عناصر التنمية البشرية وبناء الإنسان
إذا اعتبرنا أن الدولة و المجتمع هو مجموعة متنوعة من الأفراد ، وأن كل فرد له مكونات ثلاثة: العقل ، والقلب ، والساعد ، وأن كل مكون له صفات عديدة ، فإن ما نراه من مجتمعات و دول مختلفة هو الناتج عن تفاعل المكونات المختلفة لأفراده خلال مدد زمانية طويلة.
العلم و الفن و الدولة والدستور والقوانين والعادات والقيم والتقاليد و غيرها تنتج من تفاعل هذه المكونات من خلال مجموعات متعددة من الأفراد والجماعات ، والإختلافات الحادثة فى شكل الدولة والمجتمع تعتمد على النسب المختلفة لهذه المكونات الثلاث وعلى نوعية التفاعلات بينها. ويمكن بناءّ على ذلك ان نفهم ونفسر العديد من الظواهر التاريخية و الثقاقية و الحضارية والمجتمعية. فإذا أخذنا مجتمعاّ يأخذ الجانب العقلى فقط ويهمل الجوانب الأخرى فإننا نصل لمجتمع فكرى خالص يقدس الفكر ويلغى ما غيره . وإذا الغينا العقل من مجتمع وتركنا القلب فقط ، فربما وصلنا لمجتمع غيبى خالص . وأذا اخذنا الساعد فقط ، فيمكن ان نصل الى مجتمع يقدس القوة ويعمل على استغلال الضعفاء واستعبادهم وربما برر مفهوم الرق اعتماداّ على مفهوم إن العنصر القوى هو الأفضل. أما إذا أخذنا مجتمعاّ يأخذ مكونين فقط مثل العقل والقلب ، أو العقل و الساعد ، أو القلب والساعد ، فإننا نصل لمجتمعات لها طبائع وسلوكيات مختلفة عن المجتمعات التى تركز على مكون واحد فقط. أما المجتمعات التى تأخذ المكونات الثلا ثة ، فمن الواضح أنها تنتج سلوكيات و قيم و قوانين مختلفة عن المجتمعات السابق وصفها.
وبناءّ على ذلك الفهم يمكننا ان نفسر عدداّ كبيراّ من الظواهر الإجتماعية والأحداث التاريخية إعتماداّ على النسب المختلفة لهذه المكونات الثلاث الموجودة فى النسيج الإجتماعى الموجودة فى ذلك الوقت. وهذا يعود فى النهاية إلى مكونات كل فرد فى هذه المجتمعات ، وكيفية التفاعل الإجتماعى بين أفراد و فئات المجتمع.
وهنا أقترح ان نعيد صياغة السؤال الخاص ببناءالإنسان كالأتى:
ما هو توزيع النسب المختلفة، من عقل وقلب و جسم فى كل جماعة بشرية؟ وما هى الصفات المتعددة الموجودة من كل مكون (عقل وقلب وجسم)؟ وهذا يمكن معرفته من دراسة التنوع الموجود فى بلاد الله الواسعة، وإذا كنا نرى نقصا ما ونحتاج برامج للتنمية البشرية، فيكون السؤال هو:..
ما هى التوزيعات المطلوبة لتكوين الإنسان، بين عقل و قلب و ساعد ؟ وما هى الصفات المرجوه فى كل مكون(عقل وقلب وجسم)؟ وما هو مدى التنوع المقبول فى كل صفة بحيث يكون المجتمع متوازنا؟ ومن سيقوم بهذه المسئولية الوطنية؟ المدرسةّ ام الأسرة أم وسائل الإعلام أم من؟ وكم نحتاج من الوقت والمجهود والمال لإتمام هذا المشروع؟
وتحياتى العطرة
عبد الحميد
و للحديث بقية
(يتبع)