ماذا خسر العالم بهجر المرأة بيتها؟ نصوص من الكتب (9)
من سيقف مع المرأة بين يدي الله ؟!

نبدأ هذه الحلقة بكتاب :
( يوم بيوم ) / أنيس منصور / سلسلة اقرأ / القاهرة / دار المعارف / 1979)
كتب أنيس منصور :
1 – ( سيزداد عدد النساء العاملات. وسوف يزداد عدد الأطفال الذين يشعرون بأنهم يتامى. فليس اليتيم هو الذي مات أبوه وأمه،ولكن اليتيم هو الذي له أب وله أم. ولكنه لا يشعر بهما،يربيانه ولكن لا يلمسانه،يلمسانه ولكن بلا حنان. فليس هناك وقت للحنان – فلا هما موجودان بالنسبة له،ولا هو موجود بالنسبة لهما!
فالمرأة تتعلم،وبعد ذلك تعمل،والمجتمع الذي تعمل فيه المرأة هو مجتمع من صنع الرجل. فالرجل قد سبقها إلى العمل،وسبقها إلى وضع قوانين العمل وتقاليد العمل وأساليب النجاح في العمل،وهو الذي وضع فلسفة النجاح في الحياة أيضا.
فاشتغالها خارج البيت لم يخفف عنها متاعب البيت كزوجة وأم .. (..) ولأن الرجل ليس عنده متسع من الوقت لأطفاله،ولأن المرأة ليس عندها متسع من الوقت لأطفالها يتعجل الاثنان والمجتمع كله – أن يدخل الطفل مرحلة الرجولة فيعتمد على نفسه في سن مبكرة،ويتوقف عن اللعب واللهو في سن صغيرة .. وأن يتهيأ للدراسة والحياة العملية في سن الحضانة.
وقد أدرك كثير من الدول الصناعية أن مرحلة الطفولة عند الطفل قد اختصرت. ولذلك اهتمت بمدارس الحضانة – أي المدارس التي يستأنف فيها الطفل طفولته،وتقوم المدرسات بدور الأم والأب معا – فليس هناك متسع من الوقت لكي تقوم الأم بدور الأم،وليقوم أبوه بدور الأب!
وبعض علماء النفس يفسرون اللعب والتزويغ من المدرسة ومن العمل عند الشبان والرجال بأنهم حرموا الطفولة عندما كانوا أطفالا .. ويفسرون انحراف الشبان وزواجهم في سن مبكرة في أمريكا وأوربا بأن هؤلاء الشبان قد حرموا حنان الأم في سنواتهم الأولى .. ولذلك راحوا يبحثون عن زوجات يقمن بدور الأمهات.
ولابد أن يجيء ذلك اليوم الذي يشعر فيه المجتمع بحاجته الشديدة إلى الأمومة وإلى الأمهات. فيعطي المرأة وقتا أطول لكي تكون أما،ولكي تساعد في إنقاص عدد اليتامى – الذين يشعرون بكراهية الأسرة والمرارة في مواجهة العائلة الإنسانية كلها!){ص 69 - 70}
2 - (لا اعتراض على الحرية التي تمارسها طالبات الجامعة في اختيار الألوان والتفصيلات المختلفة للفساتين،ولكني أعترض جدا على أن تكون الفساتين خليعة .. على أن يكون فوق الركبة بشبر .. وبشبرين عندما تجلس .. وبثلاثة أشبار عندما تلتقط كتابا يسقط على الأرض - عادة – عندما يكون هناك طابور من الطلبة جالسا على الحشيش!
أعترض وأكرر اعتراضي .. فهذا شيء لا يليق الجامعة,. ولا أقصد بمباني الجامعة ولكن بروح الجامعة وهي طلب العلم والبحث والتعب والبساطة والزهد في كثير من المظاهر. وإذا لم تكن الطالبات زاهدات ،فيجب ألا يدفعن الطلبة بعيدا عن الزهد والانشغال بالدراسة.
لست متزمتا ولكن في نفس الوقت لست مشجعا للميوعة. (..) ومنذ أشهر ذهبت إلى جامعة برلين،فأحسست أنها جامعة شرقية أقصد جامعة"محافظة"المظهر. فالأزياء طويلة معقولة،والأكمام طويلة،والفتيات بسيطات،فكل واحدة،قد تأبطت عددا من الكتب. وكل شيء يدل على أن الجو جاد،وأن الروح جادة،وأن هؤلاء الفتيات يطلبن العلم،ويحرصن على طلب العلم،لأن العلم حياة ..){ص 114}.
كتاب (رحلة حياة : تجربة تعرض مجموعة من قضايا الحضارة الإسلامية ) / د.أحمد شلبي / دون ناشر / الطبعة الثالثة 1982)
1 – (واتجهت بعض محاولات الأزهر لصرف الحاصلين على الشهادة الثانوية منه عن الالتحاق بدار العلوم وذلك للقضاء على المعين الذي تستمد منه دار العلوم طلابها فقفز عميد كلية دار العلوم قفزة خطيرة النتائج،واستصدر قرارا سنة 1953 بجواز أن يلتحق بكلية دار العلوم الحاصلون على الثانوية العامة من الذكور والإناث،ومنذ ذلك التاريخ انكمش عدد الطلاب الأزهريين بالكلية،ودبت بفنائها ومدارجها أقدام الجنس اللطيف){ ص 72}.
2 – ( فإذا جئنا إلى الطالبات وجدنا الأمر أقسى وأصعب،ففي كليتنا وفي الكليات الأخرى،وفي المصالح و الوزارات تظهر بعض النساء على نحو يتنافى مع الدين ومع تقاليد الشرق ومع الذوق العام،فالملابس القصيرة كـ"الميني جيب" والميكرو جيب"تبدو هنا وهناك وأوجه كثير من الفتيات والسيدات تعلوها طبقة كثيفة من المساحيق،ولسنا نستطيع أن نبيح هذه الملابس حتى للطالبات المجتهدات كما أبحنا طول الشعر لأن المشرع الأعظم وهو الله سبحانه وتعالى حرّم هذا الوضع وليس لإنسان أن يجتهد فيما فيه نص،قال تعالى : " أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" : الأحزاب 59. وقد حسمت بعض البلاد هذا الأمر فأصدرت قرارات بمنع هذه الملابس ورضي الجميع بهذه القرارات،وترك الأمر في بلادنا للآباء مع أن المجتمع له سلطانه،فمن الصعب عليّ أن أمنع ابنتي مع أن زميلتها في الكلية أو النادي أو العمل تلبس ما تشاء،إننا بذلك نخلق صراعا في البيوت وصراعا في المجتمع،ولو صدر قرار عام لرحب به الجميع حتى المرأة المتحررة){ص 81}.
كتاب ( هموم المرأة العربية في القصة والرواية) / أحمد محمد عطية / القاهرة / الهيئة المصرية العامة للكتاب / 1992)
(تقول الأستاذة صافيناز كاظم في كتابها "رومانتيكيات" – دار الهلال 1970 - : "هل تعرف ما الذي يهيج حزني هذه الأيام؟ إدراكي أن تُعلم المرأة لم يحولها كما يجب إلى إنسان أقدر على الفهم – مسخها بدلا من ذلك إلى غول يلتهم أطفاله ولم يكترث حتى أن يمسح فمه المدهون بالدم. المرأة تعلمت ولم تتثقف ولم تتحضر أضاف التعليم إليها سمكا عطل حساسيتها الطبيعية وضلل العلاقة الإنسانية بينها وبين طفلها (..) أنا أعتقد أن خطوط الموضة هذه تحمل في طياتها شكلا من أشكال التخطيط السياسي لمجتمع الدول الرأس مالية – هذا الشكل الجديد تبرزه الدعاية بكل ثقلها في أجمل إطار – يحتوي على تجسيد اتجاه غريب لمحاولة تحنين المرأة إلى الرجوع إلى دورها القديم كمحظية أو مرفهة للرجل – فبعد أن ساد الاتجاه الذي فرضته ظروف الحرب العالمية في تحبيذ الشكل الجاد العملي البسيط المختصر الاقتصادي لما ترتديه المرأة،نجد دور الأزياء تتنافس في شد اتجاه المرأة إلى الزخرفة والدانتيل وأثواب السهرة الطويلة المخملية المستوحاة كلها من أزياء عصر القيصرية الروسية أو ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية أو عصر بلاط ماري انطوانيت وتحت ضغط الإغراء الإعلاني وضغط ما هو مطروح في السوق لم تجد المرأة – سواء باختيارها أو بدونه – سوى أن تنظر في المرآة لتجد نفسها بأسلوب تصفيف شعرها إلى زينة وجهها،إلى ما ترتديه في المنزل أو في الخارج إلى ما تلقته من نصائح المجلات النسائية في كيفية كسب الرجل – تجد نفسها بهيئتها هذه لا تصلح لأي دور سوى دور السميرة والأنيسة للرجل){ ص 84 - 86}.
كتاب ( مسافة بين القبلات ) / منير عامر / بيروت / دار العلم للملايين / الطبعة الأولى / 1990)
1 – نقلا عن الصينية "تش ناو" - أستاذة الرياضة الروحية - : ( وعندما تتزوج أنت زميلتك فلن تقبل أن ترتق لك جواربك وإن فعلت ذلك،فهي ستفعله وكأنها تتفضل عليك به،وإن أنجبت منها طفلا،فهي لن تربيه بإتقان وحنان،لأن قلبها مشغول بهواء فاسد،هواء النظرة إلى المرأة ككائن يجب أن يتفوق على الرجل،ولذلك تترك الابن الصغير في حضانة امرأة تحترف تربية الأبناء دون تفاعل عاطفي فينشؤ الابن وكأنه قرد آلي. وعندما تحتضن أنت امرأتك فقد تجد نفسك أمامها وهي جريئة وقحة تقول لك : احضني على طريقة الدكتور ألكس كفرت الذي وضع مرجعا شاملا لطرق ممارسة الجنس ){ص 128}.
2 – ( وكذلك فإذا كان الأب يقوم من على المائدة ولا يساعد في رفع الأطباق،ولا يفكر إلا في توجيه الأمر بطلب كوب الشاي،فتسرع الأم لتضع الشاي على النار وتلهث لتأخذ الأطباق من على المائدة،ثم تلهث لوضع الأطباق في غسالة الأطباق،ثم تلهث لتراقب غليان الماء على النار،ثم تلهث لتنظيف منضدة الطعام،ثم تلهث لوضع بعض الشاي في الماء الذي يغلي،ثم تخرج الأكواب النظيفة،ثم تحضر الشاي للأب الذي يقرأ الجريدة بكسل شديد وينظر إلى الشاي فيراه غامق اللون فيقول للزوجة : ما هذا الذي تقدمينه لي لأشربه؟ إني أحب الشاي مصنوعا كذا وكذا،فمتى ستعرفين مزاجي في شرب الشاي؟.
إن الطفل الذي ينشأ في بيت تقوم فيه المرأة بكل العمل ويتفرغ الرجل فيه بالكسل وإصدار التعليمات هو طفل ينظر إلى دوره كإمبراطور كسول يطلب رضوخ كل من حوله له.
والطفلة التي تنشأ في مثل هذا البيت تأخذ انطباعا سيئا عن وضع المرأة في المجتمع،وقد تخرج فيما بعد زعيمة نسائية من المطالبات بحقوق لامرأة فقد كان الأب "في أسرة كل واحدة منهن رجلا قاسيا،فظا،لا يحسن التعاون مع زوجته،ولذلك تمردت عليه الابنة،وتمردت على كل رجل غيره (..) رغم أن "إيريكا يونج"وهي واحدة من أشد المتعصبات لحرية المرأة في الولايات المتحدة ،والتي كتبت روايات وقصصا فاضحة تصور الرجل مجرد أرنب صغير يبحث عن برسيم اللذة في حضن المرأة،لم تتزوج إلا رجلا أجبرها في لحظة ضعف أن تقول له:"يا سيدي أنا خادمتك". وقالت "إيريكا يونج" : "نعم إنه سيدي لأنه يعلم أن جسدي ينجذب له فلا أملك مقاومة أمامه،إنني خادمة له بروحي وجسدي".
وقد اعتزلت هذه السيدة الكتابة عامين وما زالت مستمرة في العزلة حتى الآن،وذلك أنها تجاوزت الخمسين وهي تحيا في رحاب شاب في الثلاثين){ 129 - 130}.
هل من مانع أن نعطر هذه الأسطر بعبق من سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم ؟ ونرى الفرق؟!
وفي صحيح البخاري عن الأسود قال : سالت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت : كان يكون في مهنة أهله – تعني في خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
روى أحمد وابن حبان وصححه عن عروة قال : قلت لعائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت : يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم.).
ما يعمل الرجال في بيوتهم؟!!
إذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم .. والصحابة الكرام .. رضي الله عنهم .. يخدمون في بيوتهم .. ويعبدون ربهم .. ويخوضون المعارك .. إلخ.
في الحلقة القادمة نأخذ نصوصا أخرى .. من كتب أخر.

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني