ما دام فهو من الله. إن الغلو والإفراط تشفيان حاجات بعض الأنفس. وتسدان دواعي ونقوص وإختلال التوازن في بعض الأنفس. الغلو والمغالات آلية من آليات حفظ التوازن في النفس الإنسانية. وتسد حاجة أو حاجات أساسية في النفس. وبذا خروج عن خباء الفطرة السليمة و نداء الطبع السوي المستقيم ومقتضيات الطبيعة الوسطية. والفلسفات التي من صلبها الغلو وتدعو الى الغلو لا حصر لها . وثم من يستجيب لنداء مثل هذه الفلسفات وسواد الناس لا يستجيبون لها ولا يأبهون بها. وإنك ترى من بين القلة القلية من الأنفس ممن تعتنق مثل هذه الفلسفات تتحمس لها وتعتد بها وتكلأ عنها وبحمية منقطعة النظير. إن في هذه الحمية والإندفاع الأعمى وراء مثل هذه الفلسفات خروج عن كنف الطبيعة وعن تناسق التصور السوي واللتي تلقى قبولا عند السواد الأعظم من الناس. والغلو يتعدى في الطور حدود الفلسفات الضالة المارقة إلى عوالم وأصناف أخرى من المعتقد والمسلك والتصور. وللناس فيما يعشقون مذاهب. وعشق الشئ يحدث إذا أصبح طابعه ومسحته الخروج عن المألوف والمعهود عند سواد الناس من سلوك طابعه الألق والتألق . ليخرج به المغالي الى طور يتغلب عليه نعرة الفحش والسفاف. ولا أعني بالفحش هنا الفحش في معناه الديني.وإنما من السلوك ما فقد ألقه وقبوله الأجتماعي وخروجه عن المألوف في الفطرة السوية. يعقوب القاسمي.