عبد الستار قاسم
فلسطين أرض وقف إسلامي، وكذلك كل أرض الشام وفق ما قرره الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب في العهدة العمرية التي كتبها أثناء وجوده في مدينة القدس التي كانت تسمى حينئذ إيلياء عندما جاء فاتحا ليتسلم مفاتيح المدينة من كبير أساقفتها سنة 15 هجرية. تغير وتبدل اسم المدينة عدة مرات تبعا للحقب التاريخية التي مرت بها. أسسها الكنعانيون وأسموها أورسالم، أي مدينة السلام، وأسماها الأموريون منورتا واسماها الآراميون يبوس، أما العبرانيون فأسموها أورشاليم وهو الإسم المحرف عن الأصل الكنعاني، ومدينة داود، وأسماها اليونان سوليمووس وإيلاء. وأسماها المسلمون القدس من حيث قدسيتها وفق القرآن الكريم وإقامة الخليفة عمر فيها مؤقتا.
وقد بارك الله سبحانه القدس وأكنافها التي يفسرها بعضهم على أنها كل بلاد الشام من أنطاكيا حتى العقبة. قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا.... "
في القدس كتب الخليفة عمر بن الخطاب العهدة العمرية التي حرمت على اليهود العيش في الأرض المقدسة، وقدم للمسيحيين الأمان على أموالهم وأنفسهم ودينهم. وللذين لا يدرون عن العهدة العمرية، ولا يتابعون تاريخ بلاد الشام عموما وفلسطين خصوصا، أنشر هنا نص هذه العهدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان. أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وسقيمها، وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم ولا يُنتقض منها، ولا من حيزها ولا من صلبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يعطوا كما بعطي أهل المدائن وعليهم أن يُخرجوا منها الروم اللصوت ( اللصوص) فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم ومن كان بها من أهل الأرض فمن شاء منهم قعد ، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يُحصد حصادهم. وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
شهد على ذلك
خالد بن الوليد
عبد الرحمن بن عوف
عمرو بن العاص
معاوية بن أبي سفيان
سنة 15 للهجرة
خان العرب المسلمون هذه العهدة، ونقضوا عهد عمر بن الخطاب وعهد الله وعهد رسوله وعهد المؤمنين. مصر كانت البداية بقيادة محمد أنور السادات الذي اعترف بالكيان الصهيوني وأقام علاقات اعتيادية معه. ثم تبعت منظمة التحرير الفلسطينية التي غدرت الخليفة ونقضت عهد المؤمنين وخانت الشعب الفلسطيني، وتبعت الأسرة الهاشمية في الأردن التي تقول إنها وريثة الرسول عليه الصلاة والسلام وراعية المسجد الأقصى المبارك. وتبع مؤخرا حكام الإمارات العربية والبحرين. ويبدو أن آخرين سيلحقون.
لا عهد لحكام العرب ولا ذمة ولا ميثاق. نرجو الله أن يريح الأمة منهم.