متى ترحل وكالة الغوث الدولية ؟!
عبد الرحمن أبو العطا*
أثار حريق صغير في معرش بأحد الأماكن المخصصة للمخيمات الصيفية التابعة لوكالة الغوث الدولية "أونروا" موجة من ردود الفعل الغاضبة مستبقين بذلك التحقيقات الجارية لمعرفة حقيقة ما وقع في ذلك المكان.
وإنني هنا أبدي دهشتي من هذه الطاقة المفاجئة التي دبَّت في عروق المؤسسات والمنظمات المختلفة العاملة على الساحة الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو خارجها ، ولم يفصلنا عن هذا الحادث الغامض وجريمة الاحتلال الواضحة بقتل مواطنين أبرياء سوى ساعات قليلة.
وما زاد من تعجبي هو ما شاهدته بعيني في المكان المذكور في بيانات الشجب والتنديد إذ أنني لم ألحظ شيئا مما رسمته مخيلتي بناء على العشرات من تلك البيانات ، و كل ما رأيته لا يحمل دلالة على وجود حريق متعمد أو قصد إحراق لتلك المخيمات الصيفية المجهزة لألعاب الصيف؛ والأمر لا يستحق كل ذلك التعب وتلك الجهود في الكتابة والنشر والتوزيع والتعبير عن حالة من الغضب.
وإن غالبية الجهات التي انتقدت الحادثة قبل معرفة حقيقة ما جرى تمارس ذات الدور المشبوه الذي لمسه أهلنا في مخيمات الأونروا الصيفية على مدار العام، كما أنها وتحت غطاء تطوير القدرات وتنمية الطاقات تبث سمومها وتهدم ثقافتنا وتغسل أدمغة أبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا.
وفي رأيي الشخصي أنّ عملا من هذا النوع لو كان متعمدا فهو مرفوض لكونه لا يتفق مع الركائز والدعائم الأساسية المتشكلة من ثقافتنا الإسلامية وأخلاقنا العربية التي يجب أن يستند إليها أي رد فعل يعبر عن السخط.
غير أنني سأغوص في عمق التفكير الغربي الذي يجيد فن الدراما وحبك القصص بطريقة إخراجية بارعة ، حيث أن الناس في قطاع غزة بلغ بهم الوعي أن أحجموا عن إرسال أولادهم وبناتهم للالتحاق بالمخيمات الصيفية التي تقيمها وكالة الغوث، ودفع ذلك جون غينغ إلى تهديد ناظرات المدارس بالوقف عن العمل إن لم يتم حشد الطالبات للحاق بالمخيمات.
لذلك أتوقع أن يكون الحدث مدبراً من "الأونروا" ذاتها ، ويمكن أن يكون الدافع وراء ذلك السرقة أو قد يكون عرضيا سبّبه سقوط سيجارة من يد الحارس أشعلت حريقا فاستغلت المنظمة الدولية ذلك لكسب تعاطف شعبي معها ولفت أنظار الناس إلى مخيماتها الصيفية والترويج لها بطريقة افتعال الأزمة.
ومهما تكون الحقيقة في هذه الحادثة ؛ فإنه مما لا شك فيه أن أهل فلسطين أكثر من غيرهم ينتظرون الوقت الذي ترحل فيه وكالة الغوث الدولية عنهم لأنها مرتبطة بشكل وثيق بمعاناتهم وذلتهم وحاجتهم وعوزهم ، ووجودها يحمل إشارات سيئة كثيرة.
ولا يختلف اثنان في أن "الأونروا" لها دور كبير وبارز في خلق ثقافة الكوبونة بين أوساط شعبنا ورسخت ذلك خلال أكثر من ستين عاما، مع الإشارة إلى ما تبعه من مساوئ متعددة الوجوه.
نعم كلنا يحلم باليوم الذي تغادر فيه هذه المنظمة الدولية بلادنا وتخرج إلى غير رجعة لتطوي معها صفحة التشرد والحرمان وطوابير المنتظرين لاستلام الكوبونات.
وإذا أردنا أن نتحدث عن جوانب إيجابية لعمل الأونروا فهي ذاتها بها سلبيات كثيرة على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وكل ذلك يتضاءل أمام محاربة وكالة الغوث للمقاومة فهي تخالف ميثاق الأمم المتحدة بفرضها على موظفيها عدم المشاركة في أعمال المقاومة للاحتلال وتحرم أطفالهم من حقوق آبائهم إن قتلوا في عمليات جهادية أو ثبت التحاقهم بأجنحة عسكرية.
وإن هذه الحادثة اليوم تستدعي البحث بشكل جدي في أسباب بقاء وكالة الغوث الدولية تسد فراغاً كبيراً وعدم مقدرتنا على الإيفاء باحتياجات شعبنا دون الحاجة إلى تبرعات الآخرين لعشرات السنين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
* كاتب وصحفي فلسطيني يقيم في قطاع غزة
بريد إلكتروني: abed398@hotmail.com
جوال: 0599332482
*********************///\\\*********************
حرا يا قلمي فلتبقى*ولتكتب حقاً أو صدقا
فلكسرُك قلمي أحمدُه*من زورٍ يملؤه الورقا
*********************\\\///*********************