-
باحث في علم الاجتماع
في ذكرى الإسراء والمعراج
معلومات بعضها قد لا تكون قرأته من قبل، نص محاضرة سألقيها غداً في أحد مراكز الدراسات! (1)
في ذكرى الإسراء والمعراج:
محاولة لفهم معاصر لأبعاد الصراع عالمياً
مصطفى إنشاصي
هل سأل أحدنا: هل هناك علاقة بين الإصرار الصهيوني وتصعيد الأحداث لتهويد المسجد الأقصى، وإعادة بناء (الهي كل) المزعوم، وما يحدث من أزمات في العالم؟! وهل يستحق (الهي كل) فشل كل محاولات تسوية القضية وإنهاء الصراع؟! الإجابة:
القضية ليست قضية (الهي كل) في حد ذاته؛ لكنها مسألة السيادة العالمية لليهود على العالم أجمع، والتي لا تكتمل إلا بإعادة بناء (الهي كل)، ونصب العرش فيه، وجلوس ملك اليهود عليه ليحكم العالم! فـ(الهي كل) رمز لتلك السيادة اليهود العالمية .. تلك هي حقيقة الي هودية!
فالقضية ليست قضية فلسطينية ولا عربية ولا إسلامية بقدر ما هي قضية عالمية، قضية الصراع بين منهج الخير والقيم الإنسانية ومنهج الشر والقيم الشيطانية، ومركزه المسجد الأقصى، لذلك على جميع قوى الخير في العالم التحالف ضد قوى الشر وإفشال مخططات الي هود وحلفاءهم ضد العالم!
قد يكون ما أقوله غير مألوف لأن الجميع يعتبر الي هودية دين مثل كل الأديان، والبعض يعتبرها دين سماوي أيضاً! لكن الحقيقة غير ذلك، وسأعرض بإيجاز تلك الحقيقة:
السبي البابلي والسقوط الشيطاني
لقد بدأ مع سقوط (دويلة يهودا) سقوط العالم أجمع في مؤامرات الشيطان وتبني خططه ومناهجه، وتجسيد أسباب رفضه السجود لأبينا آدم عقيدة دينية عرقية استعلائية (عقيدة الشعب المخت ار)، وفي العصر الحالي إلى فكرة أيديولوجية عنصرية متعصبة للعرق واللون (نظرية سيادة الرجل الأبيض) الغربية! وتحولت أساليب ووسائل إبليس الباطلة الشريرة للانتقام من أبينا آدم وبنيه وغوايتهم وبث روح العداوة والبغضاء بينهم إلى أساليب مشروعة لدى أتباعه من الي هود ومَن هم على شاكلتهم ..
فالسبي البابلي كان هو الأول من نوعه في تاريخ الي هود، حيث تم فيه تدمير (مملكة يهودا) التي هي مناط الوعد في التوراة، وتهديم (الهي كل) المزعوم، وسبي زعماء الي هود الروحيين وسلالة الأنبياء والملوك ورجال الدين السياسة والدولة وغيرهم من السادة وكبار المرابين إلى بابل، ومنذ ذلك الوقت أصبحت إعادة إقامة (الدولة الي هودية) هو محور تاريخهم السياسي. وقد "بدأت تتشكل ملامح فكر ديني يهودي جديد، يجعل من القدس نقطة ارتكازه ومحوره، وتأخذ شكلاً يجمع بين السياسة والصوفية عند الي هود، وتحولت إلى رمز للوطن الضائع، كما تحرك فيه التعصب الطبقي لزعماء اليهود المنفيين إلى بابل الذي كان يشعرهم أنهم كانوا متميزون وحاكمون في فلسطين، لقد تحول هذا التعصب الطبقي إلى تعصب ديني وعنصري".
وهناك شبه إجماع أن كتبة الت وراة في السبي البابلي حرفوا رسالة الأنبياء عليهم السلامة، وحولوها إلى ديانة وثنية قبلية. حيث وجد الي هود المسبيين "أنفسهم مضطرين اضطراراً إلى إعمال الفكر في صلتهم بـ(يا هو، يهوه) وفي العهد القديم القائم بينه وبين شعبه وفي أسباب محنتهم. ثم راحوا يتخيلون لأنفسهم سبيلاً إلى مستقبل أفضل ووسيلة للخلاص من مثل هذه الكوارث التي حلت بهم. واعتبروا أن المحن التي مرت بها إسرا ئيل كان سببها عدم الوفاء بالعهد وأن الطريق إلى إرضاء الإله هو: الخضوع في عبادته لحرفية النصوص والتمسك بالشعائر المطلوبة في غير ما لين أو تحرر. أي في الواقع إتباع شعائر غاية في الدقة والحرص تمنع تسرب أدنى نزعة إلى الوثنية. ويعود الفضل في تثبيت هذه الشعائر وفي تدعيم الاتجاه نحو مشروع محدد - قنن في صورة سايرت الرغبات الجديدة - إلى أنبياء المهجر، وعلى الأخص حزقي ال".
وقد شمل ذلك التحريف أسس عقيدة الي هود وتصورها الميتافيزيقي عن نهاية العالم والأخرويات، بحيث أصبحت الآخرة ويوم القيامة في عقيدتهم تعني العودة إلى فلسطين، وإقامة (دولة الي هود)، وإعادة بناء (الهي كل المزعوم)، وإقامة كرسي العرش الذي سيجلس عليه ملك من نسل داود ويحكم العالم، وتحاسب (إسرا ئيل) كل أمم الأرض على ما اقترفته في حقهم من جرائم وتبذير لثرواتها.
ويقطع الدكتور (آرثر روبين) أحد أعضاء الحركة الصهيونية وأستاذ علم الاجتماع في الجامعة العبرية في القدس، بأن الت وراة قد بدأت كتابتها أيام السبي البابلي، يقول: "وبينما كان هؤلاء ـ اليهود ـ يتحرقون في المنفى (السبي البابلي) دون أن يستطيعوا مقاومة. تفتقت عبقرية التآمر لديهم عن فكرتي (الشريعة) و(الوعد) وغايتهما المحافظة على أنفسهم كعرق متمرد متآمر منطوٍ على نفسه، منظم تنظيماً شبه عسكري، وغير قابل للاندماج مع غيرهم"، ويضيف: "ثم عدلت ونُقحت في القرون التالية في الشريعة غير المكتوبة، أي الشفهية وتلمود بابل".
-
باحث في علم الاجتماع
معلومات بعضها قد لا تكون قرأته من قبل، نص محاضرة سألقيها غداً في أحد مراكز الدراسات! (2)
في ذكرى الإسراء والمعراج:
محاولة لفهم معاصر لأبعاد الصراع عالمياً
مصطفى إنشاصي
اختزال الوعود العالمية في وعود قبلية
قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:26). فالاختيار من الله لنوح وإبراهيم عليهما السلام وذريتهما لحمل الرسالة الروحية للعالمين تم اختزاله في السبي البابلي في ذرية (سام بن نوح) وتحويله إلى وعد مادي بملكية فلسطين والعالم أجمع ملكية مادية! وكانت بداية المؤامرة أسطورة وخرافة!
تاريخ الجنس البشري وتاريخ فلسطين خاصة في التوراة يبدأ من بعد الطوفان، واختيار إلههم (سام بن نوح) وذريته واختصاصهم بالبركة والسيادة العالمية من دون بقية أبناء نوح وذرياتهم، واختيار إبراهيم عليه السلام من نسل (سام بن نوح) من دون بقية نسله ليمنحه الحق بالأرض من النيل إلى الفرات، واختيار إسحاق وذريته من ذرية إبراهيم دون أخاه إسماعيل وذريته، واختيار يعقوب (إسرا ئيل) وذريته "بنو إسرا ئيل" من ذرية إسحاق دون أخاه عيسو وذريته، ليكونوا له الشعب المختار الموعود بالسيادة العالمية، واختيار فلسطين من دون كل بقاع الأرض لتكون مركزاً لتلك السيادة.
إذن هناك علاقة وثيقة بين عهد إله الي هود (يا هو) لمن تزعم التوراة المحرفة أنه (سام بن نوح) وذريته بالسيادة العالمية، وبين وعده لإبراهيم وبنو إسرا ئيل من ذريته تحديداً بالأرض من النيل إلى الفرات.
يوم القيامة العودة وإقامة الدولة في فلسطين
كان المتأخرين من الي هود ينكرون المعاني الصحيحة لليوم الآخر وأصبحوا يرون أن الموت هو خاتمة كل شيء، ومع توالي المحن والابتلاءات وخاصة السبي البابلي الذي لحق بهم نتيجة معاصيهم، "نشأ الوعي الأخروي عندهم من جديد، وتحولت أسس عقيدة الي هود وتصورها الميتافيزيقي عن نهاية العالم والأخرويان، وقد تبلور وعيهم الأخروي في خطين عريضين:
خط يرى الآخرة كعودة إلى أورشليم الجغرافية وإقامة المملكة الداودية السياسية فيها على يد مخلص يلم شتات الي هود العنصري (وهذه هي الصهيونية)، وخط يرى الآخرة كبعث شخصي ومحاكمة شخصية عن الأعمال في الدنيا ثم الإحالة إلى ملكوت الله. فالخطان إذن خط مادي عنصري جغرافي شعبي، وخط روحاني شخصي ديني".
ترى أسفارهم أن يوم القيامة هو يوم عودة (شعب الله المخت ار) إلى (أرض الميع اد) فلسطين، وإقامة (الدولة الي هودية) حيث يتم لهم السيطرة على العالم وسحق قوة (الجو ييم)! تقول "الموسوعة العبرية" أمام كلمة "الإيمان بالأخرويات":
"إن تحطيم جيوش يأجوج ومأجوج لا يعني كما قال (ويبر) خطأ إبادة عالم (الجو ييم) عند انتهاء عهد المسيح المنتظر، بل إفناء كل سلطة وبلد تُعارض مُلك (يه وه) وتحقيق عهد المسيح المنتظر والشعوب التي ستخضع عندئذ للشريعة ستبقى على قيد الحياة.. وهكذا "يكون في كل الأرض يقول الرب أن ثلثين منها ينقرضان ويضمحلان والثلث يُستبقى فيها" (زكريا 13: 8) أما الأرض المقدسة نفسها (فلسطين) فلن يسكن فيها أحد من الغرباء"! ولذلك سنوا قانون (القومية الي هودية) عام 2017، الذي يعني العمل على نقاء الكيان الصهيوني من غير الي هود، تمهيداً لتطرد الفلسطينيين الذين بقوا في ديارهم بعد النكبة عام 1948! (المؤامرة على تقليل سكان العالم)!
يقول الدكتور (محمد الزعبي): إن كانت الآخرة والقيامة والبعث في الإيمان الي هودي "لا تعني إلا قيام دولتهم، والبعث لا يعني إلا بعثها من رقادها، وليست الجنة إلا مدخلاً لرؤيته، وأما ثمار الجنة فهي استئثار بديار العالم كله وأمواله وكنوزه". فإن الحساب في العقيدة الي هودية هو أن "تحاسب إسرا ئيل بصفتها دولة، جميع الذين سلبوا مالها وأرضها. إذ جميع المال لله وقد وهبه لـ(شعبه المخت ار)، وكل الأرض لله وقد وهبها لهذا الشعب، أما بقية البشر فحيوانات ناطقة خلقها الله لخدمة المختارين، والمخلوقين للخدمة ليسوا جديرين بالتملك".
ويجمع كل الي هود المنفيين والمشتتين في كل أصقاع الأرض في فلسطين، فالمتأمل لمضمون أسفاره بحسب المفهوم الفر يسي الصهيوني يجد أن: ـ"كل كتبهم تنبأت بقيام مملكة (يه وه) حيث يسيطر الي هود على شؤون العالم (ويرثون الأمم)" إلى أن يقول (إشعيا: 60/20-21): "لا تغرب شمسك عن قمرك ولا نقص لأن الرب يكون لك نوراً أبدياً وتكون أيام مناحتك قد انقضت ويكون شعبك كلهم صديقين وإلى الأبد يرثون الأرض"!
تلك عقيدة يوم القيامة واليوم الآخر وكلما تصاعد علوهم وإفسادهم في الأرض، والأرض هنا كل الأرض، وفلسطين والقدس هو مركز العلو، كلما سارعوا الخطى لمحاولة فرض سيادتهم الكاملة على المسجد الأقصى لهدمه وبناء (هيكل هم) المزعوم، لأنه رمز سيادتهم العالمية ...
-
باحث في علم الاجتماع
معلومات بعضها قد لا تكون قرأته من قبل، نص محاضرة سألقيها غداً في أحد مراكز الدراسات! (3)
في ذكرى الإسراء والمعراج:
محاولة لفهم معاصر لأبعاد الصراع عالمياً
مصطفى إنشاصي
تقديس (الهيكل) رمز السيادة العالمية
هناك شبه اتفاق عند معظم المهتمين بتاريخ اليهود بأن التحول الذي حدث في عقيدة اليهود نحو تقديس ما يزعمون أنه (هيكل) سليمان قد حدث في المنفى البابلي، لذلك لا بد من إعادة بناء (الهيكل) المزعوم، وإقامة كرسي العرش الذي سيجلس عليه ملك من نسل داود ويحكم العالم، ويجمع كل اليهود المنفيين والمشتتين في كل أصقاع الأرض في فلسطين. ومسيح اليهود الذي سيأتي آخر الزمان ويكون ملكاً للعالم يمتد سلطانه – كما تذكر التوراة ـ ليغطي كل الكرة الأرضية من أقصاها إلى أقصاها، وهو ليس شخصاً بعينه ولكنه رمز للسيادة والسلطان لليهود الذي يكون مركزه القدس، حيث جاء في (المزمور 68/29): "مِنْ هَيْكَلِكَ فَوْقَ أُورُشَلِيمَ، لَكَ تُقَدِّمُ مُلُوكٌ هَدَايَا". أي تقدم فروض الولاء والطاعة والخضوع للسيد الكون
ومسيحهم ملك وليس نبي
ومسيح اليهود الذي سيأتي آخر الزمان غير عيسى المسيح عليه السلام، "إنما هو ملك وليس نبياً. ملكاً فاتحاً من نسل داود يسمونه ابن الله. والمنقذ الذي يعيد مجد إسرائيل ويجمع شتات اليهود في فلسطين". ويمتد سلطانه ليغطي كل الكرة الأرضية من أقصاها إلى أقصاها، جاء في (إشعيا: 9/ 6 - 7).): "6لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ. 7لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا"!
ومن أجل تحقيق ذلك عمد كتبة التوراة إلى تحريف بشارات الأنبياء السابقين عن مبعث عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، "وحصروها في مخلص ومنقذ ينتشلهم من هذه الوهدة ويضعهم في المكانة التي أرادوها، وأطلقوا على هذا المخلص (المسيح المنتظر)، ووصفوه بأنه رسول السماء، والقائد الذي سينال الشعب المختار بهديه وإرشاده ما يستحقه من سيادة وسؤدد، وهو ليس إنساناً عادياً بل هو إنسان سماوي، وأنه يبقى في السماء حتى تحين ساعة إرساله وعندما يُرسله الله يمنحه قوته، وهو يحمل لقب (ابن الإنسان) أي إنه سيظهر في صورة إنسان".
اليهودية منهج حياة من غير عقيدة عبادة
لقد جعل مؤسسي اليهودية في بابل اليهودية منهج حياة من غير عقيدة عبادة، وأن الموت هو خاتمة كل شيء ورد في (سفر الجامعة: 3/19 – 22): "فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ، لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ، وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا. 21مَنْ يَعْلَمُ رُوحَ بَنِي الْبَشَرِ هَلْ هِيَ تَصْعَدُ إِلَى فَوْق؟ وَرُوحَ الْبَهِيمَةِ هَلْ هِيَ تَنْزِلُ إِلَى أَسْفَلَ، إِلَى الأَرْضِ؟ 22فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لاَ شَيْءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَفْرَحَ الإِنْسَانُ بِأَعْمَالِهِ، لأَنَّ ذلِكَ نَصِيبَهُ. لأَنَّهُ مَنْ يَأْتِي بِهِ لِيَرَى مَا سَيَكُونُ بَعْدَهُ؟"
وقد أقر الدكتور اليهودي الإنجليزي المتعصب ليهوديته التي يعتبرها أصل كل أديان العالم، (هربرت لوي) في كتاب "أديان العالم الكبرى" أن اليهودية ليست بحاجه الي عقيدة إيمان بغض النظر عن العالم الآتي: "وهذا هو الفارق البارز بين اليهودية والمسيحية. فمجال اليهودية ليس فيما وراء هذا العالم، أي عالم الروح، الذي لن يقدر الإنسان العائش هنا على الأرض أن يدركه. أما رجاء القيامة ورجاء الخلود، اللذان تعرفهما كل قبائل الشعوب القديمة وكافة العقائد، في وضع ما من أوضاعهما، وتحسبهما ضرورتين لازمتين، فالظاهر أنهما انسابتا إلى اليهودية من عقائد دخيلة، وربما أخذت رجاء القيامة عن الفرس أو بابل، ورجاء الخلود عن الإغريق. ولا سند لأيهما في اليهودية بالذات. أما غرضهما الأوحد فهو أن تجعل هذا العالم الحاضر ملكوتاً إلهياً قائماً على الحق والبر. وفي هذه تتميز نزعتها العقلية والأخلاقية العملية". ويضيف هنا في الهامش تحت رقم (1): "ليست اليهودية عقيدة أو نظاماً من العقائد يتوقف مع قبولها الفداء. أو الخلاص في المستقبل. ولكنها نظام للسلوك البشري وناموس البر الذي يحتم على الإنسان اتباعه". (عن كوهلر - في دائرة المعارف العبرية)
إذن في السبي البابلي وضعت أكبر وأخطر مؤامرة في التاريخ ضد البشرية جمعاء، وقد كان أخطر ما فيها ما أصبح مُسلَمَة دينية وتاريخية وأنثروبولوجية و... وهي كذبة أن أصل الأجناس البشرية التي تعيش على وجه الكرة الأرضية يعود إلى ذرية نبي الله نوح عليه السلام بعد الطوفان، وخرافة السامية والعهد لنوح وذريته الذي اختزل في سام بالسيادة العالمية، والوعد لإبراهيم عليه السلام وذريته الذي اختزل في بني إسرائيل بـ(الأرض المختارة الموعودة) فلسطين، و...
-
باحث في علم الاجتماع
معلومات بعضها قد لا تكون قرأته من قبل، نص محاضرة تم إلقاءها في أحد مراكز الدراسات (الأخيرة)!
في ذكرى الإسراء والمعراج:
محاولة لفهم معاصر لأبعاد الصراع عالمياً
مصطفى إنشاصي
المسلمون تاريخاً وحاضراً غفلوا عن اعطاء الله تعالى لبني إسرائيل واليهود في القصص القرآني كل تلك المساحة الواسعة التي لم يحظى بها غيرهم من الأقوام ولا الإمبراطوريات، على قلة حجمهم وتأثيرهم الظاهر في التاريخ والحضارة الإنسانية! اليوم وبعد أن تبين مدى تأثير اليهود في خراب العالم علينا أن ندرك أن الله تعالى أراد أن يلفت انتباهنا لـ"فهم موقع بني إسرائيل من التاريخ، وعظم دورهم في صناعة أحداثه وتكوينه ومساره، وفي إدراك جسامة آثارهم في وعي البشر وأذهانهم ونفوسهم، وفي حياتهم ومجتمعهم ... إدراك أن نداء الله عز وجل وخطابه لبني إسرائيل، وأن ما يخبرنا به عنهم، هو لهم وفيهم إلى يوم القيامة يفتح آيات القرآن ويفجر ينابيعها، ويجعل ميدان عملها ومجال فهمها وتفسيرها العالم كله والتاريخ بطوله"!
محاولة لفهم الواقع في ضوء الآيات الأولى في سورة الإسراء
قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا. وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) (الإسراء: 1 – 4).
منذ عقود وقرون كل عام نحيي ذكرى الإسراء والمعراج ونعيد قراءة المقروء وكتابة المكتوب، ولم نلتفت إلى الترتيب الإلهي للآيات الأولى في سورة الإسراء، لأنه بكل تأكيد أن الله لم يضعهما في هذا الموضع عشوائياً تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وإنما ليلفت انتباه المسلمين إلى العلاقة العميقة دينياً وتاريخياً وواقعياً عندما يحدث الإفساد، بين العلو والإفساد وبين ادعاء اليهود أنهم أتباع موسى عليه السلام، وأن الله (فضلهم على العالمين)، وأنهم (شعبه المختار) وأنهم ورثة العهد بالبركة الذي أعطي لنوح عليه السلام وتم اختزاله في (سام بن نوح) وذريته ... وبقية المنظومة التوراتية التي من خلال تحويلها عقيدة لدى النصارى ومنظومة معرفية للعالم في مجالات علمية عدة ما كانوا بلغوا ما هم عليه الآن!
باختصار: ألا يمكن أن تكون هذه رؤية قرآنية وعالمية كان علينا الانتباه لها وعولمتها، وتوحيد كل قوى الخير والإنسانية معنا ضد مخططات اليهود للسيطرة على العالم وفرض سيادتهم عليه؟! خاصة وأن رحلة الإسراء والمعراج كانت بشرى من الله لرسوله صلَ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأمته إلى يوم الدين، حيث أنها:
أكدت على وحدة العقيدة والجغرافيا بين نقطة الانطلاق (المسجد الحرام) ونقطة الوصول قبل العروج (المسجد اﻷقصى)، بين مركز الأرض وبوابة السماء!
أكدت على وحدة رسالات الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وأحادية الدين السماوي الإسلام وليس (الأديان السماوية)، بإمامة النبي محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لجميع الأنبياء والرسل، وتأكيد على هوية الورثة لإرثهم جميعا لا يشاركهم فيه أحد، قال تعالى: (وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلاً) .. لكنهم ظلموا أنفسهم واتخذوا من دونه وكلاء وليس وكيلاً واحداً!
كما أنها أكدت على وحدة الأصل البشري من كل سلالة أبينا آدم عليه السلام ورفض اختزاله في عرق خرافة وأسطورة، رفضا لنهج الاستئصال والإبادة الجماعية للجنس البشري (كذبة السامية)، قال تعالى: (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا) ذرية من حملنا مع نوح وليس ذرية نوح، التي اختزلت في كذبة أن البركة أعطيت لـ(سام بن نوح) وذريته، التي اختزلت في اليهود فقط!
والبشرى الدائمة المستمرة بإسلامية الأرض المباركة، وأنها لا يعمر فيها الظالمين مهما طال احتلاله لها، قال تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل لتفسدن في الأرض مرتين ...)، وأيا كان رقم الإفساد هذه المرة فيشمله قوله تعالى: (وإن عدتم عدنا)!
وربط كل ذلك بالتصعيد الصهيوني وتسريع الخطى لفرض (السيادة اليهودية) على الأقصى تمهيداً لهدمه وإعادة (بناء الهيكل المزعوم)، وبين ما يحدث في العالم ومحاولات تقليل عدد سكانه إلى المليار الذهبي أو أقصاه أن يكون ثلاثة مليارات!
أدرك كم هو عجز فصائلنا، قيل أنظمتنا، عن الوحدة تحت راية واحدة، فأنى لهم أن يجمعوا قوى الخير في العالم وتوحيدها خلف الأمة ضد عدو الإنسانية جمعاء، واقتلاعه من فلسطيننا، لكنها بذرة نزرعها لجيل أكثر نقاءاً وإخلاصاً لله، وأعظم همة من جيل العجزة القائم اليوم ...
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى