قال الله تعالى: {فأتبعوهم مشرقين(1) * فلما ترآءا الجمعان(2) قال أصحاب موسى إنا لمدركون* قال كلا إن معي ربي سيهدين* فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق(3) فكان كل فرق(4) كالطود(5) العظيم* وأزلفنا(6) ثم الآخرين* وأنجينا موسى ومن معه أجمعين* ثم أغرقنا الآخرين* إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} [الشعراء: 60 - 67].

-4 من معجزات عيسى عليه السلام:

المعجزة الأولى: أنه يخلق أي يصور من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فيكون طيراً بإذن الله

المعجزة الثانية: أنه يمسح على الأكمه وهو من ولد أعمى فيبرئه بإذن الله.

المعجزة الثالثة: أنه يمسح على الأبرص فيشفيه بإذن الله.

المعجزة الرابعة: أنه يحي الموتى بإذن الله.

المعجزة الخامسة: أنه ينبئ الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم.

المعجزة السادسة: دعا عيسى عليه السلام ربه أن ينزل مائدة من السماء بعد ما طلب الحواريون منه هذا الأمر ليأكلوا منها ولتطمئن قلوبهم وليتثبتوا من صدقه عليه السلام.

قال الله تعالى: {إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلاً وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني وتبرىء الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين وإذا أوحيت إلى الحواريين أن ءامنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون* إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين* قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا وتكون عليها من الشاهدين* قال عيس ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وءاخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين* قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين} [المائدة: 110 - 115].

-5 معجزات محمد صلى الله عليه وسلم:

القرآن الكريم وهو أبلغ وأعظم المعجزات التي أيد الله بها رسله وأنبياءه كافة فالقرءان

______________________________

(1) في وقت الشروق.

(2) لما رأى كلُّ منهما الآخر أي فريق موسى وفريق فرعون.

(3) انشق.

(4) قطعة من البحر مرتفعة.

(5) كالجبل.

(6) قربنا فرعون وجنوده من البحر.

هو المعجزة الناطقة بنبوته عليه الصلاة والسلام في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة.

أ- من وجوه إعجاز القرءان:

بلاغته وفصاحته: فهو ينطوي على نظم بديع لا نجده منسجماً مع النثر والمعهود من أساليب وطرائقه. ولا متفقاً مع الشعر والمعروف من بحوره وأعاريضه مع بلاغة سامية عجيبة، ومع أسلوب رائع عجيب يستوي في الإفادة منه كل فئات الناس من عوام ومثقفين وأرباب اختصاص، حتى عجز جميع أرباب البلاغة والبيان منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم بل سيعجزهم إلى يوم القيامة عن الإتيان بمثله.

وقد تحدى القرآن الكريم واستنهض العرب العالمين بالبلاغة والفصاحة والبيان بأساليب متكرره مختلفة إلى القيام بمحاولة ذلك.

قال الله تعالى: {وإن كنتم في ريب(1) مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين* فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [البقرة: 23 - 24].

وقال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً(2)} [الإسراء: 88].

وقال تعالى: {أم يقولون تقوَّله بل لا يؤمنون* فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين} [الطور: 33 - 34].

فآيات التحدي هذه ظلت مسجلة في كتاب الله تعالى تقرع آذان الأدباء والشعراء والبلغاء على اختلاف مذاهبهم وكلهم في كل عصر فما استطاع واحد فيهم أن يسجل إلى جانب هذا التحدي عملاً ما يصلح أن يقال إنه قد عارض به القرآن فأتى بشيء حسن. فهذا الواقع من أجلى أدلة التجربة المشاهدة على ثبوت وصف الإعجاز للقرآن، إذ هو دلالة الواقع نفسه خلال التاريخ والقرون.

وصدق الله العظيم الذي هو أصدق القائلين إذ يقول:

{فإِلَّم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزله بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنت مسلمون} [هود: 14].

فهذا الكتاب العظيم هو أعظم معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ب- ومن وجوه إعجازه أن فيه ما لا يتناهى وما لا يحصى من المعجزات الجزئية التي ينتبه إليها في كل عصر. كلما تقدم الناس في ميادين العلم والتجربة ونظم الحياة، فالقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في أي موضوع عرضه.

_________________

(1) شك.

(2) معيناً.

قال الله تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت: 42].

فلا يأتيه الباطل في أي حقيقة علمية أثبَّتها، فحقائق العلم ومكتشافته الثابتة بيقين تثبت دواماً صحة ما تحدث القرآن عنه من حقائق علمية.

قال الله تعالى: {قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضلُّ ممن هو في شقاق بعيد * سنريهم ءاياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} [فصلت: 52 - 53].

ولا يأتيه الباطل في أي مبدأ أو تشريع أوضحه، وتجارب الحياة تثبث باستمرار كمال مبادئ الإسلام وتشريعاته وتعاليمه ووحدة نظمه وسلامتها وصلاحيتها لسعادة الناس جميعاً.

قال الله تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} [الإسراء: 9].

ولا يأتيه الباطل في أي خبر تاريخي أخبر به من أنباء الغيب التي ضاعت صورتها الحقيقية في أخلاط التاريخ القديم للأمم، وبخاصة ما اختلف فيه بنو اسرائيل.

قال الله تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين} [هود: 49].

وقال تعالى: {إن هذا القرءان يقصُّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون * وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين} [النمل: 76، 77].

ومن أهم إعجاز القرآن الكريم في العصر الحديث الإعجاز العلمي الذي بهر كبار العلماء والمفكرين.

وسنلمح إلى بعضها بشكل موجز وسريع فالقرآن سبق العلوم الحديثة في تقرير حقائق ثابتة منها:

-1 حقيقة نقص الأوكسجين والضغط الجوي كلما ارتفع الإنسان إلى أعلى مما يسبب ضيقاً شديداً في الصدر. وهذا الكلام قد ذكره القرآن الكريم قبل تجربة طيران الإنسان بألف وأربعمائة سنة.

قال الله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً(1) كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس(2) على الذين لا يؤمنون} [الأنعام: 125].

وقد مثل القرآن الكريم أن من كان في الضلالة يصيبه ضيق شديد في صدره كمن يتصعد إلى السماء فيضيق صدره فلا يكاد يتنفس بسبب قلة الأوكسجين والضغط الجوي.

فمن علم محمداً صلى الله عليه وسلم هذا الأمر؟ ومن أخبر رجلاً أمياً بذلك؟ وهل كان يملك وسائل لكشف ذلك؟

-2 لقد اكتشف الدارسون حقيقة ثابتة وهي: أن تحت الطبقة الأرضية الصلبة، طبقة لينة لزجة وأن تحت كل جبل جذراً كالوتد يعوض في هذه الطبقة اللينة فيمسك الأرض الصلبة من أن تضطرب من تحتنا بسبب لين ما تحتها.

والله يذكر لنا هذه الحقيقة في القرآن الكريم قال تعالى: {والجبالَ أوتاداً(3)} [النبأ: 7].