صحة حديث "من أفطر يوماً من رمضان..."
السؤال: ما صحة حديث : "من أفطر يوماً من رمضان لم يجزه صيام الدهر ،وإن صامه " ؟
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب:
هذا حديث رواه أبو داود ـ وغيره كما سأبين ـ في 2/788 ، باب التغليظ فيمن أفطر عمداً ، ح ( 2396 ، 2397 ) حدثنا سلميان بن حرب ، قال : حدثنا شعبة / ح / وحدثنا محمد بن كثير ، قال : أخبرنا شعبة ،عن حبيب بن أبي ثابت ،عن عمارة بن عمير ،عن ابن مطوس ،عن أبيه ـ قال ابن كثير : عن أبي المطوس عن أبيه ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخصها الله له ، لم يقض عنه صيام الدهر "حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، حدثني حبيب ، عن عمارة ، عن ابن المطوس ، قال : فلقيت ابن المطوّس ، فحدثني ،عن أبيه ،عن أبي هريرة قال : النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل حديث ابن كثير وسليمان . قال أبو داود : واختلف على سفيان وشعبة عنهما : ابن المطوّس ، وأبو المطوّس .
تخريجه :
*أخرجه النسائي في : الكبرى " 2/245 ح ( 3282 ) وأحمد 2/380 ، وابن خزيمة 3/238 ح ( 1987 ) من طريق محمد بن جعفر المعروف بغندر ، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص (331 ) ـ ومن طريقه : النسائي في " الكبرى " 2/245 ح ( 3283 ) ، وابن خزيمة 3/238 ح ( 1988 ) ـ،والنسائي في " الكبرى " 2/245 ح ( 3282 ) من طريق ابن علية ، وأحمد 2/386،وفي 2/458 عن بهز بن أسد، على أنه قرنه في الموضع الثاني بغندر ، والدارمي 1/436ح(1667) عن أبي الوليد الطيالسي (هشام بن عبد الملك)، وابن خزيمة 2/238 ح ( 1987 ) من طريق خالد بن الحارث،وابن أبي عدي ، والطحاوي في " شرح المشكل " 4/179 من طريق سعيد بن عامر ، ثمانيتهم (غندر ،وأبو داود ،وابن علية ،وبهز ،وأبو الوليد ،وخالد ،وابن أبي عدي ،وسعيد بن عامر) عن شعبة به بنحوه ، إلاّ أن بعضهم قال :عن ابن المطوس ،وبعضـهم قال: عن أبي المطوس ، وفي حديث أبي داود الطيالسي قال حبيب : وقد رأيت أبا المطوس ،وفي حديث سعيد بن عامر،لم يذكر عمارة بن عمير بين حبيب وأبي المطوس .
*وأخرجه الترمذي 3/101 ، باب ما جاء في الإفطار عمداً ح ( 723 ) ، والنسائي في "
الكبرى " 2/245 ح ( 3279 ) ، كلاهما عن محمد بن بشار ( بندار ) ، وأحمد 2/470 ـ ومن طريقه أبو داود 2/788 ح ( 2397 ) ـ كلاهما (بندار ، وأحمد ) عن ابن مهدي ، ويحيى القطان ، إلا أن أبا داود لم يخرج حديث ابن مهدي .
والنسائي في " الكبرى " 2/244 ، ح ( 3278 ) ، وأحمد 2/470 ، من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين ، والنسائي 2/245 ح ( 3280 ) من طريق عبد الرزاق [ وهوفي مصنفه 4/198 ح ( 7474 ) ]،وأبي داود الطيالسي ، وابن أبي شيبة 2/348 ح ( 9783 ) ـ وعنه ابن ماجه 1/535 ، باب ماجاء في كفارة من أفطر يوماً من رمضان ح ( 1672 ) ـ ، وابن ماجه 1/535 ح ( 1672 ) عن علي بن محمد ، وأحمد 2/442 ، ثلاثتهم ( ابن أبي شيبة ، وعلي ، وأحمد ) عن وكيع ، وأحمد 2/470 عن يزيد بن هارون ،والدارمي 1/435 ح ( 1666 ) عن محمد بن يوسف الفريابي ، ثمانيتهم ( ابن مهدي ، والقطان ، ابو نعيم ، وعبد الرزاق ، والطيالسي ، و وكيع ،ويزيد ،والفريابي ) عن سفيان الثوري ،عن حبيب بن أبي ثابت به بنحوه ، إلاّ أن وكيعاً ، ويزيد بن هارون ،وعبد الرزاق ، وأبا داود الطيالسي ، وابن مهدي ،والقطان – فيما رواه عنهما بندار – كلهم لم يذكروا عمارة بن عمير بين حبيب ، وأبي المطوس ،وبعضهم قال : أبو المطوّس ، وبعضهم قال : ابن المطوّس .
*وعلقه البخاري 2/40 باب إذا جامع في رمضان ،وقال : ويُذكر عن أبي هريرة رفعه…فذكر نحوه .
*وأخرجه النسائي في " الكبرى ، 2/246 ح ( 3284 ) عن هلال بن العلاء،عن أبيه ،عن عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن زيد بن أبي أنيسة ،عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي ابن الحسين ، عن أبي هريرة : أن رجلاً أفطر في شهر رمضان ،فأتى أبا هريرة فقال: لا يقبل منه صوم سنة .
*وأخرجه النسائي في " الكبرى " 2/246 ( ) ح ( 3285 ) من طريق شريك عن العلاء بن عبد الرحمن ،عن أبيه ،عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ :" من أفطر يوما من رمضان لم يقضه يوم من أيام الدنيا " .
الحكم عليه :
إسناد أبي داود رجاله ثقات ، سوى ابن المطوّس ، أو أبو المطوس : هو يزيد ، وقيل عبدالله بن المطوس وثقه ابن معين ، وقال أحمد : لا أعرفه ، ولا أعرف حديثه عن غيره ،وقال البخاري : لا أعرف له غير حديث الصيام ، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا ؟ ،وقال ابن حبان : يروي عن أبيه مالا يتابع عليه ، لا يجوز الاحتجاج بأفراده ،علق ابن حجر – معلقاً على كلام ابن حبان -:"وإذا لم يكن له إلاّ هذا الحديث فلا معنى لهذا الكلام ".
قال الذهبي : "وثق" ،وفي "الميزان" : "لا يعرف لا هو ولا أبوه" ،و قال ابن حجر: "لين لحديث " .
ينظر : الميزان 4/574 ، الكاشف 1/461 ، تهذيب التهذيب 12/214 ، التقريب / 674 .
وأما أبوه فمجهول ،ينظر : الميزان 4/574 ، التقريب / 535 .
وقد ضعّف حديث الباب جماعة ومنهم :
1 – ابن خزيمة في " صحيحه " ، حيث قال : " إن صح الخبر ، فإني لا أعرف ابن المطوّس ولا أباه " ، وبه يتبين أن نسبة ابن خزيمة إلى تصحيح هذا الخبر فيه نظر ، كما فعل العيني في " العمدة " 11/23 .
2 – البيهقي ،حيث قال في "المعرفة" 6/268 :"ولم يثبت في الكفارة بالفطر بغير الجماع
حديث"اهـ.
3 – ابن عبد البر في " التمهيد " 7/173 ، حيث قال : " وهو حديث ضعيف لا يحتج به " اهـ .
وقد أعل الخبر بعدة علل غير ما تقدم ، وهي كما يلي :
1 – الشك في سماع المطوّس من أبي هريرة ، كما قاله البخاري ، وقد نقلت كلامه قريباً .
2 – التفرد بالحديث من أبي المطوس ،كما ذكر ذلك كلٌ من الإمام أحمد – فيما نقله العيني في " العمدة " 11/23 – ،وكذلك أعله بالتفرد الإمام البخاري – فيما نقله أبو عيسى الترمذي في " العلل الكبير "ص (116)ح (199) – وكذلك أعله بالتفرد أبو علي
الطوسي ، نقله عنه العيني أيضاً ، وكذلك أعله الذهبي بالتفرد كما في ( الميزان 4/574)
3 – الانقطاع بين حبيب و أبي المطوس ، وأنه رآه فقط ولم يسمعه ، كما ذكر الإمام شعبة – فيما نقله الدارقطني في العلل 8/267 ـ .
وأجيب عن هذه العلة بأن حبيباً صرّح بالتحديث عند الإمام أحمد في المسند 2/470.
4 – الاختلاف الكثير في إسناده ، كما أعله بذلك جماعة ومنهم :
أ-الإمام أحمد كما يفهم من رواية مهنا الذي سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث ؟ فذكر
الاختلاف في سنده ، ثم قال : لا أعرف المطوس … ، كما في " العمدة " للعيني 11/23 .
ب- ابن حجر في " الفتح " 4/191 ح ( 1935 ) .وأجيب أن الاختلاف قد وقع في إسناده إلاّ أن الأوجه ليست متكافئة فقد رجح الإمام أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/245 – طريق الثوري عن حبيب ،وكذا الدارقطني في " العلل " 8/269 ، حيث قال : " وأضبطهم للإسناد يحيى القطان ومن تابعه عن الثوري " ا هـ .
إلاّ أنه ومع ذلك ، فكون الإسناد متحد المخرج ، على جهالة في راوايه ، ويقع فيه هذاالاضطراب ، فإن هذا مما يزيد القدح في الخبر ، والله أعلم .
5-أنه روي موقوفاً على أبي هريرة رضي الله عنه ، كما تقدم في التخريج .
وأجيب بأن هذه العلة غير قادحة لأن الوجه الموقوف – الذي سبق تخريجه عن النسائي –
لا يثبت ، وبيان ذلك كما يلي :
أما الوجه الذي رواه النسائي عن هلال بن العلاء، عن أبيه، عن عبيد الله بن عمرو الرقي ،عن زيد بن أبي أنيسة ،عن حبيب ،عن علي بن الحسين ، عن أي هريرة ، فقد أعله أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/254 – بقوله : " إنما هو حبيب ،عن عمارة بن عمير ، عن أبي المطوس ، عن أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم… فذكره ".
وكلامه رحمه الله فيه إعلال لهذا الوجه من وجهين :
الأول : تدليس حبيب .
الثاني : أن المحفوظ عن حبيب إنما هو رواية الجماعة ـ يعني حديث سفيان ،وشعبة ـ .
ويمكن أن يعلّ هذا الوجه أيضاً بعلة ثالثة وهي :
أن فيه العلاء بن هلال ، قال عنه أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث ، عنده عن يزيد بن زريع أحاديث موضوعة . وقال النسائي : هلال بن العلاء بن هلال ، روى عن أبيه غير حديث منكر ، فلا أدري منه أتى ، أو من أبيه كما في تهذيب الكمال 22/545 ، وعليه فلعل الخطأ في هذا الإسناد من العلاء ، والله أعلم .
أما الوجه الثاني ،وهو الذي رواه شريك ،عن العلاء بن عبد الرحمن ،عن أبيه ، عن أبي هريرة ، ففيه تفرد شريك ومن بعده – حسب ما وقفت عليه – ومع ذلك ، فهو أقوى إسناداً من الإسناد المرفوع .
وكلمة البيهقي المتقدمة وهي أنه لا يثبت في الكفارة بالفطر غير الجماع حديث ،تدل على أنه لا حاجة لجمع الشواهد المرفوعة ، وقد ذكر جملة منها ، العيني في " عمدة القاري " 11/23 ، وقد تكلم عليها ، وكلها من رواية المجاهيل والمتروكين والضعفاء .


صحة حديث " إذا سمع أحدكم النـداء ، والإناء على يده ..."
السؤال: ما صحة حديث " إذا سمع أحدكم النـداء ، والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته مـنه "؟

المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب:
رواه أبو داود ـ وغيره كما سيأتي ـ في 2/761 ، باب في الرجل يسمع النداء والإناء
على يده ح (2350) فقال :حدثنا عبد الأعلى بن حماد ،حدثنا حماد ،عن محمد بن عمرو،عن أبي سلمة عن أبي هريرة – رضي الله عنه - 61556; قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- 61541; : "إذا سمع أحدكم النـداء،والإناء على يده،فلا يضعه حتى يقضي حاجته مـنه " .
تخريجه :
*أخرجه الدارقطني 2/128 ح ( 2162 ) من طريق أبي داود .
*وأخرجه الحاكم 1/426 من طريق الحسن بن سفيان ،عن عبد الأعلى بن حماد به بلفظه.
*وأخرجه أحمد 2/510 ،وفي 4/423 ، والحاكم 1/203،205 من طرق عن حماد بن سلمة به بلفظه .
*وأخرجه أحمد 2/510 ، وابن جرير 2/175 عن أحمد بن إسحاق الأهوازي ، والبيهقي 4/218 من طريق أحمد بن عبيد الله النرسي ، ومحمد بن أحمد الرياحي ، ( أحمد ، والأهوازي ، والنرسي ، والرياحي ) عن روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظه ، لكن زاد أحـمد ، والأهوازي، والرياحي في حديثهم:"وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر".
*وعلقه ابن حزم في المحلى 6/233 عن حماد بن سلمة ،عن حميد ، عن أبي رافع أو غيره ، عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ :" أنه سمع النداء ، والإناء على يده ، فقال : أحرزتها ورب الكعبة " .
*وأخرجه أحمد 2/423 عن غسان بن الربيع البصري ،عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد ، عن الحسن مرسلاً بلفظه .
الحكم عليه :
إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات، سوى محمد بن عمرو، فإنه صدوق له أوهام .
وحديث الباب صححه الحاكم ، وجوّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة 1/52 .
وقال أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/123-124 ، 256-257 عن طريق حماد عن محمد بن عمرو : " ليس بصحيح " ، ولم يبين أبو حاتم سبب ذلك ، وهناك أسباب يمكن أن يعزى إليها عدم تصحيحه للحديث وهي:
1 – تفرد حماد عن محمد بن عمرو بن علقمة بالحديث .
2 – رواية الحديث عن حماد على أوجه مختلفة وهي أربعة – كما تقدم في التخريج .
3 – خطأ حماد في الإسناد الآخر ، وهو روايته عن عمار بن أبي عمار ، قال أبو حاتم :
" أما حديث عمار فعن أبي هريرة موقوف ، وعمار ثقة " ا هـ .
فهذه إشارة من أبي حاتم إلى وهم حماد في رفعه – والله أعلم – ويؤيد هذا أن حماداً قد اختلف عليه – كما تقدم – فكأنه لم يضبط هذا الحديث .
وأما قول شعبة : كان حماد يفيدني عن عمار بن أبي عمار ، وقول ابن المديني : هو أعلم الناس بثابت ، وعمار بن أبي عمار – كما في السير 7/445،446 – فلا ينافى ما ذهب إليه أبو حاتم من تعليل الوجه المرفوع ، إذ يحمل ثناء شعبة وابن المديني عليه على العموم ، وكلام أبي حاتم مستثنى من هذا العموم ليتم الجمع بين أقوال الأئمة ما دام ذلك ممكناً .
هذا ، وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ومنهم :
1 – جابر بن عبد الله رضي الله عنهما :
أخرجه أحمد 3/348 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير قال : سألت جابراً عن الرجل يريد الصيام ، والإناء على يده ليشرب منه ، فيسمع النداء ؟ قال جابر : كنا نتحدث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : ليشرب " .
وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن الهيعة ، وقد تقدم الكلام عليه مراراً، ولم أقف على من تابعه .
2 – بلال بن رباح رضي الله عنه :
أخرجه أحمد 6/12 وغيره من طريق أبي إسحاق السبيعي ، عن عبد الله بن معقل المزني ، وفي 6/13 من طريق شداد مولى عياض بن عامر ، كلاهما ( عبد الله ، وشداد ) عن بلال ـ رضي الله عنه – " أنه جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يؤذنه بالصلاة ، فوجده يتسحر في مسجد بيته " هذا لفظ حديث شداد .
وإسنادا الإمام أحمد فيهما ضعف ، أما الطريق الأول ، ففيه عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس ، ولم أقف له على طريق صرّح بالسماع ، وأيضاً فلم أقف على ما يبين إداراك عبد الله بن معقل لبلال .
وأما الطريق الثاني فهو منقطع ، لأن شداداً لم يدرك بلالاً،كما قال أبو داود وغيره ،وهو أيضاً لا يعرف ، كما نقله ابن حجر عن الذهبي في تهذيب التهذيب 4/291 .
ولذا قال الحافظ في التقريب /264 : " مقبول ، يرسل " .
وقصة بلال هذه جاءت من مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، حيث قال : كان علقمة بن علاثة عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: " رويداً يا بلال ، يتسحر علقمة ، وهو يتسحر برأس " .
أخرجه الطيالسي ص (258) ،والطبراني في " الكبير " كما في المجمع 3/153- وفي سنده قيس بن الربيع ،قال عنه الحافظ في التقريب(457):"صدوق تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به " .
3 – أنس بن مالك -رضي الله عنه- :
أخرجه البزار 1/467 ح ( 983 ) كشف – من طريق مطيع بن راشد،عن توبة العنبري أنه سمع أنس به مالك يقول ، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " انظر مَنْ في المسجد فادعه، فدخلت ـ يعني المسجد – فإذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فدعوتهما ، فأتيته بشيء فوضعـته
بين يديه، فأكل وأكلوا ، ثم خرجوا، فصلّى بهم رسـول الله –صلى الله عليه وسلم- صلاة الغداة " .
قال البزار : " لا نعلم أسند توبة عن أنس إلاّ هذا وحديثاً آخر ، ولا رواهما عنه إلاّ مطيع " ا هـ . ومطيع بن راشد لا يعرف ، كما قال الذهبي في الميزان 4/130 ، وفي التقريب (535)" مقبول " ، وهو على ضعفه تفرد به عن توبة العنبري .
4 – أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه :
أخرجه ابن جرير 2/175 من طريق الحسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال : أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر ،قال : أشربها يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فشربها ".
وفي إسناده الحسين بن واقد ، وقد ترجمته في الحديث الأول ، وأن الإمام أحمد قد استنكر بعض حديثه ، وهو ممن يدلس كما وصفه بذلك الدارقطني والخليلي ، وقد عنعن في هذا الإسناد .
و أبو غالب صاحب أبي أمامة، ضعّفه ابن سعد، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان، ووثقه الدارقطني ، وقال ابن معين : صالح الحديث كما في تهذيب الكمال 34/170،وقد لخص ابن حجر هذه الأقوال بقوله في التقريب(664) : " صدوق يخطيء " .
وفي الباب آثار عن جماعة من الصحابة ،ذكر جملة منها ابن أبي شيببة في المصنف 2/276 – 278،وابن حزم في المحلى : 6/232 – 233 ،وابن حجر في فتح الباري 4/161 ح ( 1917 ) ، 4/162 ح (1918) ، والله أعلم .


صحة حديث " نعم سحور المؤمن التمر"
السؤال: ما صحة حديث : " نعم سحور المؤمن التمر" ؟

المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب:
حديث " نعم سحور المؤمن التمر"
أخرجه أبو داود ـ كما سيأتي ـ في (2/758) ،باب من سمى السحور الغداء ، ح ( 2345 ) :
من طريق محمد بن موسى، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : " نعم سحور المؤمن التمر " .
ومدار الحديث على محمد بن موسى الفطري ،وثّقه أحمد بن صالح المصري ، والترمذي ، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال البخاري : "لا بأس به مقارب الحديث" ، وقال أبو حاتم : "صدوق صالح الحديث، كان يتشيع" ، وقال الطحاوي : محمود في روايته ،وقد لخص الحافظ هذه الأقوال بقوله " صدوق ، رمي بالتشيع " .
ينظر : (علل الترمذي الكبير 32 ) ح(17) ، (تهذيب الكمال 26/523) ، (تهذيب التهذيب 9/413) ، (التقريب / 509) .
تخريجــه :
*أخرجه (ابن حبان 8/253) ح ( 3475 ) ،و(البيهقي 4/236) من طرق عن محمد بن موسى به بلفظه .
الحكم عليه :
سنده حسن -إن شاء الله- ،لما في محمد بن موسى الفطري ،والحديث صـححه ابن حبان .والله أعلم .
وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- ، ومنها :
1 – جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ :
أخرجه (البزار 1/465) ح ( 978 ) - كشف - ، وابن عدي في ( الكامل 3/229) ، وأبو نعيم في (الحلية 3/350) ، من طريق زمعة بن صالح ،عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعاً بنحوه .
وقال البزار : "لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد" ، وقال أبو نعيم : "غريب من حديث عمرو ، تفرد به عنه زمعة" .ا هـ .
وزمعة بن صالح هذا : " ضعيف ، وحديثه عند مسلم مقرون " كما في (التقريب 217).
2 – عقبة بن عامر –رضي الله عنه- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخذ حفنة من تمر ، فقال : " نعم سحورٌ للمسلم " .
أخرجه الطبراني في ( الكبير 17/282) ح ( 778 ) وفيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف بسبـب سوء حفظه .
3 – السائب بن يزيد –رضي الله عنه- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : " نعم السحور التمر "، وقال : "يرحم الله المتسحرين " .
أخرجه (الطبراني 7/159) ح ( 6689 ) ، وقال الهيثمي في (المجمع 3/151): " وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ،وهو ضعيف" . ا هـ .
وفيه خالد بن يزيد العمري ، كذبه ابن معين،وأبو حاتم ،كما في (الجرح والتعديل 3/360)، وعليه فلا يصلح هذا شاهداً لحديث الباب. والله أعلم.


صحة حديث "من فطّر صائماً كان له مثل أجره"
السؤال: ما صحة حديث :" من فطر صائماً كان له مثل أجره".

المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب:
هذا الحديث خرّجه الإمام أبو عيسى الترمذي وغيره -كما سيأتي- فقال في كتاب الصوم (3/171) باب ما جاء في فضل من فطَّر صائمـاً ح(807):
حدثنا هناد، حدثنا عبدالرحيم، عن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني، قال : قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : " من فطَّر صائماً،كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً ".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
عطاء بن أبي رباح "ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال"، (التقريب391).
تخريجه:
*أخرجه النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3331) ،و(ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح(1746)،وفي (2/922) باب من جهز غازياً ح(2759)، و(أحمد 4/114،116) ،وفي (5/152) ،و(الدارمي 1/432) ح(1654) ، و(ابن خزيمة 3/277) ح(2064)،و(ابن حبان 8/216) ح(3429) ،من طرق عبد الملك بن أبي سليمان به بنحوه ،وفي حديث بعضهم زيادة في آخره، وهي: " ومن جهز غازياً فله مثل أجره من غير..." واقتصر بعضهم على قوله: " ومن جهز غازياً"... الحديث .
*وأخرجه (الترمذي 4/145) باب ما جاء في فضل من جهز غازياً ح(1629) ،والنسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3330) ، و(ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح(1746) ،و(ابن خزيمة 3/277) ح(2064) ، من طرق عن محمد بن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، و(ابن ماجة 1/555) ح(1746)، من طريق حجاج بن أرطاة، والطبراني في ( الكبير 5/257) ح(5275) من طريق سعيد بن حفص النفيلي عن معقل ابن عبيدالله، ثلاثتهم (ابن أبي ليلى،وحجاج، ومعقل) عن عطاء بن أبي رباح به بنحوه إلاَّ أن بعضهم اقتصر على فضل التجهيز ،وفي حديث معقل زاد مع عطاء، عكرمة وهو ابن خالد المخزومي.
الحكم عليه :
إسناد الترمذي رجاله ثقات، وقد صححه الترمذي ،وابن خزيمة ،وابن حبان ،إلا أن في الإسناد انقطاعاً ،فإن عطاءً لم يسمع من زيد بن خالد كما نصَّ عليه ابن المديني في (العلل) له (66/ رقم 88) ،ولعلَّ هذا هو السبب في عدم إخراج الشيخين لحديث " من جهز غازياً " من طريق عطاء ابن أبي رباح ، مع إخراجهما له من حديث زيد، لكن من غير طريق عطاء .
وأما الطريق التي فيها قرن عكرمة بن خالد المخزومي مع عطاء، فإنها من رواية سعيد بن حفص النفيلي، وهو صدوق تغير في آخر عمره، كما في (التقريب 234)، ولم أقف على من تابعه ولا من تابع شيخه على هذا،وأيضاً هو منقطع بين عكرمة بن خالد وزيد بن خالد، فلم يصرح بالتحديث، ولم يذكر زيد بن خالد الجهني في شيوخ عكرمة ،ولم يذكر عكرمة في تلاميذ زيد بن خالد كما في (تهذيب الكمال 10/64، 20/249).
وعليه فلا يحكم لهذا السند بالاتصال والصحة، لعدم ثبوت السماع بين التلميذ وشيخه. والله أعلم.
هذا وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، ومنهم:
1- سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:" من فطر صائماً في رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ".
أخرجه (ابن خزيمة 3/191، 192) ح(1887)، والطبراني في (الكبير 6/261) ح(6161)، واللفظ له، وابن حبان في (المجروحين 1/247) من طرق عن علي بن زيد بن جدعان ،عن ابن المسيب ،عن سلمان -رضي الله عنه- به، ولفظ ابن خزيمة :" من فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء... " ، وهو عند ابن خزيمة مطول .
وقد سئل أبو حاتم عنه –(العلل) لابنه (1/249) – فقال: "هذا حديث منكر"،وقال ابن خزيمة: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في (إتحاف المهرة 5/561): "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف".
وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين: تفرد علي بن زيد به ،ومع تفرده فهو ضعيف، كما قال الحافظ ابن حجر .
2- حديث عائشة –رضي الله عنهما- قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " من فطر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجره شيء ".
أخرجه الطبراني في (الأوسط 8/255) ح(8438) من طريق الحكم بن عبدالله الأيلي ،عن الزهري ،عن سعيد بن المسيب ،عن عائشة به.
وفيه الحكم الأيلي، قال عنه أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وكذَّبه أبو حاتم والجوزجاني ،نقل ذلك كله الذهبي في (الميزان 1/572) .
وقد روي موقوفاً عليها عند النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3332) من طريق عطاء عنها بلفظ :
"من فطر صائماً كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً".
لكن قال الإمام أحمد – فيما رواه الأثرم –: "ورواية عطاء عن عائشة لا يحتج بها إلاَّ أن يقول : سمعت" وهنا لم يصرح بما يفيد السماع، وعليه ففي الإسناد علَّة، وهي: احتمال تدليس عطاء، والله أعلم .
3- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فطر صائماً فله مثل أجره، ومن دلَّ على خير كان له مثل أجر فاعله ".
أخرجه الطبراني في (الأوسط 6/127) ح(5818) من طريق علي بن بهرام، عن عبدالملك بن أبي كريمة ، عن ابن جريج ،عن عطاء ،عن أبي هريرة به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلاَّ عبدالملك بن أبي كريمة، تفرد به علي بهرام" .
وفيه عنعنة ابن جريج فإنه كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين – كما ذكر ذلك الدارقطني، كما في (تهذيب التهذيب 6/355) –، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في (التعريف) في المرتبة الثالثة (141) .
وفي الإسناد: علي بن يزيد بن بهرام ،لم أظفر له بترجمة، وقد قال الهيثمي في (المجمع 3/282): "فيه علي بن يزيد بن بهرام، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات".
4- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" من فطر صائماً فله مثل أجره ".
أخرجه الطبراني في ( الكبير 11/187) ح(11449) من طريق الحسن بن رشيد عن ابن جريج ،عن عطاء ، عن ابن عباس به.
وفي إسناده الحسن بن رشيد، قال الذهبي في (الميزان 1/490): "فيه لين"، وقال أبو حاتم: "مجهول"، وبه ضعفه الهيثمي في (المجمع 3/157).
وفي الباب آثار عن بعض الصحابة، منها:
عن أبي هريرة –رضي الله عنه- :"من فطَّر صائماً،أطعمه وسقاه،كان له مثل أجره" .
أخرجه( عبدالرزاق 4/311) ح(7906) قال:" أخبرنا ابن جريج عن صالح مولى التوأمة قال: سمعت أبا هريرة فذكره".