الفنان العالمي الروسي ( شاغال )


"غريب كم يبدو المكان كمصيدة، أحياناً. لسبب غامض، وجدت نفسي أقضي جلّ وقتي في "سياتل" متردِّداً بين أمكنة ثلاثة: "سينماتك الوهم العظيم"، و "حانة القمر الأزرق"، و مقهى "المخرج الأخير".

جذبتني أسماء هذه الأمكنة، جذبني أكثر اسم "القمر الأزرق". اللون تحديداً جذبني.

قيل: الأزرق مضاد للهياج الجنسي - كنت ثوراً جنسياً - ، وقيل: مهدئ للأعصاب - كنت على حافة الجنون، والعصبية إرثي، أبي مشهور بعصبيته.

قلت: اللون جذبني. تعتقد الطائفة الصوفية "النقشبندية" أنّ في الإنسان عدّة أنفس، ولكل نفس هالة أو ضوء خاص بها. الأزرق لون "النفس الأمّارة بالسوء" (نفسي كانت تأمرني ليس فقط بالسوء، بل حتى بالجريمة، وكنت أخشى من أن تنقضم شخصيتي وتقوم إحدى الشخصيتين بإقتراف جريمة لا تعرف عنها الشخصية الأخرى)، أما الالأحمر، فلون النفس "الملهمة"، والأبيض لون النفس "المطمئنة"، والأخضر لون النفس "الراضية"، والأسود لون "المّرضية" (أرضاها الله)، أمّا الأصفر، فلون النفس "اللوّامة".

. . .



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

Marc Chagall's

The Blue Violinist
1947


عندي، الأزرق لون الغربة، والغيب، وسماء الطفولة. وربما أن لنواياي السيئة لوناً أزرق .. مرّة تعلّمت العزف على البيانو، و"ألفت" لحناً ساحراً قصيراً، وعزفته لمدّة طويلة جداً، يوماً بعد يوم. ولم أنتبه لسيّر حبي له حتى قرأت كتاباً لموسيقار أسود، يزعم فيه أن لكل "نوتة" موسيقية لوناً خاصّاً بها، ولكل مقطوعة موسيقية لوناً خاصاً بها، فإحدى سوناتات "موزارت" تثير في السامع اللون الأاخضر أو الأزرق أو .. بحثت عن لون "النوتة" التي سحرتني، وذهلت عندما وجدت أنّ لونها أزرق. وانتبهت إلى كوني أحبّ بشكل خاص أغاني "البلوز"، التي تتضمن نوتة تُدعى "النوتة الزرقاء" .. البلوز!

. . .

وعند السود في الولايات المتحدة، الأزرق لون المعاناة، "لماذا أنا حزين و أزرق؟" (أغنية جاز للويس آرمسترونغ، على ما أعتقد)."حسين البرغوثي من رواية الضوء الأزرق