( كيفية الحصول على التوازن : هو حسن تفهم الآخرين لعدم التورط بعلاقات شخصية فاشلة، وفهم النفس ومتطلباتها المنطقية )
جزاك الله خيراً دكتورة ريمة على هذا الانتقاء أعلاه :
قلتُ : وممّا يساعد بل ويساهم مساهمة فاعلة في تفهّم الآخرين وبالتالي تحصيل التوازن هو: النظر إلى ما وراء السلوك ؛ ذلك أنّ وراء كل سلوك فكر وفكرة ، فبمعالجة الفكر يتبدّل السلوك ، فأقوى مداخل التغيير السلوكي في النفس البشريّة : المدخل الفكري ، من هنا مكث النبيّ – صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاما في مكّة المكرّمة يبني الفكر والمعتقد ، لما له من تأثير بيِّن جليّ عميق على التغيير والتعديل السلوكي .
، ومن جهة أخرى حسبك شاهداً نيّراًً على ذلك ، على التغيير الفكري المُفضي إلى التغيير السلوكي هذه القصّة :
جاء في مسند الإمام أحمد من حديث أبي أمامة بسند صحيح ( أَنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَأْذَنُ لِي فِي الزِّنَا ؟ قَالَ: فَصَاحَ الْقَوْمُ بِهِ وَقَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَقِرُّوهُ وَادْنُهْ " فَدَنَا حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأجلسه النبي صلى الله عليه و سلم وعلمه، فقال: "أترضاه لأمك" قال لا قال: "وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم" وقال: "أترضاه لابنتك" قال لا، قال: "وكذلك الناس لا يرضونه لبناتهم" ، وقال: "أترضاه لأختك" ... "أترضاه لعمتك" ... "أترضاه لخالتك"...)) وفي كل مرة يقول: لا، قال وكذلك الناس لا يرضونه لهؤلاء (ثم وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على صدر الرجل وقال: "اللهم طَهِّر قلبه وحَصِّن فرجه واغْفِر ذنبه" فما عاد بعد ذلك إلى هذا)( مسند الإمام أحمد برقم:22265 و المعجم الكبير للطبراني برقم
7577 )
فالصحابة رضوان الله عليهم فقدوا اتزانهم حين نظروا إلى السلوك مجرّداً عمّا وراءه فهمّوا بالشاب للنيل منه ، في حين النبي – صلى الله عليه وسلم – نظر إلى ما وراء السلوك ، فبقي في سكينته واتزانه بأبي هو وأمّي صلى الله عليه وسلم ، لذا لم يثرّب ولم يعنّف ولم يوبّخ ، بل شرع يعالج ما رواء هذا السلوك ( الفكر ) من خلال أسئلته الوجيهة للسائل الأمر الذي أفضى إلى تخلية قناعات وضيعة من وعي السائل كان من شأنها لو بقيت معشّشة في وعيه أن تنزلق به في وهاد المعصية ، وتمّ تحلّي السائل بقناعات وضيئة ترتفع به إلى القمّة السامقة ...