٌ، أو اسميّةٌ، كانا مُضافينِ إليها، وكانت الجملةٌ بعدَهما في موضع جَرّ بالإضافةِ إليهما، نحو: (ما تركتُ خدمةَ الأمةِ مُنذُ نَشأتُ. وما زلتُ طَلاباً للمجد مُذْ أنا يافِعٌ).


    وإن وَلِيَهما مُفردٌ جاز رفعُهُ على أنهُ فاعلٌ لفعلٍ محذوف، نحو: (ما رأيتكَ منذ يومُ الخميسِ، أو مُذْ يومانِ). والتقديرُ: منذ كان أو مضى يوم الخميسِ، أو يومانِ. فالجملةُ المركبةُ من الفعل المحذوف والفاعل المذكور في محل جر بالإضافة إلى مذ أو منذُ. و لكَ أن تَجُرّهُ على أنهما حرفا جرٍّ، شبيهانِ بالزائدِ، نحو: (ما رأَيتك مذْ يومٍ أو منذُ يومينِ).


    22- عَلُ:

    ظرفٌ للمكان بمعنى (فَوقُ). ولا يستعملُ إلا بمن ولا يضافُ لفظاً على الصّحيح، فلا يُقالُ: (أخذتُهُ من عَلِ الخزانة)، كما يقال: (أخذتهُ من عُلوها ومن فوقها). وأجاز قومٌ إضافتهُ.

  6. #136
    السلام عليكم
    تسجيل مرور وتفصيل هام جدا لبناء الظروف
    الف تحية
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #137
    وعليكم السلام ورحمة الله

    شكراً لتشجيعكم

    كل عام وأنتم بخير

  8. #138
    المفعول معه

    المفعولُ مَعَهُ: اسمٌ فضلةٌ وقعَ بعد واوٍ، بمعنى (مع) مسبوقةً بجملةٍ، ليدُلَّ على شيءٍ حصلَ الفعلُ بمُصاحبتِه (أي: معهُ)، بلا قصدٍ إلى إشراكِهِ في حكم ما قبلهُ، نحو: (مَشيتُ والنّهرَ).

    وفي هذا المبحث ثلاثة مباحثَ:


    1- شُرُوطُ النصْبِ عَلى المعِيَّة


    يشترط: في نصبِ ما بعد الواو، على أنه مفعولٌ معهُ، ثلاثةُ شُرُوط:


    أ- أَن يكون فضلةً (أَيْ: بحيثُ يصحُّ انعقادُ الجملةِ بدونه).


    (فان كان الاسم التالي للواو عمدة، نحو: (اشترك سعيدٌ وخليلٌ)، لم يجز نصبه على المعية، بل يجب عطفه على ما قبله، فتكون الواو عاطفة. وإنما كان (خليل) هنا عمدة، لوجوب عطفه على (سعيد) الذي هو عمدة. والمعطوف له حكم المعطوف عليه. وإنما وجب عطفه لأنّ فعل الاشتراك لا يقع إلا من متعدد. فبالعطف يكون الاشتراك مسنداً إليهما معاً. فلو نصبته لكان فضلة، ولم يكن له حظّ في الاشتراك حاصلاً من واحد، وهذا ممتنع).


    ب- أن يكونَ ما قبلَهُ جملةً.

    (فان سبقه مفرد، نحو: (كلّ امرئ وشأنهُ)، كان معطوفاً على ما قبله. وكل: مبتدأ. وامرئ: مضاف إليه. وشأنه: معطوف على كل. والخبر محذوف وجوباً. كما تقدم نظيره في باب (المبتدأ والخبر). والتقدير: كل امرئ وشأنهُ مُقترنانِ. ولك أن تنصب (كل)، على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: (دع أو اترك)، فتعطف (شأنه) حينئذ عليه منصوباً).

    ج- أن تكونَ الواوُ، التي تسبقُهُ، بمعنى (مَعَ).


    (فان تعين أن تكون الواو للعطف، لعدم صحة المعية، نحو: (جاء خالدٌ وسعيدٌ قبله، أو بعده)، فلم يكن ما بعدها مفعولا معه، لأن الواو هنا ليست بمعنى (مع)، إذ لو قلت: (جاء خالد مع سعيد قبله، أو بعده) كان الكلام ظاهر الفساد.


    وإن تعين أن تكون واوً الحال فكذلك، نحو: (جاء علي والشمسُ طالعة)).
    ومثالُ ما اجتمعت فيه الشُّروطُ: (سارَ علي والجبلَ. وما لكَ وسعيداً*؟ وما أنت وسليماً.*

    [ما: اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. ولك: متعلق بالخبر المحذوف. والتقدير: ما حاصل لك، و(سعيداً): مفعول معه.]
    [ما: استفهامية في محل رفع خبر مقدم، وأنت: مبتدأ مؤخر. (سليماً: مفعول معه)]

    2- أَحكامُ ما بعدَ الواوِ


    للاسمِ الواقعِ بعد الواو أربعةُ أحكام: وجوبُ النّصبِ على المعيّةِ، ووجوبُ العطفِ، ورُجحانُ النصبِ، ورجحانُ العطف.


    فيجب النصبُ على المعيّةِ (بمعنى أنه لا يجوزُ العطف) إذا لزمَ من العطف فسادٌ في المعنى، نحو: (سافرَ خليلٌ والليلَ. ورجعَ سعيدٌ والشمسَ) ومنه قولهُ تعالى: {فأجمِعُوا أمرَكم وشُرَكاءَكم}، وقولهُ: {والذين تَبَوَّؤُا الدارَ والإيمانَ}.

    (وإنما امتنع العطف، لأنه يلزم منه عطف الليل على خليل، وعطف الشمس على سعيد، فيكونان مسنداً إليهما، لأن العطف على نية تكرير العامل، والمعطوف في حكم المعطوف عليه لفظاً ومعنى، كما لا يخفى، فيكون المعنى: (سافر خليل وسافر الليل، ورجع سعيد ورجعت الشمس) وهذا ظاهر الفساد.

    ولو عطفتَ (شركاءكم)، في الآية الأولى، على (أمركم) لم يجز، لأنه يقال: (أجمع أمرَهُ وعلى أمره)، كما يقال: (عزمه وعزم عليه)، كلاهما بمعنى واحد. ولا يقال: (أجمع الشركاء أو عزم عليهم). بل يقال: (جمعهم). فلو عطفت كان المعنى: (اعزموا على أمركم واعزموا على شركائكم)... وذلك واضح البطلان.

    ولو عطفتَ الإيمانَ على الدار، في الآية الأخرى، لفسد المعنى، لأنّ الدار. أن تُتَبَوَّأ - أي تُسكن - فالإيمان لا يُتَبوأ. فما بعد الواو، في الآيتين، منصوب على أنه مفعول معه. فالواو واو المعية.


    ويجوز أن تكون الواو في الآيتين، عاطفة وما بعدها مفعول به لفعل محذوف تقديره في الآية الأولى: (ادعوا واجمعوا)- فعل أمر من الجمع - وفي الثانية: (أخلصوا) - فعل ماض من الإخلاص - فيكون الكلام من عطف جملة على جملة، لا من عطف مفرد على مفرد.


    ويجوز أن يكون شركاءَكم معطوفاً على (أمركم) على تضمين (أجمعوا) معنى (هيئوا). وأن يكون الإيمان معطوفاً على تضمين (تبوؤا) معنى (لزموا). والتضمين في العربية باب واسع).


    ويجبُ العطفُ (بمعنى أنه يمتنع النصبُ على المعيّة) إذا لم يَستكمل شروطَ نصبهِ الثلاثةَ المتقدمةَ.


    ويرَجّحُ النصبُ على المعيّة، مَعَ جواز العطفِ، على ضَعفٍ، في موضعين:


    أ- أن يلزمَ من العطف ضعفٌ في التركيب، كأن يلزمَ منه العطفُ على الضمير المُتّصلِ المرفوعِ البارز، أو المستتر، من غير فصلٍ بالضمير المنفصل، أو بفاصلٍ، أيِّ فاصلٍ، نحو: (جئتُ وخالداً. واذهبْ وسليماً). ويَضعُفُ أن يُقالَ: "جئتُ وخالدٌ. واذهبْ وسليم).

    (أي بعطف (خالد) على التاء في (جئت)، وعطف (سليم) على الضمير المستتر في (اذهب). والضعف إنما هو من جهة الصناعة النحوية الثابتة أصولها باستقراء كلام العرب. وذلك أن العرب لا تعطف على الضمير المرفوع المتصل البارز أو المستتر، إلا أن يفصل بينهما بفاصل ضميراً منفصلاً يؤكد به الضميرُ المتصل أو المستتر، نحو: (جئت أنا وخالد. واذهب أنت وسعيد)).

    أما العطفُ على الضمير المنصوب المتّصل، فجائزٌ بلا خلافٍ، نحو: (أَكرمتكَ وزُهيراً).


    وأما العطفُ على الضمير المجرور، من غير إعادة الجارّ، فقد منعه جمهور النُّحاةِ، فلا يقالُ على رأيهم: (أحسنتُ إليك وأبيك)، بل: (أحسنتُ إليك وأباكَ)، بالنصب على المعيّة. فإن أعدتَ الجار جازَ، نحو: (أحسنتُ إليك وإلى أبيك). والحقُّ أنه جائز. وعلى ذلك الكسائيُّ وابنُ مالكٍ وغيرُهما. وجعلوا منه قولهُ تعالى: {وكُفرٌ بهِ والمسجدِ الحرام} وقد قرئَ في السبعِ: {واتقوا اللهَ الذي تساءَلونَ بهِ والأرحامِ}، بجرّ (الأرحامِ) عطفاً على الهاء في (به)، قرأ ذلك حمزةُ، أحدُ القُرَّاءِ السبعة. لكنَّ الأكثرَ والأفصحَ إعادةُ الجارَ، إذا أُريد العطفُ. كما تقدّم.


    ب- أن تكونَ المعيّةُ مقصودةً من المتكلم، فتَفوتُ بالعطف، نحو: (لا يَغُرَّكَ الغِنى والبَطَرَ. ولا يعجِبْكَ الأكل والشبَعَ. ولا تهوَ رغَدَ العيشِ والذُّلَّ)، فإن المعنى المراد، كما ترى، ليسَ النهيَ عن الأمرينِ. وإنما هو الأول مجتمعاً مع الآخر. ومنه قول الشاعر:


    فَكونوا أَنتُمُ وبَنِي أَبيكمْ

    مَكانَ الكِلْيَتَيْنِ مِنَ الطِّحالِ

    (فليس مراده: كونوا أنتم وليكن بنو أبيكم، وإنما يريد: كونوا أنتم مع بني أبيكم. فالنصب على المعية فيما تقدم راجح قوي، لتعيينه المعنى المراد، وفي العطف ضعف من جهة المعنى).

    والمُحقّقُون يوجبون، في مثل ذلك النصبَ على المعيّة، ولا يُجوّزون العطف. وهو الحقُّ، لأنَّ العطفَ يفيدُ التشريكَ في الحكم. والتشريكُ هنا غير مقصود.


    ويرَجْحُ العطفُ متى أمكنَ بغيرِ ضعفٍ من جهة التركيب، ولا من جهة المعنى، نحو: (سار الأميرُ والجيشُ. وسرتُ أنا وخالدٌ. وما أنتَ وسعيدٌ؟)، قال تعالى: {يا آدمُ اسكن أنتَ وزوجُكَ الجنة}.

    ومتى ترجحَ العطفُ ضَعُفَ النصبُ على المعيّة، ومتى ترجحَ النصبُ على المعيّة ضعُفَ العطفُ.


    خلاصة وتحقيق


    (وخلاصة البحث: أن ما بعد الواو، تارة لا يصح تشريكه في حكم ما قبله، نحو: (سار علي والجبل) فيجب نصبه على المعية. وتارة يصح تشريكه فيمنع من العطف مانع، نحو: (جئت وسعيداً)، فيترجح نصبه على المعية. وتارة يجب تشريكه، نحو: (تصالح سعيد وخالد) فيجب العطف. وتارة يجوز تشريكه بلا مانع، نحو: (سافرت أنا وخليل)، فيختار فيه العطف على نصبه على المعية، وتارة لا يكون التشريك مقصوداً، وإنما يكون المقصود هو المعية، فيكون الكلام على نية الإعراض عن تشريك ما بعد الواو في حكم ما قبلها الى مجرّد معنى المصاحبة. فيرجح النصب على المعية على العطف، نحو: (لا تسافر أنت وخالدً)، إذا أردت نهيه عن السفر مع خالد، لا نهيه ونهيَ خالدٍ عن السفر. وقد ذكرنا آنفاً بضعة أمثلة على ذلك. فان قصدت إلى نهيهما كليهما عن السفر، ترجح العطف. نحو: (لا تسافر أنت وخالد).


    والنفس تواقة إلى إيجاب النصب على المعية فيما لم يُقصد به إلى التشريك في الحكم، والى إيجاب العطف فيما يُقصد به الى التشريك فيه، مراعاةً لجانب المعنى الذي يريده المتكلم. ونرى أن إجازتهم العطف في الصورة الأولى، والنصب على المعية في الصورة الثانية (على ضعف فيهما) إنما هي من حيث الصناعة اللفظية، بمعنى أنه لا يمنع من ذلك مانع من حيث القواعد النحوية. وأنت خبير بما في ذلك من التهويش على السامع والتلبيس عليه. فاحفظ هذا التحقيق واعمل به).


