لقد أثبتت وقائع وأحداث النكبة ومعاركها أن الجيوش العربية ما دخلت إلى فلسطين كي تحررها ولكن دخلت كي تسلمها لأعداء الأمة، وذلك بتواطؤ مع المحتل البريطاني وإن اختلف أسلوب كل منهما. فإن كان المحتل البريطاني الذي تولى مهمة زرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة والوطن ـ فلسطين ـ نيابة عن الغرب الصليبي، لا عجب أن يقوم بالتنسيق بينه وبين العصابات الصهيونية قبل الانسحاب من أي مدينة أو قرية فلسطينية وتسليمهم المراكز التي كانت بأيديهم، ويمكنوهما من أخذ أهلها على حين غرة وترتكب فيهم أبشع الجرائم وحشية لتكرههم على ترك بيوتهم وأرضهم، فإن العجب هو موقف الجيوش العربية في كل تلك المجازر وهي التي جاءت من أجل إنقاذ فلسطين وحماية أهلها، فقد كانت تلك الجيوش ترفض تلبية نداءات الاستغاثة التي كانت تطلقها كل مدينة أو قرية فلسطينية ارتكبت فيها مجزرة صهيونية بشعة. أضف إلى ذلك أنه بعد مجزرة دير ياسين التي خلعت قلوب الكثير من أهالي القرى التي لم يكن يتوفر فيها من يدافع عنها، رفع تقرير إلى الجامعة العربية عن حالة السلاح وعدد المقاتلين في المدن والقرى الفلسطينية، وطلب فيه تقوية المقاتلين وتزويدهم بالسلاح الكافي ليتمكنوا من الدفاع والحفاظ على ما تبقى من فلسطين، ولكن الجامعة لم تستجب لهذا المطلب.
بطولات فلسطينية
في الوقت نفسه إن الحقائق الثابتة عن تلك المجازر الصهيونية وموقف أهل فلسطين من تلك المؤامرة على وطنهم، أنهم لم يستسلموا وكانوا يرفضون الخروج من بيوتهم وأراضيهم في معظم الأوقات خوفا من الذبح أو القتل وهم يعلمون بمصيرهم هذا، وأنهم قاوموا حتى آخر طلقة بأيديهم، وأنه لم تسقط مدينة أو قرية فلسطينية من تلك المدن والقرى التي ارتكبت فيها العصابات الصهيونية أبشع المجازر إلا بعد مقاومة مستميتة من شباب ورجال تلك المدن والقرى المدافع عنها، وبمشاركة بطولية من الأهالي في تحميس المقاتلين ومساعدتهم، وبعد ضرب أروع الأمثلة في البطولة والفداء والتضحية والصمود، وتكبيد تلك العصابات الصهيونية عشرات القتلى، ولم تتمكن تلك العصابات من دخولها إلا بعد أن تنفذ ذخيرة المقاتلين.
يسعدني ما ورد في مقالك الهام والخطير, وحبذا لو صدرت النص بمصادر مطالعالتك,لأنها هامة جدا.
لك تحيتي.