حســـــــن : فى نهاية هذا اللقاء ماذا تود أن تضيف أو تنهى اللقاء به ؟
أســــــعد / واقع لا يتجاهله عاقل 000 أمتنا العربية بشكل شامل أستطيع أن أقول عنها أنها(( أمة ضاعت الموازين فيها ) )
حســـــــن : و هل لك خاطره أدبية حول هذا المعنى ؟
أســــــعد / ليس لى من نتاج عقلى بل هناك خاطرة لصديقي الشاعر العظيم الدكتور / عدنان النحوى الذى أرسل لى من السعودية ديوانه الرائع ( جراح على الدرب ) فقال فى احد قصائده :
[[ إنما الناسُ معْدن و سجايا
و رجال من الفعال رجال ]]
[[ لا يقاس الرجال كالنبت و الصخر
بحجم كما تقاس البغال
أمة ضاعت الموازين فيها
جار فيها الميزان و المكيال
نزعت عن مناهج الحق و ارتدت
إلى الجهل بالهوى الآمال
لا تسل بعد ذاك أى كبير
أو صغير تمضى به الأمثال
حســـــــن : و حول التذوق و الأدب ماذا يقول المخرج الأديب اسعد الكاشف ؟
أســــــعد / أنت تضعنى أمام لوحتين الأولى لوحة فنية بحته و هى فى عالمنا (( كمخرج )) تسمى السيناريو و ما وراءه من كاميرا و إضاءة 00 الخ
و الثانية [ نص أدبى ] و على الإجمال أقول :
( الحديث عن التذوق لابد أن يبدأ بالحديث عن الذوق // و الذوق فى سياق الفن عامة يحتاج إلى تعريف و هو باختصار القدرة على الإحساس بالعمل الفنى أو أى إنتاج ذهنى و تبيين أوجه الجمال أو النقص فيه )
حســـــــن : نضرب لذلك مثلاً أو شرحاً أوسع ؟
أســــــعد / مثلاً قد يقال لشخص ما 00 انى احتكم إلى ذوقك أو انى أثق فى ذوقك // و كما قد يقال إن ما نسميه جمالاً يتوقف على ذوقنا أكثر مما يتوقف على حكمنا ومن ثم 00 يجرى الحديث عن تكوين الذوق و تنقية و توسيع نطاقه و إفساده 000 الخ
و إذا أخذنا كلمة التذوق بمعناها الواسع وجدناها تعنى إن إبداء الراى أو الحكم وفقاً للذوق الخاص
حســـــــن : لو أمامنا الآن عمل أدبى كيف يمكن تذوقه ؟
أســــــعد / يعتمد تذوق العمل الأدبى على عدد من الأدوات التى لا يمكن الاستغناء عنها أولها (( اللغة )) فالنص الأدبى كما تعلم يقوم على العلامة اللغوية أى أن الكلمة قوامه و من ثم يتحتم على من يقراه اى النص الأدبى أو العمل الأدبى أو ينقده أن يكون ملماً باللغة التى كتب بها // و ذلك الطبع يتطلب أن يكون التذوق تذوقاً ملياً إذا كانت قراءته باللغة التى كتب بها اصلاً
أما الترجمة أو تذوق أو نقد العمل المترجم يكون فيه خلل و نقد على نقد
و التذوق و أن كان عملية فردية يسهم إلى حد كبير فى تكوين الذوق العام و تطور الأدب و تطويره بالتالي على كل حال أستطيع فى النهاية أن أقول نسبياً مثل بوصفك أديباً يمكن لى أدلك أو لأى مثقف إن يقرأ نصا أدبياً واحداً لكنه من زاويتين مختلفتين
- التذوق فقط
- التذوق مع إبداء الرأى وإصدار الحكم
و مما لا شك فيه إن أفضل العملين أو الزاويتين هى اولهما
أما عن المجموعة القصصية للأديب // زين العابدين الشريف و هى بعنوان ( نباح و همسات ) و لأنه أهداها لى عندما زاوج بين الفن و الأدب فقال إلى الفنان المبدع و الصديق الرائع 000 فقد حملنى نعتاً لا استحقه فما أنا إلا إنسان مازال يحبو فى طريق الفن و أزقة الأدب // و على كل حال بعد قراءتى المتأنية لـ ( نباح و همسات ) لزين الشريف 000 وجدتنى أقف أمام قاص موهوب يملك ناصية ( الحكى ) و إن كان يلعب بالألفاظ بغية أن تأتلف مع المعنى دون أن يدرى أن ذلك يقلل من عملية التذوق للمضمون 000 و مع ذلك فهو فى هذه المجموعة يقف فى شموخ == كما ترى == أمام الكثيرين من المحسوبين على الأدب و الأدباء 0
أســــــعد / و قبل أن أنسي 00 فلن أنسى ذلك الإهداء الوردى الجميل الذى أهداه لى الأديب حسونة فتحى عندما قال // الأخ الكبير و المخرج المتميز 00 و الصحفى النشط و الأديب الفنان
و ذلك بمناسبة صدور مجموعة أشعاره بالعامية عام 2000 تحت عنوان (( سنين من سينين )) و كم أعجبنى و هو يحلق فى فضاء المعانى و أجواء التخيل 00 و إن كانت ترجمته لذلك بالعامية 00 لكنه على الإجمال – اى ما كتبة – ليس إلا دفعة جياشة من قلب مهموم بالأحداث التى تقع حوله ومن حوله 00 فهو ليس شعراً و ليس نثراً و لكنه من هذا و ذاك 000 و كثيرون طرقوا هذا الباب و لكن شتان بين ما كتبوا و كتب 00 ففى الوقت الذى نرى قدرة الشاعر حسونة فتحى على التلوين فى المعانى و الأسلوب الفنى فى المبانى 00 نرى فيه أيضا بعض المحسوبين == ظلماً == على الأدباء منجرفين مع التيارات المراهقة و المواره من يمين و يسار 00 و مع الهوجة أو مع راكبى الموج 00 فهم يبتعدون عن الواقع و يصعدون إلى الأعلى و لكن كدخان كثيف يصعد إلى أعلى ثم يتلاشي تماماً 0
حســـــــن و لكن أدبينا الكبير الذى عاش و عايش الأدب و الفن بكل زوايهما و ميادينهما 00 نراك لم تتعرض بالحديث عن الأديب سمير محسن 00 رغم أنه صديقك ؟؟
أســــــعد / الأمور لا تقاس بهذا المقياس أستاذ حسن خاصة فيما يتصل بالأدب 000 الأدب خاصة فى مجال (( نقده )) و النقد كما تعلم فن من الفنون القائم بذاته 000 لأنه يمكن أن أكون دارساً لفن النقد و لكني لا اقرض الشعر و لا امسك بزمام الكلمة و دفئها و جمالها و العكس صحيح 000 و لو نقدت لك نصاً
أدبياً باعتبارى صديق لك ستغلبنى العاطفة و سيكون حكمى أو انطباعى ليس فى محله و لكن عندما تضعنى أمام نص فقط دون كاتبه أو مبدعه لاشك أن الحكم أو الذى سيكون منصفا و مهما كانت درجة النقد خاطئة أو صائبة وفقا بمقاييس النقد الادبى و الفنى 0
• أما الأديب سمير محسن فحقيقة لم اطلع على اى مؤلف له أو بمعنى اصح كان بخيلا معى فلم يهدنى اى مؤلف من مؤلفاته و لو اننى استمعت إليه مشافهة فى بعض الندوات الأدبية إلا انه أخيرا و خلال الأيام الأولى من سبتمبر 2004 أهدى لى ( ثلاثية البوح و الرماد )) فأردت أن أتمعن فى كل لفظة و فى كلمة من هذه الثلاثية 00 و اعجبنى جدا عندما كان إهداءه (( بلسماً هادئا فى يوم قائظ )) حيث قال [ إلى مدينة العريش 00 التى عايشتها منذ صباى بجميع متناقضاتها و جميع تقلباتها ] و حقيقة ادهشنى سمير محسن بتلك الموضوعات و القضايا التى طرحها فى شعره مثل منابر الأقصى // سراديب النواميس // أجراس و مزامير // مومياء // صرخات فى أعشاب الصمت
• المهم وجدتنى أمام شاعر ينبض إنتاجه بالعاطفة البناءة لجيل الأمل لعل و عسي 000 و يكثر من الإسقاطات و هذا مطلوب و لا يعيه و يدركه ألا الأذكياء على كل حال و أن كان سمير محسن تناول كل خواطره الأدبية فى تلك المضامين التى جعل لها عناوين جذابة ترتاح لها نفسه و تنسجم مع كل مستويات المتلقين و كل حسب مزاجيته و زوايا حياته و أخاديد صراعاته فى الحياة 000 ألا اننى مازلت أقول و سأظل أقول إن هناك [[ جناية تستحق التأمل ]] و هى ( الشعر الحديث أو فيما يعرف بالشعر الحر 000
حســـــــن: أراك مازلت منفعلاً ثائراً كلما قرأت أو أستمعت (( شعراً حراً )) رغم انك تكتب
هذا الشعر ؟؟
