السعودية تسرع من اصلاح التعليم وعلماء الدين يقاومون
الرياض (رويترز) - يقول محللون انه بعد اتهامها بتشجيع التطرف الديني الذي كان وراء هجمات 11 سبتمبر ايلول زادت السعودية من جهودها لاصلاح منهجها التعليمي بالمدارس لكن معارضة علماء الدين تعني أن التغيير سيكون بطيئا.
وعين الملك عبد الله فريقا جديدا لقيادة وزارة التعليم هذا العام في تغيير وزاري مفاجيء بالدولة الاسلامية المحافظة حيث يقول اصلاحيون ان الوعود بالتغيير التي قطعها العاهل السعودي عندما تولى العرش عام 2005 لم يتحقق منها الا القليل.
وتولى الامير فيصل بن عبد الله مسؤول المخابرات السابق منصب وزير التعليم وتم تعيين فيصل بن معمر الذي رأس هيئة أنشئت عام 2003 لتشجيع الاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية نائبا له.
وقال محمد يوسف استاذ التربية بجامعة الملك عبد العزيز الذي الف كتابا عام 2004 عن اعادة هيكلة نظام التعليم السعودي انه كان ينادي بهذه التغييرات منذ وقت طويل.
وركزت الولايات المتحدة على المدارس السعودية بعد أن تبين أن 15 من جملة 19 مهاجما قتلوا نحو ثلاثة الاف شخص هناك في هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 كانوا سعوديين. ونفذوا الهجمات باسم تنظيم القاعدة الذي يقوده السعودي أسامة بن لادن.
ويقول منتقدون أجانب وسعوديون ان المادة التعليمية السعودية تجيز قتل غير المسلمين وتروج لفكرة تطهير الدول الاسلامية من التأثيرات الثقافية الغربية.
وازدادت مخاوف الحكومة السعودية عمقا بعد ان شن متشددون لهم صلات بتنظيم القاعدة حملة لزعزعة استقرار المملكة في مايو ايار 2003 استهدفت مباني حكومية ومنشآت للطاقة ومجمعات سكنية للاجانب في هجمات انتحارية تفجيرية.
وأضاف يوسف أن مناقشات "الحوار الوطني" التي قادها نائب وزير التعليم الجديد ابن معمر ساعدت الحكومة على حشد التأييد لنهج جديد.
وقال انه بات واضحا أن أحد أهم أسباب الارهاب هو احتكار مجموعة معينة من الناس لصياغة المناهج التعليمية في المملكة
وفي عام 2005 دشن الملك عبد الله مشروعا قيمته تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار) "لتطوير التعليم" ممهدا الطريق لتغييرات اكبر في منهج الدراسات الاسلامية.
وقال احمد المعدي خبير الشريعة والكاتب ان تغييرات المنهج التعليمي سوف تعيد صياغة مباديء معينة تم رصدها في الكتب المدرسية مما يسمح بتفسير اكثر اعتدالا.
وأضاف أن هناك افرادا بعينهم لهم اراء متطرفة في الاسلام وانه يجب ادخال التغييرات على الكتب المدرسية برؤية واقعية هي أن الاسلام دين مودة.
وذكر محللون أن الاصلاحيين في الحكومة واجهوا مقاومة بشأن تغيير الكتب الدراسية نزولا على طلب أجانب ونتيجة لهذا فان التغيرات التي أجريت حتى الان للاجزاء المتعلقة بالجهاد وعلاقة المسلمين بغير المسلمين غير كافية.
وتطبق السعودية التي توجد بها أقدس المواقع الاسلامية الشريعة الاسلامية وتمنح أسرة ال سعود الحاكمة للمؤسسة الدينية القوية سلطات واسعة في نظام القضاء والتعليم.
وقال علي الاحمد المعارض السعودي في واشنطن ان الكتب المدرسية السعودية الحالية ما زالت تضع الركائز الايديولوجية للارهابيين والمفجرين الانتحاريين وهي الركائز التي تمخضت عن الاف الانتحاريين السعوديين في 11 سبتمبر والعراق وافغانستان.
وتوجه الكثير من السعوديين والعرب الاخرين الى العراق لقتال القوات الامريكية والحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة.
وقال دوايت بشير كبير المحللين السياسيين بالمفوضية الامريكية للحريات الدينية في العالم التي زارت السعودية عام 2007 وأصدرت تقريرا عن الكتب المدرسية السعودية "قلقنا من هذه الكتب يكمن في أن التفسير محافظ بشدة وينطوي على فهم ضيق (الافق للاسلام) يشجع عدم التسامح في بعض الحالات."
وأضاف أن بعض الايات القرانية تحتاج الى تفسير حتى لا ينظر اليها على أنها تشجع العنف وقال "نقول انه يجب توضيحها فحسب وليس حذفها" مشيرا الى الايات التي تناقش مفهوم الجهاد.
ويساور منتقدين القلق ليس بسبب طبيعة المادة الدينية فحسب بل بسبب كميتها ايضا ذلك انها تتسلل الى مواد أخرى يتم تدريسها مثل اللغة العربية والتاريخ. ويقولون ان التركيز على الدين يعني أن نظام التعليم لا يعد السعوديين للحياة والعمل في العالم الحديث.
ويشعر الكثير من علماء الدين من أصحاب النفوذ وأنصارهم بالغضب بسبب التغييرات حتى الان ويخشون مما يمكن أن يأتي تاليا. ويقولون ان التغييرات هي نتيجة لضغوط سياسية غربية.
وقال مدرس للدراسات الاسلامية بمدرسة سعودية حكومية طلب عدم نشر اسمه "ما يجري يظلم الاسلام. انهم يغيرون مباديء الاسلام ويقدمون أشياء بطريقة خاطئة."
وفي حين تم التخفيف من حدة المناهج واستبدال الكتب المدرسية لا يزال المدرسون بالمدارس السعودية كما هم.
وقال نايف الرومي وكيل وزارة التعليم للتخطيط والتطوير ومدير عام المشروع ان هناك حاجة الى تدريبهم وتعليمهم كيف يتقبلون التغيير.
وأشار يوسف الى أنه يجب أن يجري التغيير ببطء تجنبا لاثارة المعارضة وقال انه لا بد أن يتم الاصلاح على مراحل لان الاصلاح المفاجيء يمكن أن تكون له اثار عكسية. وتابع أن البلاد تتعامل مع ايديولوجيات متطرفة ولا يمكن تغيير هذا بين عشية وضحاها وأردف قائلا ان هناك حاجة الى الوقت والصبر وأن هذا سيكون نضالا.