أولاد مدركة وخزيمة وكنانة والنضر
قال ابن إسحاق : فولد مدركة بن إلياس رجلين خزيمة بن مدركة وهذيل بن مدركة ، وأمهما : امرأة من قضاعة [ قيل سلمى بنت أسد بن ربيعة بن نزار - كما في نسب قريش ] . فولد خزيمة بن مدركة أربعة نفر كنانة بن خزيمة ، وأسد بن خزيمة ، وأسدة بن خزيمة ، والهون بن خزيمة ، فأم كنانة عوانة بنت سعد بن قيس بن عيلان بن مضر .
قال ابن هشام : ويقال الهون بن خزيمة .
قال ابن إسحاق : فولد كنانة بن خزيمة أربعة نفر النضر بن كنانة ، ومالك بن كنانة ، وعبد مناة بن كنانة وملكان بن كنانة فأم النضر برة بنت مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر ، وسائر بنيه لامرأة أخرى .
قال ابن هشام : أم النضر ومالك وملكان . برة بنت مر وأم عبد مناة هالة بنت سويد بن الغطريف من أزد شنوءة . وشنوءة عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأسد بن الغوث ، وإنما سموا شنوءة لشنآن كان بينهم . والشنآن البغض .
قال ابن هشام : النضر قريش ، فمن كان من ولده فهو قرشي ، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي . قال جرير بن عطية أحد بني كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم يمدح هشام بن عبد الملك بن مروان :
فما الأم التي ولدت قريشا
بمقرفة النجار ولا عقيم
وما قرم بأنجب من أبيكم
وما خال بأكرم من تميم
يعني : برة بنت مر أخت تميم بن مر ، أم النضر . وهذان البيتان في قصيدة له .
ويقال فهر بن مالك : قريش ، فمن كان من ولده فهو قرشي ، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي وإنما سميت قريش قريشا من التقرش والتقرش التجارة والاكتساب . قال رؤبة بن العجاج :
قد كان يغنيهم عن الشغوش
والخشل من تساقط القروش
شحم ومحض ليس بالمغشوش
قال ابن هشام : والشغوش قمح يسمى : الشغوش . والخشل رءوس الخلاخيل والأسورة ونحوه . والقروش التجارة والاكتساب يقول قد كان يغنيهم عن هذا شحم ومحض والمحض اللبن الحليب الخالص . وهذه الأبيات في أرجوزة له . وقال أبو جلدة اليشكري ، ويشكر بن بكر بن وائل :
إخوة قرشوا الذنوب علينا
في حديث من عمرنا وقديم
وهذا البيت في أبيات له .
قال ابن إسحاق : ويقال إنما سميت قريش : قريشا لتجمعها من بعد تفرقها . ويقال للتجمع التقرش .
فولد النضر بن كنانة رجلين مالك بن النضر ، ويخلد بن النضر فأم مالك عاتكة بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان ولا أدري أهي أم يخلد أم لا .
قال ابن هشام : والصلت بن النضر - فيما قال أبو عمرو المدني - وأمهم جميعا : بنت سعد بن ظرب العدواني . وعدوان : بن عمر بن قيس بن عيلان . قال كثير بن عبد الرحمن - وهو كثير عزة أحد بني مليح بن عمرو ، من خزاعة :
أليس أبي بالصلت أم ليس إخوتي
لكل هجان من بني النضر أزهرا
رأيت ثياب العصب مختلط السدى
بنا وبهم والحضرمي المخصرا
[ إذا ما قطعنا من قريش قرابة
بأي نجاد يحمل السيف ميسرا ]
فإن لم تكونوا من بني النضر فاتركوا
أراكا بأذناب الفوائج أخضرا
وهذه الأبيات في قصيدة له .
والذين يعزون إلى الصلت بن النضر من خزاعة : بنو مليح بن عمرو ، رهط كثير عزة .
--------------------------------------------------------------------------------
بنو كنانة
وذكر بني كنانة الأربعة مالكا وملكان والنضر وعبد مناة . وزاد الطبري في ولد كنانة عامرا والحارث والنضير وغنما وسعدا وعوفا وجرول والحدال وغزوان . كلهم بنو كنانة .
قريش
فصل وذكر النضر بن كنانة ، وقول من قال إنه قريش ، والقول الآخر في أن فهرا هو قريش ، وقد قيل إن فهرا لقب واسمه الذي سمي به قريش .
وأما يخلد بن النضر فذكر أبو عبد الله الزبير بن بكار في أنساب قريش له قال قال عمي : وأما بنو يخلد بن النضر فذكر [ وا ] في بني عمرو بن الحارث بن ملك بن كنانة ومنهم قريش بن بدر بن يخلد بن النضر وكان دليل بني كنانة في تجاراتهم فكان يقال قدمت عير قريش ، فسميت قريش به وأبوه بدر بن يخلد صاحب بدر الموضع الذي لقي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشا .
وقال عن غير عمه قريش بن الحارث بن يخلد وابنه بدر الذي سميت به بدر وهو احتفرها . قال وقد قالوا : اسم فهر بن مالك : قريش ، ومن لم يلده فهر ، فليس من قريش ، وذكر عن عمه أن فهرا هو قريش .
وقال أبو عبد الله حدثني عمرو بن أبي بكر المؤملي عن جدي عبد الله بن مصعب - رحمه الله - أنه سمعه يقول اسم فهر بن مالك : قريش ، وإنما فهر لقب وكذلك حدثه المؤملي عن عثمان بن أبي سليمان في اسم فهر بن مالك : أنه قريش ، ومثل ذلك ذكر عن المؤملي عن أبي عبيدة بن عبد الله في اسم فهر بن مالك : أنه قريش . قال وحدثني إبراهيم بن المنذر وقال حدثنا أبو البختري وهب بن وهب قال حدثني ابن أخي ابن شهاب عن عمه أن اسم فهر بن مالك الذي أسمته أمه قريش ، وإنما نبزته فهرا ، كما يسمى الصبي : غزارة وشملة وأشباه ذلك قال قال وقد أجمع النساب من قريش وغيرهم أن قريشا إنما تفرقت عن فهر ، والذي عليه من أدركته من نساب قريش وغيرهم أن ولد فهر بن مالك : قريش ، وأن من جاوز فهر بن مالك بنسبه فليس من قريش .
وذكر عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي فيما حدثه أبو الحسن الأثرم عنه أن النضر بن كنانة هو قريش ، وذكر عنه أنه قال في موضع آخر ولد مالك بن النضر فهرا ، وهو جماع قريش ، وقال قال محمد بن حسن عن نصر بن مزاحم عن عمرو بن محمد عن الشعبي ، قال النضر بن كنانة هو قريش ، وإنما سمي قريشا ; لأنه كان يقرش عن خلة الناس وحاجتهم فيسدها بماله والتقريش . هو التفتيش وكان بنوه يقرشون أهل الموسم عن الحاجة فيرفدونهم بما يبلغهم فسموا بذلك من فعلهم وقرشهم قريشا . وقد قال الحارث بن حلزة في بيان القرش
أيها الناطق المقرش عنا
عند عمرو ، فهل له أنفاء
وحدثه أبو الحسن الأثرم عن أبي عبيدة معمر بن المثنى [ التيمي ] ، قال منتهى من وقع عليه اسم قريش : النضر بن كنانة ، فولده قريش دون سائر بني كنانة بن خزيمة بن مدركة وهو عامر بن إلياس بن مضر ، فأما من ولد كنانة سوى النضر فلا يقال لهم قريش ، وإنما سمي بنو النضر قريشا لتجمعهم لأن التقرش هو التجمع . قال وقال بعضهم التجار يتقارشون يتجرون والدليل على اضطراب هذا القول أن قريشا لم يجتمعوا حتى جمعهم قصي بن كلاب ، فلم يجمع إلا ولد فهر بن مالك لا مرية عند أحد في ذلك وبعد هذا فنحن أعلم بأمورنا ، وأرعى لمآثرنا ، وأحفظ لأسمائنا ، لم نعلم ولم ندع قريشا ، ولم نهمم إلا ولد فهر بن مالك .
قال المؤلف في جميع هذا الكلام من قول الزبير وما حكاه عن النسابين نقلته من كتاب الشيخ أبي بحر - رحمه الله - ثم ألفيته في كتاب الزبير كما ذكره ورأيت لغيره أن قريشا تصغير القرش وهو حوت في البحر يأكل حيتان البحر سميت به القبيلة أو سمي به أبو القبيلة - والله أعلم - ورد الزبير على ابن إسحاق في أنها سميت قريشا لتجمعها ، وأنه لا يعرف قريش إلا في بني فهر ردا لا يلزم لأن ابن إسحاق لم يقل إنهم بنو قصي خاصة وإنما أراد أنهم سموا بهذا الاسم مذ جمعهم قصي ، وكذا قال المبرد في المقتضب إن هذه التسمية إنما وقعت لقصي - والله أعلم - غير أنا قدمنا في قول كعب بن لؤي ما يدل على أنها كانت تسمى قريشا قبل مولد قصي وهو قوله إذا قريش تبغي الحق خذلانا .
وذكر قول رؤبة قد كان يغنيهم عن الشغوش . وفسره ضرب من القمح وفسر الخشل رءوس الخلاخيل . وفي حاشية الشيخ عن أبي الوليد قال إنما الخشل المقل والقروش ما تساقط من حتاته وتقشر منه وأنشد لكثير بن عبد الرحمن أليس أبي بالصلت أم ليس إخوتي . البيت وبعده :
رأيت ثياب العصب مختلط السدى
بنا وبهم والحضرمي المخصرا
والعصب برود اليمن ، لأنها تصبغ بالعصب ولا ينبت العصب ولا الورس إلا باليمن وكذلك اللبان . قاله أبو حنيفة . يريد إن قدودنا من قدودهم فسدي أثوابنا ، مختلط بسدي أثوابهم . والحضرمي النعال المخصرة التي تضيق من جانبيها كأنها ناقصة الخصرين كما يقال رجل مبطن أي ضامر البطن وجاء في صفة نعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها كانت معقبة مخصرة ملسنة مخثرمة . والمخثرمة التي لها خثرمة وهو كالتحدير في مقدمها وكانت نعله - عليه السلام - من سبت ولا يكون السبت إلا من جلد بقر مدبوغ . قاله أبو حنيفة عن الأصمعي وأبي زيد .