أميركا والعرب 2007.. تلميع صورة بوش قبل انتهاء ولايته
يسدل الستار على عام 2007 ليطوي صفحة كانت حافلة بسلسلة من الأحداث الساخنة على صعيد العلاقات الأميركية العربية.
الملف الفلسطيني انعقاد مؤتمر أنابوليس بشأن الشرق الأوسط كان الحدث الأبرز في العام 2007، وقد جاء تتويجا لمحاولات حثيثة بذلها الرئيس الأميركي جورج بوش لإحراز نصر سياسي يخلد اسمه قبل مغادرته البيت الأبيض، ليمحو بها ما ارتكبه من أخطاء في العراق بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام.
لذلك لم يكن مفاجئا أن يلتفت بوش إلى الملف الفلسطيني عبر الدعوة إلى المؤتمر الذي انعقد يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني وانتهى بإطلاق مفاوضات جديدة ومكثفة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي حول تأسيس دولة فلسطينية وتحقيق سلام بين الجانبين، مع هدف التوصل إلى اتفاقية بحلول نهاية 2008.
أما في العراق فقد استمر الوجود العسكري الأميركي في هذا البلد للعام الخامس على التوالي واستمر معه المشهد شبه اليومي لقتلى الجنود الأميركيين الذين تشير إحصاءات وزارة الدفاع الأميركية إلى أن عددهم قارب 3900.
كما استمر مسلسل العنف الذي يحصد كل يوم عشرات القتلى والجرحى العراقيين ويخلف مئات المهجرين، بيد أنه مع اقتراب العام من نهايته أشارت تقارير عراقية رسمية إلى تحسن نسبي للأمن في العاصمة بغداد وانخفاض مستوى العنف بشكل عام والطائفي منه بشكل خاص.
ومن الأحداث البارزة في الملف إعلان المبادئ بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس بوش لتقنين وجود القوات الأميركية في العراق وتنظيم العلاقة بين البلدين في المستقبل، وهو إعلان غير ملزم وينتظر أن يقر خلال مفاوضات بين الجانبين ستبدأ رسميا في يوليو/ تموز المقبل.
تبادل أدوار
الدور الأميركي في لبنان شهد خفوتا ملحوظا مقابل تنام لافت للدور الفرنسي في هذا البلد الذي تعصف به أزمة سياسية نجم عنها فراغ رئاسي منذ انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود يوم 24 نوفمبر/ تشرين الثاني.
غير أن بعض المراقبين ينفون حدوث أي خفوت في الدور الأميركي ويقولون إنه مجرد تبادل أدوار بين واشنطن وباريس لتحقيق الهدف الأساسي المتفق ليه بينهما، وهو القضاء على ما يصفانه بالنفوذ الإيراني والتدخل السوري في الشؤون اللبنانية.
ويورد هؤلاء المراقبون مثلا على ذلك بجولات ديفد ولش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية الأخيرة إلى بيروت والتي فسرت بأنها تأكيد لعودة الدخول الأميركي القوي والمباشر على خط الأزمة الرئاسية في لبنان, وتصريحات بوش الذي دعا فيها إلى انتخاب الرئيس بالأغلبية البسيطة.
وفي الملف السوري يبدو أن حدة الضغوط الأميركية على دمشق بدأت تنحسر تدريجيا بعد سنوات من محاولات عزلها وذلك بعد تيقن واشنطن من عدم إمكانية تجاهل الدور السوري في الملفات الساخنة في الشرق الأوسط ومن أبرزها القضية الفلسطينية والوضع في العراق والأزمة اللبنانية.
وتوجت واشنطن تغيير سياستها حيال دمشق بدعوتها لحضور مؤتمر أنابوليس بعد تلبية شرطها بإدراج ملف الجولان على جدول أعماله.
ملف العلاقات السودانية الأميركية شهد في الأيام الأخيرة من العام 2007 استقالة المبعوث الأميركي إلى السودان أندرو ناتسيوس احتجاجا على ما وصفه بالإيقاع البطيء لإرسال قوة مشتركة قوامها 26 ألف جندي إلى دارفور. وعين السفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة ريتشارد وليامسون خلفا له.
أما ملف العلاقات الأميركية المصرية فكان لافتا تخفيف واشنطن حدة ضغوطها على الرئيس حسني مبارك بشأن الإصلاحات، وترافق ذلك مع السعي لتلميع صورة نجله جمال الذي يعد مرشحا قويا لخلافة والده على سدة الحكم عبر تنظيم استقبال حافل له أثناء زيارته لواشنطن في وقت سابق من العام 2007.
واللافت أيضا أن واشنطن عادت في الأيام الأخيرة من العام إلى ممارسة الضغوط عبر قرار الكونغرس تعليق 100 مليون دولار من إجمالي المساعدات الأميركية لمصر, وربط هذه المساعدات ببعض الشروط.
وسارعت الخارجية المصرية إلى تأكيد رفض القاهرة أي شروط أو إملاءات، وأوضحت أن هناك اتفاقا بين الحكومتين المصرية والأميركية على تجاوز هذه المسألة بما لا يؤثر على العلاقات بين البلدين.
ملف العلاقات الأميركية الليبية استمر بالتحسن وتوج بتصريحات لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عبرت فيها عن أمنيتها بزيارة طرابلس تقديرا لقرارها عام 2003 التخلي بالكامل عن أسلحة الدمار الشامل.
روسيا 2007: تكريس لزعامة بوتين واستنفار ضد الغرب
يعتبر العام 2007 عاما مشهودا بالنسبة لروسيا وحافلا لهذه البقعة من العالم التي يرى العديد من المراقبين أنها بدأت تستعيد في ظل الرئيس فلاديمير بوتين خطابا تصادميا مع الغرب استثار المخاوف من احتمال عودة أجواء الحرب الباردة.
بيد أن ذلك ما كان ليحدث لولا وجود عوامل مساعدة مكنت روسيا من تصويب مسارها والصعود من الهاوية، كان في مقدمتها شخصية الرئيس بوتين نفسه الذي أعاد ترتيب البيت الروسي من الداخل اقتصاديا وسياسيا -خلال ولايته الدستورية الأولى التي قطف ثمارها يانعة خلال العام الجاري- وانعكاسات ذلك على صعيد السياسة الخارجية.
داخليا
لعل من أبرز المفارقات التي أفرزتها أحداث العام 2007 على الصعيد الداخلي الروسي أنها أسست -بشكل صريح لا يقبل الجدل- مفهوم قوة الزعيم، ما جعل المراقبين يربطون روسيا باسم بوتين مباشرة كونه القائد أو القيصر الجديد.
كما أطلقت عليه مجلة التايم الأميركية تيمنا بالقيصر "بطرس الكبير أو العظيم" الذي يصفه التاريخ الروسي "بموحد روسيا"، مع الإشارة إلى أن بوتين لم يخف إعجابه اللامحدود بهذه الشخصية التاريخية رغم تاريخه الشخصي كواحد من رجالات الاتحاد السوفياتي السابق الذي قام على أنقاض النظام القيصري.
واستنادا إلى تكريس مفهوم الزعامة البوتينية، ليس مستغربا أن أنصاره وضعوه في مصاف "المخلص" كونه الرئيس الذي نجح خلال ولايته الدستورية الأولى (2000-2004) في ترتيب البيت الروسي ووقف الهزات الارتدادية التي تلت زلزال انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي وما تبعها من سياسات متخبطة لسلفه الراحل بوريس يلتسين.
وتمكن بوتين -باعتراف العديد من المراجع الدولية بما فيها تلك التي لا تشاطره الود- من تأسيس قاعدة شعبية عريضة قطف ثمارها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بفوز حزبه
"روسيا الموحدة" بأغلبية كاسحة جعلته بمنأى عن منغصات تشكيل حكومة ائتلافية وما يتبع ذلك من تنازلات ومساومات، وهو ما يعطيه الشرعية لمواصلة سياساته السابقة دون تردد.
غير أن هذه القاعدة الشعبية للرئيس بوتين لم تأت من فراغ بل من عوامل عديدة:
أولها تحسن الوضع الاقتصادي الروسي لا سيما مع ارتفاع أسعار النفط.
وثانيها تحكم روسيا في صادرات الغاز إلى أوروبا عبر دول مجاورة مثل أوكرانيا وروسيا البيضاء، وبأسعار عادت على الخزينة الروسية بفوائد كبيرة ساهمت في استقرار الروبل الروسي أمام العملات الأجنبية.
هذا الأمر منح بوتين القدرة على رفع المستوى المعيشي للمواطن مقارنة مع فترة يلتسين، رغم تصدر موسكو خلال العامين السابقين لائحة أكثر المدن غلاء في العالم.
ولم يعد خافيا أن بوتين -الذي أتقن لعبة براغماتية المصالح التي أطلقها الغرب- وظف هذا التطور الاقتصادي ليكسب دائرة عريضة من المناصرين أوصلت حزب "روسيا الموحدة" الذي يتزعمه إلى برلمان الدوما بأغلبية جارفة.
ولعل ترشيح حزب روسيا الموحدة لميدفيديف -المعروف بولائه المطلق لبوتين- إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى في مارس/ آذار المقبل، يؤكد الإشارات التي تطلقها موسكو يوميا بأنها ماضية في سياساتها.
فالمرشح الرئاسي ميدفيديف -الذي يتوقع أن يصل إلى الكرملين بأصوات مؤيدي بوتين- لم يتردد في الطلب من الأخير استلام مهام منصب رئيس الوزراء، ما يدفع إلى القول إن بوتين سيبقى الحاكم الفعلي لروسيا لمدة أربع سنوات قبل أن يستعيد منصب الرئاسة مرة أخرى عام 2012 كما هو متوقع, إلا إذا جرت الرياح بما لا تشتهي السفن.
خارجيا
بالنسبة للسياسة الخارجية، تستحق روسيا أن تنال لقب "مالئة الدنيا وشاغلة الناس للعام 2007" لارتباطها المباشر بعدد من الملفات الساخنة ابتداء من الملفات الإقليمية مثل قضية إقليم كوسوفو إلى الملف النووي الإيراني مرورا بالشرق الأوسط، وصولا إلى ملفات تصادمية مع الولايات المتحدة مثل الدرع الصاروخي في أوروبا الشرقية والتسلح واتفاقية القوات التقليدية في أوروبا، وانتهاء بمجموعة من التحالفات الإقليمية مثل تجمع شنغهاي.
فلا يختلف اثنان على أن موسكو استعادت نبرتها العالية التي تنم عن خطاب تصادمي مع الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، في تطور قد لا يرقى -بحسب بعض المراقبين- إلى مستوى التبشير بحرب باردة جديدة، لكنه على الأقل يعلن عودة روسيا لاعبا أساسيا على الساحة الدولية.
فعلى الصعيد الإقليمي الضيق فرضت روسيا سياسة واضحة المعالم مع جاراتها (من دول الاتحاد السوفياتي السابق) تعتمد أسلوبا يقوم على عدم المهادنة رغم المصطلحات الدبلوماسية المنمقة.
وأكبر مثال على ذلك علاقاتها مع أوكرانيا وجورجيا في ظل حكومتيهما المدعومتين من الغرب واللتين جاءتا إلى السلطة انطلاقا من رفض التبعية لروسيا ورغبة في تأسيس نظام "ديمقراطي حسب المعايير الأوروبية" أكثر قربا وانسجاما مع أهداف السياسة الأميركية في هذه المنطقة.
ولعل ملابسات سقوط الصاروخ على جورجيا التي قالت إن طائرة روسية أسقطته في الشطر الخاضع لها من أبخازيا ونجاح موسكو في وقف المحاولات الأميركية والغربية لنقل الملف إلى مجلس الأمن، أكبر دليل على الموقف الروسي الرافض لأن تكون ساحته الخلفية مكشوفة لتقلبات الأجواء السياسية، أو مسرحا لمحاولات الناتو للتوسع شرقا إلى دول كانت في عهدة الاتحاد السوفياتي السابق وتشكل لموسكو عازلا أمنيا لا يمكن لها أن تفرط فيه بيسر وسهولة.
ومع توسيع المنظور الجغرافي لهذه المسألة، تقف قضية إقليم كوسوفو علامة بارزة لقدرة روسيا على التأثير في المسرح الإقليمي والدولي مع تهديدها العلني بالفيتو أمام مجلس الأمن لإحباط محاولات الغرب للدفع نحو استقلال الإقليم من طرف واحد، الأمر الذي سيجعل من هذه القضية واحدة من أهم القضايا اشتعالا في إطار العلاقات الروسية الأميركية من جهة والعلاقات الروسية الأوروبية من جهة أخرى خلال الفترة المقبلة.
يضاف إلى ذلك أن روسيا عندما أعلنت عودتها إلى الأجواء البعيدة عبر قاذفاتها الإستراتيجية وإلى المتوسط والأطلسي عبر بحريتها التي تمتلك عددا من الغواصات النووية، رفعت سقف الخطاب إلى مستوى عملي يمس بشكل مباشر منظومة التوازن الإستراتيجي الدولي الذي تتربع واشنطن على ناصيته منذ أكثر من 15 عاماً.
ورغم تعليقات بعض المراقبين بالقيمة العملية المحدودة من الناحية العسكرية لهذا القرار نظرا إلى مستوى وكفاءة القوات المسلحة الروسية مقارنة بما كانت عليه زمن الاتحاد السوفياتي السابق، قرأ كثيرون الموقف على أنه تمهيد لعودة روسية قوية إلى المسرح الدولي يطمئن الحلفاء ويقلق الخصوم من أن النظام العالمي أحادي القطب في طريقه إلى التشظي نحو ثنائية محكومة بمفهوم التوازن بعد غياب قسري منذ سقوط جدار برلين وتفكك الدولة السوفياتية.
وما يعزز هذا الاعتقاد أنه جاء مترافقا مع تعليق روسيا عضويتها في اتفاقية القوات التقليدية الأوروبية التي يعتبر رفض دول حلف الأطلسي المصادقة عليها ثمنا لخسارة موسكو الحرب الباردة.
يشار إلى أن موسكو التي حاولت كثيرا طمأنة الغرب من أن تعليق عضويتها لا يشكل تهديدا مباشرا ضد أي جهة، أكدت في الوقت نفسه أنها لا تضمن ألا يكون ذلك التعليق مقدمة لسباق تسلح جديد في المنطقة التي تمتد من مرتفعات الأورال شرقا إلى الأطلسي غربا ضمن سقوف حددتها الاتفاقية المعدلة عام 1999.
وتبدو الصورة أكثر وضوحا مع اكتمال الدرع الصاروخي الذي تنوي واشنطن إقامته في التشيك وبولندا، لا سيما في ظل تهديدات أطلقتها موسكو بأن الاستمرار في هذه الخطة يعني سباقا للتسلح النووي وتوجيه الصواريخ الروسية إلى أهداف أوروبية.
تجدر الإشارة هنا إلى أن بوتين عند وصوله إلى السلطة عام 2000، رسم لروسيا عقيدة نووية جديدة تقوم على نسف المبدأ السوفياتي القديم القائم على مبدأ "عدم المبادرة باللجوء إلى السلاح النووي"، وذلك تعويضا عن ضعف القوات التقليدية الروسية.
ولا يتردد مراقبون في القول إن العام 2007 بالنسبة لروسيا هو "عام بوتين" على صعيد تكريسه زعيما يعيد إنتاج روسيا القوية داخليا وخارجيا وعكس عقارب الساعة إلى ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي وربما إلى أبعد من ذلك، وصولا إلى روسيا في عهد القيصر بطرس العظيم.
--------------------------------------------------------------------------------
أوروبا 2007 جنوح لليمين وخوف من الإسلام
تودع القارة الأوروبية عاما مليئا بالأحداث، تعززت فيه قوى اليمين السياسي وتراجعت شعبية التيارات الاشتراكية، لتتجه القارة بثقلها وراء العولمة الرأسمالية، رغم قلق الرأي العام من البطالة، والخوف من المستقبل.
وقد احتفل الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار بذكرى مرور نصف قرن على انطلاقه، ليضم الآن 27 دولة، تلاشت بينها الحدود بعد ستار حديدي قسم القارة، ليتنقل الآن حوالي 490 مليون نسمة بحرية تامة بين البحر الأسود وشواطئ الأطلسي.
في الوقت نفسه لم يتمكن الاتحاد من الاتفاق على سياسة خارجية موحدة، سواء تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط أو في التعامل مع الملف النووي الإيراني أو مستقبل إقليم كوسوفو، وواصلت كل دولة سعيها للحصول على دور منفصل، وإن بقيت جميعها تدور في فلك السياسة الأميركية.
كما وقفت القارة العجوز حائرة أمام تطلعات واشنطن في تركيب شبكة مضادة للصواريخ وسط القارة وشرقها، مع رفض موسكو الواضح لتلك التوجهات وتهديدات بوتين باللجوء إلى جميع أساليب المعارضة، التي لم يأخذها الغرب على محمل الجد.
