مستقبل العولمه الامريكيه
إذا كان المؤرخ الأمريكي بول كينيدي قد تنبأ في كتابه صعود وسقوط القوي العظمي(1987) بأن الولايات المتحدة في طريقها للضياع, فإن كتاب العالم ما بعد أمريكا(2008) للكاتب الهندي الأصل فريد زكريا, رئيس تحرير مجلة نيوزويك الأمريكية يري انه برغم التراجع الذي تعيشه أمريكا حاليا فـإنها لم تفقد بعد قدرتها علي قيادة العالم.. هي نظرة متفائلة لأوضاع سلبية, ربما تستهدف رفع الروح المعنوية للأمريكيين المكتئبين المتشائمين, لكنها لا تغير من الواقع المؤلم..81% من المواطنين يعلمون جيدا أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ.. الدولار يكاد يفقد قيمته.. الأزمة المالية تثير الذعر.. الكساد في الطريق,, البطالة تتزايد.. العداء لأمريكا يتصاعد بسبب الحروب بالعراق وأفغانستان مخاوف من الإرهاب.. دول مارقة تهدد الأمن الأمريكي والعالمي.
لكن المصدر الحقيقي لأوجاع أمريكا, كما يقول الكاتب.. لا يأتي من التراجع بالداخل, وإنما من صعود قوي جديدة أخري وتفوقها علي أمريكا في مختلف المجالات لأول مرة في التاريخ الحديث: أطول مبني في العالم لم يعد بأمريكا, وإنما في تايبي عاصمة تايوان, وسيصبح في دبي قريبا.. أضخم شركة تجارية في بكين.. أضخم طائرة في أوروبا, أضخم صندوق للاستثمار في أبو ظبي.. أضخم صناعة للسينما في بوليوود الهندية.. أضخم سوق تجارية بأمريكا لم تعد من بين العشرة الأضخم بالعالم,, اثنان فقط من اغني الأغنياء أمريكيان والخوف الحقيقي يأتي من الصين, أضخم قصة نجاح في التاريخ.
هي ظاهرة تؤكد أن العالم يمر بثالث تحول كبير في التاريخ الحديث, كما يعتقد الكاتب.. التحول الأول كان صعود العالم الغربي( القرن أل15).. والثاني جاء في السنوات الأخيرة من القرن أل19 مع صعود الولايات المتحدة.. وفي عهدها تسارع الاقتصاد العالمي. مما أدي إلي التحول الثالث في العصر الحديث, وهو صعود الآخرين.. ولا يري الكاتب في ذلك تدهورا لأمريكا.. فهي مازالت في رأيه تنبض بالحيوية وتمسك بزمام الأمور.. لكن هل صحيح أنها مازالت أكثر الدول انفتاحا وقدرة علي استيعاب الآخرين كما يقول؟ هل هي مستعدة لإعطاء فرصة للآخرين دون عرقلتهم؟ هل هي قادرة علي التكيف مع الجديد؟ آلا تمر الآن بمرحلة انغلاق في وقت ينفتح فيه العالم ؟ ألن يفقدها ذلك القدرة علي إدارة دفة العالم الجديد.