    3ـ العاملُ في الْمَفْعولِ مَعَهُ

    يَنصبُ المفعولَ معهُ ما تقدَّمَ عليه من فعلٍ أو اسمٍ يُشبهُ الفعلَ. فالفعلُ نحو: (سرتُ والليلَ)، والاسمُ الذي يُشبهُهُ، نحو: (أنا ذاهبٌ وخالداً). "وحسبُكَ وسعيداً ما فعلتُما).


    وقد يكونُ العاملُ مقدّراً، وذلكَ بعدَ (ما وكيفَ) الاستفهاميّتينِ، نحو: (ما أنتَ وخالداً. وما لك وسعيداً. وكيفَ أنتَ والسفرَ غداً. والتقدير: (ما تكون وخالداً؟ وما حاصل لكَ وسعيداً؟ وكيف تكونُ والسفرَ غداً).
    واعلم أنه لا يجوزُ أن يتقدّمَ المفعولُ معهُ على عاملهِ، ولا على مُصاحبهِ، فلا يقال: (والجبلَ سارَ عليٌّ) ولا (سارَ والجبلَ عليٌّ).

  9. #139
    ( الحال )


    الحالُ: وصفٌ فضلةٌ يُذكرُ لبيانِ هيئَةِ الاسمِ الذي يكونُ الوصفُ له، نحو: (رجعَ الجندُ ظافراً. وأدَّبْ ولدَكَ صغيراً. ومررتُ بهند راكبةً. وهذا خالدٌ مُقبلاً).


    (ولا فرق بين أن يكون الوصف مشتقاً من الفعل، نحو: (طلعت الشمس صافية)، أو اسماً جامداً في معنى الوصف المشتق، نحو: (عدا خليل غزالاً) أي مسرعاً كالغزال.


    ومعنى كونه فضلة: أنه ليس مسنداً إليه. وليس معنى ذلك أنه يصح الاستغناء عنه إذ قد تجيء الحال غير مستغنى عنها كقوله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين} وقوله: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}؛ وقول الشاعر:


    انما الميتُ من يعيشُ كئيباً

    كاسفاُ بالُهُ، قليلَ الرّجاء
    وقد تشتبه الحال بالتمييز في نحو: (لله ِ دَرّهُ فارساً أو عالماً أو خطيباً). فهذا ونحوه تمييزٌ لأنه لم يقصد به تمييز الهيئة. وإنما ذكر لبيان جنس المتعجب منه، والهيئة مفهومة ضمناً. ولو قلت: (لله دَرّهُ من فارس). لصحَّ. ولا يصحّ هذا في الحال. فلا يقال: (جاء خالد من راكب) وليس مثل ما تقدم هو التمييز حقيقة.
    وإنما هو صفته نابت عنه بعد حذفه. والأصل (لله درّهُ رجلاً فارساً).
    وربما اشتبهت الحال بالنعت. نحو: (مررت برجل راكب). فراكب: نعت. لأنه ذكر لتخصيص الرجل لا لبيان هيئته).


    واعلم أنّ الحالَ منصوبةٌ دائماً. وقد تُجرُّ لفظاً بالباءِ الزائدة بعد النفيِ، كقول الشاعر:


    فما رَجَعَتْ بِخائِبةٍ رِكابٌ

    حَكيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنْتَهاها
    وفي هذا الباب تسعةُ مَباحثَ:

    1- الاسمُ الَّذي تَكون لَهُ الحالُ


    تجيء الحالُ من الفاعل، نحو: (رجعَ الغائبُ سالماً). ومن نائب الفاعل، نحو:

    (تُؤكلُ الفاكهةُ ناضجة). ومن الخبرِ، نحو: (هذا الهلالُ طالعاً). ومن المبتدأ (كما هو مذهبُ سيبويه ومن تابعهُ. وهو الحقُّ)، نحو: (أنتَ مجتهداً أخي) ونحو: (الماءُ صرفاً شرابي). ومن المفاعيل كلها على الأصحّ، لا من المفعول به وحدَهُ. فمجيئُها من المفعول به نحو: (لا تأكل الفاكهة فِجّةً) ومن المفعول المطلق نحو: (سرتُ سيري حثيثاً، فتعبتُ التعب شديداً)، ومن المفعول فيه نحو: (سريتُ الليلَ مظلماً. وصُمتُ الشهرَ كاملاً)، ومن المفعول لأجلهِ نحو: (افعلِ الخيرَ محبةَ الخيرِ مجرَّدةً عن الرياء)، ومن المفعولِ معهُ نحو: (سِرْ والجبلَ عن يمينك) ونحو: (لا تَسرِ والليلَ داجياً).

