هناك تجربة شخصية لى فى النشر الورقى من ثلاثين سنة عندما كنت طالبا بدار المعلمين فقد كنت أراسل الكثير من الصحف والمجلات وأحيانا دور النشر كى تنشر المقالات أو الكتب التى أكتبها وأرسلت أكثر من ألفى خطاب ومع هذا لم ينشر أحد تلك المقالات أو الكتب فقررت أن أجرب النفاق بمدح رؤساء تحرير بعض الصحف كى أثبت لنفسى حقيقة أنه لا يمكن أن ينشر الحق فى هذه البلاد وبالفعل نجحت التجربة فى إثبات صحة رأيى ونشرت بعض المقالات لا تتعدى أصابع اليدين ولم اطلع عليها وأخبرنى بعض الأصدقاء أنها نشرت
بصراحة كنت فى نهاية العقد الثانى وكان الأهداف من الكتابة متعددة منها الشهرة والمال وبدلا من أن تأتينى ثروة من الكتابة فقدت ثروة فلو حسبت قيمة البريد والأوراق التى أنفقتها للكتابة والإرسال لكانت ثروة لم أتمكن من ادخارها فيما بعد أبدا
أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد أعطانى الله درسا بهذه الاخفاقات الألفية وهى أن العلم بمعناه الواسع ليس الهدف منه جمع مال ولا شهرة وإنما الهدف هو تعليم الناس الحلال والحرام والصواب والخطأ وأن العلم أى الأدب فى معتقدى لو نشر وأتى بنتائجه المرجوة فهو كفيل بإشباع حاجات الكاتب والقارىء فى كل المجالات المادية والمعنوية حسب التقسيم الشهير لأن دولة العدل والحق ستنشأ نتيجة ذلك العلم المنشوروالذى آمن به البعض ودافع عنه فنشأت دولة تكفل للكل إشباع حاجاتهم المباحة
النشر الإلكترونى والذى اتصلت به متأخرا منذ تسع سنوات هو أمر مفيد فلا أحد لا يملك مال يستطيع نشر كتاب ولا أحد لا ينافق ويمكن أن ينشر مقال إلا نادرا فكل المؤسسات التابعة لدول المنطقة وغيرها هى مؤسسات إما قائمة على جماعات نفعية يسمونها الشللية وإما قائمة على بث مقولات معينة يعتنقها النظام وتطالب بها الأجهزة الأمنية والسيادية وحتى المؤسسات الخاصة للنشر فهى مؤسسات تتبع مقولات معينة من يخرج عنها لا ينشر له
حكاية الربح المادى من أى نشر ورقى أو إلكترونى أعتقد بعد أن وصلت لنهاية العقد الخامس أنها تتعارض مع وجوب نشر العلم للناس ومن يكتم علمه فهو آثم
حياكم الله ودمتم بخير وعافية