حول جهاد النكاح....
من كلمتي الأخيرة في مؤتمر عمان (خبراء عالميون حول الأزمة السورية)...
...............
أود أن أشكر لكم اهتمامكم وحضوركم من كافة أنحاء العالم إلى عمان للمساعدة في إيجاد مخرج سياسي للأزمة الكارثية في سوريا
لقد تكررت كلمة جهاد النكاح كثيرا خلال جلسات هذا المؤتمر ، ويدفعني هذا لرفع الصوت قليلا وإيضاح بعض الحقائق.
أود أن أبين أولاً أنيي من موقعي التخصصي في الشريعة الإسلامية فإنه لا يوجد على الإطلاق لا في القرآن ولا في السنة ولا في الفقه الإسلامي كله مصطلح اسمه جهاد النكاح!! وأول مرة تم اختراع هذا المصطلح كان قبل ستة أشهر في قناة الميادين على يد صحفي تونسي.
............
ومن المؤلم أن يقوم وزير تونسي في البرلمان بالحديث عن تونسيات يمارسن جهاد النكاح في سوريا ويعدن إلى بلادهن حبالى...!!
وموقفي هنا للرد على المسؤول التونسي، على الرغم من أنني لا أجد أي سبب للدفاع عن المقاتلين في داعش والنصرة وغيرهم، ولا عن الخاطئات من البغايا اللاتي يمارسن الخطيئة في أسواق الليل في كل العالم، ولكن واجبي يحتم علي توضيح بعض الحقائق عن سوريا، بلاد الطهارة والعفاف، وكذلك عن تونس بلاد العلم المستطلة بجامعة الزيتونة العريقة.
نعم هناك تونسيات يعملن في الفحشاء كما هو الحال في كل بلد آخر في العالم، فالدعارة أقدم مهنة مارسها البشر، وهذا قدر تشترك فيه بعض نساء تونس مع نظيراتهن في سوريا وهونولولو وسانت كومة وكل أطراف هذا العالم وليس في ذلك أي جديد.
ولكن الوزير التونسي يعتبر اليوم أن الفحشاء هي نشاط يرتبط بالثورات ويزدهر في أحضانها!! فهل قام سيادته بإحصاء الداعرات العائدات من العواصم الجاهزة في بيروت والقاهرة والاسكندرية ودبي وباريس ونيس وكان ومدريد؟؟ وهل تبلغ الدعارة التي تمارسها خاطئات تونسيات في سوريا عشر ما تمارسه الدعارة التونسية العائدة من عواصم الاحتراف؟
ولكن هذا ليس أسوأ ما في الأمر ... الأسوأ هو أن يختزل عناء الشعب السوري وعذابه وقهره واستشهاد مئات الآلاف من ابريائه، واعتقال مئات الآلاف ونزوح الملايين وهدم مئات المدن ...... أن تختزل كل تلك الكوارث في وجود بعض بغايا قادمات من تونس يمارسن الخطيئة؟؟؟ وكلنا على يقين أن الخطايا التي تمارس في الفنادق الجاهزة تبلغ مئات أضعاف الخطايا التي تمارس في خنادق القتال.
إن مصطلح جهاد النكاح يجرحنا، كما أنه يجرح المجتمع التونسي الذي يعرف قيمة الفضيلة والعفاف ولا يرضى لسمعة السوء هذه أن تنتشر في بلاده، ولا ينبغي لكارثة إنسانية فظيعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في البطش والقهر أن تختصر في عبث بقية من بغايا الليل لا خلاق لهم ولا شرف.....
إنه عبث الصحافة وجنونها... التي تستهلك اليوم مصطلحين قذرين: نكاح المتعة وجهاد النكاح، من رؤيتين مذهبيتين طائفيتين آثمتين، للتغطية على الجرائم الحقيقية التي يعانيها السوريون من القذائف المتفجرة والأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة وصواريخ سكود وقذائف الهاون التي تنزل على رؤوس العباد كل يوم وتحيل حياتهم إلى جحيم، وتقذف بالملايين من السوريين إلى شراد الخيام وبطون أسماك القرش في ظلمة الليل الهائج، ويريد هؤلاء أن تختصر المشكلة في اختراق عابث للفضيلة تمارسه بقية من الأشرار تحت ستار الدين.
عمان 13/10/2013 مؤتمر الفيدرالية العالمية للسلام





Lمحمد حبش