شاعرنا الكريم عبد الرحيم محمود حفظه الله تعالى:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أشكرك شكراً كبيراً على تنويرك هذه الصفحة المتواضعة بنورك الأدبي اللطيف، وهو ما سيضفي على هذا الحوار طعماً خاصاً لدى القارئ ، وربما يزداد اتضاح الحقائق أكثر.
الانسلاخ لغوياً الكشط بين شيئين متلاصقين سطحياً أو بعمق . وعملية السلخ بحد ذاتها تتضمن معنى البعد عن الأصل . ولكن استعمال حرف الجر (من) يفيد معنى بداية الغاية من ضمن الشيء الذي تم السلخ عنه ، بينما لا يتضمن هذا المعنى حرف الجر (عن) إذا كان السطح المنسلخ سطحياً كالجلد (ولو كان محيطاً بالجسم).
كمثال نقول سلخنا الجلد عن الجسم ، لأنه ليس للجلد تكوين ضمن الجسم ، ولو كان للجلد تكوين متغلغل في الجسم لكان الأصح أن يقال سلخنا الجلد من الجسم.
وبهذا المعنى لو عبرنا عن سلخ العظام نقول (سلخنا العظام من الجسم) لتعبيرنا أننا استخرجناها من باطن الجسم المحيط بها .
بينما نقول (نسلخ اللحم عن العظم) لأنه يحيط بالعظم ، بينما نقول (سلخنا العظم من اللحم) لأن اللحم يحيط بالعظم..
كما أن الانسلاخ في الأمور المعنوية يراد بها الإنكار أو الجحود ، فيقال: انسلخ من عقيدته أي جحد بها ، وهي تعني ابتعد عنها بعد إنكارها. وأما لو كان سطحياً بعقيدته وتركها يمكننا أن نقول انسلخ عنها لتصوير سطحيته فيها..
وهنا في مجال الآية الكريمة الأبلغ انسلخ منها لأن الآيات الإلهية تغمرنا غمراً حولنا وفي داخلنا كالهواء .. فالآيات المحيطة كالشمس والقمر والنجوم .. والعميقة كالقلب والرئة والكبد ... فالانسلاخ منها هو الأبلغ.. والراجح أن الانسلاخ منها هنا جحودها والانصراف للدنيا والخلود إلى الأرض.
وأما تمثيله بمثل الكلب فباعتقادي كما تفضلتم أن التمثيل جاء من جانب اللهاث، لبيان أن العلة فيه كامنة وكأنها أمر غريزي فيه ، وليس من باب النجاسة لأن نجاسة الكلب غير مقررة عند جميع الفقهاء، فالكلب نجس عند الشافعية ، وأما عند المالكية فهو طاهر ، وعند الباقين النجس في لعابه فقط. لأن الجميع يعتمد على حديث : إذا ولغ الكلب في إناء إحدكم...).
وأما الإنسان فهو مكرم في أصل الخلقة (آدم وبنيه المطيعين لله ) أما من أشرك فهو عين النجاسة كما ذكر القرآن الكريم بقوله (إنما المشركون نجس...).
أكرر شكري لمشاركتك الغنية التي فتحت لنا نوراً جميلاً لطيفاً من التأمل.
بوركت وجزاك الله خيراً