أبرز أحداث مصر لعام 2007
عام التعديلات الدستورية وإضعاف «الإخوان» وإضرابات القضاة والعمال ... مصر في 2007مراجعات «جهادية» وصدامات مع الصحافيين
كان الإسلاميون في مصر هم العلامة الأبرز خلال عام 2007، فمراجعات «الجهاديين» التي كشف عنها منظّرهم السيد إمام شريف المعروف بـ «الدكتور فضل» في شهر آذار (مارس) ونشرت في النصف الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أحدثت ضجة كبرى بين أوساط الإسلاميين، واكتسبت الوثيقة أهميتها لكونها صادرة عن أحد أهم فقهاء الحركات الإسلامية التي اتخذت من العنف مسلكاً، والرجل هو صاحب كتاب «العمدة في إعداد العدة»، وهو الكتاب الذي يعد دستوراً لتنظيم «القاعدة»، وقد وجه «الدكتور فضل» ضربات «شرعية وفقهية» في مسائل عدة كما تطرق إلى وضع الأقباط وتناول مسألة الهجوم على الأجانب في بلاد المسلمين وحتى في الغرب.
وكالعادة كان «الإخوان» أحد أهم العناوين الرئيسية خلال العام الماضي، إذ دخلت الجماعة مواجهة مع الحكم بعد عرض شبه عسكري في جامعة الأزهر نظمه طلاب ينتمون لـ «الإخوان» احتجاجاً على شطبهم في الانتخابات الطلابية، ما أدى إلى إحالة 40 من قيادات الجماعة بينهم النائب الثاني للمرشد المهندس خيرت الشاطر الى المحاكمة، لتبدأ محاكمتهم في شهر نيسان (أبريل) بتهم تتعلق بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب واستمرت هذه المحاكمة مع نهاية السنة.
وبدا أن العام 2007 هو بداية النهاية لصعود الجماعة بعد تحقيقها أكبر نصر برلماني في عهد الرئيس حسني مبارك، اذ حصلت في انتخابات العام 2005 على 88 مقعداً لتمثل بذلك أكبر كتلة للمعارضة في البرلمان، وسعى الحكم إلى تحجيم صعود «الإخوان» بإدخال تعديلات شملت 34 مادة على الدستور، وهو أكبر تعديل يشهده الدستور المصري في العصر الحديث، وشهد الاستفتاء على الدستور إقبالا ضعيفا للغاية، فمن بين 35 مليونا لهم حق التصويت شارك 9 ملايين فقط، لكن نسبة الموافقين لم تتجاوز 76 في المئة فيما بلغت نسبة الرافضين حوالي 24 في المئة.
وكانت إحدى أهم أبرز نتائج التعديلات الدستورية انتهاء الصبغة الاشتراكية للبلاد، وإبعاد القضاة عن الإشراف على الانتخابات، وحظر ممارسة أي نشاط سياسي على اي مرجعية دينية أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، وهي المادة التي اعتبرتها الجماعة موجهة إليها، إضافة إلى المادة الخاصة بإشراف القضاء التي سمحت لها بتحقيق نتيجة لن تتكرر مستقبلاً. كما شهدت التعديلات إدخال مادة خاصة بمكافحة الإرهاب تمنح الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة لـ «حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب»، كما طالت التعديلات المادة الخاصة بطريقة انتخاب رئيس الجمهورية بعدما اعتبرت المعارضة ان هذه التعديلات جاءت لتناسب مرشحاً واحداً هو مرشح الحزب الحاكم.
الصدام مع الصحافيين
قبل انتهاء فصل الصيف كان المصريون على موعد مع أحد أهم أحداث العام ازدادت معه سخونة الأجواء في البلاد، إذ سرت شائعة عن مرض الرئيس حسني مبارك، ولم يعرف مصدر الإشاعة بالتحديد إلا أن البعض تناولها على أنها تسريبات جاءت من السفارة الأميركية في القاهرة رغم نفي السفارة لذلك.
ولم تفلح الزيارات الميدانية التي قام بها مبارك في القرية الذكية ومشاريع أخرى في البلاد في تبديد الشائعة ولم تكد تنطفئ واحدة حتى تشتعل الأخرى، إلى أن خرجت السيدة الأولى سوزان مبارك لتعرب عن استيائها من الترويج لمثل هذه الإشاعة، وتطالب بمحاكمة المسؤولين عن ذلك.
ولم تمر أيام على إشاعة مرض الرئيس مبارك حتى بدأت المواجهة بين الحكم والصحافيين الذي انقسموا في ما بينهم، وصدرت أحكام بالحبس والغرامة ضد 5 من رؤساء تحرير الصحف، وهم رئيس تحرير صحيفة «الدستور» إبراهيم عيسى، ورئيس تحرير صحيفة «صوت الأمة» وائل الابراشي، ورئيس تحرير صحيفة «الكرامة» عبدالحليم قنديل، ورئيس تحرير صحيفة «الفجر» عادل حمودة، ورئيس تحرير صحيفة «الوفد» انور الهواري.
وشهدت الشهور الأخيرة من العام المنصرم توالي صدور الأحكام بالحبس ضد الصحافيين لتصل الى أكثر من 15 حكماً طال معظمها رؤساء تحرير، وهو ما أدى إلى إعلان 22 صحيفة احتجابها عن الصدور، وهي المرة الثانية التي تلجأ إليها الصحف إلى مثل هذا الإجراء خلال أقل من عامين.
هدأت الأمور نسبيا بعد انتخاب مكرم محمد احمد نقيبا للصحافيين بعد أن دعمته الحكومة في محاولة لكسب ودهم، وزادت من البدلات التي تمنح لهم بنحو 200 جنيه (حوالي 40 دولارا)، ما رجح كفة مرشح الحكومة على كفة مرشح المعارضة رجائي الميرغني.
القضاة
بدأ العام بهجوم من وزير العدل في كلمة له أمام اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشورى قال فيها «إن وضع القضاء مترد وصعب ويسبب معاناة للمواطنين»، وهو ما دعا نادي القضاة إلى التقدم بشكوى ضد الوزير إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومجلس القضاء الأعلى.
ومع التعديلات الدستورية تجددت الأزمة بين نادي القضاة والحكومة إذ رفض القضاة التعديلات الخاصة بإشرافهم على الانتخابات وقصر إشرافهم على اللجان العامة. وعقب الاستفتاء تبرأ نادي القضاة من النتيجة احتجاجا على ما وصفه بـ «الانتهاكات المنظمة ومنع القضاة من المرور على اللجان الفرعية ما أدى إلى انسحاب العديد منهم في الساعات الأولى من بدء عملية الاقتراع».
وقبل ذلك أثار قرار تعيين قاضيات مصريات للفصل بين المتنازعين جدلا بعدما رفض قضاة بارزون عمل المرأة في القضاء، لكن الرئيس المصري أصدر في نيسان (أبريل) الماضي قرارا بتعيين 31 قاضية، وتعد هذه المرة الأولى التي تعتلي فيها المرأة المصرية منصة القضاء. وكان تعيين أول قاضية في عام 2003، حيث تم تعيين المستشارة تهاني الجبالي عضوا في المحكمة الدسـتورية العليا، وهي محكمة لا تتولى الفصل بين الخصوم، وإنما تراقب مطابقة القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية للدستـور.
كما شهدت الفترة ذاتها إقرار قانون يرفع سن الإحالة إلى التقاعد إلى السبعين عاما على رغم رفض نادي القضاة للقانون. وفي آخر العام حدثت أكبر المواجهات مع القضاة بعد قانون مثير للجدل تقدم به وزير العدل ممدوح مرعي رأى القضاة أنه يهدف إلى إحكام السيطرة المالية عليهم بعد إنشاء مجلس للهيئات القضائية لهذا الغرض.
الصدام مع العمال
إلى جانب القضاة والصحافيين كان للعمال حظ في الصدام مع الحكم وشهد العام 2007 إضرابات للعمال تميزت بالتنظيم والاستمرارية ولم يخل شهر من أشهر العام من إضراب أو اعتصام، وكان أفول نجم عام 2006 قد شهد إضراب عمال غزل المحلة في 7 كانون الأول (ديسمبر) الذي كان بداية أقوى وأوسع إضرابات عمالية شهدتها مصر منذ نصف قرن، وشارك فيه عشرات الآلاف من عمال شركات الغزل والنسيج احتجاجا على سياسات الحكومة تجاههم، وبعد أن نجحت الدولة في إنهاء الإضراب مقابل تقديم بعض الوعود والتنازلات. وشهدت البلاد العديد من التظاهرات والاعتصامات التي ضربت أكثر من 300 مصنع تضم ما يزيد على 150 ألف عامل مما أضر بصورة سلبية بالاقتصاد المصري.
وأعلن عمال الغزل في المدن المصرية الأخرى عن إضرابات مماثلة لأسباب مشابهة، وتلاهم عمال غزل المحلة مرة أخرى الذين أعلنوا في أيلول (سبتمبر) الماضي إضراباً كان الأكثر تأثيرا داخليا وخارجيا، وكان بمثابة المحفز لطبقة العمال، ليعلن عمال مترو الأنفاق بعده سلسلة من الإضرابات والاعتصامات. وبعد ذلك نفذ موظفو الضرائب العقارية اعتصاماً أمام مبنى مجلس الوزراء.
العلاقات مع اسرائيل
لم يكن عام 2007 من أفضل الأعوام بالنسبة الى العلاقات المصرية - الاسرائيلية، وعلى أقل تقدير يمكن القول إن هذا العام شهد تراجعا في العلاقات بين البلدين إذ اعلنت القاهرة عن اكتشاف جاسوسين اسرائيليين.
ومع إعلان الرئيس المصري حسني مبارك في شهر تشرين الأول (أكتوبر) عن بناء مفاعلات نووية عدة ليؤكد بذلك عزم بلاده على امتلاك الطاقة النووية، بدا أن هناك تخوفا إسرائيليا على رغم تأكيد الرئيس المصري أن البرنامج النووي المصري سلمي، وكانت ابرز ردود الفعل على لسان وزير الشؤون الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» الذي عبر عن مخاوفه من برامج نووية مصرية، محذراً من أنه «إذا بدأت مصر برنامجا نوويا فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى سيناريو كارثة رهيبة بالنسبة الى اسرائيل».