أما النداهة فلمن لم يسمع بها هى امرأة أسطورية من الجانّ تتنصت على أى اثنين من الفلاحين يتفقان ليلا على القيام مبكرا قبل الفجر لسقى الأرض، فتذهب إلى أحدهما قبل الميعاد الذى ضربه مع رفيقه لتوقظه مصطنعة صوت ذلك الرفيق، وحينما ينزل إليها تأخذه فى الطريق إلى الحقل منفردة به وتقتله هناك أو تخبِّل عقله وتصيبه بالجنون. وبالمناسبة فقد ألف يوسف إدريس قصة بعنوان "النداهة" تقوم على إغواء أحد سكان عمارة من أهل المدينة لزوجة بوابها الريفية التى ظل يلح عليها بألوان الإغراءات المختلفة حتى أوقعها فى حبالته وأفسدها على زوجها، التى انتهى أمرها معه بأن تركت حجرة بئر السلم فى مدخل العمارة حيث كانت تعيش معه على الحلوة والمرة، وانطلقت إلى المجهول كما ينطلق الرجل الريفى مع النداهة إلى حيث الأذى الذى ليس منه اتقاء ولا شفاء.
والعجيب الغريب أن النداهة فى ذلك الصباح المبكر لم تصبنى بأى أذى، فهأنذا معكم "صاغ سليم" كما يقول العامة فى بلادنا المحروسة، ولم أُجَنّ، بل ما زال "عقلى فى راسى أعرف به خلاصى". ولكن ما وجه العجب فى هذا، والنداهة، كما هو معروف، لا توقظ الناس لصلاة الفجر، بل لا تنتظر أصلا حتى يؤذن الفجر بل تأتيهم قبل ذلك فى الظلام، وسائر أهل القرية نيام نيام؟ وأخيرا فقد يظن بعض القراء أن الفعل: "نَدَهَ"، الذى اشْتُقَّت منه كلمة "النداهة"، هو تحريف عامى للفعل: "نادَى" كما كنت أظن وأنا صغير. بيد أن "نَدَهَ" صيغة فعلية فصيحة صحيحة تماما، وتعنى شيئا قريبا من النداء. ومنه اشْتُقَّ اسم بعض أهل الريف: "المندوه"، أى الذى ندهته النداهة فيما أتصور. كفاكم الله، وكفانا معكم نحن والسامعين والقارئين، شرور النداهة! آمين
اعتبرجل ماورد هاما كضورة عن عالم الثقافة الان.
اولا هءلاء الذين يعتبرون انفسهم يقدرون على البحث والنقد الخ...
ولكن السئال: كيف تضمن أن القراء سوف يقرا كل ماجاء في النص؟ فهناك تفاصيل خاصة يمكن اختصارها رافة بالقرئ وضمانا لزيادته في المرة القادمة لقراءة الجديد.
دمتم بعطاء