( 2 ) لمــحــــة

بقلم: محمد جبريل
.....................

حين كلَّفني أستاذي سليمان مظهر بالإشراف على الصفحة الأدبية بـ"التعاون" القاهرية، لم يكن قد مضى على اشتغالي بالصحافة أكثر من بضع سنوات، ولأني كنت في حاجة إلى تقديم يفوق حاجة الآخرين إلى تقديمي، فقد قبلت المقابل المادي الذي يقل عن معنى الرمز، وحاولت أن أوسّع دائرة صداقاتي بأسماء موهوبة في امتداد الأقاليم المصرية.
جاءتني رسالته الأولى تحمل قصيدة شعرية، أتبعها برسالة ثانية قبل أن ينقضي الأسبوع، يتساءل فيها: هل رفضت نشر قصيدتي لأني في المرحلة الإعدادية؟
لم أكن قد قرأت القصيدة بعد، ولم أكن أعرف إذا كان الشاعر طالباً أم شيخاً، لكنني تناسيْتُ تعجله ـ عرفت فيما بعد أن هذا بعض طبعه! ـ لمّا قرأت القصيدة، فدفعت بها إلى المطبعة متحمساً.
وتراسلنا، يبعث إليَّ بقصائده فأنشر بعضها، وأُبدي الرأي في البعض الآخر، ثم زارني في "المساء" يطلب مني تقديمي لأول دواوينه "عشان مهر الصبية".
ولأن عين الرضا عن كل عيب كليلة، فقد أغضب تقديمي لديوان حسين الأول ـ تجاوزه فنيا حتى أسقطه من قائمة مؤلفاته ـ معظم الشعراء!، وجدوا فيها مجاملة أساءت إلى الموضوعية ـ النفتقدة أصلاً ـ في حياتنا الثقافية.
يصعب الآن أن تُخطئ العين مكانة حسين علي محمد في حياتنا الثقافية عموماً، والشعرية على وجه التحديد. إنه يمثل صوتاً واضحاً ونقيا ومتميزاً بين الأصوات الشعرية في وطننا العربي. ومع أنه لم يُجاوز بداية العقد الرابع من عمره، فقد استطاع أن يستقطب مريدين وتلاميذ، يحتذون خطواته، ويُحاولون الاستفادة من تجاربه ورؤاه الفنية.
وإذا كانت "الوطن" قد استطاعت ـ خلال إصدارها الأسبوعي ـ أن تضم حسين علي محمد بين قائمة كتابها، فإن إحساسنا بالسعادة يتضاعف في خاطرة ثقافية، وعد حسين علي محمد أن يخص بها الصفحة الثقافية في العدد اليومي تحت عنوان "قطرة ندى".
محمد جبريل
..............................
*الوطن (العُمانية) ـ في 28/12/1982م.


</i>