السؤال كأنه من حيث ظاهره وألفاظه ،أقل مما يقصد لافظه؛ حيث يقول: نقعد، ولا نعمل أي شيء ! فهو يعني في أي شيء ـ ليس أي شيء مطلقاً ـ وإنما يعني شيئاً معيناً. لأنه لا أحدٌ إطلاقاً يقول: بأن المسلم عليه أن يعيش كما تعيش الأنعام لا يعمل أي شيء ـ لأنه خُلق لشيء عظيم جداً؛ وهو عبادة الله وحده لا شريك له. ولذلك فلا يتبادر إلى ذهن أحد من مثل هذا السؤال أنه يقصد ألا يعمل أي شيء، وإنما يقصد ألا يعمل شيئاً يناسب هذا الواقع الذي أحاط بالمسلمين من كل جانب ،هذا هو الظاهر من مقصود السائل و ليس بملفوظ السائل.
وعلى ذلك نجيب: إن و ضع المسلمين اليوم لا يختلف كثيراً و لا قليلاً عما كان عليه وضع الدعوة الإسلامية في عهدها الأول، وأعني به العهد المكي. أقول لا يختلف وضع الدعوة الإسلامية اليوم لا في قليل و لا في كثير عمّا كانت عليه الدعوة الإسلامية في عهدها الأول، ألا وهو العهد المكي، وكلنا يعلم أن القائم على الدعوة يومئذ ،هو نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أعني بهذه الكلمة أن الدعوة كانت محاربة؛ من القوم الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أنفسهم، كما في القرآن الكريم ،ثم لما بدأت الدعوة تنتشر، وتتسع دائرتها بين القبائل العربية حتى أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالهجرة من مكة إلى المدينة –طبعاً نحن الآن نأتي برؤوس أقلام لأن التاريخ الإسلامي الأول والسيرة النبوية الأولى معروفة عند كثير من الحاضرين –لأنني أقصد – بهذا الإيجاز و الاختصار -، الوصول إلى المقصود من الإجابة على ذلك السؤال.