اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راما مشاهدة المشاركة
صدق الله العظيم توقعت تفسير سبب تتالي الكلمات التالية:
كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ
هل لان نعمة البصر أثمنها؟
شكرا لك دكتور دوما لتذكيرنا.
سؤال جميل يا أستاذة راما، وقد سرتني المشاركة لأنها تفتح باب التوسع في فهم المثل.
عندما أطرح الأمثال أحاول أن أبين الأساس في المثل أولاً، ولا أعلم ماذا يريد القارئ أن يفهمه في المثل.وبالمشاركات يتم التوسع والإيضاح وتبث الحياة في الشروح.
أنا سعيد جداً بهذا السؤال، وللبيان أقول :
كالأعمى والأصم أي مثل رجل فقد حاستين مهمتين في الحياة هي البصر والسمع وقد عطفت بحرف الواو التي تفيد الجمع ولا تفيد الترتيب ، ولو قال : كالأصم والأعمى لكان لغوياً بالمعنى ذاته فلا ترتيب حسب اللغة ، المهم هو الإشارة إلى من فقد الحاستين الأساسيتين ، ولكن ذكر البصر (حاسة الجماليات) هنا عند الكافر قبل السمع (حاسة الإدراك) تبين أن الكافر يهمه الجماليات واللذات أكثر من المدركات ومع ذلك هو فاقد لحقيقة كليهما.
يقابله ممتلك الحاستين معاً. وأما ذكر فاقدهما أولاً فلكي يتناسب مع ترتيب ذكر الكافرين أولاً في الآيات السابقة. فتناسب ذكر الكافرين والمؤمنين مع تتالي الأعمى الأصم أولاً يليه البصير السميع ثانيا. وهو ما يعرف بالتراتب على التوالي. ليفهم أن المثال الأول الأعمى الأصم هو مثال الكافرين ، والمثال الثاني البصير السميع هو للمؤمنين.
ولا بأس بالحوار والإضافة فذلك هو الطريق الصحيح لمزيد من الإضاءة حول المثل.

ملاحظة :
في ترتيب الحاستين في القرآن الكريم دائماً يسبق السمع البصر إلا في موضعين هذا واحد منها.
والآخر في السجدة 12، ويتعلق باليوم الآخر وعلى لسان الكافرين (...رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ) . وسبب سبق السمع في الدنيا أنه مرتبط بالإدراك ، فمن يولد وهو أصم فإنه يعيش بلا إدراك ولا عقل بشري، بينما من يولد أعمى يمكنه أن يعيش طبيعياً بل قد يكون ذكياً.
وأما في الحياة الآخرة فلعل البصر أولى لأنه يتعلق بالجماليات ، وأهم ما يطلبه المؤمن المتقي هناك رؤية الله تعالى.
قال تعالى - يوم القيامة- نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ 22- ق)
وليس البيان كالعيان ، فنظرة واحدة هناك تغني عن آلاف الصفحات الكتابية.
كما أن هناك نظرة علمية :
السمع يسبق البصر في التكوين الجنيني والاستعمال فالجنين يسمع وهو في بطن أمه وعند الولادة نؤذن في أذنيه فهو يسمع لكنه لا يبصر بشكل طبيعي ملون وتام إلا بعد الشهر الثالث أو الرابع ، والله أعلم.
أكرر شكري بأهمية السؤال والمشاركة.