وإستتباعآ لما سبق ..
أعود لأقتبس من مداخلة لي في المنتديات هنا كانت بعنوان ( من الأمة الفاعلة إلى الكيانات العاجزة ) .ز شيئآ عن اللغة العربية وضرورة تصارحنا ، ومواجهتنا للواقع المر ، حتى لايتحول " الإعجاب المبالغ به " والذي لايستند إلى واقع غير الإنجرار العاطفي ، حتى لايتحول - كأي أمر آخر في حياتنا - إلى مخدر نخدر به أنفسنا ونتدعي أن كل شيئ تمام وليس بالإمكان أحسن مما كان ..
---------------
[ إقتباس ] :
------------
[[وفي اللغة العربية ، ودورها في الثقافة والتطور والمعرفة ..
فإن ضرورة تنمية وتقوية وتصاعدية تأثير هويتنا القومية العربية من خلال إرتباطها بالثقافة وتطورها المعرفي ، لابد له من تفعيل إبداعات أبنائنا في جميع العلوم والآداب الإنسانية ، ومن تفعيل التفاعل الحضاري الثقافي بالأخذ والعطاء من خلال : الترجمة .. والتعريب .
وقد أتى علينا حينآ من الدهر كأمة ، تألقت في وجودها نهضة علمية زاهرة إمتدت قرونآ – عهد المأمون خاصة - . فأخذ المسلمون ينهلون من مواد العلم ، و " يترجمون " الكتب الإغريقية والسريانية والهندية والفارسية ، فينقلون إلى اللغة العربية الكثير من العلم والثقافة ، و " يتفاعلون " مع المنقول ..
وكانت الترجمة هي الدائرة الثقافية الواسعة التي تتضمن في أحد أركانها الأساس ، عملية " التعريب " ، بشكل علمي وتطبيقي ، وفتحت بالتعريب دروب واقعية وملبية للحاجات : المترجمون ، أدوات الترجمة ، جمهور المتلقي للنتائج .
واليوم ومع مشاريع طموحه ( للترجمة ) ، فإنها قد إكتشفت وجود مأزق حقيقي تعاني منه " اللغة العربية " . وظهرت بوضوح أزمة حقيقية تتعلق بقضية ( التعريب ) .. التي تشكل أوضح الأزمات الثقافية والعلمية العربية في جميع مناحي الحياة الثقافية والمعيشية والعلمية .
ويجب الإنتباه بشدة على أن : ( التعريب .. عكس التغريب ) . فهو في جوهره إما أن يكون : إختراقآ .. أو إحتراقآ . فإن إستطعنا أن نصل إلى درجة " التعريب " الكامل ، فسوف " نخترق"الثقافات الأجنبية المتسارعة التطور يومآ بعد يوم . وإن لم نستطع ذلك ، فسوف "نحترق" بتفوق الأجانب علينا علميآ وثقافيآ ، وهو ما سيؤدي بالحتمية إلى تفوقهم العلمي والثقافي والتكنولوجي والعسكري والإقتصادي ، بدرجة تجعلنا كأمة عربية في عداد الدول الدائمة التخلف . وهذا ماذهب إليه بشكل عام ومفصل الدكتور / محمود المناوي / في كتابه ( أزمة التعريب ) .
وعن التعريب .. في بعض محاوره الأساسية ، يقول الدكتور ، محمد بلاسي / في ( التعريب بين النظرية والتطبيق ) ، أن :
[ تبادل التأثير والتأثر بين اللغات ، قانون إجتماعي إنساني ، وأن " إقتراض " بعض اللغات من بعضها البعض ، هو ظاهرة إنسانية أقام عليها فقهاء اللغة المحدثون أدلة لاتحصى . والعربية في هذا المضمار ، ليست بدعآ من اللغات الإنسانية ، غير أنها " تفرق " عنها : ببراعتها في تمثلها الكلام الأجنبي عن طريق صياغته على أوزانها ، وإنزاله على أحكامها ، وجعله جزءآ لايتجزأ من عناصر " التعبير " فيها ] .
