باب في عدم جواز الاقتصار في الاستجمار على أقل من ثلاثة أحجار , وأنه لايجوز الاستجمار بالعظم والروث


اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : لا يجوز الاقتصار في الاستجمار على أقل من ثلاثة أحجار , ولا يجوز الاستجمار بالعظم والروث الدليل ما جاء عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قِيلَ لَهُ قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ فَقَالَ (أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ)مسلم , وما جاء وعن أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُا(نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بِبَعْر)مسلم.


كتاب الوضوء



باب في تعريف الوضوء


اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : الوضوء في اللغة مشتق من الوضاءة وهي النضافة والحسن , وأما شرعاً فهو هو التعبد لله عز وجل بغسل الأعضاء ألا ربعة على صفة مخصوصة , كما يعرف بأنه الطهارة التي يرتفع بها الحدث الأصغر.


فصل في مشروعية الوضوء


اعلم أرشدك الله لطاعته أن : الوضوء ثابت في الكتاب والسنة والأجماع , قال الله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)المائدة 6, وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ)متفق عليه , و انعقد إجماع المسلمين على مشروعيه الوضوء من عهد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى يومنا هذا فصار من المعلوم من الدين بضرورة.


فصل في شروط الوضوء


اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن :للوضوء ثمانية شروط , أولها الإسلام , وثانيها العقل , وثالثها التمييز, ورابعها النية, وخامسها الأستنجاء أو الأستجمار قبله , وسادسها دخول الوقت لمن حدثه دائم , وسابعها طهورية الماء, وثامنها إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة.


باب في معنى كلمة شرط


اعلم أرشدك الله لطاعته أن : الشرط هو ما يلزم من عدمة العدم ولا يلزم من وجودة الوجود ويكون خارج مهية العبادة مثل الوضوء في الصلاة يلزم من عدمه عدم صحة الصلاة لأنها شرط لصحة الصلاة ولا يلزم من وجودة وجود الصلاة.


باب في أن الإسلام شرط لصحة جميع الأعمال


اعلم وفقك الله أن : الإسلام شرط لصحة جميع الأعمال , فلا يقبل العمل من الكافر حتى يسلم لقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ)البخاري.


باب في أن الوضوء لا يجب على المجنون حتى يعقل,ولاعلى الصبي حتى يحتلم


اعلم أرشدك الله لطاعته أن : الوضوء لا يجب على المجنون حتى يعقل,ولاعلى الصبي حتى يحتلم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ)صححه الألباني , ويجب على ولي الصبي أن يأمره بالوضوء والصلاة حتى يتعود المحافضة عليهما َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)صححه الألباني.


باب في النية وما جاء في كيفيتها


اعلم رحمك الله أن : النيه شرط من شروط الوضوء قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)متفق عليه , و النية محلها القلب ولذلك لا يشرع التلفظ بها وذلك لعدم ثبوت التلفظ بها عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ.


باب في معنى الأستنجاء وكيفيته


اعلم وفقك الله أن : الاستنجاء في اللُّغة القطع , واصطلاحاً: إزالةُ الخارج من السَّبيلين بماء أو حَجَر ونحوه، وفي ذلك قطع لهذا النَّجس , ففي حالة الاستنجاء بالحجر فلا يجوز الاقتصار على أقل من ثلاثة أحجار وإن حصل الاستنجاء بما دونها , فإن لم يحصل الاستنجاء بثلاثة أحجار استحب له أن يختم بالوتر , وذلك كما قال سَلْمَانَ الفارسي (لَقَدْ نَهَانَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ)مسلم , والاستنجاء بالماء أفضل من الاستنجاء بالحجارة لأنه أقطع للنجاسة فلا تبقى بعده عين للنجاسة ولا ريح بخلاف الاستنجاء بالحجارة وهو الإستجمار فإذا لم يبق جزء من عين النجاسة بقي أثر من آثارها ، وإذا لم يبق شيء من الآثار بقيت الريح ، ومع هذا فهو من السنن كما ثبت في الأحاديث الصحيحة ، و الجمع بين الماء والحجارة في الاستنجاء لم يصح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ، وهو من الغلو في الدين ، لأن هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ الاكتفاء بأحدهما ، (وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ ، وشر الأمور محدثاتها)صححه الألباني , وأما حديث جمع أهل قباء بين الماء والحجارة ، ونزول قوله تعالى فيهم : (فيه رجال يحبون أن يتطهروا)فضعيف الإسناد، و الصحيح أن سبب نزولها فيمن كان يستنجي بالماء فقط وليس بمن جمع في الاستنجاء بين الماء والحجر.

واعلم يرعاك الله أنه : لا حاجة إلى الاستنجاء من النوم والريح ، ومس الفرج ، وأكل لحم الإبل , وإنما يجب الاستنجاء أو الاستجمار من البول أو الغائط خاصة ، وما كان في معناهما قبل الوضوء.


باب في كيفية الوضوء لمن حدثه دائم


اعلم أرشدك الله لطاعته أن : صاحب السلس , وهو من لا ينقطع في غالب وقته البول أو الريح أو المذي , يتوضأ لكل صلاة وذلك بأن يتوضأ عند دخول وقت الصلاة , وإذا خرج منه بول أو ريح في أثناء الصلاة , أو فيما بين وضوئه وصلاته , لا يضره , ويكمل صلاته , وصلاته صحيحة , قياساً على المستحاضة.


باب في وجوب إزاله كل ما يمنع وصول الماء إلى البشرة


اعلم وفقك الله أنه : يجب إزاله كل ما يمنع وصول الماء إلى البشرة , والدليل على ذلك ما جاء عَنْ خالد بن معدان عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّ وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاة)صححه الألباني.


فصل في فرائض الوضوء


اعلم يرعاك الله أن : فرائض الوضوء ثمانية وهي ,التسمية , وغسل الوجه ومنه المضمضة والاستنشاق , و غسل اليدين إلى المرفقين , و مسح الرأس كله والأذنان من الرأس , غسل الرجلين إلى الكعبين , و تخليل أصابع اليدين والرجلين , و تخليل اللحية , و الموالاة.


باب في معنى كلمة فرض


اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن : الفرض مرادف للواجب وهو ما أمر به الشرع على سبيل الإلزام (أي إنه يثاب فاعله ويعاقب تاركه).


باب في أن التسمية من فرائض الوضوء


اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن : التسمية من فرائض الوضوء قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّـَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا صَلَاةَ لِمـَنْ لَا وُضُـوءَ لَهُ وَلَا وُضُـوءَ لِمـَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْـمَ اللَّهِ عَلَيْه)صححه الألباني , أما من قال أن التسمية سنه مؤكدة فقد اعتمد على أن الحديث السابق ضعيف أما وقد صح فلا حجه له.