أخي الأصغر
تعود بي الذاكرة الى اليومين الاوليين من هذا الشهر الفضيل , حيث كانت الاسرة كلها سعيدة بالاخ الاصغر الذي إستطاع للمرة الاولى ان يصوم يومين متتاليين .
فى العام الماضي صام اول يوم من رمضان , وكافأته الأسرة بمزيد من قطع اللحم والحلوى , فلم يكن عمره يزيد على التاسعة , وهو آخر العنقود , والمدلل عند الوالدة , التى كانت ترفض له الصيام قبل ذلك العام لأنه كما تقول اصغر من ان يتعود على الصيام , وقد شجعته على ان يفطر اكثر من خمسة وعشرين يوما فى السنة الماضية , كلما عاد من المدرسة ورأت فى وجهه صفرة , أو رأته تعبا من الصيام .
وكنا نحتج عليها جميعا ولكنها كانت ترد علينا : يكفى فى هذا العام منه ان يصوم حتى الظهر حين عودته من المدرسة ثم يصوم فى الاعوام التالية اليوم كله .. وقد كتمت مشاعرها هذا العام واخذت تشجعه على الصيام وقد بلغ العاشرة من عمره ولكنها منعتنا ان ندعوه للقيام بأي مجهود , بل انها كانت تأخذه من يده بعد حضوره من المدرسة الى سريره لينام ولا تجعل احيوقظه قبل ان يؤذن المغرب , وكان تفسيرها لذلك انها تريده ان يصوم لأنه اذا شعر بالتعب , أو لم تنم عيناه فقد يغافلنا ويفطر , ولكنه إذا نام وصام سيجعله ذلك أكثر قدرة على الصيام طوال الأعوام التالية وقد كانت على حق لأنه كاد أن يفطر هذا اليوم لمجرد أن الوالد أرسله إلى السوق وعاد متعبا , ودخل إلى المطبخ متسللا فتبعته لألحقه قبل أن يفعلها ويشرب كوبا من الماء ولقد خجل من نفسه خجلا شديدا فحضرت إليه الوالدة وجعلته يغسل وجهه .
***