( 16 ) إشكالية البوح والكتمان في «حدائق الصوت»
للشاعر حسين علي محمد

بقلم: حسني سيد لبيب
...........................

يحرص الشاعر حسين علي محمد على التعبير عن إرهاصات ذاته الموزعة، والأمل الأخضر، والزهو بماض يرى فيه الطريق الذي ينطلق منه إلى غد مشرق، وأبرز ملمح لقصائد ديوانه "حدائق الصوت"(1) هو تميز صوت الشاعر الذي ينتظر خلاص الذات بالإيمان. ولتسمية الديوان (2) إشكالية من حيث كونها شعاع ضوء كاشف عن هوية الشاعر. أما كان الأجدر به أن يسميه "حدائق الصمت"؟ فلماذا آثر "الصوت" على "الصمت"؟ إنه صوت الشاعر المغنِّي، يأتي من حدائق غنّاء تُبشِّر بالأمل الأخضر، بعيداً عن صخب الأباطيل، والصوت تأكيد للهويّة، وإن كان مُقطّع الأنفاس، إلا أنه مفعم بالإيمان والرؤى الواعدة، وفي الصوت إيجابية تطرح سلبية الصمت.
ولا مشاحة في أن هموم الوطن هي الهاجس المؤرِّق للشاعر، ومن تواريخ القصائد نجد معظمها كتب في صنعاء حيث كان يعمل (1984-1989م) لكن آفاق الوطن تمتد وتتسع، فتتكاثر الهموم تاريخاً ونضالاً، وفي قصيدة "فواصل من سورة الموت" تتفتّح أمام الشاعر صورة حزينة للوطن الذي يخرج من سكرته فيضرب في وهدة حيرته، وتتسع رقعة الوطن باتساع الهموم، فإذا به "وطن يخرجُ من تيهٍ / كيْ يضربَ في تيهْ". والشاعر تُضنيه أوجاع الوطن، لكنه لا يبين ولا يفصح، مكتفيا برسم رقعة الوطن، وفي رسمه إيماء ورمز، دون أن يُصرِّح أو يصف أو يُشخِّص.
وهنا يُطرح سؤال عن وظيفة الشعر ورسالة الشاعر، فبعد أن كان الشاعر صريحاً في قوله، فيّاض الشعور، مسترسل الكلام عن قضيته وآلامه وآماله .. إذا بالشعر الحديث ينفض يديه عن كل كلام صريح، متدثراً بالصورة الفنية التي ترسم اللوحة التشكيلية، ويرتد الشاعر إلى إيماءات وومضات، تارة يستعيرها من التاريخ القديم، وأخرى بتقطيع القصيدة إلى مقاطع معنونة.
وقد أُغرم الشاعر بتقطيع قصائده على هذا النحو، مستهدفاً أن يرسم بها صوره الفنية وأخيلته، من منطلق أن القصيدة في النهاية ما هي إلا لوحة جمالية لا تكتمل بمقطع واحد، وإنما بمجموع المقاطع .. وتعمل هذه المقاطع على تسليط الأشعة الضوئية الكاشفة للصورة من زوايا مختلفة، بغية تجسيدها أو تعميقها او شحذ الخيال، مثل المجسّم في الفراغ، تتحدّد أبعاده الهندسية بالطول والعرض والارتفاع، فيتكوّن المنظور الحقيقي للشكل بالأبعاد الثلاثة، لعل المقاطع تفيد في مثل هذا الاتجاه .. لكنها لا تكون مقاطع مبعثرة، تنتفي منها الغاية، وإنما هي تخدم الصورة الشعرية والموضوع، وترقى بالخيال وصولاً إلى تشكيل جمالي.
وتتكوّن قصيدة "القمر" من ثلاثة أصوات، والتقسيم من عندنا، فالصوت الأول وصفي: قرص النبيذ ـ قبضة الدماء ـ وردة الحنّاء ـ قطة تموء ـ موجة تفيض .. وهو في وصفه للأشياء يرسم صورة بالكلمات مثلما يرسم الرسام صورته بالألوان والظلال. هذا عن الجانب الوصفي. أما الصوت الثاني فيبوح به في صيغة الخطاب / السؤال (الاستفهامي) في محاولة للكشف عن شخصية سيده في مدن النيون والظلام .. وتركه هذه المدن وغيابه. أما الصوت الثالث فرد فعل الغريب، الذي يُعطي الجواب بأنه يُحب ويعطي، وضمن ما يُعطيه موائد الأحلام، لكن الضمير المتكلم يظلُّ يُحاوره، فيرد على جوابه بأنه يُعطي القصائد الأوهام، ويمضي الغريب في سلام.
ماذا يريد الشاعر أن يقول؟ أهي محاولة لتصوير غربته في دنيا الضجيج والزحام؟ أم أن صوت الشاعر في دنيانا ضعيف إزاء إغراء الماديات الطاغية الضاغطة؟ وماذا عن عنوان القصيدة "القمر"؟ هل يقصد به ظهور القمر مرة كل شهر، وأنه يبدأ هلالا ثم يكبر حتى يكتمل ثم يضمحل ويختفي؟ هنا نقف على مغزى العنوان، وارتباطه القويّ الدلالة بالمعنى، فالقمر هنا بُعد رابع مكمل للوحة التشكيلية المسماة "قصيدة" رغم عدم ذكر "القمر" لفظاً في سطورها، مكتفياً به عنواناً رمزيا، هنا تبرز حساسية الشاعر في تلوين القصيدة، ويبرز تميزه في تعدُّد الأصوات، وتغيير الصياغة من مقطع إلى آخر، بحيث تكون الصياغة دالة على المعنى رامزة له.
وفي قسيدة "فواصل من سورة الموت" .. يتحدّث عن الوطن، فيقطع القصيدة بعناوين: "الخروج ـ التيه ـ فاصلة الجرح المناوب ـالموجة". فالحروج من السَّكرة يجعله يضرب في حيرته، وهو يرسم خريطة للصمت فيخرج من تيه كي يضرب في تيه، إلى أن يصل إلى نقطة اللاعودة. وهي حالة إحباط موئسة .. ويشير إلى الغزاة الذين يأكلون البقرات السمان .. لكنه لا يبين ولا يُفصح، وإنما يرتد إلى جنات عدن، محلقا في مملكة الله، وماذا بعد التيه؟ يقف الشاعر عند محطة انتظار، هي المقطع الثالث "فاصلة للجرح المناوب" طارحاً أسئلته بثلاثة أبيات من الشعر العمودي، وكان يُسطِّر في المقاطع الثلاثة الأخرى كتابته الشعرية متحلِّلاً من الشكل العمودي وإن لم يتحلل من الوزن الشعري، في إشارة واضحة إلى أهمية عودة الشاعر إلى الجذور، واكتشاف الهوية، لكنه لا يُضمِّن شعره مثل هذا المعنى، وإنما استخلصنا المضمون من حرصه على الشكل العمودي في طرح أسئلة تبينُ عن لحظة تنوير، كما أنه يتحلل من الكتابة الشعرية الرمزية، والإيماءات، ويصل إلى السؤال المباشر، أو البوح بعد طول كتمان، يقول:
ما الذي يقطعُ الصمْـتَ غيرُ ندا ئكَ: أقبلْ إليَّ ، وكنْ لي الغناءْ ؟
ما الذي يقْهرُ الرُّوحَ غيرُ فحيـ حِ الغـرائزِ، غيرُ جميلِ النداءْ ؟
ما الـذي ظلَّ يقبرُ فينا صلا ةَ النبيينَ غيرُ هوى الشعـراءْ ؟
والأسئلة الثلاثة ـ بوضوحها ونصاعة بيانها ـ تقف بنا عند لحظة تطهير وتنوير .. فالشاعر في غربته، وقد استشرف الرقعة الواسعة للوطن مترامي الأطراف، وأبان عن الإحباط والتيه، وحذّر من الغزاة، نجده يطرح الأسئلة التي في إجابتها الخلاص والطهر والصّفاء. وفي المقطع الرابع "الموجة" يتوق الشاعر إلى العودة بحراً إلى وطنه مصر .. لتوقظُ أعراسَ الحُلْمِ / مواسمَ فجْرِ القلْبِ" ويصف وطنه الذي يتدحرجُ في صبْوتِهِ، ألقأً يتوهّجُ في غُربتِهِ ..وتنتهي القصيدة رباعية المقاطع بصرخة منفلتة:
أيتها الموجةُ
هُبِّي برحيقِ الموْتِ
تعاليْ بدبيبِ الوحشةِ
ولْيُغرقني موْجُكِ
ولْيعصِفْ بضلوعٍ هشَّهْ
فالبرزخُ فيهِ متَّسعٌ لوميضِ الدَّهشهْ !
ويتزيّا الشاعر بزي الجنرال، ويخطب قصيدته القصيرة المركزة المكثفة في ثلاثة مقاطع، وإن كان الشاعر/ الجنرال لا يبين عن شخصيات من يتوجّه إليهم بخطبته .. ولعله يخاطب الإنسان أيا كان منبته ومشربه، وهذا أرجح وأوقع، لاسيّما أنه ضمْن دعوته رغبة في الرقص والعزف والغناء، وإن تكتَّم تباريح الفؤاد، وما يُغنِّيه أغنيات يُقلق بها الثوابت، ويفاجئنا في ختام القصيدة أن نصره تقاسمه الصمت والأدعياء‍ هنا تتكشّف مأساة الشاعر الذي تزيا بزي الجنرال، أو الجنرال الذي تزيا بزي الشاعر. وتعد القصيدة وعنوانها "خطبة قصيرة للجنرال" ـ بصياغتها وإيقاعها السريع ـ نفثة شاعر مصدوم، يُعاني من الأدعياء وسارقي نصر الآخرين!
وثمة قصيدة طويلة بعنوان طويل أيضاً: "من إشراقات عمرو بن العاص أو التحديق في وجه الشمس" وتنقسم إلى عشرة مقاطع، وقد أفسح التقسيم المقطعي المجال إلى للانتقال من حالة شعورية إلى أخرى، لكننا نبحث عن الترابط العضوي بين المقاطع العشرة. وقد أتاح طول القصيدة المجال للركض عبر صفحات التاريخ الإسلامي العربي، فيلتقط رموزاً تُثري المعنى، وتُضفي عليه نوعاً من التاريخ غير مقروء، او أن دائرة الضوء لا تقترب منه كثيراً.
وأذكر كتاباً أصدره الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي بعنوان "من تراث مصر الإسلامية"(3) .. كان تأريخاً لفتح مصر، وبناء مدينة الفسطاط، وجامعة الفسطاط الإسلامية، وكانت فترة ازدهار للعلم والآداب والفنون، ويكتب الشاعر حسين علي محمد قصيدته هذه من وحي إرهاصات تلك الفترة .. جوّالاً في أماكن تاريخية، ذاكراً أعلاماً يستضيء بسيرهم التاريخ، ووقائع مجيدة. لكن الشاعر لا يسترسل في بيان الرمز أو التدليل على مغزاه، وإنما يُسلِّط أشعته الملونة، يستبطن بها الحالة النفسية المراد التعبير عنها.
فلنحاول قراءة مقاطع القصيدة العشرة، ليس الهدف منها تفسيرها أو شرحها، وإنما لبيان الانطباع الأوّلي / التلقائي الذي يستشفه المتلقِّي الذواقة للشعر، بغير خوض في تنظيرات نرى أنها قد تؤدّي إلى تلغيز النص.
المقطع الأول:"منازلة الغيث":
والمنازلة مفتتح لصراع واقتتال وتحد، والغيث وجه الحياة الخصيب. الصراع أحد أوجه الحياة .. والراوي الشاعر يعمد إلى تكثيف صور الإحباط، منذ امتطاء صهوة جواد مخاتل، وركضه في صحراء العيون بحثاً عن إخوة الصَّيْد. ونقف عند تساؤله الذي يشي بالمرارة: "فكيف نصيدُ الصقورَ ونحنُ نُصادْ؟". والراوي يعتريه خوفٌ، ويُطرح أرضاً. فالإحباط والخوف يؤديان إلى الهزيمة أمام خيول الشراسة، وثمة صورة أخرى للانكسار والهزيمة في قوله:
على أضلُعي جبلٌ
والعنادلُ ترثي فتاها
خرجتُ وحيداً إلى الغيْثِ
نازلْتُهُ
فسقطْتُ
وكالشَّبحِ الشَّفقيِّ نهضْتُ
تحرَّكْتُ
أبصرْتُ سرْبَ عنادلَ في الظُّلُماتِ
يقولُ: تقدَّمْ
رأيْتُ الجبالَ تكرُّ ،
شهِدتُ الرجالَ تفِرُّ،
النقاطَ تُغادرُ أحرُفَها ..
تتسرّبُ كالماءِ منْ راحةِ اليَدِ
كانَ جوادُ "سُراقةَ" في الرَملِ يهوي
ويغرقُ
واللوحُ فيهِ أساورُ كسْرى
وخلْفي جيوشُ أبابيلَ
تُمطرُني بالصَواعقِ
ترصُدُ خطْوي
ورغم الصورة المأزومة للبطل / الراوي .. إلا أنه مازال يبوح بأنات قلبه المعذب، ومازال يحمل سيفاً، ولا يستسلم. وينطلق صوت الإصرار والتحدِّي قائلاً: حملتك مكةَ في أضلعي" و"إني رأيتُكِ ـ مكة ـ في الليلِ تمتشقينَ الحسام".
المقطع الثاني: "تهليلة إلى رايات مكة":
والإرهاصة التي أنهى بها المقطع الأول، تفتح الطريق إلى المقطع الثاني، حيث يتجه إلى مكة بالتهليل والدعاء والمل والرجاء.
المقطع الثالث: "بيت في الريح":
والبيت الذي في مهب الريح مهدّد بالانهيار، فيعود للشاعر أنينه المكتوم، تهفو نفسه إلى يثرب وإلى الرسول الكريم  ، ورعشة حلم تتألّق في العيون، وقلب متفائل يُسافر في غيمة!
المقطع الرابع: "أشعل النار":
والعنوان ينتقل بالمتلقي من دائرة الحلم إلى دائرة الفعل. وفي سطور المقطع مزج بين الحلم والفعل (أو الواقع) كقوله "أعزفُ لحناً" يعقبه قوله: "أحلمُ بالظلِّ" .. و:
أفتحُ شُبَّاكَ قلبي ،
أُفتِّشُ فيهِ عن الحُبِّ
أُبصِرُ فيه بقايا من الأمسِ
ويرى مكة شاهقة كالسماء، ناحلة كالنخيل، ويبشر بمشرق الشمس منها.
المقطع الخامس: "أهازيج مكة":
حيث يتوجه بالخطاب إلى مكة:
ووجْهي الكسيرُ يُناجيكِ:
مكةُ ..
هذي أغانيكِ
تهزِجُ
هذا زمانُ الولادهْ!
المقطع السادس: "اللآلئ تضيء بكفَّيك":
وفيه لحظة توهُّج وصدق رؤية .. ذلك أنه مزج بين التسلسل النامي للمقاطع وذاته المغتربة. ونجد النفس الشعري يُطاوعه بطلاقة، إلا أننا نقف عند السطر الشعري:
فأعينُك العشرةُ الآنَ تسرُدُ حلماً شهيًّا
محاولين تفسير ما يرمي إليه بقوله "الأعين العشرة" .. يقودنا ظن بأنه يعني بها المقاطع العشرة للقصيدة. وإذا صدق ما ذهبنا إليه، فإنه يوجز في هذه المقولة المراد بقصيدته على أنها "تسرد حلماً شهيا"، رؤياه مكة التي يتطلّع إليها، فهو يُناجيها ويُخاطبها، فهي القبلة والكعبة ، وهي الرمز المواتي لصنع غد مشرق بالإيمان، فالأعين العشرة هي التي تسرد حلماً شهيا، وهي التي:
تصوغُ الأمانيَّ
ترسمُ في الأُفْقِ قوْساً من الماءِ
تطلبُ منِّي الرحيلَ لأصعدَ هذا النخيلَ المُشاكسَ
المقطع السابع: "رياحين للذكرى":
وفيه يرسم صورة متناقضة بين اندفاع الرجال نحو غرائزهم، فكيف تضحك مكة؟ ومكة رمز جاهز حاضر في مخيِّلة الشاعر، يضعه للإيمان المنشود إزاء تفكّك أواصر الصلة التي تربطنا بتاريخنا ورجاله، ويجرف الشاعر حنين إلى الليل والماء والنيل، وإلى "ليلى"، وإن كانتْ "ليلاه" ظهرت بصورة مفاجئة، ولا نعلم هل يقصد بها حبيبة تركها بأرض الوطن، أم هي إيماءة لأي "ليلى" حبيبة؟!
المقطع الثامن: "محاورة صوت مشاكس":
وتتحدّد ملامح الصوت المشاكس بصوت طفولي يقبر بوحه، ذي قناع يحاور سفراً تحنَّط، وفي محاولة لرسم وجهه الآسر، وقد أعياه القول والكر والفر، يقول:
هلْ نتكاشفُ
ندخلُ أرضَ البراءةِ
يأتي علينا زمانُ اقتحامِ الورودِ؟
والصوت المشاكس ماهو إلا ذات الشاعر المتقلبة الحائرة، ويدخل في محاورة داخلية عن بيت النبوة، وسيوف أمية والخوف منها، وسبع بقرات عجاف تُحاصر الشاعر في كل آن.
المقطع التاسع: "محاورة ثانية":
وهي محاورة مع وردة النهر، وينتقل في البلاد منقباً عن وجهها، يدفعه حنين وتوق للبوح، لكن الأحزان تطغى.
المقطع العاشر / الأخير "العصافير والسنابل":
حيث يرسم نهاية لإشراقات عمرو بن العاص، وينادي مصر بعاصمتها الإسلامية القديمة "وفسطاطنا"، وبداخله غضب شديد، يراقب النهر والشمس والسنبلة، ويرى مصر تخرج "فجرا من البرد المتوهج / سبع سنابلَ / تضحك". ويتساءل في النهاية:
هلْ تمتطي صهوةَ الريحِ ثانيةً
هلْ سنحْلُمُ
نخرجُ منْ أسْرِ أحلامِنا المُثْقَلهْ ؟
والقصيدة في مضمونها إرهاصات مغترب عن وطنه، يتطلّع إلى وجه الوطن وإلى مكة ويثرب وكل المدائن الإسلامية، ويتحسّر على مواجع عصره، بما فيها من كبت وكتمان، ووجه مغترب، سواء أكان الاغتراب لشخص أو مدينة. ويسترجع التاريخ، فيجد في الماضي بطش فرعون، وسيوف أمية. ويتوق إلى زمن البراءة والطهارة، يتوق إلى إشراقة الوجه الذي تتفتّح فيه الزهور، ويعود المغترب إلى بلده وإلى ذاته.
ويستظهر صورة يثرب، رياض المدائن كما يسميها، وتاريخها المجيد الناصع(4)، وذاك سعد بن معاذ ـ  ـ يقول للرسول الكريم  : "لو خضت البحر خضناه معك"، وفي قصيدته "من أوراق سعد بن معاذ" مزج بين سيرة سعد وفروسيته وحسن بلائه، وتاريخ يثرب .. وحققت المزاوجة بين سعد بن معاذ ويثرب جمالا فنيا يُغري بالتذوُّق ومعايشة تجربة الشاعر معايشة حميمة.
(يتبع)
.............................................
(1) د. حسين علي محمد: حدائق الصوت، ط1، مايو 1993، دار الأرقم للطباعة والنشر بالزقازيق،384 صفحة، ويضم الديوان أربع مجموعات شعرية، هي: «حدائق الصوت»، «زهور بلاستيكية»، و «من دفاتر العشق»، و«تجليات الواقف في العراء».
(2) تقتصر الدراسة على المجموعة الأولى: «حدائق الصوت».
(3) د. محمد عبد المنعم خفاجي: من تراث مصر الإسلامية، رابطة الأدب الحديث، عام 1996م.
(4) قصيدة «من أوراق سعد بن معاذ» رضي الله عنه.