مازلنا مع طواحين النار، تلك النار التي تطحن الناس طحنا فتشردهم من حيث كانوا متمسكين بأرضهم وحياتهم...
تظهر لنا في الصفحة فاطمة وزوجها أبو محمود، وحديث عن خيانة الزراد لبلاده، وفي الصفحة 15 جرى بعض وصف للهزيمة، -مشاعر حالكة كالحبر الأسود-.
كان على المؤلف الاسترسال فيها، أكثر من الطروف الاجتماعية، ويدخل زكاري النجار النصراني المسيحي السرياني وزوجته مريم وعبارة يقولها لأبو محمود ملفتة: سأظل ابن هذه الأرض وابتعادي عنها ، أفضل من أخذها مني وأنا فوقها.. ص 23
ظن أن..وليس ظن إن أبناء هذه الأرض.
وتظهر لنا جملة مهمة جدا من زكاري:
أرأيت الرجال الذين فتحوا باب الحراسة ؟، أنا أعرفهم ، إنهم أرمن ، وهم يظنون أنهم بمساعدتهم للغرباء ، فإنما يعملون للمسيح... ص 24
جملة إنشائية معبرة: كانت الدنيا مازالت تضحك لي مخفية أظافرها الحادة تحت طلاوة أيام الشباب.
ونستمر في المتابعة، وقد وصل إلينا انطباعا عن لغة رصينة معبرة ، وألفاظها مختارة بعناية.
مثل ما جذتنا العبارة: كنت قرات كتبا ومخطوطات من الكثرة والأهمية، بحيث تكفي لتثقيف خمسة شباب مجتمعين من شباب غرناطة...ص 32 ، والسؤال هنا: كيف فتنته الفتاة بنت التاجر اليهودي المهاجر لغرناطة لمضايقات جنود البيزنطيين، وهزته ؟، وبرغم نصح من حوله مع إخوته ومنهم عبد الله وعبد الجبار؟.
ويذكر معلمه : ابو عبد الله حيان بن العلام البغدادي الذي يقرا المترجمات وباللغات الستى في عصره.[1]
وينصح فتاه المستنصح: العشق عدو العقل دائما.
يسرم لنا المؤلف وصول محمود لحلب وعمله مع عمه!، أليسوا من المهاجرين إلى غرناطة؟.
يمر ذكر القائد كربوغا للمرة الثانية:[2]وعجزه عن تحمل تصرفات أمير الموصل، والوضع السيء هناك.
محمود يرحل من غرناطة..وتطالعنا عبارة ابن العبرب في تاريخ مختصر الدول: ولبث الفرنج في البلد أسبوعا يقتلون فيه المسلمين، وقتل بالمسجد الأقصى مايزيد عن سعبين ألفا. ص 60.
إنه فتيل البحث عن مجريات التاريخ الحقيقي، لكنه ليس سردا تاريخيا بحال، بل كان يمر من خلال الأبطال شفافا، كرؤوس الأقلام...
يتبع
[1] ابن ملكا البغدادي (480-560هـ / 1087 -1165م) أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البغدادي، طبيب وفيلسوف اشتهر في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي. لقب بأوحد الزمان، وعرفه عامة الناس باسم البلدي. ولد ونشأ بالبصرة، ثم سافر إلى بغداد وعمل في قصور الخليفتين العباسيين المقتدي، والمستنصر، وحظي بمكانة عظيمة، حتى لقب بفيلسوف العراقيين في عصره.
[2] الأمير قوام الدين أبو سعيد كربوغا بن عبد الله الجلالي هو أمير تركماني من مماليك السلطان السلجوقي ملكشاه بن ألب أرسلان، من قادة حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين. كان أميرًا للموصل، وتولى تربية عماد الدين زنكي وتعليمه فنون الفروسية والقيادة والقتال.