    ولا فرقَ بينَ أن يكون المفعولُ صريحاً، كما رأيتَ، أو مجروراً بالحرف، نحو: (انهضْ بالكريمِ عاثراً) ونحو: (لا تَسرِ في الليل مُظلِماً) ونحو: (اسعَ للخير وحدَهُ).


    وقد تأتي الحالُ من المضاف إليه بشرط أن يكون في المعنى، أو في التقدير، فاعلاً أو مفعولاً، وذلك في صورتين.

    أ- أن يكونَ المضافُ مَصدراً أو وصفاً مضافين إلى فاعلهما أو نائب فاعلهما أو مفعولِهما.

    فالمصدرُ المضافُ إلى فاعلهِ، نحو: (سَرّني قدومكَ سالماً)، ومنه قولهُ تعالى: {إليه مرجعُكُم جميعاً}، وقولُ الشاعر:


    تقُولُ ابْنَتي: إنَّ انْطلاقَكَ واحداً،

    إلى الروْعِ يَوْماً، تاركي لا أَبالِيَا

    والوصفُ المضافُ إلى فاعله نحو: (أنتَ حسَنُ الفرَسِ مُسرَجاً).
    والوصفُ المضافُ إلى نائب فاعله نحو: (خالدٌ مغمَض العينِ
    دامعةً
    ).
    والمصدرُ المضافُ إلى مفعولهِ، نحو: (يعجبُني تأديبُ الغلام
    مُذنِباً، وتهذيبُهُ صغيراً).


    والوصفُ المضافُ إلى مفعولهِ نحو: (أنتَ ورادُ العيشِ صافياً، ومسهَلُ الأمرِ صعباً)، ونحو: (خالدٌ ساري الليلِ مظلماً).


    وبذلك تكونُ الحالُ قد جاءَت من الفاعل أو نائبه أو من المفعولِ، كما هو شرطها.


    ب- أن يَصِحَّ إقامةُ المضافِ إليه مقامَ المضاف، بحيثُ لو حذف المضافُ لاستقامَ المعنى. وذلكَ بأن يكونَ المضافُ جُزْءاً من المضاف إليه حقيقةً، كقولهِ تعالى: {أيُحب أحدُكم أن يأكل لحمَ أخيه مَيتاً فكَرِهتُموهُ}، وقوله: {ونَزَعنا ما في صُدورهم من غِلٍّ إخواناً}، ونحو: (أمسكتُ بيدِكَ عاثراً). أو يكونَ كجزءٍ منه، نحو: (تَسرُّني طِباعُ خالدٍ راضياً، وتسوءُني أخلاقُهُ غضبان). ومنه قوله تعالى: {أنِ اتَّبِعْ ملّةَ إبراهيمَ حنيفاً}.


    (وبذلك تكون الحال أيضا قد جاءت من الفاعل أو المفعول تقديراً، لأنه يصح الاستغناء عن المضاف. فإذا سقط ارتفع ما بعده على الفاعلية أو انتصب على المفعولية. وإذا علمت ذلك عرفت أنه لا يصحُّ أن يقال: (مررت بغلام سعاد جالسة)، لعدم صحة الاستغناء عن المضاف؛ لأنه ليس جزءاً من المضاف إليه، ولا كالجزء منه. فلو أسقطت الغلام، فقلت: "مررت بهند جالسة" لم يستقم المعنى المقصود، لأن القصد هو المرور بغلامها لا بها).


    2- شروطُ الحال


    يشترطُ في الحال أربعةُ شروطٍ:

    أ ـ أن تكونَ صفةً مُنتقلةً، لا ثابتةً (وهو الأصلُ فيها)، نحو: (طلعت الشمسُ صافيةً).

    وقد تكونُ صفةً ثابتةً، نحو
    :هذا أَبوكَ رحيماً
    {يومَ أُبعثُ حيّاً}. {خُلِقَ الإنسانُ ضعيفاً}. خَلَقَ اللهُ الزَّرافةَ يَدَيها أطولَ من رِجلَيها. {أَنزلَ إليكم الكتابَ مفصّلاً}".
    وقال الشاعر:

    فَجَاءَتْ بهِ سَبْطَ العِظامِ، كأَنما

    عِمامتُهُ بَيْنَ الرِّجالِ لِواءُ
    [ سبط العظام: مستوي القِوام. وأصل ذلك في الشعر، يقال: شعر سبط أي ليس بجعد. ومنه يقال: فلان سبط الكف وسبط البنان أي كريم، وفلان جعد الكف أي بخيل. ويصف الشاعر ابنا له حسن القد وطول القامة واعتدالها]

    ب- أن تكونَ نكرةً، لا معرفةً.


    وقد تكون معرفةً إذا صحَّ تأويلُها بنكرةٍ، نحو: (آمنتُ بالله وحدهُ). أَي: منفرداً، ونحو: (رجعَ المسافرُ عودَهُ على بَدئهِ"، أي: عائداً في طريقه، والمعنى أنه رجعَ في الحال. ونحو: (أُدخلُوا الأولَ فالأولَ) أي مترَتِّبينَ. ونحو: (جاءُوا الجَمّاءَ الغَفيرَ)، أي جميعاً. ونحو: (افعل هذا جُهدَكَ وطاقتكَ) أي: جاهداً جادًّا. ونحو: (جاءَ القومُ قَضَّهُم، بقَضيضهم)، أي جاءُوا جميعاً أو قاطبةً.


    ج- أن تكونَ نَفْسَ صاحبِها في المعنى، نحو: (جاءَ سعيدُ راكباً).
    (فان الراكب هو نفس سعيد. ولا يجوز أن يقال: (جاء سعيد ركوباً). لأن الركوب فعل الراكب وليس هو نفسه).


    د- أن تكون مشتقّةً، لا جامدةً.


    وقد تكون جامدةً مُؤَوَّلةً بوصفٍ مشتقٍّ، وذلك في ثلاث حالات:


    الأولى: أن تدُلَّ على تشبيهٍ، نحو: (كرَّ عليٌّ أسداً)، أي: شُجاعاً كالأسد، ونحو: (وضَحَ الحقُّ شمساً)، أي: مضيئاً، أو منيراً كالشَّمس. ومنه قولهم: (وقعَ المصطَرعانِ عِدْليْ عَيرٍ). أي مصطَحِبَينِ كاصطحابِ عدليْ حمارٍ حينَ سقوطهما.

    [عدلي عير: العِدل: كيس من الصوف يتسع الاثنان منه نحو ربع طن، كانت تربط على الجمل أو حمار النقل والبغل القوي، والعير هنا الحمار، وتقال للحمار الأهلي أو الوحشي]

    الثانيةُ: أن تَدُلُّ على مُفاعلةٍ، نحو: (بِعتُكَ الفرَسَ يداً بيدٍ)، أي: متقابضينِ، ونحو: (كلّمتُه فاهُ إلى فيَّ)، أي: مُتشافهينِ.


    الثالثةُ: أن تدلَّ على ترتيبٍ، نحو: (دخلَ القومُ رجلاً رجلاً"، أي: مُترَتّبينَ، ونحو: (قرأتُ الكتابَ باباً باباً)، أي: مُرَتّباً.


    وقد تكونُ جامدةً، غيرَ مُؤوَّلةٍ بوصفٍ مُشتق، وذلك في سبع حالاتٍ:

    الأولى: أن تكونَ موصوفةً، كقوله تعالى: {إنّا أنزلناه قرآنا عربياً} وقولهِ: {فتَمثَّلَ لها بَشراً سَوياً}.

    الثانيةُ: أن تدلَّ على تسعيرٍ، نحو: (بعتُ القمحَ مُدًّا بِعشرةِ قُروشٍ. واشتريتُ الثوبَ ذِراعاً بدينارِ).


    الثالثةُ: أن تدُلَّ على عددٍ، كقوله تعالى: {فَتَمَّ مِيقاتُ رَبكَ أربعينَ ليلةً}.
    الرابعةُ: أن تَدُلَّ على طَورٍ، أي حالٍ، واقعٍ فيه تفضيلٌ، نحو: (خالدٌ
    غلاماً أحسنُ منهُ رجلاً) ونحو: (العِنَب زبيباً أطيبُ منه دِبساً).


    الخامسةُ: أن تكون نوعاً لصاحبها، نحو: (هذا مالُكَ ذهباً).


    السادسةُ: أن تكونَ فرعاً لصاحبها، نحو: (هذا ذَهبُكَ خاتماً)، ومنه قولهُ تعالى:

    {وتنحِتونَ الجبالَ بُيوتاً}.

    السابعةُ: أن تكون أصلاً لصاحبها، نحو: (هذا خاتُمكَ ذَهباً. وهذا ثوبُك كتّاناً)، ومنه قوله تعالى: {أأسجُدُ لِمن خَلقتَ طيناً؟}.

  10. #140
    السلام عليكم
    وجزاك الله خيرا فهو جهد كبير والله وسرال:
    هل هو نقل صادق عن الشيخ مصطفى الغلايين؟ أم مع بعض التصرف؟
    وأين الفصل المخصص للأرقام؟ هل سقط سهوا ام هناك عطل فني فخسرناه؟
    وهل تسمح بجعله كتابا الكترونيا وبمتناول الجميع؟
    وشكرا
    *********
    وهذا بحث لفت نظري فهو غير مطروق ولافت:وكيف يمكننا الاستفادة منه؟
    الخــط

    الخط: تصوير اللفظ بحروف هِجائه التي يُنطق بها، وذلك بأن يُطابق المكتوب المنطوق به من الحروف.

    والأصل في كل كلمة أن تكتب بصورة لفظها، بتقدير الابتداء بها والوقف عليها. وهذا أصلٌ معتبرٌ بالكتابة.

    ومن أجل ذلك:

    كتبوا همزات الوصل في درج الكلام، وإن لم يُنطق بها، لأنه إذا ابتُدئ بالكلمات، التي هي أولها، نُطقَ بهمزاتها، مثل: جاء الحقُ، وسافر اُبنك، فإنك، إن قدمت وأخرت، فقلت: (الحقُ جاء، إبنك سافر)، نطقت بالهمزة: إلا إذا سبقت (أل) لام الجر أو لام الابتداء، فتحذف همزتها، مثل: (للرجل، للمرأة، للرجل أقوى من المرأة، وللمرأة أرقُ عاطفة منه).

    وكتبوا هاء السكت في نحو: (رَهْ زيداً، وقِهْ نفسَك) لأنك في الوقف تقول: رهْ وقِهْ

    وكتبوا ألف (أنا)، مع أنها لا تُلفظ في درج الكلام، لأنها إذا وُقِف عليها، وُقف عليها بالألف. ومن ذلك قوله تعالى {لكنَّا هو الله ربي}، لأن أصله (لكن أنا).

    وكتبوا تاء التأنيث، التي يوقف عليها بالهاء، هاءً: كرحمة وفاطمة، وكتبوا التي يوقف عليها بالتاء، تاءً: كأخت وبنت ورحمات. ومن وقف على الأول بالتاء المبسوطة، كتبها بالتاء، مثل: رَحْمَتْ ومن وقف على الأخرى بالهاء، كتبها بالهاء مثل: رحمه.

    وكتبوا المُنَوَّن المنصوب بالألف، لأنه يوقف عليه بها، مثل: رأيت خالداً.

    وكتبوا (إذاً)، ونون التوكيد الخفيفة، مثل: اكتبا، بالألف، لأنه يوقف عليها. ومن وقف عليهما بالنون، كتبها بالنون، مثل: (إذَنْ واكتبنَّ) كُتبَ كل ما كتب اعتباراً بحال الوقف.

    وكتبوا المنقوص، الذي حذفت ياؤهُ للتنوين، مثل: قاضٍ ونحوه، بغير ياءٍ لأنه يوقف عليه بها. ومن وقف على الأول بالياءِ، أثبتها في الخط، مثل: قاضي. ومن وقف على الثاني بحذفها، حذفها من الخط.

    وكتبوا ما لا يمكن الوقف عليه، من الكلمات، متصلاً بما بعده، وما لا يمكن الابتداء به، متصلاً بما قبله. فالأول، مثل حروف الجر الموضوعة على حرف واحد، مثل: لخالدٍ، و بالقلمِ. والثاني: كالضمائر المتصلة، مثل: منكم وأكرمتكم.

    ما خالف رسمه لفظه

    هناك كلمات تُكتبُ على خلاف لفظها. ومخالفة الرسمِ واللفظ، إما أن تكون بحذف حرفٍ حقه أن يُكتب تبعاً للفظه. وإما أن تكون بزيادة حرف يكتب ولا يلفظ، وكان من حقه أن لا يكتب. وإما أن تكون برسم حرفٍ يُكتب على خلاف لفظه، وكان من حقه أن يُرسم على لفظه.

    1ـ ما يلفظ ولا يكتب:

    سنسرد أكثر الكلمات استعمالاً:
    أ ـ تُكتب (الذين) بلام واحدة، وتلفظ بلامين، لأنها مشددة.

    ب ـ ما كان مبدوءاً بلام مثل: لبن ولحم، ثم دخلت عليه (أل) (اللبن واللحم)، ثم دخلت عليه لامٌ، فحينئذٍ تجتمع ثلاث لامات. فإذا اجتمعن فلا يكتبن كلهن، بل يكتفى بلامين فقط. فنقول: (للبن منافع كثيرة، وللحم منافع ومضار) ولم نكتب: (لللبن ... ولللحم).

    ج ـ تحذف الألف في كلمات هذه أشهرها:
    1ـ الله
    2ـ الرحمن، معرفاً بالألف واللام. وقيد بعضهم الحذف في حال العَلَمية، وأثبتها في غيرها، وقيده بعضهم في البسملة وأثبته فيما عداها.
    3ـ إله، نكرة ومعرفة، مثل: { إنما إلهكم إله واحد}
    4ـ الحرث، علماً مقترناً بأل، ومنهم من يكتبه (الحارث) بإثبات الألف.
    5ـ لكن.
    6ـ لكنَّ.
    7ـ سموات، جمع سماء. ومنهم من يكتبها في غير القرآن الكريم (سماوات).
    8ـ يا، حرف النداء، قبل (أيها) مثل: {يأيها الذين آمنوا}، وقبل (أهل)، مثل: {يأهل الكتاب}، وقبل كل علم مبدوء بالهمزة مثل {يإبراهيم}. ويجوز إطلاقها في غير القرآن الكريم يا أهل و يا إبراهيم.
    9ـ منهم من يحذف الألف من كل علم مشتهر. مثل: اسحق وإبرهيم وإسمعيل وهرون وسليمن وغيرها. والأفضل إثباتها في غير القرآن الكريم.
    10ـ منهم من يحذفها في الجمع السالم للمذكر والمؤنث مثل: الصلحين والقنتين والصلحت والقنتت والحفظت. تبعاً لحذفها في المصحف الأم. والأفضل إثباتها (صالحين قانتين صالحات الخ).

    د ـ تحذف ألف (ها) التنبيهية إذا دخلت على اسم الإشارة، مثل: هذا وهذه وهؤلاء.

    هـ ـ تحذف ألف (ذا) الإشارية، إذا لحقتها اللام، مثل: (ذلك، وذلكما، وذلكم، وذلكن) ومنهم من يثبتها في غير (ذلك).

    و ـ كل حرف يدغم في حرف مثله، أو مخرجه، يحذف خطاً يعوض عنه بتشديد الحرف الذي أدغم فيه، مثل شدَّ والنساء أمِنَّ واستعنَّ.

    2ـ ما يكتب ولا يلفظ

    و أما ما يكتب ولا يلفظ من الحروف، فهو في ألفاظ:

    أ ـ زادوا الواو في (عمرو)، في حالتي رفعه وجره، مثل: جاء عمرٌو، ومررت بعمرٍو، وحذفوها في حالة النصب، مثل: رأيت عَمْراً، قالوا وذلك للتفرقة بينه وبين (عُمَر). وإنما حذفت منه في حالة النصب، لأنه لا يشتبه بعُمر في هذه الحالة، لأن عمر لا يُنَوَّن، لمنعه من الصرف.

    ب ـ زادوا ألفاً غير ملفوظة في (مائة) مفردة ومثناة ومركبة مع الآحاد، فكتبوها: مائة ومائتان وثلاثمائة الخ. ومنهم من يكتبها مئة.

    ج ـ زادوا الواو في (أولات: بمعنى صاحبات)، كقوله تعالى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} وزادوها في أولو وأولي { وأولو العلم ـ يا أولي الألباب ـ لأولي الألباب}.

    3 ـ ما يلفظ على خلاف رسمه

    وذلك مثل: (إيجَل) [ فعل أمر من وَجِلَ يَوْجَلُ] وأصله: (إوجَلْ) قلبت واوه ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. فإذا وقعت (إيجل) في درج الكلام، بعد حرفٍ مضموم، مثل (يا فلانُ إيجَل) فلا يغير رسم الياء، لكنها تلفظ واواً، هكذا: يا فلانُ إوجل.

    وكل ما رسم ياءً، مما تلفظ ياؤه ألفاً، مثل: رمى وادعى واستدعى والرحى والهدى والمسعى والمصطفى والمستشفى، فهو مما يلفظ على خلاف رسمه.
    </i>
    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

صفحة 14 من 17 الأولىالأولى ... 41213141516 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعة اللغة العربية واللسانيات
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-25-2015, 09:06 PM
  2. الدروس المستفادة من الثورات العربية الحالية
    بواسطة د.مهندس عبد الحميد مظهر في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 03-23-2013, 07:14 PM
  3. موسوعة من الخطوط العربية
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان التصميم والابداع.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-18-2011, 02:17 AM
  4. موسوعة شهداء الأمة العربية
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-08-2011, 10:33 AM
  5. موقع التعليم الإلكتروني باللغة العربية يقدم كافة الدروس مجانا
    بواسطة مصطفى الطنطاوى في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-29-2008, 10:56 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •