لم تكن أم كلثوم ملكة جمال، ولم تكن خليعةً أو متهتكة .. هذا معروف تماماً ... لكن المعروف أيضاً أنها عرفت كيف تستغل إقبال بعض المبدعين على الزواج منها، أو خطب ودّها، أفضلَ استثمارٍ ممكن .. لصالحها طبعاً .. لم تكن تمنّيهم أو تَعِدُهم بشيء أبداً .. على الإطلاق .. كل ما فعلته أنها حافظت على التعامل معهم ضمن حدودٍ تتراوح بين الصداقة والعمل .. ولا شيء أكثر من ذلك .. في حين ظلّت خيالاتُهم وأحلامُهم تتمنى منها ولو كلمة أكثر لطفاً بأقل من القليل .. ولم يحصل أحدٌ منهم على شيءٍ من ذلك .. أبداً .... يبدو أن الشرق مُبتلى بقصص الحب المريضة منذ زمنٍ بعيد .. إنْ لم يُصادفها في حياته، اخترعها اختراعاً .. ثم بنى كيانه العاطفي على أساسها ... ومن شواهد ذلك .. عجائب ..
روى لي صديقي محمود الحموي (أبو شريف) .. نقلاً عن المرحوم الفنان محمد عبد الكريم .. ولِمَن لا يعرف فالمذكور كان شهيراً بلقب: أمير البُزُق .. لبراعته في العزف على الآلة المذكورة .. أنه كان ينزل على درج الإذاعة بصحبة الشاعر أحمد رامي، فالتقيا بأم كلثوم تصعد الدرج .. سلّمت عليهما وتابعت طريقها .. فتوقف أحمد رامي .. سأله محمد عبد الكريم: ما لك واقف؟! .. لِمَ لا تنزل؟ ... أجابه الشاعر المتيّم: (إزاي عايزني أنزل و روحي بتطلع؟!).
ولمّا تزوجت أم كلثوم من محمود الشريف .. (زواجاً قصير المدة انتهى بالطلاق) ... لم يتحمّل أحمد القصبجي ... ذهب لعندهما وفي يده مسدس .. تصوروا ! .. موسيقي فنان مرهف الشعور يحمل مسدساً ... دخل عليهما ويده وراء ظهره .. سألته أم كلثوم: (إيه اللي في إيدك يا قصب؟) .. فوقع المسدس من يده .. ثم غادر مسرعاً ... ويُقال أن أحمد رامي، عندما سمع بالخبر .. نزل من بيته وركب الترام وهو بالبيجاما .. والقصص كثيرة .. فهنالك مَن قبّل يدها وهي على المسرح .. بل إن هنالك مَن حاول تقبيل رجلها ...
وبما أنه: (مَن تضعضعَ لصاحب مال، ذهبَ ثلثا دِينه) ... فإن ذلك يمكن قياسه ـ فيما أرى ـ على مَن تضعضعَ لامرأة ... جميلةً كانت، أو مرغوبةً لسببٍ آخر؛ كالموهبة أو الصوت الجميل .. أو لمجرد أنها تتقن فن التمنُّع ممزوجاً بمهارة مسك العصا من الوسط وموازنتها كيف تشاء ... ألا وإن الحب ـ كالمال ـ شكلٌ من أشكال الرزق ... والصحيح أن نطلب الرزق بعز الأنفس .. لا بِذُلِّها .
#Shamel_Safar