وهو وإن حض بقوة على "التعريب " ، فإنه يرى أن الطريقة المثلى في نقل مدلولات المكتشفات الأجنبية والإختراعات العلمية ، والإصطلاحات في شتى المجالات ، هي في :
[ أن لا نلجأ إلى التعريب وهو أشد خطرآ على لغتنا ، إلا بعد ..أن نكون بذلنا الجهد في كل وسيلة قبلها . فالترجمة أولآ .. فإذا لم يوجد للفظ الأجنبي مقابل عربي ، فالإشتقاق ثانيآ .. فإن عجزنا ، فالمجاز ثالثآ .. وإن عجزنا ، ننحت للكلمة لفظآ مركبآ من كلمتين يؤدي معناهما بمدلول الشيئ المسمى .. فإن عجزنا ، " نعرب " اللفظ الأجنبي تعريبآ مطابقآ لقواعد اللغة العربية ، وصقله وفق أوزان لغتنا ومنطق " لساننا " ، حتى يشبه اللفظ العربي الفصيح . وبذلك نترك اللغة العربية للخَلَف من بعدنا ، كما تركها لنا آباؤنا الأولون ] ..
إننا في الواقع .. نريد تعريبآ وترجمة أكثر حيوية وحياة وإستجابة لمتطلبات مجتمع المعرفة ، الذي إن لم نسارع بدخوله ، فلن يكون لنا مكانآ بين الأمم ، وتضعف هويتنا العربية القومية ، حتى أقصى درجات الضعف .. لا الزوال .
وفي الهوية واللغة والثقافة ، تكون :
الهوية القومية حقيقة : لغوية في الأصل لها سماتها وملامحها الشخصية الظاهرة والباطنة ، والخصائص المادية والمعنوية والثقافية . وهي أيضآ مكونة من عناصر وخبرات ثقافية وإجتماعية وتاريخية ، فردية وجماعية على مدى " تراكم زمني " = الإستقرار والإستمرار = . والأمة العربية إمتزجت بالعديد من الأمم ، وإستوعبت أعراق أخرى ، بحيث أصبحت الحصيلة الثقافية والحضارية أبعد وأعمق بكثير من علاقة عرقية محدودة .
وإن كان للعرب قبل الإسلام وجود ، فقد صار لهم في ظل الإسلام وجود متغير آخر ، وتعددت دوائرهم .. لكن مع بقائهم عربآ .. وإن قلنا أن القومية العربية ليست عرقآ ولا عرقية ، فهذا بنتيجته أنها : ليست عدوانية إستئثارية إستعمارية . إنها ذات ( نمط حضاري متميز ممتد وعميق في المجالين المادي والمعنوي ) . فهي ممتدة أفقيآ على رقعة المجتمع العربي كله / جغرافيآ . وهي ايضآ ذات خصائص عميقة رأسيآ .. " متغلغلة " في الحياة الإجتماعية – النفسية ، أي : في السيكولوجيا الإجتماعية ، تنعكس على هيئة سجايا نفسية مشتركة منبعثة مما يسمى العادات والتقاليد والقيم المشتركة ، أو بما هي عليه من " أعراف قومية " ، أو " ثقافة شعبية " ، ضمن مضمون نمطيها الحضاريين : المادي – والمعنوي ]] .
وبعرض " مقارن " سريع :
إسبانيا تنشر بلغتها أربعة أضعاف ، ماينشر في كل الوطن العربي بلغتنا ، أو ترجمة عن لغات أخرى ..
( قاموس اكسفورد ) .. يضاف للقاموس الإنجليزي كل " شهر " .. حوالي بالمتوسط سبع كلمات جديدة أو مشتقة من اللغة الإنجليزية ..
أين لغتنا الجميلة ، والمتخصصون بها ، ونخبنا ، ونحن الناطقون بها ؟؟