مولدي
عشت عمري أتعذّبْ
بين نابين ومِخلبْ
عندما كنت رضيعا
لم أجد في البرد مهرب
جئت دنيا لا اختياري
لم أكن في العيش أرغب
لأرى في الليل غولا
كنت خوفا أتصبب
بيتنا قد كان كهفا
وبه أفعى مُرَبْرَبْ
كل ليلي كان رُعبا
وبخوفي اتقلب
وإذا ما هب ريح
زقزق الباب وأرْعَب
والدي والفقر كانا
توأما جدبٍ وأجدبْ
قد شربت البرد حتى
أطعمَ العظمَ وأشْرَب
وعرفت العمر وهما
عابث من فيه يلعب
ثمّ حظّي كان ضدي
فإذا شرّقتُ غرَّب
كلّما عانيت صعبا
جاءني من بعدُ أصعب !
عشت في أهلي غريبا
وببين النّاس أغرب
وأنا صرت حروفا
وبدون الحرف أتعب
أنا لا أكتب شعري
إنما في الشعر أُكـْتَب
وإذا ما صغت لحنا
فأنا في اللحن اطرب
كلما جيء بعود
كنت في العودين أُصْلَبْ
أصبح العمر جميعا
فرخة في فك ثعلب
فيه ليلي ونهاري
حيّة تتبع عقرب
وصقور الكون جمعا
طاردت في الليل أرنب
قد كفاني ما جرى لي
ليس لي من بعدُ مطلب
كلـّما عمّرت بيتا
جاءه سيل وخرّب
وحبيبي ضاع منّي
وفؤادي منه أجدب
قد أدار الحظ ظهرا
وقضى أنّي أعذّب
حكمة الله اصطفتني
أنّني أشقى وأتعب
وشقائي بات منّي
عندما أفرح أقرب
يوم أن لاقيت ظبيا
كشّر الظبي وقطب
وبراني في هواه
وهو بي يلهو ويلعب
وإذا قرّبت منه
قال عن وجهي : تخيبْ
عشتُ في الدنيا غريبا
والتي أحببت أغرب
سوف أمضي مثل بِدئي
مثلما جئت سأذهب