نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
حوار مع فنان وأديب من سيناء
أجـــــــــرى الحوار
حسن غريب احمد
عضو اتحاد كتاب مصر
عناوين جانبية :
1) الحديث عن التذوق لابد أن يبدأ بالحديث عن الذوق 0
2) تذوق العمل الأدبى يعتمد على عدد من الأدوات أولها " اللغة " 0
3) تذوق الأدب 00 هذه الأيام لا ينفصل عن تذوق الفنون الأخرى 0
4) من شمال سيناء أدباء على مستوى عال 0
5) الحركة الأدبية فى شمال سيناء 00 ينقصها اهتمام المعنيين بالأمر بشكل أوسع واشمل 0
6) مطلوب تَفَرّغ للأدباء إذا أردنا إنتاجاً متميزاً على أرض سيناء 0
لقاء مع ::
المخرج الأديب
أسعــــد الكاشف
حســـــــن : (( لا شك أن هناك مذاقاً خاصاً للحوار الأدبى أو الفكرى بشكل عام عندما تُتاح لك الحوار
والمحاورة واللقاء مع مثقف جمع بين الفن والأدب 000 فنادراً ما نرى أو نلمس هذا الازدواج
أو هذه الثنائية فالذى يكون موهوباً فى الأدب يحاول تكريس أو تركيز وقته أو معظم وقته
للتفرغ للأدب وفنونه وكذلك بالنسبة للفن 000 ولكن ممكن وليس غريباً أن يجمع ما بين الطب والأدب وبين الهندسة والأدب أو بين الجيولوجيا والكيمياء والأدب 0000 الخ لكن ميدان الفن عريض وواسع و بالكاد يكون أمام أهله الوقت الذى يأكل كل مهام عملهم الفنى 000 ومع ذلك فقد أراد الله تعالى أن تخرج لنا سيناء رجلاً من رجالها وُليد فوق ترابها وتربى بين بحرها ونخيلها وتحت سمائها 000 فامتزج بها وبطبيعتها الخلاّبة فأعطته وميض الأدب فى بداياته 00 ثم أراد الله له أن يسلك الدرب القاسى والمتشعب والمتشابك وهو الفن 00 فعاش الفن كما عايش الأدب الذى هو فى عقله الباطن لذلك حاولنا أن نغوص معه حول هذه المفاهيم 000 فأهلاً وسهلاً بالمخرج الأديب ابن العريش أسعد الكاشف 00
حســـــــن : شكراً لك أولاً لأنك أديب جميل الخْلقة والخُلـُق وبدابة أقول لك أننى أنجذب جداً و بشئ
كاللاشعور إلى أى أديب لأنه يذكرنى بما خُلقت له وهو الأدب 0
بداية ماذا يقول المخرج الأديب الشاعر أسعد الكاشف حول الحركة الأدبية فى شمال سيناء 0 كما
يعايشها اليوم ؟
أســــــعد / أنا بطبعى صريح لأبعد حدود ولا أحب أن أقول لك كلاماً لا أكون مؤمناً به 00 وعندما تسألنى
عن الحركة الأدبية فى موطنى ومسقط رأسى " العريش " أو قل شمال سيناء دعنى أقول أننى ثائر ومنفعل يكاد يسطو بى الكمد ويكاد يقتلنى الغضب ، وكيف لا أغضب وأنا أرى أدباء سيناء يكاد بعضهم يقتل البعض الآخر ـ لو أستطاع ـ وكان لى رغبة أن أقول أنى غاضب بشكل عام على " جناية تستحق التأمل " وهى جناية ما يسمى بالشعر الحر 00 إنها بالمقاييس الفنية للأدب جناية بكل مفهوم هذه الكلمة 00 والذى ينطبق على جناية الشعر الحر 00 ينسحب أيضاً على جناية لا تقل خطراً { الساحة الأدبية بشمال سيناء } الكل يتقاتل مع الكل ، الكل يحقد على الكل 00 الكل يتربص بالكل 00 هذا الذى يحدث ؟؟ هل هو نوع من تأكيد الذات للبعض ؟؟ هل هو النرجسية المميتة ؟ أم أمراض الشيزوفرانيا أو الفوبيا 000والعجيب أن بعضهم إذا كلمته فى أمر يتعلق مثلاً بالناحية السيكولوجية لعمل أدبى مثلاً 00 يردّ عليك بشئ غريب وكأن لسان حاله يقول : ـ { أنا لا أقف عند السيكولوجية فحسب بل إنى من علماء " البارا سيكولوجى " أو انى فيلسوف " الميتافيزيقا " أو أن لى نسب خئولة مع " أرسطو " ونسب عمومة مع " أنشتين " وجيرة طويلة مع أبو الطيب المتنبى ومصاهرة مع الُبحْترى !!!
أنى بصراحة حزين بل حزين جداً لما يحدث على الساحة الأدبية
فى شمال سيناء
حســـــــن : أراك ناقماً على ما يسمي بالشعر الحر ؟
أســــــعد / نعم 00 وقد أوضحت ذلك فى كتابى المتواضع " الأدب الإسلامى 00 و قرن جديد "
ومن قبله كتابي " الفراغ العربي بين قصور و تقصير "
حســـــــن : وما هى حدود غضبتك على الشعر الحر ؟
أســــــعد / المسألة ليست حدود أو نسب بل هى تذوق اليوم تشترى ثلاثين ديواناً من الشعر الحر 00
نتجرع فى قراءتها الصبر المُرّ ، وبعد العناء لا تفوز منها بُطْرفَة أو نكتة أو حكمة أو فائدة لغوية ، وليت الأمر يقف عن ذلك فهى فى معظمها أغراء لقارئها أن يكفر بقومه ولغته وتراثه ويتبدّل بها أراء الأعداء ونظريات الملاحدة وهمزات الشياطين 0
حســـــــن : هل هناك أمثلة لديك من ذلك ؟
أســــــعد / نعم ولكن أريدك أن تجاوبنى اولاً بوصفك أديب 00 نحن نعلم أن الشعر الحديث له ألوان ثلاثة
وهى :
1) اللون الأول : وهو الذى له وزن على هيئة تفعيلة ملتزمة وتبرز فيه القوافى أحياناً 00 ومن نماذجه قول نزار قبانى من قصيدته {{ رسالة من تحت الماء }} يقول :ـ
 إن كنت قوياً أخرجنى من هذا اليّم
 فأنا لا أعرف فَنّ العوم
 الموج الأزرق فى عينيك بحر يجرجرنى نحو الأعمقْ
 وأنا ما عندى تجربة فى الحب وما عندى زورقْ
 إنى كنتُ أعزّ عليك فخذ بيدىّ
 إنى أتنفس تحت الماء
 إنى أغرق 00 أغرق 00 أغرق
حســـــــن : وماذا فى هذه القصيدة فى رأيك ؟
أســــــعد / نزار فى هذه القصيدة لا يحيد عن تفعيلة واحدة هى تفعله البحر المتدارك " فعلُنْ " ولكنه يزيد فيها وينقص غير متقيدّ بالبحر المتدارك ثم إن للقصيدة قوافى تبرز أحيانا وتختفى 0
2) اللون الثانى وهو شعر التفعيلة بلا أقواف فأمثلته كثيرة كقول فدوى طوقان فى المقطع الأول من قصيدتها { الفدائى والأرض } تقول :
 أجْليسُ كى أكتب 00 ماذا أكتب ؟ 00
ما جدوى القول 00 يا أهلى يا بلدى يا شعبى
ما أحقر أن أجلسَ كى أكتب 00 فى هذا اليوم هل أحمى أهلى بالكلمة 000 كل الكلمات اليوم ملحُ ُ لا يورقُ أو يُزهر فى هذا الليل }
 فقد التزمت فدوى طوقان نوعاً من التفعيلة تفعيلة " المتدارك " لكنها انفلتت من القافية نهائياً 0
3) أما النوع الثالث : وهو المنثور الذى لا أثر فيه لوزن أو قافية فقد صدرت منه دواوين كاملة لأمثال الماغوط وأنسى الحاج وبعض شعراء الخليج بل وبعض شعراء سيناء الذين ما زال الحبو الأدبى هو طريقهم وبعضهم أجاد ويعرف أدواته وهذا ليس رأيى فقط بل رأى الدكتور / أحمد عوين كما تعلم أستاذ حسن 00 ونعود للنوع الثالث هذا وهو المنتشر = للأسف = ومنه قول أدونيس من قصيدة لم أفهم منها شيئاً وهى من ديوانه { التحولات والهجرة } يقول مثلاً : ـ
 الزمن فخار 00 والسماء طحلب 00 أصير الرعد و الماء و الشئ الحي و حين تفرغ المسافات حتى الظل أملؤها أشباحاً 00 تخرج من الوجه والخاصرة وترشح بالحلم وذاكرة الشجر 000 وحين لا تواتيك الدنيا ألهو بعينى ليزدوج فيها العالم !!!
وجميع الديوان المذكور من مثل هذه الطلاسم المشبوهة وأقول لك صراحة أستاذ حسن وأنت أديب تعرف أدواتك تماماً مثل بعض شعراء سيناء 00أقول صراحة إن اللونين الأولين من أنواع الشعر الحر يمكن أن يهضمها الشعر العربى لا كبديليْن بكل الأوزان ولكن لوزنين جديدين يضافان إلى بحورنا القديمة لتصبح ثمانية عشر بحراً بعد أن كانت ستة عشر 0
حســـــــن : إذَنْ يبقى اللون الثالث فماذا تقول فيه وبصراحة أيضاً ؟
أســــــعد / لقد أوردت لك مثلاً واحداً أو نموذجاً واحدً وذكرت شيئاًُ من شعر أدونيس 00 وبصراحة أقول أن الشعر العربى لا يعترف به ولا يُعطيه اسم " شعر لأن العرب عبرْ العصور يعدّون مثل هذا القول نثراً فهو لا يملك أىّ نفحة أو مقوّمةٍ أو ركنٍ من أركان شعرنا العربى 0
حســـــــن : يعنى تريد أن تقول أستاذ أسعد الكاشف 00 أنه إذا اعتبرنا مثل هذه المقطوعات شعراً فسوف يأتى من الملاحدة منْ يقول إن القرآن شعر ، بل وقد يكتب آيات وكلمات من القرآن بعضها تحت بعض ثم يحكم أنها كالشعر المنثور 00 مع أن الله عز و جل نفى أن يكون القرآن شعراً أو أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم شاعراً 0
أســــــعد / نعم هذا صحيح وهنا نسمع قول الله تعالى فى سورة الحاقة :
( وما هو بقول شاعرٍ قليلاً ما تؤمنون ) صدق الله العظيم
وقال عن نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم :
 وما علمناه الشعر وما ينبغى له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين 
هذا رداً موجزاً على ما قلت أستاذ حسن 0
حســـــــن : أراك متأثراً بما ارتآه الدكتور أحمد عوين و أنت رئيس لنادي الأدب بشمال سيناء 00أرك متأثر برأيه أنه ليس هناك شى اسمه الشعر الغنائى كما يطلقون هذه الصفة اليوم على بعض الأغانى وإلى أى حد أنت متأثر بنماذج من النثر الفنى ؟؟
أســــــعد / بالطبع أنا مع الدكتور أحمد عوين وكل ما أرجو أن اؤكد عليه هو أننى ثائر لغيرتى على دينى ولغتى وكل منْ هم على شاكلتى من الغيورين يوضحون مغزى التخطيط المدمر الذى يرتدى أقنعة كثيرة ومتنوعة لضرب لغة الضاد والدعوة إلى اللهجات العامية 00 وهذا ما ينبغي أن ينتبه إليه أبناء هذا الجيل 00 نعم هناك هجمة شرسة على لغة القرآن الكريم 00أما بهذه المناسبة ونحن نتحدث عن النثر الفنى فأضع أمام القارئ هذا النموذج الرائع من أدب الرافعى فقد ذكر فى مقدمة كتابه (( تحت راية القرآن )) يقول :
 اللهم جنبنا فتنة الشيطان 00 أن يقوى بها فنضعُف أو نضعف لها فيقوى 00 اللهم لا تحرمنا من كوكب هداية منك فى كل ظلمة شكً منا00 نسألك بوجهك ونتوسل إليك بحمدك وندعوك بأفئدة عرفتك وآمنت بك حين زُلْزِلَ غيرها و استقرّت
حســـــــن : الحقيقة أن هذا نثر فنى من أدب الرافعى فيه من الموسيقى أكثر مما فى الشعر المنثور والمزعوم ومع ذلك لم يَدّعِ الرافعى رحمه الله أن نثره هذا شعر 00 ولكن أستاذ أسعد المخرج الأديب 00 ما ريك فى المؤامرة الشهيرة وهى مؤامرة اللهجات العامية بدلاً من اللغة الفصحي 0
أســــــعد / تشدنى أستاذ حسن إلى الحديث بشكل الجذب لا بشكل الرّد 00 على كل حال 00 كان هناك شاعر مارونى اسمه " سعيد عقل " بنى كل مجده وشهرته على الأدب العربى حتى لقد اجتمع نفرُ ُ من النقاد والشعراء قبل وقت ليس ببعيد و بايعوا سعيد عقل هذا أميراً للشعراء وهو اللقب الذى أحرزه شوقى حين طبق شعره الآفاق وكرد لجميل الأدب العربى الذى رُقّيَ على كتفيه // أعلن سعد عقل بعد بيعته هذه بوقت قصير :