أســــــعد / لا يا أستاذ حسن 000 لم اكتب شيئاً فى حياتي من هذه النوعية من الشعر و سميته (( شعراً ) بل كان ما كتبت كان عبارة عن خواطر أو هواجس فانا أكفر تماما بكل الشعر الحديث أو( إفلاسا ) قالوا انه شعر حر // و طبعا أنا ثأر بل يكاد يقتلنى الغضب و كيف لا اغضب و الجناية قد أصابت فى المقتل 00 و الجناه مصممون أن يجهزوا على الضحية الزكية // مصرون على المضى فى تخطيطهم الفظيع الظالم بإملاء من الشياطين و إيحاء من الحاقدين // و كلمة حق لابد منها برغم انف الغضب و هى أن الجناة مخلصون لباطلهم أخلاصاً يستحق الإعجاب ، متحمسون للهدم حماسة تتضاءل أمامها حماسة إبليس للضلال // إنهم يهجمون على اى ناقد يعارضهم هجمة الذئاب الشرسة الجائعة إلى القطيع 0
حســـــــن : من اجل متابعة القارئ لهذه القضية هل نطمع فى ضرب مثل أو طرح نص يبرهن على غضبك هذا 00
أســــــعد / نعم 00 لكى يدرك القارئ مدى الخسارة الفادحة التى عصفت بكل العناصر الفنية فى شعرنا
0 اسمعك هذه المقطوعة من باب الشكوى 00 فى الشعر الحديث من ديوان (الأرض و الدم ) و عنوانها [[ عذابات سرية ]] لترى المستوى الذوقى للشكل الجديد 00 و اسمع يا سيدى
يقول هذا الشاعر الحر :
{ شربت مرق الأحذية المنقوعة 00 فى الخوف و النحيب أكلت ما يخبزه الإسفلت 00 ( يقصد الزفت )) فى جوفه من حنطة التعذيب
و أيضا أسمعك مقطوعة أخرى لشاعر أخر و عسى إلا تفعل بك ألان مثلما فعلت معى ذات مرة شربه زيت الخروع [[ فى حذائى مسمار 000 و فى ذوقني شوكة هذه ممتلكاتى 000 افتح الشمسية و القنانى انزلج فى الجغرافيا 000 فى عنف زرافة اصطياف ]]
طيب يا أستاذ حسن بوصفك أديب بل هذا نداء لكل أدباء سيناء و بالذات من ذكرتهم فى هذا اللقاء 000 بالله ناشدتك الله و ناشدتهم معكم ضمير القارئ أن تفتينى اشعر هذا أم صديد ؟ و بالمناسبة نسيت أن أقول لك أن القطعة الثانية هى مما اعجب بها المروجون و هى لشوقى أبو شقرا بعنوان [ حجر فى سروال ] و قد نشرتها له مجلة ( شعر ) فى عددها السادس للسنة السابعة 1963 00 على إنها إبداع و فتح 00 تصدر هذه الطلاسم فتح و أبداع !!
حســـــــن : و فى النهاية ما الذى تريد أن تودعنا أو أن تنهى به هذا اللقاء
أستاذ / سعد الكاشف
أســــــعد / أقول بكل اطمئنان 00 خاب الحاقدون و رد كيدهم فى نحورهم و سيظلوا خائبين 000 إذ يسر سبحانه وتعالى اللغة القرآن الكريم من يدافع عنها من الأدباء المؤمنين كالرافعى و الزيات و حافظ إبراهيم 00 الخ و أرجو أن يطلع القارئ العزيز إلى بعض هذه النماذج التى ارتكبت جناية ما يسمي بالشعر الحر أو ما يسمي بشعر (( الإفلاس الفنى )) مثل أغانينا المهزوزة هذه الأيام 00 و أقول و أنا مطمئن إلى ما أقول المسالة لا تحتاج إلى كشف النقاب عن هؤلاء الذين حملوا حملات التحديد أو امسكوا بهمة و نشاط معاول الهدم و الانحلال 000 لان كثير منهم لا اطمئن إلى ماضيهم و لا إلى عقيدتهم 00 سائلا الله أن يهدى من بقي منهم حيا و يسلم أدبنا و لغتنا و قرآننا و تراثنا من شرور دعواتهم و لن اتعرض فى يوم من الأيام للأخلاق الشخصية فى هؤلاء و لو علمت أن احدهم تفوق على أبى نواس فى المجون و الخمر و النساء 000 فتلك أمور يظلم بها المرء نفسه و حاله و صحته و لكن حين يصل الأمر إلى فساد اولادى و إغرائهم بالانحلال و الانحراف فإن ذاك تصبح الصراحة فرضا و النصيحة دينا و السكوت جريمة 000 و فى لقاء قادم أن شاء الله سأذكر نماذج منهم 00 نماذج فقط و اكتفى اليوم بان اذكر أعمال تم نشرها و الترويج لها و على من يريد فليبحث ولو أنى مؤمن تماماً أن نسبة 90 % من فتيان الأمة العربية و فتياتها هذه الأيام لن يبحثوا عن شئ لان جميع الحواس فى إجازة إلا حاسة البصر التى جمعت بين حاسة السمع بل الإصغاء بل