مازلنا مع مختارات تصحيح التصحيف وتحرير التحريف
ويقولون في التعجب من الألوان والعاهات: ما أبيضَ هذا الثوبَ وأعورَ هذا الفرس.
وذلك غلَطٌ، لأن العرب لم تَبْنِ فعل التعجب إلاّ من الفعل الثلاثي الذي خصّتْه بذلك لخفته. والغالب على أفعل الألوانُ والعيوبُ التي يدركها العِيانُ، فإن أردتَ التعجب من بياض الثوب قلت: ما أحسنَ بياضَ هذا الثوب وما أقبحَ عَوَرَ هذا الفرس.
قلت: يجوز أن تقول: ما أبيضَ هذا الطائر، إذا تعجبتَ من كثرة بَيْضِه، لا من بَياضِه.
********
ومن ذلك الأتْراب يكون عندهم الذكور والإناث. وليس كذلك، وإنما الأتراب الإناث خاصة، لا يقال: زيد تِرْبُ عمرو، وإنما يقال: زيد قِرْن عمرو، وهند تِرْب دعد. وقال بعضهم: أكثر ما يستعمل في الإناث وقد يكون للذكور. والقول الأول أشهر.
قلت: قال الجوهري: قولهم: هذه تِرْبُ هذه، أي لِدَتُها، وهنّ أتراب. انتهى.
قلت: وقوله تعالى: (قاصِراتُ الطّرْفِ أتْرابٌ) يؤيد القول الذي رجحه الصقلي.
********
ويقولون أتيتُ هي الأيام، وقعدت في هو المكان. والصواب: أتيتُ تلك الأيام، وقعدت في ذلك المكان. وليست هذه المواضع من مواضع هو ولا هي، لأنهما من ضمائر الرفع، ولا تفارقه إلا إذا أكدت بهن فإنهن يقعن للمجرور والمنصوب، تقول: رأيته هو، ومررت بك أنت.
********
ويقولون: اتّخَم الرجل، إذا أضرّ به الشِّبَع، والصواب أُتْخِم، فهو مُتْخَم، على ما لم يسمّ فاعله.
قلت: يريد أنهم يشددون التاء ويفتحونها، والصواب أن تخفف وتسكن.
********
ويقولون للولدين في بطن واحد: أتْوام، والصواب: توْأمان، الواحد توأم، وأتأمت المرأةُ إذا ولدتْ توأمين.
********
يقولون للقائم اجلِسْ والاختيار، على ما حكاه الخليل بن أحمد، أن يقال لمن كان قائماً: اقعُدْ، ولمن كان نائماً أو ساجداً اجلسْ، وعلل بعضهم لهذا الاختيار بأنّ القعود هو الانتقال من عُلْو الى سُفْل، ولهذا قيل لمَن أصيب برجليه: مُقْعَد، والجلوس هو الانتقال من سُفْل الى عُلْو، ومنه سميت نَجْد جَلْساً لارتفاعها، وقيل لمَنْ أتاها جالِسٌ، ومنه قول عمر بن عبد العزيز للفرزدق:
قُلْ للفرزدقِ، والسفاهةُ كاسمِها ... إنْ كنتَ تارِكَ ما أمرتُكَ فاجْلِسِ
يتبع بإذن الله .....