-
حقبة ساقطة من عهد الملك فيصل
الكثير من المؤرخين السوريين كتبوا بإسهاب عن العهد الفيصلي في سورية، مُتجاهلين المرحلة العراقية بالكامل ومُعتبرين أنها لا تتعدى جائزة ترضية أُعطيت للملك فيصل الأول من قبل الحكومة البريطانية لتعويضه عن عرشه المسلوب في الشّام. والعكس كان صحيحاً بالنسبة إلى معظم المؤرخين العراقيين، ولكن ما بين العرشين، السوري والعراقي، حُقبة زمنية مُهمة في تاريخ فيصل والمنطقة، سقطت من مُعظم تلك الكتب والدراسات.
من المفيد العودة إليها اليوم في الذكرى الواحدة بعد المئة لسقوط الحكم الهاشمي في سورية وخروج الملك فيصل من دمشق مهزوماً مكسوراً إلى منفى قسري، مفتوح ومجهول، تنقل فيه بين فلسطين ومصر والنمسا وألمانيا ولندن والحجاز، وصولاً إلى العراق.
—.
بحث جديد بعنوان "بين القصرين" نُشر في العدد 507 من مجلّة المُستقبل العربي المُحكمة، الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.
رابط البحث الكامل موجود في التعليق الأول
#سامي_مروان_مبيض #مركز_دراسات_الوحدة_العربية #الملك_فيصل #العراق #سورية #بغداد #دمشق
-
-
تناقلت الشفاه عبر الأجيال رواية عن إستقبال الدمشقين لغورو إستقبال الفاتحين وجر عربته (شخصيا أتحفظ على كلمة دمشقين ودون تأكيد أو نفي صحة الرواية أستخدم بعض الدمشقين أو الغوغاء من سكان دمشق)، وهي رواية حاول الكثيرون نفيها ولكنهم لم يقطعوا بذلك، بالمقابل لم يتم تأكيدها أو التأكد من صحتها.
هذا الأمر لفت إنتباهي كثيرا وخاصة بأن فترة الحكم الفيصلي القصيرة كانت مأساة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى على سوريا بشكل عام وعلى المدن الداخلية السورية بشكل خاص ومنها دمشق طبعا، حيث أن النخبة الدمشقية العليا نظرت لفيصل بأنه بدوي يلتف حوله مجموعة من الضباط (أغلبهم عراقي) لا يمتون بصلة لدمشق، أما عن العامة فقد تأثرت كثيرا بالأوضاع الإقتصادية السيئة، لذا لا أستغرب أبدا قيام بعض الدمشقين بالترحاب لنهاية العهد الفيصلي، وقيام عبد الرحمن باشا اليوسف (الزعيم الأهم في دمشق بعد وفاة محمد فوزي باشا العظم) بالتحالف مع سلطة الإنتداب.
فيما يلي النص المنقول حرفيا من كتاب " تطور المجتمع السوري 1831 -2011 للباحث نشوان الأتاسي ص 64 - 65
" على الطرف الأخر، كان الهم الأول لأبرز الأعيان الدمشقين مثل محمد فوزي العظم وعبد الرحمن اليوسف وسامي مردم بك وعطا الأيوبي ومحمد عارف القوتلي ومحمد علي العابد وبديع المؤيد العظم. هو الحفاظ على الهدوء والسلام في دمشق بأي ثمن كان، لكي يعيدوا تثبيت أقدامهم في أمكنتهم التقليدية كأرستقراطية في الخدمة، إستمرارا لدورهم التاريخي، ومع أنهم لم يتأثروا بالعروبة على الإطلاق، ولكن موت العثمانوية دفعهم لإظهار نوع من الإحترام للعروبة شكليا على الأقل، لكنهم لم يظهروا تسامحا تجاه القوى السياسية التي تدير بشكل مباشر حركة القومية العربية التي تهدد نفوذهم ووجدوا أنفسهم للمرة الأولى محاصرين ضمن نطاق دور الأقلية لجماعة المعارضة في مدينتهم نفسها، لذلك بدأ وجهاء عديدون يسعون إلى دعم ضابط الإتصال الفرنسي في دمشق وحمايته بإنتظار أن يغرق فيصل أكثر فأكثر في رمال القومية المتحركة، وإذا تم ذلك فلن يبقى من خيار أمامه سوى الطلب إليهم العمل كقوة موازية للفئات المتأصلة التي كانت تدفع الأمير إلى إتخاذ مواقف سياسية راديكالية وغير مريحة على الإطلاق.
لهذه الأسباب، فقد كانت جهود فيصل لبناء حكم عربي ممركز في دمشق ومرتبط بمبدأ القومية محكوما عليها بالفشل منذ البداية، إذا أضفنا إلى هذه الأسباب الواقع الإقتصادي في البلاد والدمار الذي حل بها بسبب الحرب والإنقطاع الحاد في التوزيع الزراعي، والمجاعة التي أصابت البلاد نتيجة سوء التخزين والإستغلال والفساد، وتدهور الإنتاج الصناعي المحلي الذي كان قد بدأ يتقلص فعلا منذ منتصف القرن التاسع عشر، كما كان النظام النقدي والمصرفي في حالة إنهيار تام تقريبا، نتيجة لتخزين الذهب فقد هبطت قيمة الليرة التركية إلى أقل من النصف خلال الشهرين الأولين من حكم الأمير وسرعان ما إستبدل بها الجنيه المصري الذهب، أضف إلى كل ذلك إنقطاع شبكة الإتصالات السورية خلال الحرب، فالقطارات لم تعد تعمل بشكل منتظم وأصيبت شبكة الطرق بقصور حاد هي الأخرى.
كذلك هدد تقسم سوريا الكبرى إلى ثلاث مناطق يسيطر الفرنسيون والبريطانيون على الأجزاء الساحلية منها، بأن يؤدي إلى خنق أراضي الدولة العربية الداخلية، فقد شعرت مدن الداخل التي تشكل العمود الفقري لإمارة فيصل (دمشق وحمص وحماة وحلب) بتزايد إنقطاعها عن موانئ شرق المتوسط وخصوصا الإسكندرون وطرابلس وبيرت وحيفا الأمر الذي جعل الدولة العربية الوليدة في وضع إقتصادي أقل إمتيازا بكثير مما كانت فيه"
محمد سيمضاهر
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى