رابعا / الانتخابات الاسرائيلية 2003
انسحب حزب العمل من حكومة شارون فى الثلاثين من اكتوبر 2002 وراهن عدد من قادة الحزب على العودة بالحزب الى السلطة من جديد جريا على قاعدة ان تدهور الاوضاع الامنية والاقتصادية منذ تجمد عملية التسوية السياسية عمليا بمقتل رابين فى نوفمبر 1995 ، يودى الى خسارة رئيس الوزراء لمنصبه باستمرار، فى اى انتخابات جديدة ، فقد حدث ذلك مع بيريز عام 1996 ، ونتنياهو 1999 ، وباراك 2001 ، ومن ثم توقع بعض قادة حزب العمل ان تنتهى الانتخابات بفوز حزبهم باكبر عدد من المقاعد يعود بموجبها الى الحكم ، ويتولى زعيمه تشكيل الحكومه الجديدة . وقد لعب حزب العمل سواء تحت قيادة " بن اليعازر " الذى اتخذ قرار الانسحاب او " متسنع " الذى خاض الانتخابات على راس قائمة الحزب ، لعبته التقليدية بانه حزب التسوية السياسية او حزب الحل الوسط الاقليمى . وبدا واضحا ان الراى العام الاسرائيلى قد قدم الامن فى الانتخابات الاخيرة على ما عداه من اعتبارات ، ومن ثم فقد نظر الى شارون باعتباره الجنرال الذى يعتمد عليه لواد الانتفاضة وتفكيك المنظمات الارهابية وجلب الامن للمواطن والدولة معا
ان انتخابات الكنيست السادس عشر التى جرت فى الثامن و العشرين من يناير 2003 ، قد كشفت عن تحولات كبرى فى المجتمع الاسرائيلى ، فاليمين بقيادة تكتل الليكود الذى صعد الى السلطة لاول مرة عام 1977 ، بات منفردا وبفارق كبير فى تكوين راى الناخب والتاثير فى نمط تصويته ، فالاولوية كانت للامن على ما عداه من اعتبارات. وكان واضحا ايضا ان الناخب الاسرائيلى ارجع مجمل عوامل التردى الى تدهور الاوضاع الامنية بفعل الانتفاضة ، ومن ثم راهن على ان يؤدى واد الانتفاضة وتفكيك البنية التحتية للمنظمات الفلسطينية الى تحسن الاوضاع الامنية ومن ثم تحسن عام فى مجمل جوانب الحياة فى اسرائيل . وبدا واضحا ايضا ان الانتخابات شهدت تحولات كبرى فى ترتيب الاحزاب السياسية الاسرائيلية وفق ثقلها البرلمانى ، فقد تقدم " شينوى – العلمانى " وتراجع "شاس – الدينى " ، وتلاشت ظاهرة احزاب اليهود الروس ، وبدات واضحه حيرة اصحاب البلاد الاصليين ، اى عرب 1948 .
وقد كانت الانتخابات برلمانية فقط وذلك بعد قانون الانتخاب المباشر لرئيس الوزراء . وبلغ عدد الاحزاب والقوائم التى خاضت الانتخابات سبع وعشرين قائمة ، تمكنت ثلاثة عشر قائمة من نسبة الحسم وهى واحد ونصف فى المائة من مجموع الاصوات الصحيحة من اجل دخول البرلمان . حيث بلغ عدد سكان اسرائيل 6.029.529 نسمة احصاء يولية 2002 وبلغ عدد من له حق التصويت فى هذه الانتخابات 4.7 مليون ناخب شارك منهم 3.200.772 بنسبة 68% ، وبلغ عدد العرب الذين شاركوا فى الانتخابات 230.669 ، وتوزعت اصواتهم على حداش 93 الف صوت والتجمع الوطنى 71 الف صوت ، والقائمة العربية الموحدة 65 الف صوت . ويعد الليكود الكاسب الاول فى هذه الانتخابات ، قد تمكن من مضاعفة عدد مقاعده التى وصلت الى 38 مقعد مقابل 18 مقعد فى الانتخابات السابقة وتمكن بعد اندماج حزب اسرائيل بعاليا معه من رفع عدد مقاعده الى 40مقعدا . ويعد حزب شينوى ثانى الاحزاب الكاسبة حيث رفع حصته من ستة مقاعد الى خمسة عشر مقعدا بعد ان حصل على تسعة مقاعد اضافية واحتل الحزب المكانة الرابعة على حساب الد اعداه حزب شاس الذى يمثل المتدينين من يهود الشرق والمغاربة منهم تحديدا ، كما يعد حزب العمل الخاسر الاول فى هذه الانتخابات فقد تراجعت مقاعده من 26 مقعدا فى الانتخابات السابقة الى 19 مقعدا ، وكانت المرة الاولى فى تاريخ الحزب الذى تتراجع فيه مقاعده ما دون العشرين مقعدا .
وواصلت حصة الاحزاب الصهيونية من الاصوات العربية تراجعها حيث بلغت فى الانتخابات الاخيرة حوالى 27% بعد ان كانت 30% فى الانتخابات السابقة ، وكانت الاحزاب العربية ضمن القوى الخاسرة ، حيث فقدت القائمة العربية الموحدة ( 3 مقاعد ) وحصلت على مقعدين مقابل خمسة مقاعد فى انتخابات 1999 وبينما توزعت مقاعد العرب البرلمانية عام 1999 عن الاحزاب غير الصهيونية على القائمة العربية الموحدة ( 5 مقاعد ) ومقعدان لكل من التجمع الديمقراطى الوطنى وحركة " حداش " والاخيرة فازت بثلاثة مقاعد بينها مقعد يهودى ، هذه اضافة الى اربعة اعضاء اخرى من الاحزاب الصهيونية ، اثنين عن العمل والثالث عن الليكود والرابع عن كتلة ميرتس وبذلك وصل عدد الاعضاء العرب فى الكنيست السابق الى 13 عضوا ، فان الانتخابات الاخيرة شهدت تراجع عدد النواب العرب اجمالا حيث لم يفز اى عربى على قوائم الاحزاب الصهيونية وكان هناك درزى على قائمة الليكود حيث شغل الموقع الثانى والعشرين على قائمة الحزب الانتخابية وبلغ اجمالى النواب العرب من الاحزاب غير الصهيونية تسعة نواب ، و الواقع ان فلسطينى 48 كما يتضح من خطاباتهم السياسية الاكثر رواجا ، باتوا على دراية كافية بان التجمع اليهودى الاستيطانى ليس بوارد التعاطى الايجابى مع غايتهم الكبرى المذكورة
وقد تاكدوا من رؤية الغلبة الصهيونية الاصولية على يمين هذا التجمع ومعظم يساره من التجربة الممتدة مع النخب الحاكمة سواء تلك المدعوة باليمين او باليسار غير ان سياسة القتل عبر الهوية التى مارستها معهم حكومة العمل بقيادة ايهود باراك فى اكتوبر 2000 قطعت بهم المسافة الى اليقين الكامل بانهم يعيشون فى دولة ليست لهم ، وانها تخصهم بالعداء وتساوى فى هذا العداء بينهم وبين شعبهم الفلسطينى فى المناطق المحتلة عام 1967 وفى بلاد اللجوء ، وسوف نلاحظ ان فترة ما بين انتخابات الكنيست الخامس عشر ( مايو 1999 ) وانتخابات الكنيست السادس عشر ( يناير 2003) قد حفلت بالوقائع و الاحداث الموضحة لسقف علاقة العرب بالنظام الاسرائيلى
وفى هذا الاتجاه ذكر " اهرون ياريف " رئيس الاستخبارات العسكرية السابق : -
ان هناك اراء تدعوا الى استغلال حالة الحرب على العراق من اجل طرد ما بين سبعمائة وثمانمائة الف عربى من داخل اسرائيل .. وقد اعدت الوسائل لتنفيذها ، وهذا يعنى ان فلسطينى 48 لم يكونوا استثناء من فكر الترانسفير الذى تتبناه احزاب وحركات صهيونية ناشطة ، وبالنسبة لشق من هذا الفكر فان العراق الجديدة عراق ما بعد الحملة الامريكية مرشح لاستقبال من تسمح الظروف بطردهم من فلسطينى 67 ولاجئى فلسطينى 48 ، وفى اقتراح عملى دعا عدد من الشخصيات العامة والادباء والفنانين ، فضلا عن لجنة المتابعة العربية العليا الى تبلور القوى العربية المشاركة فى قائمتين انتخابيتين ، تضم اولاهما الاحزاب اليسارية العلمانية وفى مركزها الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وتاتلف فى الثانية الحركات الاسلامية . ففى 19/12/2002 اعلن تحالف بين ما يسمى حركة الاحرار وبين حزب التجمع الوطنى . وتضم هذه الحركة نشطاء فى التيار القومى ، وفى السياق ذاته ، جرت مفاوضات وحوارات بين الحركة العربية للتغيير والقائمة العربية الموحدة ( التى تتالف من الجناح الجنوبى للحركة الاسلامية والحزب الديمقراطى العربى ) ، بهدف دخول الانتخابات بقائمة موحدة . لكن المحاولة فشلت ، ونجحت المباحثات بين الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) بزعامة محمد بركة وبين الحركة العربية للتغيير فى تشكيل قائمة موحدة ، ومن التحالفات التى نشات فى غمرة انتخابات عام 1999 ولم تصمد بتكوينها السابق فى انتخابات 2003 . تحالف القائمة العربية الموحدة والذى تشكل عن الحركة الاسلامية (الجناح الجنوبى) وجبهة العمل الوطنى والحزب الديمقراطى العربى وكان ممثلا فى الكنيست الخامس عشر بخمسة نواب . فقد انسحبت جبهة العمل الوطنى من التحالف الذى بقى محتفظا باسمه على ان يظل مكونا من الحركة الاسلامية والحزب العربى الديمقراطى .
ومهما يكن من امر فقد انتهت المفاوضات بما فيها من مزايدات ومناقصات بين القوى السياسية العربية الى دخول العرب الانتخابات باربع قوائم وذلك من اصل 28 قائمة شاركت على مستوى الدولة وبلغ عدد الناخبين العرب نحو 17فى المئة من مجموع الناخبين وهو 4.7 مليون ناخب كان يمثلها القوائم العربية التاليه وهى :
• التجمع الوطنى برئاسة عزمى بشارة
• قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة مع الحركة العربية للتغير برئاسة محمد بركة واحمد الطيبى على التوالى .
• القائمة العربية المحدة .. من تحالف الحركة الاسلامية ( الجناح الجنوبى) بزعامة عبد المالك دهاشة مع الحزب العربى الديمقراطى ومثله طلب الصانع .
• التحالف الوطنى الديمقراطى بزعامة هاشم محاميد .
وقد تمكنت القوائم الثلاثة الاولى من الحصول معا على 8 مقاعد بالكنيست السادس عشر ، اما القائمة الاخيرة فلم تتجاوز نسبة الحسم .
وفيما يلى موجز حول القوى العربية الممثلة فى الكنيست السادسة عشر :-
1- التجمع الوطنى الديمقراطى :- وهو حزب تطور عن ما عرف عام 1992 بميثاق المساواة الذى اسسه عزمى بشارة زعيم الحزب الحالى . ويتبنى الحزب افكاراً قومية عربية ويعتبر الانشط والاكثر حضوراً وجماهيرية فى الوسط العربى ، وسجل رئيس الحزب بشارة سابقة فى الحياة السياسية لفلسطينى 48 حين رشح نفسه لانتخابات رئيس الوزراء عام 1999 . الامر الذى احدث جدلاً واسعاً بين العرب حول دلالات الخطوة وتداعياتها ، ولكنه سلط اضواء اعلامية على كل من الحزب وزعيمه وافكاره وبرنامجه .
2- الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) : وهى بمثابة ائتلاف واسع بين قوى عربية ويهودية يقف على راسها الحزب الشيوعى (راكاح) ، وقد نشات فى غمرة انتخابات الكنيست 1977 . وتقوم الجبهة على برنامج سياسى محدد ، بغض النظر عن الهوية القومية والدينية للمنضمين اليها ، وهى تنادى باحلال السلام بين العرب عموما وفقا لمقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالصراع الاسرائيلى العربى .
3- الحركة العربية للتغير : تنهض منذ عام 1996 على برنامج اساسه السعى للمساواة والمطالبة بالمواطنة الكاملة للعرب داخل اسرائيل وتوحيد صفوفهم خلف هذا المطلب ، فضلا عن تاييد التسوية العادلة للقضية الفلسطينية ، فى وجود الاهداف التى تتبناها السلطة الوطنية الفلسطينية . ولان زعيمهااحمد الطيبى مقرب من ياسر عرفات الذى عينه مستشارا له فانها تبدوا مرفوضة من الوسط اليهودى السياسى ، اليمينى بالذات . لكن الطيبى لا يحظى فى الوقت ذاته بالثقة الكاملة داخل اوساط فلسطينى 48 ، بزعم انه يسهل وصاية منظمة التحريرالفلسطينية عليهم وفى انتخابات الكنيست الخامس عشر تمكنت الحركة مع حزب التجمع الديمقراطى من ايصال ثلاث نواب الى الكنيست من بينهم الطيبى نفسه . غير ان هذا الائتلاف انفض بعد وقت قصير .
4- الحركة الاسلامية (الجناح الجنوبى ) : وهى احد فرعى التيار الاسلامى الذى تاسس فى بداية سبعينيات القرن الماضى على برنامج وعظى وارشادى ، لكنه اخذ ابعادا سياسية فى مرحلة لاحقة ، وكان زعيم الحركة ومنشؤها "عبدالله نمر درويش" قد تاثر فى تكوينه الفكرى الدينى و السياسى بحركة الاخوان المسلمين . وفى باكورة نشاطها العام كانت الحركة اميل الى مقاطعة الحياة النيابية الاسرائيلية ، مع تفضيل الانخراط فى العملين البلدى والاهلى الخيرى بصفتهما يقدمان خدمات مباشرة للجماهير العربية . غير ان هذا التوجه اعترته تطورات افضت الى انقسام الحركة جناحين كبيرين احدهما يدعى الجناح الشمالى بزعامة " الشيخ رائد صلاح" الذى اعتصم بمواقف وافكار الحركة عند نشاتها رافضا النشاط السياسى والمشاركة النيابية .. مفضلا هذا النشاط عبر المدخل الاعلامى واثارة القضاية المتعلقة بامقدسات الاسلامية لاسيما المسجد الاقصى . واخر يعرف بالجناح الجنوبى بزعامة " عبدالله نمر درويش " الذى تلاه الان على راس الجناح الشيخ " ابراهيم صرصور " . هذا الجناح هو الذى عدل من موقف الحركة واتجه الى تاييد المشاركة النيابية الى جانب النشاط البلدى وفى انتخابات الكنيست الخامس عشر تحالف هذا الجناح مع كل من الحزب الديمقراطى العربى وجبهة العمل الوطنى فى قائمة حصلت على خمسة نواب .
5- الحزب العربى الديمقراطى : وهو اول حزب عربى ينشأ فى مناطق 48 وينشط بشكل شرعى منذ العام 1988 ، وقد خاض انتخابات الكنيست منذ ذلك العام وحتى انتخابات 2003 بالائتلاف مع حركات واحزاب اخرى ، وقبل ان يؤسس هذا الحزب كان" عبد الوهاب الدرواشة " عضوا فى حزب العمل الصهيونى إبان زعامة اسحق رابين له .
وبعيدا عن الصراع الفلسطيني بين القضايا الاقتصادية والاجتماعية لدي الاحزاب العربية في اسرائيل الباحثة عن حق المواطنة الكاملة في الدولة العبرية العنصرية.نعرض فى ما يلى :
اهم مواقف الاحزاب الاسرائيلية من القضايا الاقتصادية :-
( انتخابات 2003) البرنامج الاقتصادى – الاجتماعى
الليكود 38
منح الحرية للقطاع الخاص – تقليص دور الدولة لاستمرار بدعم الاستيطان ومخصصات المتدينين .
العمل 19
دعم تقليص نفقات الاستيطان والمتدينين
تعزيز دور النقابات وتخصيص المشاريع المتعثرة
تخصيص مبالغ اكبر للتعليم والخدمات العامة
شينوى 15
الغاء امتيازات المتديننين ودعم برامج التخصيص
شاس 11
الابقاء على مخصصات المتدينين والعائلات الكبيرة
دعم تخصيص مشاريع القطاع العام بقدر ما يدعم ذلك معايير الكفاءة الاقتصادية
الاتحاد الوطنى 7
زيادة مخصصات المهاجرين ما امكن
زيادة مخصصات الرفاه الاجتماعى
زيادة مخصصات الاستيطيان ودعم برامج تخصيص مؤسسات القطاع العام وبشكل عام الحفاظ على العلاقة القائمة بين الدول والاحزاب الدينية
ميرتس 6
الدعوة الى مزيد من مخصصات الرفاه الاجتماعى غير المخصصة للمتدينين بهدف تحقيق المزيد من المساواة الاجتماعية
دعم برامج التخصيص بموافقة العاملين فى تلك المؤسسات وتسوية اوضاعهم
يهدوت هتوراه 5
دعم الجماعات الدينية ، والمهاجرين والاستمرار بدعم المستوطينين
المفدال 6
دعم الاستيطان والمتدينين و دعم برامج التخصيص
حداش – التغير 3
يدعو الى المساواة بين المواطنين وعدم توجيه مخصصات اكبر للاستيطان او النفقات الدفاعية
شعب واحد 3
لم يصادق اعضاء الحزب فى الكنيست على اى من الميزانيات خلال الاعوام الثلاثة الماضية بحجة انه كانت تسئ للفئات الاقل حظا فى المجتمع ويدعم الحزب برنامج التخصيص بشروط معينة تاخذ وضع العاملين بعين الاعتبار ، وبشكل عام يدعم الحزب برنامج الرفاه الموسع
التجمع 3
دعم مخصصات العائلات الكبيرة ، تخفيض مخصصات الاستيطان والنفقات الدفاعية ، التوسع فى برنامج الرفاه والدعم المباشر ومخصصات البطالة
اسرائيل بعليا 2
3يدعم الحزب المخصصات التى تخلق ظروفا افضل للمهاجرين الجدد
القائمة العربية الموحدة 2
دعم مخصصات العائلات الكبيرة ، تخفيض مخصصات الاستيطان والنفقات الدفاعية ، التوسع فى برنامج الرفاه والدعم المباشر ومخصصات البطالة