نزيه شيخ السروجية
الشام ولعنة الجغرافيا
اعادة لما نشرته سابقاً وأكثر من مرّة فربما نجد أذناً صاغية
في الأعادة إفادة
في هذه الأيام هُنّا على أنفسنا فتكالب علينا جميع المجرمين وشذاذ الأفاق وصائدو الثروات
اشتم المجرمون روائح الغاز من بحرنا ورائحة النفط من شمالنا والشمال الشرقي فصرنا حقل رمي لجميع اسلحتهم القذرة وليس ذلك علينا بجديد ..
تابعو معي ما يلي فربما استقينا أجوبة من التاريخ و...((الجغرافيا)):
سأعيد ما نشرته سابقاً عن الشام والجغرافية الظالمة في 20 يونيو، 2014 وهي ثلاثة أقسام
تحدثنا كثيراً عن التاريخ بوجهيه المشرق والأسود وسأنقل لكم شيئاً عن الجغرافيا
************** الشام ولعنة الجغرافيا (القسم الأول)*************
((أستغرب عندما يكتب البعض ويتحدث أن الأسلام لم يقدم شيئاً للأنسانية وإنه كان
مجرد ناقل للحضارات التي قبلة.. ويتغنى بالتقدم الغربي ...! وأعلم إن من يقول ذلك لم يقرأ التاريخ ولم يعرف شيئاً عن الجغرافيا ..
لا أريد أن أتحدث عما قدمته الحضارة الأسلامية فالمراجع كثيرة وما قدم كان كثيراً جداً ..ومن يقول لي لماذا الغرب متقدم وغني ونحن متأخرين فقراء... أرجع وأقول أدرس التاريخ والجغرافيا وأعلم إن التقدم الغربي منذ الثورة الصناعية الى الآن هي مدة قصيرة من حيث الزمن فأرجع الى التاريخ وقارن .
وما تعرضت له الحضارة الأسلامية من تكالب الشرق والغرب (التتار والمغول من جهة والصليبيين من جهة أُخرى ) ...
والتمزق بين عربي وأعجمي وظهور الشعوبية والخوارج والتشيع والتعصب ومن يغذيه والحروب وغير ذلك سأتحدث عنة لاحقاً .
ولقد سيق العلماء والفقهاء وأرباب الحرف والأعمال والصناع والبنائين وكل صاحب فكر أو عمل الى خارج البلاد مرتين . ...!!!
مرة مع تيمورلنك ومرة أُخرى مع السلطان سليم حيث أُستغلو لبناء سمرقند واسطنبول فأية خسارة بعد تهجير العقول والحرفيين وذلك بعد تخريب البلدان والحرق والدمار..فهل حدث ذلك مع الأمم الأُخرى..
وقد يسأل أحدكم التاريخ فهمناه .. وما علاقة الجغرافيا ...؟ سأقول لكم فأسمعوا :
*********************الجغرافيا الظالمة **************
لعنة بلاد الشام وحظها الأسود هي الجغرافيا الظالمة التي مزقتها الى جبال ووديان وبلدات صغيرة لم تمكنها أبداً من تشكيل دولة موحدة كبيرة بينما كانت الجغرافيا أكثر من كريمة مع ثلاث أقاليم محيطة بها هي (الأناضول ومصر وفارس ) فكانت نقطة الصراع بينهم وكان من يدفع ثمن تمزقه الجغرافي والثقافي وعجزه عن تشكيل دولة كبيرة موحدة هو الشام .
المرّة الوحيدة التي أستطاعت الشام أن تثأر لعجزها الجغرافي وتمزقها الثقافي كانت في الفترة الأموية حين شكلت تلك الأمبراطورية الرائعة التي أمتد نفوذها من الهند وحتى جنوب فرنسا .
وسرعان ما عوقبت الشام عليها عقوبة مروعة حين أسقطت الدولة الأموية وأنتُقم منها ثم من الشام .
حين همشت الشام تهميشاً مروعاً لعدة قرون حتى عاد بها نور الدين محمود زنكي الى النور ومن بعدة صلاح الدين الأيوبي...
ثم عادت الى التبعية المروعة لواحد من الأقليمين الكبيرين مصر والأناضول
ولنعد الى التاريخ الأناضول سيطرت على الشام في العهد الحثي فكان لا بد من اصطدامها بمصر ومتابع التاريخ يعرف التفاصيل ولكن الروائي والشاعر فقط يستطيع تخيل الخراب والحرائق والقتل والسبي والنهب الذي حاق بضحايا الجغرافيا الممزقة .
ومضى الحثيون وجاء المقدونيون ثم اللاتين ثم الروم البيزنطيون روما الشرقية فحكمت المنطقة كلها وحكمت مصر وشمالي أفريقيا وكان الصراع هذه المرة مع فارس وكان الضحايا هذه المرة كما في كل الحروب الأقليمية هم الشاميوّن القتل والغصب والحريق والنهب والسبي .
وجاءت المسيحية وهي دين غريب عن الأديان السابقة كلها فلم تكن ديناً متعبداً للملك والسلطان الأرضي بل كانت ديناً شعبياً سئم القياصرة والحكام مطلقي الصلاحية ...ديناً يقول (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله. ومن صفعك على خدك الأيمن أدر له الأيسر ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ....)
وضاقت روما بهذا الدين المفتت لوحدة الدولة ، فحاربته ولكن الناس المهزومين الضائعين العاجزين أمام الجبروت اللاتيني المرعب وجدوا خلاصهم في هذه العلاقة مع السماء فأمعنوا في تّدينهم في الدين الجديد ولكن بيزنطة كانت أذكى من الأستسلام فتبنت الدين الجديد ولكن الشام الممزقة جغرافياً وثقافياً وهي التي أطلقت هذا الدين الضمير لا دين المؤسسات سرعان ما أطلقت عدداً من الفرق والمذاهب المسيحية
(( النسطورية ، الأريوسية ،الأبيونية ، المرقيونية ، وأهمها اليعقوبية التي ستسيطر على الشام ومصر تحت أسم الدينين الوطنيين السريانية والقبطية))
وقامت روما بإعادة تشكيل مؤسسة الدين اليصبح ديناً دولياً فعقدت مجمع نيقيا لتوحيد الرأي حول المختلف عليه في الدين ولكن الشاميين رفضوا التخلي عن رؤياهم للدين الذي نشأ في أحضانهم والأنضواء تحت وحدة الدين ـ الدولة وقامت الثورات والصراعات فعقدت روما الشرقية مجمعاً ثانياً هو مجمع خلقيدونيا ..
وبعده أنقسمت المسيحية الى مرحلتين :
ـ الخلقدونية التي دان بها الأناضوليون وأوربا المسيحية وبعض الشام ... وبعض شمالي أفريقيا ......
ـ والمسيحية اللالخلقدونية والتي دان بها كثير من الشاميين تحت مسميات مذهبية مختلفة .
وفارس التي دان أكثر مسيحييها بالنسطورية ،وبدأت الثورات وأخمادها والحروب الفارسية مع بيزنطة وما جر هذا كله على الشام من قتل وحرق ونهب وغصب الى آخر ما يمكن أن تجره الحروب الطاحنة على الحياديين والمواطنين الأبرياء.
ووكانت الشام قد أحتقنت بالقبائل العربية (المتّشومة ) والتي تحضرت، أو مازالت على بداوتها ، وكانت الشام قد حاولت إقامة دولة شامية في تدمر بعد ثرائها المهول من تجارتها عبر الشرق والغرب ، ولكنها أخفقت تحت ضربات روما المدمّرة وكانت قد حاولت قبل تدمر مع مع الأنباط في مدائن صالح والبتراء وبصرى بعد ثرائها من تجارتها عبر الشرق والغرب ،ولكنها أخفقت تحت ضربات روما أيضاً .
ونتسائل أين أختفى الأنباط والتدمريون بعد سقوط دولتهم .؟ هل تسرب بعضهم الى الحجاز الى مكة .؟ ونسّابوا العرب يقولون عن قريش إنهم العرب المستعربة وكانوا يطلقون على من كان خارج الجزيرة العربية من العرب بالنبط .
ونتسائل : كيف أستطاع قصي بن كلاب أحد أجداد الرسول (ص) أن يؤلف قلوب البداة الغزاة ليسمحوا بمرور القوافل من اليمن والحبشة وفارس والشام والروم عبر أراضيهم لو لم يكن لديه سابق خبرة بهذا النوع من الإيلاف ـ الأتفاقية التي أخضع بها قبائل العرب العاصية للتنظيم الجديد ، هذا التنظيم الذي سيحدثنا عنه القرآن الكريم بقوله:
لإيلاف قريش ،إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف،
صدق الله العظيم.
وسنكمل القسم الثاني قريباً إن شاء الله