إلا أن الاتفاق الأوروبي الوحيد كان في توقيع زعماء الاتحاد على اتفاقية لشبونة التي تعد بديلا عن الدستور الأوروبي الموحد، لكنها حسب أغلب المحللين ليست سوى وثيقة تاريخية، لن تجمع الأوروبيين على ما اختلفوا عليه.
عام انتخابي
دشنت النمسا عام 2007 بتحالف حكومي بين الاشتراكيين الديمقراطيين وحزب الشعب المحافظ، وتولى الاشتراكي ألفريد غوسينباور رئاسة الحكومة بعد ثلاثة أشهر من المفاوضات.
وبينما اختارت صربيا حزبا راديكاليا يمينيا ليحتل غالبية مقاعد البرلمان، تشكلت الحكومة من تحالف ثلاثي موال للغرب، ويبقى فيوسلاف كوستونيتشا رئيسا لها.
وفي مايو/أيار فوجئ حزب العمال البريطاني بأن الأغلبية ضاعت منه، ووضع المحافظون بصماتهم على سياسة المملكة، بعد أن غادر توني بلير رئاسة الوزراء، ليبدأ وساطة متنازعا عليها في الشرق الأوسط.
ثم تسلم نيكولا ساركوزي رئاسة فرنسا، بعد هزيمة الاشتراكيين، وتجنح فرنسا لليمين حكومة وبرلمانا، لتدخل في دوامة من الاضطرابات احتجاجا على سياسات التقشف، في حين بدأت باريس تبحث عن دور مفقود في السياسة الدولية.
وإذا كان اليمين السويسري قد نجح في الحصول على قرابة ثلث مقاعد البرلمان فأن وزيره المفضل كريستوف بلوخر فشل في الحصول على الثقة اللازمة للبقاء في مجلس الحكم، ليغادر الحكومة، وينضم أكبر حزب سياسي في البلاد إلى المعارضة.
وفي أيرلندا الشمالية فاز حزبان راديكاليان (شين فين الكاثوليكي وألستر يونينست البروتستانتي) بالانتخابات البرلمانية، لتصبح القارة من أقصاها إلى أقصاها معقل اليمين المتشدد.
وفي بولندا فاز الحزب الليبرالي البرجوازي بالانتخابات وتولى رئاسة الحكومة.
عنصرية وكراهية
ورغم حرص الأوروبيين على تذكير غيرهم دائما بأهمية احترام حقوق الإنسان وحماية الأقليات، إلا أن العام الماضي كشف عن عدم قدرتهم في تطبيق هذه الشعارات بشكل عملي على المسلمين والأجانب غير الأوروبيين.
فعلى الرغم من التوصيات العديدة التي أصدرها مجلس أوروبا والمنظمات الأخرى المتخصصة، إلا أن زعماء القارة يرفضون إلى اليوم البوح بجميع تفاصيل رحلات طيران وكالة الاستخبارات الأمريكية سي آي أيه، التي تقول التحقيقات إنها نقلت أشخاصا ذوي انتماءات إسلامية إما إلى سجون سرية في أوروبا أو سلمتهم إلى بعض الدول العربية.
كما كثفت وسائل الإعلام الأوروبية الهجوم على الإسلام، هذه المرة ليس من عبر التخويف من الإسلاميين أو المتشددين، وإنما بإثارة القلق من الدين نفسه والتحذير من انتشاره في القارة.
ففي هولندا أعلن النائب البرلماني غيرت فيلدرز زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف عزمه على إخراج فيلم ضد الإسلام، بعد أن طالب المسلمين بتمزيق نصف القرآن الكريم، واصفا إياه بالكتاب الفاشي.
وفي سويسرا تطالب لجنة من البرلمانيين بضرورة إضافة بند في الدستور لحظر بناء المآذن، واستخدم اليمين السويسري المسلمين والأجانب بصورة سلبية في حملته الانتخابية.
ثم جاء تقرير مجلس حقوق الإنسان بشأن العنصرية ليدين القارة العجوز بـ"ابتكار أنواع جديدة من العنصرية ضد الأجانب والمسلمين"، ثم يتهمها تقرير المفوض الخاص بالحق في الغذاء بـ"تصدير الجوع إلى العالم".