السلام عليكم
طرح مشكلة عامة
ف
العنوان بين التعليم والعمل : حتى لا ننسى
المشكلة تخرجت في الجامعة قبل عدة أشهر، وقد كُتب كتابي، وأنا حاليا أعد لزفافي. مشكلتي أو حيرتي هي العمل بعد الزواج.. فهل أعمل وأبحث عن مستقبلي، أم أكتفي بما تعلمت وأبقى في المنزل ؟
في الواقع معظم أهلي، وحتى زوجي، يشجعونني على العمل لسببين: أولهما حتى لا تضيع جهودي في الدراسة، خصوصا بعد أن تعبت في دراسة مجال صعب مثل الهندسة، وثانيهما لأن زوجي لن يكون موجودا طوال الأسبوع؛ مما يزرع الملل.
من جهة أخرى، فقد سمعت عن تعب الزوجة في العمل، ثم عودتها إلى المنزل لترتاح، فتجد بيتها ينتظرها بمن فيه من أطفال، وقد يكون هناك ضيوف، وقد سمعت عن انحراف الأبناء في غياب الأهل، ألا يكفي غياب الأب؟ خاصة في هذا الزمن نحتاج إلى أن تكون الأم قريبة من أطفالها، فصاحب (بالين) كذاب –كما يقولون.
أنا حقا حائرة أمام إلحاح الأهل بالعمل أو البقاء في المنزل.. أفيدوني، أفادكم الله.
اسم الخبير د.عمرو أبو خليل
الحل
الأخت الفاضلة ، سبق أن أرسلت لنا مشكلتك هذه من قبل ، وقام الدكتور " إيهاب خليفة " من فريق الحلول بالإجابة عليها ، ونزلت علي الصفحة تحت عنوان : حائرة بين العمل والمنزل: الطريق الثالث
وعلي كل حال ، سنعرض لك إجابة أخري للدكتور " عمرو أبو خليل " الذي يقول لك :
لماذا تتعلم الفتاة ؟! لماذا تعمل الفتاة ؟! يجب ألا ننسى الأسئلة، وكيف بدأت؛ حتى لا تتوه الإجابة، ويتحول الأصلي إلى فرعي، ويتحول الفرعي إلى أصلي؛ وذلك بسبب غياب الرؤية الأصلية ، ثم يأتي بعد ذلك اختلاف الظروف واختلاف الشخصيات واختلاف القدرات؛ ليضع هذا الاختلاف إجابة مختلفة لكل حالة، ولكن في إطار الرؤية – أيضا - للقضية، فنحن نقصد من هذا الكلام العام المبهم أن السؤال المطروح ليس هو: هل تعمل المرأة أو لا تعمل ؟! بل السؤال المطروح عليك هو: هل تعملين أنت أو لا تعملين ؟!
إن أهلك وأهل زوجك يعممون المسألة، طالما أنك تعلمت الهندسة الصعبة، وخسارة أن تضيع الدراسة.. الرجل غير موجود في البيت، فلتهربي أنت الأخرى من البيت ؛ حتى لا تصابي بالملل! القضية ليست كذلك، القضية أنك درست الهندسة الصعبة؛ لأنه لا يوجد في المجتمع بصورة عامة من يوظف القدرات ويوزعها حسب احتياج المجتمع، فحتى في عالم الرجال الكل يدرس أي شيء لأي شيء بدون تحديد للقدرات أو الاحتياجات. وفي ظل ذلك، أنت درست الهندسة لمجرد أن مجموعك أهلك لذلك، أو اختيار مَن حولك، أو لأي سبب توجهت إليها، وكأن كل شيء تمّ بإرادتك يأتي ممن حولك ليضعوا قانونًا لا ندري من أين أتوا به.. وطالما أنك درست الهندسة، فيجب أن تعملي.. خسارة سنوات الدراسة وليس مُهما بعد ذلك ماذا تفعلين ؟ تذهبين إلى مكتب وتجلسين ولا تفعلين شيئا أو تفعلين، المهم ألا تحدث الخسارة.
خسارة ماذا ؟ ومن أجل ماذا ؟ ليس مهما، لا أحد يرى ولا أحد يدرك، المهم أن يجلس وينفتح، ويقول رأيه في الموضوع.. أي موضوع.
ما نريد أن نقوله: إنك صاحبة الحق في الاختيار؛ لأنك الوحيدة القادرة على التعامل بوعي وإدراك مع قدراتك، فلا تسمحي لأحد أن يفرض عليك اختياره أو وجهة نظره، وأنت واضحة مع نفسك، مدركة لطبيعتك وقدرتك، تدركين – كما يظهر من رسالتك – أن البيت والأطفال لا يحتاجون إلى زوجة مكدودة عائدة من العمل؛ لأن البيت والأطفال يحتاجون أُمًّا قادرة على قيادة البيت وإدارته والقيام بتربية الأطفال في ظل أوضاع اجتماعية تحتاج إلى كل مجهود وتركيز من الأم، ولأن الأبوين اليوم هما صاحبا رسالة التربية؛ فالكل ضدهم: الشارع، والإعلام، والأصدقاء و… و…، والأمر يحتاج إلى تفرغ ذهني ونفسي وإعداد لأداء حق الأطفال والبيت؛ فلماذا الحيرة ؟
إن الأم التي تقوم بواجباتها في رعاية أسرتها لن يضيع مجهود دراستها هباء. إننا لا نتعلم ونتثقف حتى نتوظف، إننا نتعلم؛ حتى تتسع مداركنا، ونستطيع أن نستوعب ما حولنا فنُحسن القيام بواجبنا، وهناك من المهام من لن يقوم أحد غيرنا بها؛ فهل نتركها حتى لا نشعر بالملل ؟
إن الأم التي تقوم بواجباتها الحقيقية في زماننا، ربما تشكو من قلة الوقت، وربما تحتاج إلى أن يكون يومها 48 ساعة.
إن أصحاب العقول الخاوية هم الذين تركوا مهمتهم وعملهم، ثم ذهبوا يشكون من الملل!
اختاري لنفسك؛ فهذا حقك.