منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: رهان

  1. #1

    رهان

    وقف أمام المرآة يتعمق تفاصيل وجهه الذي حرثته الأيام.. لم يستوقفه مظهره و غضون وجهه و تسريحة شعره التي زحف عليها الصلع ، لم يعد يلقي بالا لمثل هذه الترهات..

    تركز اهتمامه على شاربه المتهدل كغصن دالية الحوش التي لم يطالها التقليم ، والمتمدد بشموخ فوق شفتين متغضنتين تميلان للزرقة ووجه يضج أسىً على ماض لن يعود.

    أمسك نهاية شاربة بأطراف أصابعه ، راهن على جزئه الثاني ، كم كان واثقا من نفسه وهو يستمع بامتلاء لنشرة الأخبار التي تتوعد الغزاة، وكم ملأته الفرحة وهو يمعن في الأرتال التي ستدك أوكارهم ،وتجعل العودة لمرابع الطفولة قاب قوسين .

    تذكر بغصة آخر مرة مسد فيها شاربة قبل أن يخسر الرهان أمام رفاق المقهى ،الذين هزأوا بتحليلاته أن العدوان لن يتم، والحشود مجرد تكتيكات متفق عليها.

    كم كان ساذجا عندما أمسك شاربه معلنا انه لن يتوانى عن قص نصفه ورميه في حاوية القمامة إذا ما حدثت معركة.

    هل يعيدها اليوم ويراهن على نصف شاربه الآخر ؟ هل يصدق مذيعي الأخبار الذين تشترك حكوماتهم بالحرب في الإعلام ، و يتفرجون على الدماء والأشلاء والهدم ؟

    يركب رأسه معاندا من يقول أن من يراهن عليهم لن يحركوا ساكنا، وأن جبهتهم ستظل آمنة والعدو على طرفها نائم ، خدعه الإعلام كالعادة، فهل هو غير مؤمن حتى يُخدع مرتين؟

    لا يعقل أن تظل أبواق الحرب مفتوحة ولا يتحرك طائر هناك .

    يتنافخون بهم القضية ، يذيقون الناس الآم شظف العيش بدعوى التهيئة للحرب.

    ما زال غضا على فهم متاهات المصالح ولعبة الممكن والمستحيل ، ما الذي يجعل منه ساذجا حد البلاهة، وهو يطلق سمعه لمثل تلك الأكاذيب مراهنا على ورقة خاسرة، طار بسببها نصف شاربه الآخر؟

    تذكر أطنان الشعارات، أشاح بوجهه عن المرآة، متجاهلا صراخ إذاعات العروبة وصخرات الصمود وخنادق التصدي ووووو.

    مر بذاكرته شريط الحروب ... الهروب الكبير ... قصف المطارات ... عبور جسر الآلام ...سخرية الرفاق ...نصائحهم المجانية. ... إصراره أن الجماعة منشغلون بتهيئة السلاح والجبهة الداخلية ، فالأمر ليس نزهة ومشوار قصير.

    يصر على أن الأمر تكتيك وتوازنات وليس تخاذلا، والأمر محسوم بنهايته التي لا بد لجيش الصمود من التحرك تجاهها وفي الوقت المحدد.

    دماء المستضعفين هيجت عواطف الجميع ، حتى الأعداء، إذاعة التصدي، ظلت ترجم الجبهة عبر أثيرها بتحريضات لا تساوي المداد الذي كتبت به....

    أمسك موسى الحلاقة ...

    نظر إلى نفسه من جديد، غسلته موجة ارتياح....

    هو لا يستحق هذا الشارب ، قانعا بنصف رجولة على تحمّل تأنيب الضمير.

    لملم شعيرات شاربه ، فكر: أين يذهب بها!!

    هل يرسلها بالبريد المضمون للقائد العام ، أم لمدير الإذاعة....

    منعا لأي إحراج قد يَلحق بأنصاف الرجال

  2. #2

    رد: رهان

    ان نقنع بواقعنا وحالنا امر لم يعد موجودا في زمن غطاه النفاق ومحت استقامته الحاجة للقمة وارتياد الطرق المتعرجة الاجبارية....
    سلمت لنا دوما

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    رد: رهان

    صورة صادقة عن حال الإعلام في عالمنا العربي...
    وصف دقيق، حبكة متينة، سرد ممتع، رمزية موفقة...
    نص قوي يستحق التقدير.
    ملاحظة:
    هنات لغوية
    "التي لم يطالها التقليم" لم يطلها
    "فالأمر ليس نزهة ومشوار قصير" أقترح إضافة مجرد لتصبح الجملة هكذا:
    "فالأمر ليس مجرد نزهة ومشوار قصير"

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    العراق
    المشاركات
    2,207

    رد: رهان

    السلام عليكم

    الحرب مندلعة منذ زمن ليس بالقصير

    لذا فالرهان في أن يشترك الجميع في هذه الحرب للدفاع عن الوطن هو رهان خاسر حتما

    لأن الجبناء والمتخاذلين والمتملقين كثر

    ولا ننسى الوصولي فله حصة من هذه الحرب

    أحسنت أستاذ سمير

    قصة فيها تعبير عن واقعنا المعاصر

    لك الود
    إِلبِس أَخاكَ عَلى عُيوبِه ------ وَاِستُر وَغَطِّ عَلى ذُنوبِه
    وَاِصبِر عَلى ظُلمِ السَفيهِ ------ وَلِلزَمانِ عَلى خُطوبِه
    وَدَعِ الجَوابَ تَفَضُّلاً ------ وَكِلِ الظَلومَ إِلى حَسيبِه
    وَاِعلَم بِأَنَّ الحِلمَ عِن ------ دَ الغَيظِ أَحسَنُ مِن رُكوبِه

  5. #5

    رد: رهان

    نص قوي يحمل قلما مازال يتربع على القمة
    شكرا لعودتك لنا بخير
    اديبة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •